ماذا تفعل عندما لا يتقبل مرؤوسك أن تعطيه رأيك بأدائه؟

3 دقائق

خلال السنوات العشر الماضية التي قضيتها من حياتي في أداء وظيفة المرشدة للكثير من القادة، لاحظت أن زبائني اشتكوا دائماً من مشكلة تقضّ مضجعهم، وقد عبروا عنها بطرق مختلفة لا تحصى. فهؤلاء القادة الملتزمون، الذين يفهمون أهمية تقديم الرأي إلى أعضاء فريقهم تتضمن إجراءات محددة يتعين على هؤلاء الأعضاء القيام بها، يجدون أنفسهم محبطين عندما ينفعل هؤلاء الموظفون من الآراء التي يتلقونها، أو يبدون لامبالاة تجاه ما يُقال لهم، أو يفشلون في الإيفاء بالوعود التي يقطعونها. وبالتالي، فإن هؤلاء المدراء قادرون على "تقديم" الرأي إلى الموظفين، لكنهم غير قادرين على جعل موظفيهم هؤلاء "يتقلبون" هذه الآراء. فهل بوسعهم ذلك؟

"أنا محتاج إلى تقديم رأي وتقييم لأيهم بخصوص مهاراته في مجال التواصل، ولكن في كل مرة أحاول فيها ذلك، أجده يتخذ موقفاً دفاعياً".

"كلما حددت موعداً مع مها من أجل مراجعة أدائها، تتصل يومها لتقول لي إنها مريضة".

"آمنة تهز رأسها دائماً موافقة عندما أخبرها كيف يمكنها التفكير بطريقة استراتيجية. وهي تقول نعم لكل ما أطلبه منها، وتعد بتحسين أدائها. ولكن لا شيء يتغير".

هذه عيّنة من الشكاوى التي أسمعها من القادة. ونصيحتي لهم في هذه الأوضاع هي أخذ استراحة من تقديم التقييم المتعلق بالأداء. ويبدؤون عوضاً عن ذلك بتقديم التقييم بخصوص طريقة تقبّل الموظف للتقييم بحد ذاته. ففي ظروف العمل التي تتسم بالتغيّر السريع، يُعتبر الالتزام بالتحسين والنمو واحداً من الكفاءات الأساسية، والتي لا تقل أهمية عن التفكير الاستراتيجي والتواصل والتعاون. وهذا موضوع يستحق أن يجري الحديث حوله، ويجب معالجته عندما تتجمع أدلة كافية لافتراض وجود نمط إشكالي فيه، وعندما يكون لديك أنت وزميلك المعني ما يكفي من الوقت والطاقة لتناوله. وإليك الطريقة المقترحة لمقاربة هذا الموضوع والتعامل مع تبعاته اللاحقة:

اشرح للموظف أهمية تقديم الرأي وتقبله

المفروض أنك وموظفك تعلمان بأن جزءاً من وظيفتك "أنت" يتمثل في تقديم التقييم. ولكنه قد لا يدرك بأن جزءاً من وظيفته "هو" يتمثل في تلقيه لما تقدمه له من رأي بطريقة جدية ومهنية. اشرح لهذا الموظف تأثير المقاومة التي يبديها عليك، وعلى الفريق، وعلى المؤسسة، وعلى سمعته المهنية ومسيرته الوظيفية إذا استمرت.

استمع إلى رأي الموظف

ليس بوسعك أن تفترض بأن الموظف الذي يتلقى المراجعة منك يرى سلوكه بالطريقة نفسها التي تراه بها أنت. وعوضاً عن أن تبدأ بقول كلمات من قبيل: "أنا واثق من أنك تعلم أنني كلما أجريت مراجعة لأدائك، تجيبني على الدوام بعبارات مؤلفة من كلمة واحدة" يجب أن تعترف بأنك تعبّر عن رأيك وبأنك ترغب أيضاً في سماع رأي الموظف، حيث يمكنك القول: "ما رأيك عادة بمراجعات الأداء التي نجريها؟".

استعمل لغة حيادية

هل ترغب في جعل شخص ما يتخذ موقفاً دفاعياً؟ أخبره أنه يتخذ موقفاً دفاعياً! لذلك حاول تجنب استعمال الكلمات التي تحمل دلالات سلبية وتنطوي على شيء من توجيه أصابع اللوم. فعلى سبيل المثال، لا تقل للموظف: "عندما أعطيك رأيي بأدائك، ألاحظ أنك تتجنب النظر في عيني"، لأن عبارة "تتجنب" توحي بأن الشخص يفعل ذلك متعمداً. عوضاً عن ذلك قل له: "عندما أعطيك رأيي بأدائك، ألاحظ أنك تنظر إلى الأرض. وأنا أشعر بالفضول وأرغب في معرفة ما يدور في رأسك". فمن خلال امتناعك عن تقديم الأحكام والتأويلات، ستبدو شخصاً أكثر انفتاحاً.

اطلب من الموظف أن يعطيك رأيه بك

ربما أنت لا تقدم إلى موظفتك أو موظفك ما يحتاج إليه لسماع رأيك بأدائه وفهمه، وقبوله. ربما يكون أسلوبك في التواصل مباشراً جداً، أو ربما تقدم آراءك في ساعة متأخرة من النهار بينما يكون الموظف على وشك مغادرة المكتب إلى المنزل، أو ربما تكون من الذين يرسلون إشارات متضاربة من خلال الجمع كثيراً بين الملاحظات السلبية والإيجابية. تحلّى بالشجاعة الكافية لتطرح السؤال التالي: "ما دوري أنا في هذه المشكلة؟" وبعد ذلك حاول أن تظهر أمامه بمظهر المثال الذي يحتذى في قبول التقييم. حاول أن تروي للموظف قصة شخصية: حاول أن تضفي بعداً طبيعياً على عملية تلقي التقييم، والتي غالباً ما تكون عملية مؤلمة، من خلال رواية قصة شخصية حصلت معك تبيّن فيها كيف أنك لم تتقبل التقييم الذي قدم إليك يوماً ما، ورفضته جزئياً أو كلياً. اشرح للموظف الأثر الذي تركته تلك التجربة عليك، وما الذي تعلمته منها، وكيف تغيّرت أنت نتيجة لها.

حاول أن تحصل من الموظف على التزام محدد مضمون

اطلب منه تغييراً محدداً في سلوكه، وكن مستعداً لقبول عروض بديلة قد يطرحها، وحاولا التوصل إلى اتفاق على الهدف. بوسعك أن تقول شيئاً من قبيل: "من الآن فصاعداً، هذه هي الأشياء التي أود أن أرى حصولها: سوف أعطيك بعض الملاحظات وإذا شعرت بأنك تخالفني الرأي، فليكن لك رأيك المختلف، أو إذا شعرت بأنني لا أمتلك صورة شاملة عما يجري، فإنك ستخبرني بذلك "في الاجتماع"، وأنا سأوافق حقاً على الإصغاء إلى وجهة نظرك بخصوص الوضع، وسوف نتوصل إلى خطة مشتركة سوياً. هل هذا الاقتراح يناسبك؟".

اعترف بالتغييرات الإيجابية التي تطرأ

بعد الانتهاء من هذه المحادثة المتعلقة بالرأي بخصوص تقبل الرأي، حاول البحث عن أي أدلة تشير إلى أن موظفك قد أخذ نصيحتك على محمل الجد. وحاول تشجعيه فوراً في أول مرة تلاحظ فيها بأنه قد بدأ يتصرف بطريقة مختلفة.

إن دور القائد في تقديم الرأي والمراجعة إلى مرؤوسيه لا ينتهي بعد تقديمها مباشرة. بل هو ينتهي عندما يتلقى هذا المرؤوس التقييم ويستوعبه ويطبقه. وبالتالي، فإن تقديم الرأي بخصوص الطريقة الأنسب لتلقي التقييم هو خطوة مهمة في تحويل ذلك إلى واقع.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي