كيف تُصبح قائداً مُلهماً عبر تعليم زملائك؟

7 دقيقة
القادة الجدد
(مصدر الصورة: هارفارد بزنس ريفيو، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: يفترض القادة الجدد في بعض الأحيان أن أفراد فرقهم يمتلكون المهارات أو المعرفة اللازمة للنجاح في تنفيذ المهمات الموكلة إليهم، لكن هذا ليس صحيحاً بالضرورة. فقد يواجه أحدهم صعوبات تتعلق بمهمة معينة، وقد يتردد في طلب المساعدة. وكي تكون قائداً ملهماً ويمكن التعامل معه بسهولة، احرص على ما يلي:

  • أن تكون متعلماً نموذجياً. احرص على الانفتاح على آراء الآخرين عندما تعجز عن إجابة سؤال معين أو حل مشكلة معينة، واعترف بأخطائك.
  • تعلم الأساليب التي يتبعها الآخرون في التعلم، وتقبّل أن أساليب التعلم تختلف من شخص إلى آخر؛ فقد يفضل البعض المسارعة بتنفيذ المهام مباشرة، على حين يحتاج البعض الآخر إلى تعميق معارفهم والاستعداد أكثر لإنجاز المهمة المطلوبة.
  • اطرح الأسئلة على موظفيك كي يطلعوك على احتياجاتهم وتحفظاتهم المتعلقة بالتعلم. يمكن للأسئلة المفتوحة (التي لا يمكن الإجابة عنها بمجرد النفي أو الإيجاب) أن تساعدك على فهم التحديات التي قد يواجهها أحد أفراد فريقك. ساعد أفراد فريقك على تعزيز ثقتهم بأنفسهم.
  • تحلّ بالحكمة عندما تقارن رحلة التعلم التي يخوضها أفراد فريقك برحلة التعلم الخاصة بك. تحدث إلى أفراد فريقك عن اللحظات التي واجهت فيها صعوبة في تعلم المهارة التي تحاول تعليمهم إياها الآن، لكن تجنب الاستخفاف بالصعوبات التي يواجهونها حالياً.
  • قدم توضيحات عندما تكون مفيدة، لكن التمس رأي المتعلم أولاً بطرح سؤال من قبيل: "هل سيفيدك أن أوضح لك ذلك عملياً؟"
  • عزز عملية التعلم من خلال الملاحظة والتفكير والتدريب. بعد أن يتعلم أحد الموظفين شيئاً جديداً، قد تجده أكثر حساسية إزاء مراقبتك الدقيقة في أثناء تدربه على مهارته أو مهمته الجديدة، لذلك حدد توقعاتك بشأن الأسلوب التي ستتبعه في مراقبة أدائه ومواعيد التقييم وتدوين الملاحظات.
  • احرص على أن تكون توقعاتك واقعية وضَع جدولاً زمنياً يساعدك على إدارتها. من المهم أن تتذكر ألا تعبر عن خيبة الأمل أو الإحباط، فقد يؤدي هذا إلى إعاقة تقدم المتعلم الذي تشرف عليه وتقويض ثقته بنفسه.
  • اجعل عمليات التحقق دورية. تشير عمليات التحقق الدورية إلى المتعلم الذي تشرف عليه أنك مهتم بالتقدم الذي يحرزه، وأنك مستعد دائماً لدعمه وتشجيعه وتدريبه عند الحاجة.

إذا كنت حديث العهد في منصبك القيادي، فإن أحد التحديات التي ستواجهها حتماً هو إدراك أن أحد أفراد فريقك يواجه صعوبة في تنفيذ مهمة كلفته بها. قد يكون البعض مستعداً للاعتراف بحاجته إلى المساعدة وطلبها دون تردد، على خلاف البعض الآخر الذي قد يسعى جاهداً إلى البحث عبر الإنترنت عن مقالات أو مقاطع فيديو تعلمه طريقة تنفيذ المهمة.

من الشائع أن يمتلك القادة الجدد افتراضات حول قدرات فرقهم تدفعهم إلى توزيع المهام على أفراد فرقهم دون أن يتحققوا بدقة من امتلاكهم للمهارات والمعرفة والخبرة اللازمة لتنفيذها. وبدلاً من ترك هذه المسائل للصدفة، يتعلم القائد الفعال كيف يكون معلماً جيداً في اللحظات التي يتمتع فيها أعضاء فريقه بالثقة والتواضع ليطرحوا عليه أسئلة حول طرق تنفيذ المهام.

إذا أردت أن تكون معلماً ملهماً للموظفين الجدد الذين توليت قيادتهم، فإليك ما يجب أن تفعله.

تعلم الأساليب التي يتبعها الآخرون في التعلم

تختلف أساليب التعلم من شخص إلى آخر، فالبعض يحتاج إلى الكثير من المعرفة وإلى فترة إعداد طويلة ليعزز ثقته بنفسه قبل التعامل مع مهمة جديدة، على حين يفضل البعض الآخر المسارعة بتنفيذ المهمة مباشرة وتعلمها من خلال التجربة والخطأ. ويتعلم البعض على نحو جيد ضمن مجموعات، بينما يفضل البعض الآخر أن يحظى بالخصوصية ليتعلم بمفرده. لا يمكن حصر التعلم بطريقة واحدة، لكن إذا كنت تعرف ما يفضله أفراد فريقك فيمكنك اتباع أسلوب يلائم الاحتياجات الخاصة لكل فرد منهم عندما يحين وقت تقديم الإرشادات.

لكن، كيف يمكنك أن تتوصل إلى هذه المعلومات؟ ما عليك إلا أن تسأل. على سبيل المثال، يمكنك أن تنتهز فرصة اجتماعاتك الثنائية مع مرؤوسيك لطرح السؤال التالي: " ما هو أفضل أسلوب اتبعته في الماضي لتعلم شيء جديد؟ أتفضل الخبرة العملية أم تخصيص بعض الوقت لتفكر بمفردك قبل المحاولة؟"  أو إذا لاحظت أن أحد أفراد فريقك يواجه في الوقت الراهن صعوبة في التعلم فيمكنك ببساطة أن تسأله: "ما الذي يمكنني فعله كي أقدم لك أفضل مساعدة حالياً؟"

اطرح الأسئلة على موظفيك كي يطلعوك على احتياجاتهم وتحفظاتهم المتعلقة بالتعلم

يدرك المعلمون البارعون أن التعلم لا ينتج عن التعليم، بل عن التفكير؛ عندما تشرع في تعليم أحد الموظفين ابدأ بطرح أسئلة مفتوحة كي تفهم الصعوبات التي يعانيها، هل تتضمن المهمة جوانب معينة يمتلك خبرة فيها؟ ما هي المهارات التي طورها سابقاً ويمكن أن يستفيد منها حالياً؟ ساعد أفراد فريقك على إدراك هذه الصلات كي يعززوا ثقتهم بأنفسهم.

لنفترض على سبيل المثال أنك تعمل مع شخص يواجه صعوبة في تعلم كيفية كتابة محتوى تقني موجه لجمهور غير متخصص، لكنه يمتلك خبرة سابقة في كتابة المحتوى الموجه للتقنيين فقط، يمكنك أن تسأله: "اذكر لي حادثة من الماضي حيث اضطررت إلى شرح عملك لشخص لم يفهمه من أفراد العائلة أو الأصدقاء. ما هو الأسلوب الذي اتبعته؟ هل وضعت نفسك مكان هذا الشخص كي تفهم شعوره؟ هل استخدمت التشبيهات كي توضح ما تريد قوله؟" عندما تشجع الموظف على العودة إلى تجارب مشابهة تساعده على الربط بين النقاط المتشابهة وتطبيق الأساليب التي يفهمها فعلاً على التحدي الذي يواجهه حالياً. وسيصبح عندئذ متعلماً يتمتع بثقة أكبر بنفسه ويكتسب المهارة أو المعرفة المتاحة من خلال تفكيره الخاص بدلاً من الاعتماد على "تعليماتك" فقط.

قد يتردد البعض في التعامل مع مهمة ما خوفاً من الإخفاق، وإذا وجدت نفسك أمام حالة من هذا النوع فيمكنك أيضاً توجيه الأسئلة لاكتشاف مخاوف الموظف الأعمق بدلاً من طمأنته وحسب، وساعده كي يكتشف أن السيناريو المرعب الذي يدور في ذهنه مستبعَد إلى حد كبير. استخدم الأسئلة الاستقصائية لتساعده على التعامل بطريقة عقلانية مع مشكلة التعلم، مثل: "ما هو أسوأ سيناريو ممكن؟ وما هو أفضل سيناريو ممكن؟"

تحلّ بالحكمة عندما تقارن رحلة التعلم التي يخوضها أفراد فريقك برحلة التعلم الخاصة بك

إذا قلت لموظف ما إنك واجهت صعوبة في تعلّم المهارة التي تعلمه إياها الآن، فقد تمنحه شعوراً بالراحة؛ فهذا يخفف الضغط الذي يشعر به كي "يظهر بمظهر جيد" أمام المدير. حافظ على تفهمك لشعور الموظف عندما تجري هذه المقارنة، ولا تنسَ أن الصعوبات التي واجهتها أصبحت جزءاً من الماضي في حين أن الصعوبات التي يواجهها هي صعوبات راهنة، واحرص على ألا تتجاهل في مقارنتك عن غير قصد مخاوفه الحقيقية.

فعلى سبيل المثال، إذا قلت شيئاً من قبيل: "لقد واجهت بعض المشاكل خلال التحضير للعرض التقديمي أيضاً، لكنني تمكنت من تجاوزها في نهاية المطاف، وستنجح أنت أيضاً في تجاوزها"، فقد تبعث برسالة غير مفيدة مفادها: "يكفي أن تكون مثلي حتى تكون على ما يرام". وبدلاً من هذا، يمكنك التعامل مع الموقف بطريقة أكثر تعاطفاً من خلال قول شيء من قبيل: "أعلم أن هذا العمل صعب، وأن وجودي هنا ربما يزيده صعوبة. هل تظن أنه من المفيد أن أخبرك عن تجربة مررت بها عندما عانيت لتعلم شيء مماثل، وكيف تمكنت من تجاوزها؟"

عندما تطلب الإذن بأن تروي قصتك، فأنت تعبر عن اهتمامك بالشخص الذي تتحدث إليه، وتسمح له بالإصغاء إليك بطريقة تلائم الموقف الذي يمر به. ويمكنك أن تختم كلامك بقول شيء من قبيل: "لم أنوِ أن أجري مقارنة خاطئة بين تجربتي وتجربتك، أو أن ألمٌح إلى أن المثال الذي ذكرته لك يستحق أن تقلده. فعليك أن تجد أفضل طريقة ممكنة للتعامل مع هذه المهمة، وأردت فقط أن أبيّن لك أنك لست وحيداً في مواجهة هذا التحدي، وأنني أتعاطف معك بدرجة كبيرة فيما تمر به لأني عانيت منه بنفسي سابقاً. أريد أن أدعمك بالطريقة التي تجدها مفيدة".

قدم توضيحات عندما يكون ذلك مفيداً

قد يكون من المفيد في بعض الأحيان أن تقدم توضيحات للمتعلم حول كيفية إنجاز عمل ما.  لكن استعلم عن رأيه أولاً بأن تطرح عليه سؤالاً من قبيل: "هل من المفيد أن أوضح لك ذلك عملياً؟"

واحرص على ألا تقول عبارات تحمل معاني من قبيل: "عليك أن تفعل هذا مثلما أفعل تماماً". من المفترض أن يؤدي تقديم أمثلة على مهارة جديدة إلى تمكين المتعلم من تعزيز أسلوبه الخاص، لا أن يكتفي بتقليد المعلم الذي يعرض المهارة وحسب.

بعد أن تقدم مثالاً على المهارة، اسأل الموظف الذي تعلمها: "ما هي النواحي المفيدة في العرض الذي شاهدته؟"  سيمنحه هذا فرصة للتركيز على نواحٍ محددة يمكنه توظيفها في أسلوبه.

عزز عملية التعلم من خلال الملاحظة والتفكير والتدريب

بعد أن تعلم الموظف مهارة جديدة، قد تجده أكثر حساسية إزاء مراقبتك الدقيقة له في أثناء تدربه عليها، وبدلاً من أن تسمح لتوجسه المفرط بأن يخرج عن السيطرة، وضح توقعاتك والأسلوب التي ستتبعه في مراقبة أدائه ومواعيد التقييم وتدوين الملاحظات. على سبيل المثال، إذا كان الموظف يعمل على تحسين مهاراته في إلقاء العروض التقديمية، فمن الأفضل ألا يعتقد بأنه سيخضع للتقييم في كل عرض تقديمي يلقيه. اسأل المتعلم الذي تشرف عليه: "ما رأيك في أن تبلغني عندما تكون مستعداً كي أقيّم التقدم الذي أحرزته؟" بهدف تعزيز شعوره بأنه يتحكم في عملية التعلم الجارية.

بعد مراقبة الموظف، يمكنك أن تبدأ حوارك معه بالحديث عما لديه من آراء وأفكار. وجه إليه أسئلة من قبيل: "كيف شعرت حيال ذلك؟  ما هي الجوانب التي شعرت بأنها سارت على ما يرام؟ وما هي الأشياء التي تود لو أنك فعلتها بأسلوب مختلف؟" ستمنحك هذه الأسئلة تصوراً جيداً حول مدى الإدراك الذاتي الذي يتمتع به الموظف تجاه ما يعنيه أن يكون متعلماً، وميله إلى المبالغة في التساهل مع نفسه أو القسوة عليها.

وأخيراً، أشر إلى ناحية أو اثنتين من النواحي التي شعرت بأنها كانت فعالة على وجه الخصوص، وأشر إلى ناحية لديك أفكار محددة حول كيفية تحسينها. واختتم حديثك دائماً بأن تقدّر التزامه وتقدمه في التعلم، وأشر إلى دليل واضح على التقدم الذي أحرزه.

احرص على أن تكون توقعاتك واقعية وضع جدولاً زمنياً يساعدك على إدارتها

إذا كانت المهمة التي كلفت الموظف بتنفيذها عاجلة وملحة، فستشعر بطبيعة الحال بنفاد الصبر بل وحتى الإحباط، لأن الموظف الذي تشرف على تعليمه يعكف على تعلم مهارات جديدة وتطبيقها فوراً.

ومن الضروري أن تكون توقعاتك واقعية هنا وألا تبدي خيبة الأمل أو الإحباط، فقد يؤدي هذا إلى إعاقة تقدم المتعلم الذي تشرف عليه وتقويض ثقته بنفسه،  ومن المرجح أن يصبح المتعلم أكثر صرامة مع نفسه، وقد تؤدي توقعاتك المبالغ فيها إلى تعزيز شكوكه بنفسه.

احرص على أن تكون متعاطفاً ولطيفاً مع المتعلم الذي يواجه تحديات بناء مهارة جديدة، فذلك سيساعده على البقاء على المسار الصحيح، ويعمق علاقتك به على المدى البعيد.

اجعل عمليات التحقق دورية

إن اكتساب أي مهارة جديدة هو عملية متفاوتة بين التقدم والتراجع، خصوصاً في الأسابيع والأشهر الأولى من التعلم. ووفقاً لتعقيد المهارة المطلوب تعلمها، فقد يتمكن البعض من إتقانها بسرعة في بعض الأحيان؛ لكن الوصول إلى المستويات الأساسية من الكفاءة قد يستغرق عدة أشهر بالنسبة إلى الكثير من المهارات الجديدة. اتفق مع المتعلم الذي تشرف عليه على تحديد فواصل زمنية منتظمة لمراجعة التقدم الذي يحرزه، قد يكون من المناسب إجراء هذا التحقق كل أسبوع أو اثنين بالنسبة إلى البعض، على حين قد يكون إجراؤه كل شهر أو اثنين أفضل بالنسبة إلى البعض الآخر. تشير عمليات التحقق الدورية إلى المتعلم الذي تشرف عليه أنك مهتم بالتقدم الذي يحرزه، وأنك مستعد دائماً لدعمه وتشجيعه وتدريبه عند الحاجة.

تمثل فرصة قيادة المهنيين الشباب امتيازاً فريداً من نوعه، وسيكون تأثيرك في تقديرهم لذواتهم ورغبتهم في إحراز التقدم كبيراً للغاية. إذا تعلمت كيف تصبح معلماً ملهماً، فقد تتمكن من توجيه شخص ما إلى المسار الصحيح ليكتشف الإمكانات التي كان من المحتمل أن تبقى مخفية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي