هل ستعاني الشركات من مشكلة المحافظة على الجيل الأقدم؟

4 دقائق

مضى وقت طويل على استبعاد جيل "إكس"، الذي كانت تمثله شخصيات ثقافية بارزة مثل مولي رينغوالد وكيرت كوبين وألانيس موريسيت، وكان سبب هذا الاستبعاد هو وصفه بأنه "جيل كسول": غير مبالٍ، ومتهكم، ومناهض للأنظمة. اعتمد مواليد هذا الجيل كغيرهم من مواليد الأجيال التي سبقته على علاقة أكبر بالاستقرار والتقاليد مع كبرهم في السن وإنجابهم للأطفال. ولكن سمعتهم بصفتهم أشخاصاً غير طموحين ربما تجعلهم يتراجعون في مكان العمل، فتكشف بيانات جديدة أن جيل "إكس" يجري "تخطّيه" واستبعاده في الترقيات بمعدلات أعلى مقارنة بنظرائه من الأجيال الأخرى.

في أواخر عام 2018، نفذنا تحليل بيانات جمعناها من أكثر من 25,000 قائد يعملون في قطاعات ومناطق مختلفة بالاشتراك مع المؤسسة البحثية "كونفرنس بورد" (The Conference Board) وشركة "إرنست آند يونغ" (Ernst & Young) لدراسة التطور القيادي وفقاً للأجيال. وتفاجأنا بمعرفة أنه خلال السنوات الخمس الماضية حصل معظم القادة من جيل "إكس" (66%) على ترقية واحدة فقط أو لم يحصلوا على ترقيات على الإطلاق. وهذا أقل بكثير من نظرائهم الأصغر من أتباع جيل الألفية (52%) ومواليد جيل الطفرة المتقدمين (58%) الذين كانوا أكثر ميلاً إلى الحصول على ترقيتين أو أكثر خلال الفترة الزمنية نفسها.

النتيجة غير متوقعة، ذلك أنه يجب أن يكون مواليد جيل "إكس"، الذي تتراوح أعمار أفراده بين أواخر الثلاثينيات وأوائل الخمسينيات من أعمارهم، حالياً في ذروة مسارهم المهني، ويتقدمون بشكل سريع. وعلى أي حال، يقرر الكثير من مواليد جيل الطفرة البقاء في القوة العاملة لفترة أطول من الأجيال السابقة، ما قد يؤثر في تقدم جيل "إكس". تتحدث التقارير عن أن أكثر من نصف مواليد جيل الطفرة يؤجلون التقاعد، وكثير منهم يؤجلونه حتى سن السبعين أو ما بعده، بسبب انعدام الأمان المالي وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية. وبناءً على ذلك، لا يتمسك الموظفون الأكبر سناً بوظائفهم مدة أطول فحسب، بل إنهم في الحقيقة لا يزالون يستثمرون في محاولة التقدم بأنفسهم إلى مناصب ذات أجور أعلى.

وفي الوقت نفسه، أمضى الموظفون من جيل الألفية السنوات الأخيرة في محور الاهتمام الإعلامي. فبعد بداية بطيئة في مسارهم المهني خلال الأزمة المالية، يتطلع كثيرون منهم الآن بشكل متزايد، إلى التعويض عن الوقت الضائع وتعلم المزيد عن المال، خصوصاً لمواجهة القروض الطلابية المرتفعة. وعلاوة على ذلك، فبصفة جيل الألفية أول جيل يأتي في العصر الرقمي، ركزت الشركات الكثير من جهودها على كيفية تنمية المواهب من هذا الجيل لمواجهة تغيّر عادات العمل وقيمه.

ونتيجة للاهتمام الذي أُعطي لمواليد جيل الطفرة وجيل الألفية، غالباً ما يُمنح جيل "إكس" قليلاً من الاهتمام، وهو توجّه استمر مع مرور الوقت. بالعودة إلى استطلاعاتنا العالمية السابقة عن القيادة، وجدنا أن معدل الترقية في أوساط جيل "إكس" كان باستمرار أقل بنسبة 20% - 30% من جيل الألفية. وعلى أي حال، اكتشفنا أيضاً أن جيل "إكس" يؤدي دوراً بالغ الأهمية، ولكنه لا يحظى بكثير من الاهتمام في أغلب الأحيان، في أوساط القوة العاملة.

تحمُّل العبء الأكبر

بينما لا تجري مكافأة قادة جيل "إكس" بترقيات بالقدر نفسه بالنسبة إلى نظرائهم من مواليد جيل الألفية وجيل الطفرة، فإنهم يتحملون العبء الأكبر في العمل. يحرص قادة جيل "إكس"، الذين يعملون في الوظائف من المستوى الأول والمتوسط على حد سواء، على إدارة 7 مرؤوسين مباشرين في المتوسط، بالمقارنة مع 5 فقط لمواليد جيل الألفية الذين يشغلون منصباً إدارياً في المستوى نفسه.

وإلى جانب ذلك، يعتبر قادة جيل "إكس" مخلصين لأرباب العمل، ويؤدون دوراً بالغ الأهمية في المساعدة على استبقاء المعرفة التنظيمية. ذلك أن نسبة 37% منهم فقط، قالوا إنهم يدرسون ترك منصبهم الحالي للتقدم في مسارهم المهني، وتمثل هذه النسبة 5 نقاط مئوية أقل من جيل الألفية. وتظهر الاختلافات بين هذين الجيلين بوضوح في الإدارة المبكرة، فيقول 34% فقط من قادة جيل "إكس" الرئيسين، إنهم يدرسون الاستقالة من عملهم الحالي للتقدم في مسارهم المهني، مقارنة بـ 43% من جيل الألفية من المستوى نفسه.

وربما يكون الأهم من ذلك أن جيل "إكس" يؤدي دوراً مهماً في سد فجوة التكنولوجيا الرقمية، ولكنه دور لا يحظى بالاهتمام الكافي. وبينما يُنظر في أغلب الأحيان إلى جيل الألفية على أنهم الأكثر مهارة على الصعيد الرقمي، فإن قادة جيل "إكس" كانوا يتحلون بالقدر نفسه من الثقة في قدراتهم القيادية الرقمية. وفي هذه الأثناء، يتفوق جيل "إكس" أيضاً في مهارات القيادة التقليدية التي تُعد مهمة أكثر من أي وقت مضى، ويُظهرون تعاطفهم وتحفيزهم على الإنجاز، كنظرائهم من جيل الطفرة.

الوصول إلى نقطة الانفصال

بينما تعتمد الشركات تدريجياً على جيل "إكس" دون مكافأته بالتقدم المهني، فإن هذا الجيل يبدأ في الشعور بالإحباط. في الوقت الحالي، يشعر 58% فقط من جيل "إكس" بأنهم يتقدمون داخل مؤسساتهم بمعدل مقبول، مقارنة بـ 65% من جيل الألفية. بينما كان جيل "إكس" وفياً حتى الآن، فإن هذا الإحباط يتنامى إلى نقطة انفصال بالنسبة إلى قادة جيل "إكس" الذين تقدموا إلى مناصب إدارية في مستويات عليا، فيقول 40% إنهم يفكرون في الاستقالة من عملهم الحالي للتقدم في مسارهم المهني في مكان آخر. بالإضافة إلى ذلك، أشار حوالي خُمس قادة جيل "إكس" في هذا المستوى 18% إلى زيادة رغبتهم في الاستقالة في العام الماضي، وهي نسبة أعلى بكثير من كلا الجيلَين الآخرَين.

وفي الوقت الذي يبدأ فيه قادة جيل الألفية وجيل "إكس" بالتنافس على مناصب من المستوى المتوسط والمتقدم، تخاطر الشركات بخسارة الكثير من قادتها الأعلى أداءً إذا لم تعمل بجد لاستبقائهم. وفيما يلي 3 أمور يمكن للمؤسسات تنفيذها لاستبقاء قادتها من جيل "إكس" وتطويرهم:

احرص على إضفاء طابع شخصي على التعلم والتطوير. أكثر وضع يفضله القادة من جميع الأجيال للتعلم هو من خلال الأنشطة الشخصية التي يجري اختيارها اعتماداً على مناصبهم وأهدافهم على مستوى التطوير. يُعد إضفاء طابع شخصي أساسياً في القوة العاملة متعددة الأجيال، فاحتياجات المهارات الفردية وتطوير الأفراد ستختلف بشكل كبير حتى في داخل كل جيل على حدة. ومن المهم جداً تحديد ما ينجح في كل عملية تطوير للأفراد.

قدّم مزيداً من التوجيه الخارجي لقادة جيل "إكس". بينما يريد قادة جيل "إكس" عموماً البقاء في شركاتهم الحالية، فإنهم صرّحوا بوضوح أنهم يتوقون إلى مزيد من الخبرة والمعرفة من مرشدين من خارج مؤسساتهم. وفي الحقيقة، قال 67% من قادة جيل "إكس" إنهم يريدون المزيد من التدريب الخارجي، وأراد 57% تطويراً خارجياً. يجب على أرباب العمل الاستثمار في مساعدة قادة جيل "إكس" في المشاركة في مؤسسات مهنية خارجية ومؤتمرات متخصصة في مجالهم وقطاعات أخرى لتعزيز العلاقات مع نظرائهم الخارجيين والمرشدين الذين يمكن أن يقدموا التدريب ويعيدوا الشغف لحياتهم المهنية.

استخدِم البيانات لإضافة الموضوعية إلى ممارسات التوظيف والترقية. تتخذ كثير من المؤسسات قرارات التوظيف والترقية بناءً على حدس المدراء فيما يتعلق بكون مرشح ما مناسباً للوظيفة أم لا، وهو ما يكون انحيازاً غير واعٍ. على سبيل المثال، قد يشعر مدير ما أن أحد مواليد جيل الألفية سيكون أفضل كمدير تسويق رقمي، دون أخذ قائد من جيل "إكس" بعين الاعتبار. ويمكن للتقييمات التي تقيس القدرة على القيادة والإمكانات أن تساعد المؤسسات بشكل موضوعي في اكتشاف الأشخاص الذين يمتلكون المهارات المناسبة للوظيفة بدلاً من الاكتفاء بالثقة في حدس المدراء.

وسيؤدي الاستمرار في تحدي القوالب النمطية المتعلقة بالأجيال وتعزيز التطوير والإرشاد في أوساط أجيال متعددة من القادة، إلى ضمان قاعدة أكبر وأفضل من المواهب للمؤسسات. وستكون المؤسسات التي تنجح في فعل ذلك مستعدة بشكل أفضل، ذلك أنه من المؤكد أن التوازن في الاهتمام بالمسارات الوظيفية في أماكن العمل سيتبدل في اتجاه وافد جديد مع دخول المزيد من جيل "زد" إلى القوة العاملة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي