المتفائلون يملكون حظوظاً أكبر في العثور على وظائف جديدة

2 دقائق

أعملُ باحثة في مجال السعادة، وقد يتبادر إلى أذهانكم بأن وظيفتي تقتصر على مساعدة الناس في القضاء على التعاسة في وظائفهم وأعمالهم. للتعاسة دور حيوي في حياتنا، فهي مؤشر على الحاجة إلى التغيير، والدافع وراء تغيير وظائفنا، وفي تحديث سيرتنا الذاتية دون علم من الآخرين، على سبيل الاحتياط. التعاسة هي ما دفعني للتحول من مهنتي مهندسة كمبيوتر إلى مُقدِّمة برامج على شاشة "سي بي إس" (CBS)، وثم إلى ما أنا عليه الآن؛ باحثة سيكولوجية سعيدة وإيجابية.

لكن هنا تكمن المسألة: فنفس التعاسة التي تدفعنا إلى البحث عن شيء أفضل، لن تخدمنا بنفس القدر عندما ننخرط في هذا المَسعى. فقد تبيّن، ومن وجهة نظر علمية، أن الذهنية المتفائلة والإيجابية تخدمنا بطريقة أفضل من عقلية عدم الرضا أو السلبية التي وضعتنا على المسار الجديد في المقام الأول.

يمكّننا التفكير المتفائل من اتخاذ خطوات إيجابية خلال الأوقات الصعبة. السبب في ذلك، هو أن المتفائلين عموماً يتوقعون حدوث الأشياء الجيدة لهم عند مواجهة التحديات، والأهم من ذلك، نعتقد أن لسلوكهم أثر كبير في إحداث التغيير الإيجابي. أقدم أنا وزملائي المشورة لمن فقدوا وظائفهم حديثاً، ونستطيع على الفور تحديد المتفائلين من غيرهم. المتفائلون أسرع في اتخاذ خطوات للبحث عن عمل جديد، وذلك لأنهم يؤمنون أن الأحداث السلبية هي مجرد أمر عابر؛ فتراهم يحدّثون على الفور سيرتهم الذاتية، والبحث عبر موقع "لينكد إن"، ويتواصلون مع زملائهم السابقين في مسعاهم للبحث عن وظيفة. المتشائمون يتوصلون في نهاية المطاف إلى نفس السلوكيات، لكنها تستغرق وقتاً أطول وحماساً أقل، الأمر الذي انعكس سلباً على نتائج مُعظم الحالات التي درسناها.

التفاؤل مفيد أثناء مقابلة العمل، ويجعل المرشح يبدو مرغوباً فيه وأكثر قدرة على الأداء. عندما يطرح مدير التوظيف سؤالاً عن تحدٍ واجهك وكيف جابهته، فإن الطريقة التي تصوغ بها إجابتك تحمل الكثير من الرسائل عن أدائك المستقبلي. أوصي بأن يستمع المدراء الذين يبحثون عن المتفائلين، إلى كيفية الإجابة عن هذا السؤال. يُركز المتفائلون على العوامل الباعثة على التحفيز في العمل والمجالات التي يستطيعون التحكم فيها. إذا أعطى المرشح للوظيفة إجابة محفزة تركز على تقديم الحلول بدلاً من مجرد مناقشة المعضلة، فإن هذا المرشح يستحق فرصة لإجراء مقابلة ثانية.

عندما نحصل على وظيفة جديدة، يجلب التفاؤل المزيد من المزايا. أظهرت الدراسة التي أجريتها مع شون آكور (وهو زوجي أيضاً) بأن المتفائلين أقل عرضة للتوتر والاجهاد في بيئة العمل بمعدل 5 أضعاف، وأكثر التزاماً بأداء أعمالهم بمعدل 3 أضعاف عن المتشائمين. وفي دراسة أُجريت في شركة التأمين الشهيرة "متلايف"، وجد الباحثون من "جامعة بنسلفانيا" (The University of Pennsylvania) أن العاملين المتفائلين في مجال المبيعات يتفوقون في نسب البيع عن نظرائهم المتشائمين بنسبة 37%، ووجدوا أيضاً أن المتفائلين يحققون المزيد من المال في أثناء مسيرتهم العملية وهم أكثر رضا عن حياتهم المهنية.

النتيجة الأكثر تفاؤلاً في دراستنا للتفاؤل هي أن عقولنا طيّعة، قابلة للتدريب والتعزيز تماماً مثل تمرين العضلات في صالات الألعاب الرياضية. تأتي العقلية التي نحملها نتاج جيناتنا الوراثية ونشأتنا، ومن خلال إعادة تركيز الاهتمام على الأمور الإيجابية، والجوانب ذات المعنى في حياتنا، ونقاط القوة الشخصية لدينا، نستطيع عملياً إعادة تدريب عقولنا لتجاوز طريقة التفكير المتشائمة.

درسنا 3 عادات يومية، ووجدناها فعالة جداً في بناء التفاؤل وهي: التفكير في 3 أمور جديدة ومحددة تشعر فيها بالامتنان كل يوم، وإرسال ملاحظة إيجابية قصيرة إلى شخص جديد كل صباح تشكره أو تمدحه فيها، وقضاء دقائق معدودة كل يوم للكتابة عن اللحظات الأكثر قيمة التي مرت بك خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.

بدلاً من التركيز على المتاعب والشكاوى والمضايقات، نستطيع باتباع هذه الإجراءات البسيطة إعادة توجيه عقولنا نحو الشعور بالقيمة والامتنان، وتساعدنا كذلك في بث السعادة في حياتنا وتحقيق النجاح في أعمالنا.

هل أنت من المتفائلين أم المتشائمين؟ هل لديك طرق أخرى لتعزيز تفاؤلك؟ شاركنا في التعليقات.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي