هل تعلم تعريف القيمة المقدمة للعميل تحديداً؟ تزايد استخدام مصطلح "القيمة المقدمة للعميل" بشدة في أسواق الأعمال خلال السنوات الأخيرة، إلا أنّ دراستنا أثبتت أنه لا يوجد حتى الآن إجماع على تعريف القيمة المقدمة للعميل، أو حتى ما الذي يجعل العرض مقنعاً. كما أننا اكتشفنا من خلال أبحاثنا أيضاً أن معظم عروض القيمة تزعم أنها تقدم وفورات وفوائد للعملاء من دون أن تقدم ما يدعم تلك المزاعم. ويمكن أن يكون هناك خدمة أو منتج معروض يقدم بالفعل قيمة ممتازة، لكن إن لم يقم المورد بتقديم البراهين حيال تلك المزاعم وإبراز ميزات ما يقدمه، من المحتمل أن يصرف مدير قسم التواصل مع الموردين النظر عن ذلك العرض بذريعة أن كلام المورد هو عبارة عن حيلة تسويقية. إذ ليس لدى مدراء أقسام التواصل مع الموردين، الذين تقع على عاتقهم ضغوطات خفض التكاليف بشكل متزايد، ترف تصديق مزاعم الموردين بلا دليل.
ولنأخذ حالة شركة تقوم بتصنيع دوائر متكاملة (ICs) وتحاول الحصول على عطاء توريد 5 ملايين دارة متكاملة من أحدث منتجاتها إلى شركة لتصنيع الأجهزة الإلكترونية. وعلم مندوب تلك الشركة خلال مرحلة المفاوضات أنه ينافس شركة تقدم سعراً للوحدة يقلّ عما يقدمه بمقدار 10 سنتات. وعندما سأل الزبون المندوب عن السبب الذي يجعل عرضه أفضل من عرض منافسه، رد عليه أن خدمة ما بعد الشراء هي الأمر الذي استند عليه في تعريف القيمة المقدمة للعميل الذي قدمه.
وقام الزبون، من وراء مندوب المبيعات، بإنشاء القيمة المقدمة للعميل ليجد أن عرض الشركة على الرغم من أن سعر الوحدة يزيد بمقدار 10 سنتات، إلا أن الزيادة الفعلية على الزبون كانت 15.9 سنتاً. كما قدّم مهندس الإلكترونيات لدى الزبون القائد للمشروع توصية لمدير المشتريات بوجوب شراء تلك الأجهزة، حتى بسعرها المرتفع. أما الخدمة التي تحدث عنها مندوب المبيعات فكانت جيدة، إنما لا تستحق أكثر من 0.2 سنتاً! ولسوء الحظ، أغفل مندوب المبيعات أمرين ميزا داراته المتكاملة وكانا ذي قيمة أكبر لزبونه، لكنه لم يكن على دراية بتلك القيمة، ولم يكن أيضاً يعرف مدى تفوق عرضه على عرض الشركة المنافسة. بالتالي، لم يكن مستغرباً أنه عندما باتت الأمور على المحك، ومع شعوره بأن الخدمة التي يقدمها لا تستحق الزيادة الإضافية في السعر التي طلبها، قام المندوب بتخفيض سعر دارته 10 سنتات للقطعة لنيل العقد التجاري ذاك، الأمر الذي جعله يخسر ما لا يقل عن نصف مليون دولار في إجمالي البضاعة الموردة.
ويرى بعض المدراء تعريف القيمة المقدمة للعميل أمام العميل على أنه تكتيك يقوم به قسم التسويق في الشركة الموردة ليزيد من جاذبية منتجاتها في حملاتها وإعلاناتها الترويجية. لكن تُعتبر هذه الفكرة قاصرة للغاية وتُهمل المساهمة الحقيقية التي يحملها مفهوم القيمة المقدمة للعميل في تحقيق أداء أعمال متفوق. ويمكن للقيمة المقدمة للعميل، في حال أُنشئ بشكل مميز، إجبار الشركة على التركيز الدقيق على قيمة ما تعرضه حقاً لعملائها. وحالما يغدو للشركة معرفة تامة باحتياجات عملائها، ستتمكن من اتخاذ خيارات أكثر ذكاء حول المكان الذي يجب عليها وضع مواردها فيه فيما يتعلق باستجابتها لطلبات عروض عملائها.
وقمنا على مدار العامين الماضيين بإجراء أبحاث متصلة بالإدارة في أوروبا والولايات المتحدة لفهم كيف يتم تعريف القيمة المقدمة للعميل وكيف يمكنه أن يكون مقنعاً للعملاء. وشكل لنا أحد الاكتشافات لأنه أبرز صعوبة إيجاد أمثلة حول عروض قيمة تجد صداها لدى العملاء. وسنقدم خلال الأسطر التالية آلية منهجية لتطوير عروض قيمة مميزة تجذب العملاء وتساعد الموردين في تركيز جهودهم على خلق عروض قيمة فائقة مستقاة من أفضل الممارسات التي قامت بها أكثر الشركات تميزاً في عالم الأعمال.
تعريف القيمة المقدمة للعميل وأنواعه الثلاثة
صنفنا الطرق التي يستخدم بها الموردون تعريف القيمة المقدمة للعميل ضمن ثلاث فئات: جميع الفوائد، وإبراز نقاط قوتك، واستقراء حاجات العميل. (راجع قسم "أي بديل يوصل القيمة إلى العملاء؟").
جميع الفوائد.
عندما يُطلب من المدراء إنشاء عرض قيمة أمام العملاء، تشير أبحاثنا إلى أن معظمهم يقوم ببساطة بسرد جميع الفوائد التي يعتقدون أن العميل سيحصل عليها مما يعرضونه، وكلما زاد عددها، كان ذلك أفضل. ولا يتطلب هذا النهج بالضرورة معرفة الكثير حول العملاء والمنافسين، الأمر الذي يجعل تعريف القيمة المقدمة للعميل هذا يتم بأبسط مجهود ممكن. لكن لهذه البساطة نقطة ضعف كبيرة، تتمثل في وجوب تأكيد تلك الفوائد بالنسبة للعميل نفسه، إذ قد يدّعي المدراء ميزات مفيدة من وجهة نظهرهم إنما لا تقدم أي فائدة للعملاء المستهدفين.
أي بديل يوصل القيمة إلى العملاء؟
يستخدم الموردون مصطلح "القيمة المقدمة للعميل" بثلاث طرق مختلفة. يقوم معظم المدراء بسرد جميع الفوائد التي يعتقدون أن عروضهم قد توفرها للعملاء المستهدفين، وكلما ذكروا فوائد أكثر، كان ذلك أفضل، في حين يُدرك البعض أن لدى العميل بديل، لكنهم يفترضون في كثير من الأحيان خطأً أن نقاط القوة التي تميزهم هي نفسها النقاط التي يعطيها العميل قيمة. أما المورّدون ذوي الممارسات الأفضل، فيبنون عروضهم على العناصر القليلة الأكثر أهمية بالنسبة للعملاء المستهدفين، ويُظهرون قيمة هذا الأداء المتفوق، ويوصلونه بطريقة تعكس استقراءً متطوراً لأولويات عمل العميل.
ويمكننا رؤية مثال على ما سبق في حالة شركة تبيع أجهزة تحليل لوني غازي عالية الأداء لمختبرات البحث والتطوير ضمن الشركات الكبيرة والجامعات والهيئات الحكومية في بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ. كان من إحدى ميزات تلك الأجهزة حفاظها على سلامة العينة لدرجة كبيرة، وهو أمر كان مفيداً لعملاء الشركة في مجالات البحث والتطوير. لاحقاً، أرادت الشركة التوسع وبدء تسويق نموذجها لشريحة عملاء جديدة هي المختبرات التجارية. وخلال اجتماعات الشركة الأولية مع عملاء محتملين، تحدث مندوبو مبيعات الشركة عن ميزة المحافظة على سلامة العينات، إلا أنّ رد الفعل اكان صادماً، إذ هوّن العملاء من أهمية الميزة على أنهم سيستخدمون الجهاز في تحليل عينات ماء وتربة لا يهم المحافظة على سلامتها بأي حال. وفوجئت الشركة برد الفعل ، واضطرت إلى إعادة التفكير في تعريف القيمة المقدمة للعميل الخاص بها.
وثمة نقطة ضعف أخرى في تعريف القيمة المقدمة للعميل الذي يُعدّد جميع الفوائد مفادها أنه كلما زاد عدد الميزات المذكورة حول مُنتَج ما، زادت أوجه التشابه بينه وبديل البديل التالي الأفضل، ما يخفف من تأثير نقاط الاختلاف الحقيقية القليلة إلى حد بالغ. ويحتاج المدراء في عروض القيمة الخاصة بهم إلى تحديد عناصر التشابه والاختلاف مع المنتجات الأخرى أمام العملاء. (انظر فقرة "لبنات بناء اقتراح قيمة ناجح للعميل"). فعلى سبيل المثال، كانت شركة استشارية هندسية دولية تنافس في عطاء لمشروع سكك حديدية خفيفة. وذكرت الشركة في الفقرة الأخيرة من عرضها التقديمي عشرة أسباب تشرح لمَ على مجلس المدينة منح المشروع لها. لكن لم تقم تلك الأسباب بتقديم الكثير من الإقناع نظراً لقيام باقي المزايدين بكتابة أغلب الادعاءات تلك في عروضهم.
لبنات بناء اقتراح قيمة ناجح للعميل
قد يكون للعرض الذي يقدمه المورد العديد من الميزات التقنية أو الاقتصادية أو الخدمية أو الاجتماعية ذات القيمة للعملاء، لكن تضم عروض المنافسين بدورها الأمر ذاته. بالتالي، يغدو لدينا السؤال التالي: "ما هو مستوى عناصر القيمة الخاصة بي مقارنةً بالبديل التالي الأفضل؟ ولقد وجدنا أنه من المفيد فرز عناصر القيمة إلى ثلاثة أنواع.
نقاط التكافؤ: وهي عناصر لها نفس الأداء أو الوظيفة وتعمل بشكل مشابه لما لدى البديل التالي الأفضل.
نقاط الاختلاف: وهي عناصر تجعل عرض المورد متفوقاً أو أقل قيمة من البديل التالي الأفضل.
نقاط الخلاف: وهي عناصر يوجد خلاف بين المورد والعميل حول كيفية أدائها مقارنةً بالبديل التالي الأفضل. وهنا إما أن يعتبر المورد عنصر القيمة هذا نقطة اختلاف في مصلحته، في حين يعتبرها العميل بدوره نقطة تكافؤ مع البديل التالي الأفضل، أو يعتبرها المورد نقطة تكافؤ، بينما يعتبر العميل كنقطة اختلاف لصالح البديل الأفضل التالي.
ضع نفسك، للحظة، مكان العميل المحتمل. ولنفترض أن كل شركة قدمت في نهاية عرضها عشرة أسباب تبرر وجوب منحها المشروع. وتشابهت الأسباب إلى حد كبير فيها بينها. فكيف يمكنك الاختيار إذا كانت كل شركة تقول نفس الشيء فعلياً؟ ستطلب من كل شركة إعطاء سعرها النهائي، ثم ستمنح المشروع إلى تلك التي تقدم أقل سعر ممكن، على اعتبار أن التشابه الكبير فيما بين الشركات سيطغى على أي اختلاف بسيط فيما تقدمه.
إبراز نقاط قوتك.
يُدرك النوع الثاني من اقتراح القيمة فعلياً أن لدى العميل بدائل، حيث تبرز التجربة التي عاشها مورد رائد للغاز الصناعي مؤخراً ذلك. تلقت تلك الشركة رسالة من عميل يطلب فيها من الشركة تقديم عرضها والتنافس مع موردين آخرين على طرح من الشركة. وسيتم دعوة أفضل ثلاثة عروض إلى زيارة المقر لمناقشة عروضهم وتحسينها ليختار العميل بعدها واحداً منهم لمشروعه. وفي مثالنا هذا كان السؤال "لماذا يجب على شركتنا شراء ما تقدمه بدلاً من منافسيك؟" والذي هو أكثر أهمية من "لماذا يجب على شركتنا أن تشتري ما تقدمه؟". ويمكن للفارق بين السؤالين أن يجعل الموردين يركزون على نقاط قوة عروضهم مقابل البديل التالي الأفضل. وتتطلب هذه العملية بدورها معرفة تفصيلية بالبديل، سواء أكان تقديم عرض أفضل من عرض المنافس أو حل مشكلة العميل بطريقة مختلفة عما قد يفعله المنافس.
ليس لدى مدراء أقسام التواصل مع الموردين، الذين تقع على عاتقهم ضغوطات خفض التكاليف بشكل متزايد، ترف تصديق مزاعم الموردين بلا دليل.
لكن سيجعلك معرفة نقاط قوتك وتميز ما تقدمه عن البديل قادراً على تقديم هذا إلى عملاء متعددين مستهدفين. كما أنه قد يكون للمنتج أو الخدمة التي تقدمها نقاط قوة متعددة، ما قد يجعل مورد هذا المنتج أو الخدمة في حالة حيرة لقاء انتقاء تلك التي تقدم القيمة الأكبر لعميله. ولن يتمكن الموردون من انتقاء نقاط الاختلاف التي تقدم قيمة كبيرة للعميل المستهدف من دون فهم مفصل لمتطلبات العميل وتفضيلاته وما الذي يريده فعلاً. كما يمكن أن يؤدي كل مما سبق إلى فخ افتراض قيمة غير تلك المتوخاة؛ بمعنى آخر، افتراض أن نقاط القوة التي يراها المورد نقاطاً تميزه، هي ذاتها التي يريدها العميل في مورد الخدمة له، كما رأينا في القصة الافتتاحية والتي قام فيها مورد الدارات المتكاملة بخصم جزء من سعر منتجه من دون داعٍ.
استقراء حاجات العميل
صحيح أن تعريف القيمة المقدمة للعميل الذي ينص على إبراز نقاط قوتك هو أفضل أداء مقارنة بآخر يقدم جميع الفوائد، إلا أن القيمة المقدمة للعميل الذي يركز على استقراء حاجات العميل سيكون الأفضل حُكماً، على اعتبار أن هذه المنهجية تُدرك مستويات المسؤولية الكبيرة والمتنامية لدى المدراء الذين يتخذون قرارات الشراء والضغوطات المتزايدة عليهم فيما يتعلق بسرعة الأداء. ويرغب أولئك المدراء في التعامل مع موردين يدركون تماماً المشكلات الحرجة في أعمالهم ويقدمون عرض قيمة لهم بسيط لكنه آسر. ويمكن للموردين تقديم عرض قيمة يحقق ما سبق عبر صياغة عروضهم بطريقة تركز على العناصر القليلة الأكثر أهمية للعميل لاستهدافه بأفضل شكل ممكن من خلال برهنة وتوثيق قيمة هذا الأداء المتفوق، ثم التواصل مع العميل بطريقة تريه بشكل واضح فهماً لأولوياته وما يريد.
ويختلف هذا النوع من عروض القيمة عن النوعين السابقين في أمرين مهمين: الأول، كلما كان ما يدرجه ذاك العرض أقل، كان أفضل، إذ على ذاك العرض أن يركز بوضوح على نقطة أو نقطتين تقدمان الفرق المحتمل للعميل، مع قيام الشركة بتحسينها وتطويرها، وستعطي أكبر قيمة للعملاء المستهدفين وذلك على الرغم من احتمال أن يُدرج القيمة المقدمة للعميل أيضاً بعض نقاط القوة. وقد يتنازل المورد حتى عن بعض نقاط القوة لصالح البديل الأفضل التالي، بحيث يمكنه تركيز موارده المحدودة على تحسين نقطة أو نقطتين من الفروقات التي تهم العملاء فعلاً. أما الأمر المهم الثاني، فقد يحتوي القيمة المقدمة للعميل الذي يستقرئ حاجات العميل على ما ندعوه نقطة تكافؤ (point of parity)، والتي تحدث في حالتين، أولها عندما يجب على المورد إدراج النقط لجعل العملاء المستهدفين يأخذون عرضه بعين الاعتبار، أما الثانية، فهي عندما يرغب المورد في تصحيح معلومات مغلوطة لدى العميل مفادها أن هناك عنصراً معيناً لدى المنافس يشكّل نقطة قوة له. وفي حال كان المورد يؤمن بأن عرضه يضاهي عرض المنافس، ويتفوق عليه، سيقوم هنا بعرض أبحاث تدعم قيمة عرضه أمام العميل بشكل عملي وتأكيد ما يزعمه بشكل واضح.
ولإعطاء معنى عملي حول موضع استقراء حاجات العميل، لننظر إلى المثال التالي. اتصلت شركة سونوكو (Sonoco)، وهي مزود عالمي للتعبئة والتغليف في هارتسفيل بجنوب كارولينا، بعميل أوروبي كبير في مجال صنع السلع الاستهلاكية المعبأة، حول إعادة تصميم العبوة في أحد خطوط منتجاته. كان لدى سونوكو إيمان بأن العميل سينال ربحاً من تجديد عملية التعبئة تلك، فضلاً عن أن تلك المبادرة عززت من مكانة سونوكو كشركة مبتكِرة لاقتراحها تلك المبادرة. وعلى الرغم من أن للعبوة المعاد تصميمها ست نقاط قوة مقارنة بالبديل الأفضل التالي كان يمكن لسونوكو أن تبرزها، اختارت سونوكو التأكيد على نقطة تكافؤ ونقطتي اختلاف فيما دعته "القيمة المقدمة للعميل المميزة". وذكرت القيمة المقدمة للعميل المميزة تلك كيف أن العبوة المعاد تصميمها ستوفر كفاءة تصنيع أكبر بكثير في خطوط التعبئة للعميل، عبر جعل عملية تختيم العبوات أكثر سرعة، وستقدم مظهراً متميزاً جذاباً للعملاء، وأخيراً، سيكون كل ما سبق بنفس سعر العبوة الحالي.
واختارت سونوكو إدراج نقطة تكافؤ في القيمة المقدمة للعميل الخاصة بها على اعتبار أن العميل قد يصرف النظر عن الأمر في حال زاد السعر عليه. وكانت نقطة الاختلاف الأول في القيمة المقدمة للعميل الخاصة بها (زيادة الكفاءة) متمثلة في تقديم وفورات في التكاليف للعميل، الأمر الذي سمح له بالانتقال من جدول إنتاج قائم على ثلاثة أيام وثلاث مناوبات خلال فترات الذروة إلى جدول قائم على خمسة أيام ومناوبتين. أما نقطة الاختلاف الثانية فقدمت ميزة على مستوى المستهلك، حيث ساعدت العميل على زيادة إيراداته وأرباحه أكثر. لقد اختارت سونوكو، في محاولتها في إقناع العميل بالتغيير إلى العبوة المعاد تصميمها، الإشارة إلى نقاط الاختلاف الأخرى المواتية، فضلاً عن التركيز بشكل أكبر على نقطتي الاختلاف ونقطة التكافؤ الوحيدة التي كانت أكثر أهمية للعميل، بدل إبراز نقاط القوة الخاص بمنتجها. وقامت بذلك عبر توصيل عرض قيمة قائم على استقراء حاجات العميل.
ويمكن أن يكون من أحد أفضل أجزاء بناء عرض قيمة فعال التشديد على نقطة تكافؤ كان العملاء يفترضون خطأً أنها نقطة قوة في عرض منافس. ولنأخذ حالة أخرى هي شركة إنترغراف في ألاباما تقدم برامج هندسية لشركات الهندسة والمشتريات والبناء. ويُمكّن أحد برامج الشركة، وهو سمارت بي أند آي دي، العملاء من تحديد عمليات التدفق للصمامات والمضخات والأنابيب داخل المصانع التي يقومون بتصميمها وتخطيط مخططات الأنابيب والأجهزة. ويفترض بعض العملاء المحتملين خطأً أن أداء التخطيط الذي يقوم به منتج سمارت بلانت لن يكون بنفس جودة البديل الأفضل التالي، على اعتبار أن البديل مبني على مفهوم التصميم بمساعدة الكمبيوتر (CAD)، وهو أداة تصميم معروفة أكثر مقارنةً بمنصة قاعدة البيانات العلائقية التي بُرمج منتَج سمارت بلانت بوساطتها. بالتالي، عملت إنتراغراف على مفهوم التصور المباشر، حيث قامت بجمع البيانات من عدة عملاء لإثبات أن نقطة الخلاف هذه كانت في الواقع نقطة تكافؤ.
وإليك كيف قامت الشركة بذلك. تألف اقتراح استقراء حاجات العميل الذي قدمته إنترغراف من نقطة تكافؤ واحدة (اعتقد العميل في البداية أنها نقطة خلاف)، ثم أتبعته بثلاث نقاط اختلاف:
نقطة التكافؤ:
يمكن للعملاء استخدام هذا البرنامج لإنشاء رسومات مخططات الأنابيب والأجهزة (إما كرسومات أو تقارير) بذات السرعة مقارنةً باستخدام برامج التصميم المعتمدة على الحاسب – البديل التالي الأفضل – إن لم يكن أسرع.
نقطة الاختلاف:
يتحقق هذا المنتج من جميع بيانات العميل الأولية والنهائية المتعلقة بأصول المصنع وإجراءاته، وذلك باستخدام الممارسات الهندسية المقبولة عالمياً والقواعد الخاصة بالشركة والقواعد الخاصة بالمشروع أو العملية في كل مرحلة من مراحل التصميم، بحيث يتجنب العميل الأخطاء المكلفة، مثل وجود أوجه ترابط مفقودة في التصميم، أو أسوأ، طلب معدات خاطئة.
نقطة الاختلاف:
يتكامل هذا البرنامج مع المهام الأولية والنهائية، مثل محاكاة العمليات وتصميم الأجهزة، وبالتالي لا يوجد حاجة لإعادة إدخال البيانات (ما يقلل من هامش الخطأ).
نقطة الاختلاف:
يمكن للعميل، مع هذا البرنامج، ربط المكاتب الموجودة في مناطق أخرى بالمشروع قيد التنفيذ، ثم دمج الكل في قاعدة بيانات واحدة قابلة للتسليم لتقديمها إلى عملائه، أصحاب المنشأة.
وتُعد عروض القيمة التي تركز على استقراء حاجات العميل عروضاً فعالة للغاية، لكن ليس من السهل إنشاؤها، إذ تتطلب من الموردين إجراء أبحاث حول الأمور القيمة للعملاء لاكتساب رؤى تساعدهم على إنشاء تلك العروض. وثمة عدد قليل من الموردين قام فعلاً بإجراء أبحاث حول القيمة للعملاء على الرغم من أهمية ذلك في استقطاب العميل، على اعتبار أن الأمر يتطلب وقتاً وجهداً ومثابرة وبعض الإبداع. ولكن كما برهنت أفضل الممارسات التي درسناها بعمق، يؤدي التفكير باقتراح عرض يركز على استقراء حاجات العميل إلى إجراء الشركة أبحاثاً حول أعمال عملائها كافية لتساهم في حل مشكلاتهم، وهو أمر يؤتي أُكُله قطعاً، كما نرى في تجربة مورد الراتنجات الرائد. (راجع "مثال حول حالة: إحداث نقلة نوعية في اقتراح قيمة ضعيف").
مثال حول حالة: إحداث نقلة نوعية في اقتراح قيمة ضعيف
أدرك أحد الموردين الرائدين للراتنجات المتخصصة المستخدمة في الدهانات المعمارية - مثل الدهان للمباني - أن عملائه يتعرضون للضغط للامتثال للتشريعات البيئية الصارمة بشكل متزايد. لكن استنتج المورد في الوقت ذاته أن لا شركة مصنعة للطلاء ترغب في التضحية بالأداء. لذا طور مورد الراتنجات نوعاً جديداً من الراتنجات عالية الأداء من شأنها تمكين عملائه من الامتثال لمعايير بيئية أكثر صرامة، وإن كان بسعر أعلى، مع نفس الأداء المتفوق.
وفوجئ مورد الراتنجات بردود الفعل الفاترة التي تلقاها في مناقشاته الأولية مع العملاء الذين كانوا يستخدمون المنتج على أساس تجريبي، وخاصةً من المدراء التجاريين، والذين لم يروا في مبيعات هذا المنتَج مستقبلاً لسعره المرتفع، وخصوصاً لدى معامل الدهان التجارية، السوق المستهدف الرئيس. كما قالوا إنهم لن ينتقلوا إلى الراتنج الجديد حتى تجبرهم القوانين على ذلك.
وقرر مورد الراتنجات بعد سماعه ما سبق إجراء أبحاث حول ما يراه العملاء ذي قيمة لفهم متطلباتهم وتفضيلاتهم بشكل أفضل وكيف سيؤثر أداء الراتنج الجديد على التكلفة الإجمالية لممارسة الأعمال. وقد ذهب مورد الراتنجات إلى حد دراسة متطلبات وتفضيلات عملائه من شركات الدهان التجارية وأصحاب المباني. كما أجرى المورد سلسلة من مجموعات التركيز والاختبارات الميدانية مع مقاولي الدهان لجمع البيانات. وتمت دراسة الأداء المتعلق بمتطلبات العملاء الأساسية - مثل وضع الدهان والوقت اللازم لجفافه والمتانة - وطُلب من العملاء التصريح إذا كان الأداء سبب كافٍ لهم لدفع تكاليف إضافية للدهان. وانضم مورد الراتنجات أيضاً إلى جمعية صناعة مقاولي الدهانات التجارية، وقام بتسجيل مدراء الأقسام لديه في دورات تدريبية حول كيف يمكن للمقاول تقدير القيمة الفعلية للمشروع المعروض عليه، وتدريب الموظفين على العمل مع برنامج تخمين الكلفة الذي يستخدمه مقاولو الدهان في العادة.
وقدّم هذا البحث العديد من الرؤى حول القيمة للعملاء. كان أبرزها إدراك أن 15% فقط من تكاليف مقاول الدهان هي الدهان نفسه؛ حيث تعتبر العمالة إلى حد بعيد عنصر التكلفة الأكبر. فإذا كان في الإمكان توفير طلاء ذي إنتاجية أكبر، أي تقديم طلاء يجف أسرع مثلاً مما يسمح بتطبيق عمليتي طلاء خلال نوبة عمل مدتها ثماني ساعات - فمن المحتمل أن يقبل المقاولون سعراً أعلى.
أعاد مورد الراتنجات إعادة طرح القيمة المقدمة للعميل الخاصة بشكل جديد، فبدل تركيزه على بعد واحد وهو الامتثال للتشريعات البيئية، قدّم عرضه بشكل مختلف تلعب فيه الالتزامات البيئة دوراً هاماً إنما بسيط. وكانت العرض الجديد للقيمة "أن الراتينج الجديد يمكّن منتجي الدهانات من صناعة طلاء تجاري بأداء أفضل ويمنح مقاولي الدهان القدرة على وضع طبقتين في نوبة عمال واحدة، ما يزيد من إنتاجية الدهان والذي هو أيضاً ممتثل لتشريعات البيئة". وقَبِل الزبائن بحماس القيمة المقدمة للعميل هذه، وتمكّن مورد الراتنجات من الحصول على زيادة سعرية لمنتجه تصل إلى 40% أكثر مقارنة بمنتجه السابق التقليدي.
برهنة صحة عرض قيمة أمام العملاء
ذكر مدراء التواصل مع الموردين في سلسلة من المناقشات التي أجريناها في أوروبا والولايات المتحدة، أن عبارة "يمكننا توفير المال لكم!" أصبحت تقريباً القيمة المقدمة للعميل الشائعة بين الموردين المحتملين. ولكن، وكما لاحظ أحد المشاركين في ملتقى روتردام بقلق، كان لمعظم الموردين ادعاءات لا سند لها، حيث يقول أنه وبعدما سمع ادعاءات موردين محتملين، طرح عليهم سلسلة من الأسئلة لتحديد ما إذا كانت لديهم الأشخاص والعمليات والأدوات والخبرة اللازمة لتوفير المال على شركته. ولم يتمكن أغلب الموردين ببساطة من دعم مزاعمهم. ونافلة القول هنا أن على المورد أن يكون قادراً على عرض اقتراح قيمة مبرهن أمام العميل وتوثيق ذلك ليتمكن من إقناع ذاك العميل وغيره.
وتُعطي المعادلات الرياضية التي يُعبّر عنها كتابياً القدرة على عرض إظهار نقاط الاختلاف ونقاط القوة مقارنة بالبديل التالي الأفضل، بحيث يمكن لمدراء أقسام التواصل مع الموردين فهمها بسهولة وتلقيها باقتناع. وتتم هذه العملية عبر كتابة المعادلات الرياضية بكلمات مع استخدام الإشارات الرياضية البسيطة (على سبيل المثال، علامتي الجمع والقسمة) لتفسير الفرق في الوظيفة أو الأداء بين عرض المورد والبديل التالي الأفضل، وكيف يمكن للعميل الاستفادة مالياً من تلك الاختلافات.
وتستخدم الشركات ذات الممارسات الأفضل، على غرار إنتراغراف وأيضاً روكويل أوتوميشن (Rockwell Automation) في مدينة ميلواكي تلك المعادلات للتوضيح لعملائها كيف ستقوم عروضهم بخفض التكاليف أو إضافة قيمة مقارنةً بالبديل التالي الأفضل. وغالباً ما تُجمع البيانات اللازمة لتوفير تقديرات التوفير تلك من أقسام العمليات الخاصة بالعميل والذين يعملون مع الموردين لتوليدها. ولكن قد تأتي هذه البيانات في بعض الأحيان من مصادر خارجية، مثل دراسات الاتحادات الصناعية. ولننظر هنا إلى المعادلة التي استخدمتها روكويل أوتوميشن لحساب التوفير في التكاليف الناتج عن التوفير في استهلاك الطاقة لدى استخدام العميل حل روكويل أوتوميشن مقارنةً بحال أحد المنافسين:
التوفير في تكلفة تخفيض الطاقة = [كيلوواط تم إنفاقه × عدد ساعات التشغيل في السنة × التكلفة بالدولار لكل كيلو وات ساعي × عدد سنوات عمل النظام] حل المنافس – [كيلوواط تم إنفاقه × عدد ساعات التشغيل في السنة × التكلفة بالدولار لكل كيلو وات ساعي × عدد سنوات عمل النظام] حل روكويل أوتوميشن
وتُستخدم هذه المعادلة المصطلحات الخاصة بالصناعة والتي يعتمد عليها الموردون والعملاء في أسواق الأعمال للتواصل بدقة وكفاءة حول الوظيفة والأداء.
إظهار القيمة للعميل بشكل مسبق
ويجب على العملاء المحتملين أن يروا بشكل مقنع الوفورات في التكاليف أو القيمة المضافة التي يمكنهم توقعها من استخدام عرض المورد مقارنةً بالبديل التالي الأفضل. وتستخدم الشركات الرائدة، أمثال روكويل أوتوميشن وشركة نيجدرا غروب (Nijdra Groep) للهندسة والتصنيع الدقيق في هولندا، أمثلة مستقاة من نجاحاتها السابقة حول القيمة المقدمة للعميل لبرهان جودة ما تقدمه، حيث تقوم بتوثيق ما قامت به سابقاً حيال الوفورات في التكاليف أو القيمة المضافة التي تلقاها عملائها السابقون فعلياً من استخدامهم لمنتجاتها أو خدماتها. كما أن هناك طريقة أخرى تقوم بها أفضل الشركات، أمثال شركة "جنرال إلكتريك إنفراستركتشر أند بروسيس تكنولوجيز" (GEIW&PT) وشركة "إس كيه إف" (SKF)، تقوم على إظهار قيمة ما يعرضونه على العملاء المحتملين بشكل استبقائي من خلال حاسبات القيمة، والتي هي عبارة عن تطبيقات على برامج جداول بيانات يستخدمها مندوبو المبيعات أو متخصصو القيمة على أجهزة حاسبهم كجزء من نهج البيع الاستشاري الخاص بهم لإظهار القيمة التي قد يحصل عليها العملاء من العروض التي يقدمونها.
وقد يقوم الموردون عند الضرورة بإجراءات استثنائية لإظهار قيمة عروضهم مقارنة بالبديل الأفضل التالي. فعلى سبيل المثال، أجرى قسم المواد الكيميائية البوليمرية في "أكزو نوبل" ( Akzo Nobel) في شيكاغو مؤخراً دراسة تجريبية ميدانية مدتها أسبوعان على مفاعل إنتاج ضمن منشأة تابعة لعميل محتمل لجمع البيانات بشكل مباشر عن أداء المواد العضوية المعدنية عالية النقاء التي يقدمها القسم مقارنة بالبديل الأفضل التالي فيما يتعلق بإنتاج رقائق أشباه الموصلات المركبة. وقامت أكزو نوبل بدفع المال للعميل المحتمل لأسبوعين نظراً لأن كل يوم مختلف عن الآخر فيما يتعلق بما يحدث من وضعيات إنتاج وصيانة مختلفة. وبات لدى أكزو نوبل الآن بيانات من ملموسة تُثبت مزاعمها حول منتجها ووفورات التكلفة المتوقعة، ودليل على أن ما تقدمه من رقائق أشباه الموصلات سيكون أفضل مما لدى العميل في حال استخدامه البديل التالي الأفضل. وللسماح لزبائن عملائها المحتملين بالتحقق من ذلك بأنفسهم، قامت أكزو نوبل بجلب عينات لهم من الرقاقات التي أنتجوها للاختبار. وكانت أكزو نوبل هنا قد جمعت بين نقطة تكافؤ ونقطتي اختلاف: تكاليف طاقة أقل بكثير للتحويل وتكاليف صيانة أقل بكثير.
توثيق القيمة أمام العملاء
ويعتبر إظهار قيمة متفوقة أمراً ضرورياً، لكنه لم يعد كافياً لكي يُنظر إلى الشركة على أنها شركة تقوم بأفضل الممارسات. ويجب على الموردين أيضاً توثيق وفورات التكاليف والأرباح الإضافية (من إيرادات إضافية متولدة) التي تقدمها عروضهم إلى الشركات التي اشترت ما يقدمونه. بالتالي، يعمل الموردون مع عملائهم لتحديد كيفية تتبع الوفورات في التكاليف أو الأرباح الإضافية، وبعد فترة زمنية مناسبة، العمل مع مدراء أقسام العملاء لتوثيق النتائج. ويستخدمون تلك المستندات لتحسين نماذج القيمة الخاصة بهم للعملاء، وإنشاء حالات سابقة، وتمكين مدراء أقسام العملاء من الحصول على التقدير لقاء التوفير في التكاليف والأرباح الإضافية التي تحققت، كما أن مصداقة قيمة الطرح تتعزز أكثر على اعتبار أن مدراء التواصل مع الموردين يعرفون أن المورد مستعد للعودة لاحقاً لتوثيق القيمة المتلقاة.
وتقوم جنرال إلتكريك إنفراستركتشر بتوثيق النتائج المقدمة للعملاء من خلال عملية تخطيط توليد القيمة الرائدة الخاصة بها، والتي تُمكن موظفيها الميدانيين من فهم أعمال العملاء وتخطيط المشروعات التي لديها أعلى تأثير للعملاء من ناحية القيمة وتنفيذها وتوثيقها. وتتيح أداة التتبع عبر الإنترنت لشركة جنرال إلكتريك إنفراستركتشر ومدراء أقسام العملاء مراقبة التنفيذ والنتائج الموثقة لكل مشروع تتولاه الشركة بسهولة. وقد قامت الشركة بتوثيق أكثر من ألف حالة سابقة منذ أن بدأت في استخدام تلك الآلية في عام 1992، حيث كان الرقم 1.3 مليار دولار في توفير تكاليف العملاء، وتوفير 24 مليار جالون من المياه، وإزالة 5.5 مليون طن من النفايات، وتخفيض 4.8 مليون طن من انبعاثات الهواء.
ومع اكتساب الموردين خبرة في تعريف القيمة المقدمة للعميل وتوثيقها، يصبحون على دراية بكيفية تقديم عروض قيمة مميزة للعملاء وحتى كيفية تقديم عرض قيمة يختلف بين عميل وآخر. وبسبب هذه المعرفة الشاملة والمفصلة، زادت ثقتهم في التنبؤ في الوفورات المتوقعة والقيمة المضافة التي سيحصل عليها العملاء المحتملون. حتى أن بعض أفضل الموردين على استعداد لضمان تحقيق مقدار معين من الوفورات قبل اعتماد العميل للحل الذي يقدمه.
ولجأت شركة تصنيع محركات سيارات عالمية إلى شركة "كويكر كيميكال" (Quaker Chemical)، الشركة متخصصة في الخدمات الكيميائية وإدارة الخدمات ومقرها ولاية بنسلفانيا، للمساعدة في تقليل تكاليف التشغيل بشكل ملحوظ. وحدد فريق كوايكر من المهندسين الكيميائيين والميكانيكيين والبيئيين، والذي يوثق بدقة الوفورات في التكاليف للعملاء لسنوات، وفورات محتملة لهذا العميل من خلال تحسينات العملية والإنتاجية. ثم طبقت كوايكر حلها المقترح - مع ضمان أن تكون الوفورات خمسة أضعاف ما تنفقه الشركة المصنعة للمحرك سنوياً فقط لشراء سائل التبريد. وهذا يعني بالأرقام الحقيقية وفورات قدرها 1.4 مليون دولار في السنة. أي عميل لن يجد هذا الضمان مقنعاً؟
أداء أعمال متفوق
ونقول هنا أن عروض القيمة أمام العملاء، التي يتم إنشاؤها وتسليمها بشكل صحيح، تقدم مساهمة كبيرة في استراتيجية العمل والأداء. ويوضح التطوير الذي قامت به مؤخراً جنرال إلكتريك إنفراستركتشر والمتمثل بتقديم خدمة جديدة لعملاء التكرير كيف تخصص الشركة ومديرها العام جون بانيشيلا مواردها المحدودة لمبادرات ستولد أكبر قيمة إضافية للشركة وعملائها. فعلى سبيل المثال، وقبل بضع سنوات، كان لدى مندوب ميداني فكرة مبتكرة لمنتج جديد مستندة إلى فهمه الشامل لعمليات التكرير وكيف تكسب المصافي الأموال. وقدم المندوب الميداني "طلب تقديم منتج جديد" (NPI) إلى مدير التسويق في قسم صناعة المواد الهيدروكربونية للدراسة. ويمكن للمندوبين الميدانيين أو أي شخص آخر في الشركة تقديم هذه الطلبات كلما كانت لديهم فكرة مبتكرة عن حل يعتقدون أن له قيمة كبيرة لكن لا تقدمه الشركة حالياً. ثم يقوم مدراء التسويق، ممن يتمتعون بخبرة واسعة في الصناعة، بإجراء دراسات تحديد النطاق لفهم إمكانات المنتجات المقترحة وكيف يمكنها تقديم قيمة كبيرة للعملاء ضمن القطاع. ثم يقومون بخلق أمثلة تضع المنتج في حالة عمل تُجرى بشكل متكرر مع إدخال التحسينات عليها ثم مراجعتها. ويقوم فريق الإدارة العليا في شركة جنرال إلكتريك إنفراسركتشر بترتيب الأولوية بين عدد كبير من المبادرات المحتملة التي تتنافس على موارد محدودة. وقد وافق الفريق على مبادرة بانيشيلا، والتي أدت إلى تطوير عرض جديد يوفر لمصافي التكرير وفورات موثقة في التكاليف بين خمسة إلى عشرة أضعاف السعر الذي دفعوه للعرض، وبالتالي تقديم عرض قيمة مقنع.
حتى أنه في إمكان بعض الموردين الرائدين ضمان تحقيق قدر معين من الوفورات قبل قيام العميل باختيار حله.
وقد قامت سونوكو، من بين شركات أخرى، بجعل عروض القيمة للعملاء أمراً أساسياً في استراتيجية أعمالها. فمنذ عام 2003، حدد الرئيس التنفيذي للشركة، هاريس دلوتش الابن، واللجنة التنفيذية هدفاً طموحاً لنمو الشركة سنوياً يتمثل في نمو مستدام مربح مكون من خانتين. ويؤمنون بأن عروض القيمة المميزة ضرورية لدعم مبادرة النمو، حيث يجب على أي عرض قيمة في سونوكو أن يكون:
مميز. يجب أن يتفوق على جميع منافسي سونوكو.
قابل للقياس. ينبغي أن تستند جميع عروض القيمة إلى نقاط قوة ملموسة يمكن قياسها كمياً ونقدياً.
مستداماً. يجب أن تكون سونوكو قادرة على تنفيذ اقتراح القيمة هذا لفترة زمنية طويلة.
ويعرف مدراء الوحدات مدى أهمية عروض القيمة المتفوقة بالنسبة لأداء وحدة الأعمال لأنها إحدى المقاييس الرئيسة العشرة في سجل أداء المدراء. وفي مراجعات الإدارة العليا، يُقدم كل مدير وحدة اقتراحات عرض قيمة لكل شريحة سوق مستهدفة أو عميل رئيس، أو كليهما. ثم يتلقى المدراء ملخصاً للملاحظات حول القيمة المقدمة للعميل ذاك (وكذلك لكل باقي المقاييس التسع) حول إن كانت عروضهم قابلة لأن تجلب نمواً مربحاً.
بالإضافة إلى ذلك، تقوم الإدارة العليا لشركة سونوكو بتتبع العلاقة بين عروض القيمة وأداء وحدة العمل. وقد استنتجت، بعد سنين، أن التركيز على عروض القيمة المتفوقة ساهم بشكل كبير في تحقيق نمو مستدام ومزدوج الخانات.
ويدرك الموردون الذين يتبعون أفضل الممارسات أن بناء وتشييد عروض قيمة تعمل على استقراء حاجات العميل ليست عملية تتم لمرة واحدة، بالتالي يتأكدون من معرفة موظفيهم لما يجب أن تكون عليه عروض القيمة التالية. وتقوم كويكر كيميكال، على سبيل المثال، بإجراء برنامج تدريبي حول عروض القيمة كل عام لمدراء برامجها الكيميائية الذين يعملون ميدانياً مع العملاء ويتحملون مسؤولية صياغة وتنفيذ عروض القيمة أمام العملاء. ويقوم هؤلاء المدراء أولاً بمراجعة دراسات الحالة من مجموعة متنوعة من الصناعات التي تقدم لها كوايكر خدماتها، والتي قام فيها أقرانهم بتنفيذ مشاريع موفرة وكمية الوفورات النقدية المنتجة. وعند المنافسة في فرق، يشارك المدراء بعد ذلك في محاكاة حيث يقومون بمقابلة "مدراء أقسام العملاء" لجمع المعلومات اللازمة لوضع اقتراح حول اقتراح قيمة للعميل. ويحصل الفريق الفائز بمسابقة أفضل عرض على "حقوق المفاخرة"، والتي تحظى بتقدير كبير في الثقافة التنافسية لشركة كوايكر. وتؤمن الشركة أن البرنامج التدريبي يساعد في صقل مهارات مدراء أقسام البرامج الكيميائية لتحديد الوفورات في المشاريع لدى التواصل مع العملاء الذين يخدمونهم.
يتأكد أفضل الموردين من أن موظفيهم يعرفون كيفية تحديد ما يجب أن تكون عليه عروض القيمة التالية.
وتقوم كوايكر، كجزء أخير من البرنامج التدريبي، بتنظيم مسابقة سنوية في العالم الحقيقي، حيث يكون لمدراء أقسام البرامج الكيميائية 90 يوماً لتقديم اقتراح حول وفورات لمشروع يخططون لتقديمه إلى عملائهم. ويقوم مدير قسم إدارة المواد الكيميائية بالبت في هذه الاقتراحات ويقدم ملاحظاته. وإذا كان المشروع المقترح قابلاً للتطبيق، يمنح المدير هدية. ويذهب تنفيذ هذه المشروعات إلى ما هو أبعد بمجرد الوفاء بالتزامات التوفير السنوية المضمونة من كوايكر والتي تتراوح في المتوسط ما بين 5 و6 ملايين دولار سنوياً لكل عميل.
وجعلت كل من هذه الشركات عروض القيمة أمام العملاء جزءاً أساسياً من استراتيجية أعمالها. وبالاعتماد على أفضل الممارسات، قدمنا مقاربة لمقترحات قيمة العملاء التي يمكن للشركات تنفيذها للتواصل، مع التركيز المتكرر، على القيمة العالية التي تقدمها عروضهم لاستهداف قطاعات السوق والعملاء. يمكن أن تكون عروض قيمة العملاء منارة توجيهية بالإضافة إلى حجر الزاوية لتحقيق أداء أعمال متميز. وبالتالي، تقع على عاتق الإدارة العليا والإدارة العامة، وليس فقط إدارة التسويق، التأكد من أن عروض القيمة الخاصة بهم تقدم كل الأمور التي تميز الشركة.