3 قواعد لتحسين قدرتك على اتخاذ القرارات الصائبة

3 دقائق
اتخاذ القرارات الصائبة

كي تتخذ قراراً جيداً، عليك أن تكون فطناً لأمرين: أولاً، كيف تغيّر الاختيارات المختلفة احتمالات حدوث مختلف النتائج، وثانياً، كم مرغوبة كل نتيجة من هذه النتائج. بعبارة أخرى، كما كتب أجاي أغروال وجوشوا غانز وآفي غولدفارب، يتطلب اتخاذ القرارات تنبؤاً وحكماً.

لكن كيف تصبح أفضل في هذين الأمرين؟ لقد نشرنا مجلدات حول هذا الموضوع – ستجد هنا المفضلة منها لدينا – لكن هناك ثلاث قواعد نراها مميزة أكثر من غيرها، واتباعك لها سوف يحسّن من قدرتك على التنبؤ بتأثيرات اختياراتك وتقييم مدى جاذبيتها.

القاعدة رقم 1: كن أقل يقيناً

قال عالم النفس الحائز على جائزة نوبل دانيال كانيمان أنه لو كانت لديه عصا سحرية لكانت الثقة الزائدة أول تحيز سيقوم بالقضاء عليه. هذا التحيز منتشر بكثرة، وخاصة بين الرجال والأثرياء وحتى الخبراء. ومع ذلك ليست الثقة المفرطة ظاهرة عالمية -هي تعتمد على عوامل منها الثقافة والشخصية- لكن هناك احتمالاً لا يمكن إغفاله أن تكون لديك ثقة زائدة أكثر مما يجب بكل خطوة من خطوات اتخاذ القرار.

إذاً، القاعدة الأولى لاتخاذ القرار هي أن تكون أقل يقيناً- حيال أي شيء. هل تعتقد أن الخيار (أ) سيؤدي إلى النتيجة (ب)؟ لعله احتمال أضعف مما تعتقد. هل تعتقد أن النتيجة (ب) مرغوبة أكثر من النتيجة (ج)؟ لعل ثقتك في ذلك زائدة أيضاً.

وبمجرد تقبّلك أنك مبالغ في الثقة، يمكنك إعادة النظر في منطق قرارك. ما الاختيارات الأخرى التي كنت ستفكر بها لو كنت أقل تأكداً من أن (أ) سوف تتسبب بحصول (ب)، أو أن (ب) أفضل من (ج)؟ هل أنت مستعد لنتيجة قد تأتي مغايرة للنتيجة التي كنت تتوقعها؟

كما يمكنك أيضاً أن تجرب مواءمة مستوى الثقة لديك مع احتمال أن تكون مصيباً. جرب الأحاجي كهذه الأحجية أو هذه. ستدرك أنه وإن كان من غير المحتمل أن تكون على صواب دوماً، يبقى ممكناً أن تصبح أقل إفراطاً في الثقة.

القاعدة رقم 2: اسأل ’’كم مرة يحدث ذلك عادة؟‘‘

يحكي كانيمان قصة عن أنه شارك مرة في العمل على مشروع كتاب مدرسي وطلب من المؤلفين المشاركين معه تقدير التاريخ اللازم لإكمال مسودتهم الأولى. وقال الجميع، بمن فيهم كانيمان، أن ذلك يستغرق ما بين 18 شهراً إلى عامين ونصف. ثم سأل أحد هؤلاء المؤلفين المشاركين كان قد شارك في عدد لا يحصى من مشاريع الكتب عن الوقت الذي يستغرقه مثل هذا المشروع عادة. أجاب المؤلف المشارك قائلاً أنّ، في الواقع، 40٪ من المجموعات لا تتمكن أبداً من إتمام الكتاب، وأنه لا يتذكر أي مشروع أُنجز خلال سبع سنوات. كان ذلك مشروع كتاب عن العقلانية، وقد أجاب المؤلف المشارك دون تفكير بالحالات السابقة. كان خطأ ذلك الشخص، وهي الفكرة من قصة كانيمان، أنه كان ينبغي عليهم التفكير في المدة التي تستغرقها عادة مثل تلك المشاريع.

عموماً، تشير البحوث إلى أن أفضل نقطة يمكن الانطلاق منها نحو التنبؤات -وهي مدخل رئيسي في عملية اتخاذ القرار- أن تسأل “كم مرة يحدث ذلك عادة؟” فإن كنت تفكر في تقديم تمويل لشركة ناشئة، يمكنك أن تسأل: ما نسبة فشل الشركات الناشئة؟ (أو نسبة النجاح؟) وإن كانت شركتك تفكر بالاستحواذ على شركة أخرى، ينبغي أن تبدأ من السؤال عن عدد المرات التي عززت فيها الاستحواذات من قيمة الشركة المستحوِذة أو ساعدتها في بلوغ أهدافها.

ترِد هذه القاعدة، والمعروفة باسم المعدل الأساسي، كثيراً في دراسات التنبؤ، لكنها قد تفيد أيضاً في الحكم على الأمور، باعتباره أحد جوانب عملية اتخاذ القرار. إن كنت تعتقد أن النتيجة (ب) أفضل من النتيجة (ج)، فيمكنك أن تسأل: كم مرة تكرر حصول ذلك تاريخياً؟ مثلاً، إن كنت تفكر في تأسيس شركة، وتقيّم احتمال قضاء سنوات في شركة سوف تفشل في مقابل البقاء في وظيفتك الحالية، فيمكنك أن تسأل: كم مرة ينتهي الأمر برواد الأعمال الذين يفشلون في مشاريعهم يتمنون لو أنهم بقوا في وظيفتهم السابقة؟

الفكرة من كل من التنبؤ والحكم هي الابتعاد عن “الرؤية الداخلية” التي تطغى فيها تفاصيل القرار على تحليلك. بدلاً من ذلك، عليك التحلي “برؤية خارجية”، تنطلق فيها من النظر إلى حالات مماثلة قبل الانتقال للنظر في تفاصيل حالتك الفردية.

القاعدة رقم 3: فكر بصورة تقديرية- وتعلم أساسيات الاحتمالات

يمكن تطبيق القاعدتين الأولى والثانية على الفور؛ لكن هذه القاعدة تستغرق بعض الوقت. وهي تستحق ذلك. أظهرت الأبحاث أن الحصول حتى على بعض التدريب الأولي في أساسيات الاحتمالات يجعل الناس متنبئين أفضل ويساعدهم على تجنب تحيزات معرفية معينة.

إن لم تكن جيداً في الاحتمالات، فلا استثمار أفضل لك لتحسين اتخاذ قرارك من قضاء ما بين 30 دقيقة إلى ساعة لتتعلمها. نقطة بداية جيدة أنصحك بها هي مقدمة أكاديمية خان حول احتمالات وجهي العملة المعدنية.

كما أن تحسين مقدراتك في التفكير الاحتمالي سيساعدك في القاعدتين الأولى والثانية أيضاً لأنك ستكون قادراً على التعبير بشكل أفضل عن عدم اليقين والتفكير عددياً في “كم مرة يحدث هذا عادة؟” وتذكر أن قوة هذه القواعد الثلاثة مجتمعة أقوى من قوة كل منها لوحدها.

مع أن هذه القواعد هي جميعها أمور تستطيع البدء باستخدامها سريعاً نسبياً، إلا أن إتقانها يتطلب تدريباً. في الواقع، ستجد بعد استخدامها لبعض الوقت أنك تصبح أكثر ثقة في قدرتك على اتخاذ القرارات الصائبة. لكن أفضل متخذي القرارات لا يلجؤون لهذه القواعد فقط عندما تواجههم اختيارات صعبة، بل يجعلونها مرجعهم في جميع الأوقات. وهم يدركون أن حتى القرارات التي قد تبدو سهلة قد تكون قرارات صعبة في الواقع – وأنهم في الواقع لا يعرفون إلا القليل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .