لماذا على المدير ألا يتبع الصورة النمطية للقائد العظيم؟

2 دقائق
shutterstock.com/Radu Bercan

ملخص: على الرغم من قوة المعايير النمطية السائدة في المجتمعات المعاصرة، يتمكّن بعض القادة والأشخاص غير النمطيين من مخالفة المألوف والخروج من دائرة المعتاد ويرسمون لأنفسهم مسارات استثنائية. هذا هو نموذج القائد الفريد الذي يتحدّى ظروفه ويبني شخصيته بعصامية وجد واجتهاد. لنتعرّف في هذا المقال على هذا النمط من الشخصيات.

في مجتمع خاضع للمعايير النمطية يظهر قادة يثيرون الدهشة، وربما الإزعاج والإرباك أحياناً، لكنهم يحظون بالاحترام والتأييد لأنهم عرفوا بفضل مؤهلاتهم كيف يغيّرون مساراتهم إلى قدَر مفعم بالمعنى والأمل. إنهم أرباب العمل والقادة الفريدون (العصاميون ذوو الشخصيات القوية والمسارات الشخصية المضطربة) الذين يخرقون الأنظمة السائدة إذ يشعرون بأنهم مختلفون ويعرفون كيف يحولون اختلافهم إلى ميزة لا تقدّر بثمن في خدمة أنفسهم والآخرين وإدارة أعمالهم بفعالية.

ولكن من أين يستمد هؤلاء هذه القوة؟ وكيف يحوّلون هذا التميّز إلى موطن قوة ويجعلونه بمرور الوقت مفتاحاً أساسياً لنجاحهم؟ يمكن أن نجد التفسير الأول لذلك في قوة الحافز الذي يتمتعون به. في الواقع غالباً ما يبني القائد الفريد شخصيته ويصقلها في قلب المعاناة، ويكتسب قدرة فريدة على الصمود تمكّنه من التحمل والنجاة. تتحول هذه القدرة على الصمود بمرور الوقت إلى سمة شخصية ثم تتحول تدريجياً إلى ثقافة شخصية ومنظومة قيم محدّدة ترتكز على التشبث بالبقاء على الرغم من التحديات والإرادة بل الرغبة في الثأر أحياناً.

يتمثل التفسير الثاني في أن القائد الفريد كان ملزماً دوماً بتحليل شخصيات أقرانه وسلوكهم كي يتعايش معهم في أفضل الظروف الممكنة، فاكتسب هذا التعطش إلى المعرفة (حب الاستطلاع) وقدرة التحليل الدقيق لبيئته (الحدس والذكاء) من خلال فهم مواقف الآخرين وسلوكياتهم بدقة وملاحظة أبسط التغييرات التي تطرأ على نبراتهم وأحوالهم النفسية. ثم أصبحت هذه المهارات في الغالب استجابات طبيعية لديه مع قدرة استثنائية على ضبط التواصل غير اللفظي (الصمت والحركة والنظرة وتعابير الوجه). يمكن تفسير ذلك أيضاً بأن القائد الفريد تعرّض خلال مساره لاختبارات عدّة سواء في حياته الشخصية أو الاجتماعية أو المهنية، لذا يعرف من واقع خبرته شعور عدم فهم الآخرين له ووضعهم العراقيل في دربه وتهميشه ثم تصنيفه في خانة الأشخاص "المختلفين".

ونتيجة لذلك فإنه يشعر بالمهمّشين ويتسامح معهم وينفتح عليهم أكثر من غيره، لأنه يعرف معاناتهم ويفهمها ويستطيع في معظم الأحيان أن يشعر بما يتعرّضون له، وبالتالي يعرف كيف يتواصل مع الآخرين ويستخدم الكلمات "المناسبة" لواقعهم العاطفي وكذلك النفسي. ونتيجة لاضطراره إلى التكيف مع مشكلة عدم فهم الآخرين له منذ صغره وقدرته على فهم مشاعر من يتعامل معهم وعواطفهم أفضلَ من أي شخص آخر (الشعور بإهانة المحيط ورفضه وعدوانيته وسخريته وعدم فهمه) فهو قادر على التعامل مع المواقف العاطفية القوية والتكيّف مع قسوة الكائن البشري وتعقيده، إذ يعرف محاسنه ومساوئه أيضاً.

وعلاوة على الاعتماد على تكوينه الشخصي (سواء كان مسار تكوينه فريداً أو مضطرباً) يحب القائد الفريد الأصالة والتفرد، ومن ثمّ فإنه لا يخشى منح زملائه حرية كبيرة في التصرف لأنه يعوّل على المبادرة الشخصية والأساليب المتمردة لتجاوز العراقيل وتعزيز الابتكار والقدرة على الإبداع. كما أنه لا يتردد في استخدام أشكال التعبير المغايرة في كثير من الأحيان، مثل السخرية من الذات والفكاهة والتهكم، ويتبنى علاقات بشرية متينة تتأسس على الثقة والعاطفة والمشاعر.

ونتيجة لذلك يستطيع القائد الفريد، الذي ليس لديه عموماً ما يخسره، أن يستفيد من قدراته على مقاومة المعايير النمطية وفرض طريقة جديدة وتدريجية لرؤية أنشطته الاقتصادية والإنسانية وإدارتها. وهكذا يمرّ نجاحه عادة بثلاث مراحل رئيسية: مرحلة البقاء (المقاومة) ثم مرحلة تحدّي الذات (النضال) للوصول في النهاية إلى رؤية جديدة لريادة الأعمال باعتبارها عامل تنمية وتقدم (مرحلة الإبداع).

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي