بماذا تصف مهنتك؟
لا أعتبر التمثيل مهنة لحد الآن على الرغم من مسيرتي الفنية الطويلة. فأنا أتعامل معها بروح الهاوي، إذ لا تزال شغفي وعشقي الأول بالحياة. أنا أشعر بوجودي وكياني عندما أقف ممثلاً أمام الكاميرا أو على خشبة المسرح، أما الوقت الذي يمرّ عليّ بعيداً عن التمثيل، فأعيش فيه حياة عادية وروتينية.
كيف تصف واقع المحترفين في مهنة التمثيل؟
واقع المحترفين بمهنة التمثيل متناقض، فالسوق لا تلبي رغباتنا دائماً: هناك أدوار كثيرة نطمح إليها، وكثيراً ما نصادف في حياتنا اليومية قصصاً ومشاهد يمكن أن تتحول إلى دراما. إنما قليلون من المنتجين قادرون على التقاطها من الشارع وتحويلها إلى دراما وفن يقدم للجمهور. لا شك في أن هناك استسهالاً كبيراً من المنتجين.
أعتقد أن الشغف الموجود عند الممثلين والمخرجين أكبر بكثير من ذلك الموجود عند المنتجين والكتاب؛ وأرى أن ثمة فجوة واضحة بينهما. بالإضافة إلى ذلك، نصوص كثيرة كتبها شباب موهوبون لا ترى النور، ولا تستطيع الوصول إلى شركات الإنتاج لتبنيها.
ما هي نقطة التحول التي صنعت نجاحك؟
أعتبر أن نقطة التحول التي صنعت نجاحي هي دخولي للمعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق. كنت أتعامل مع التمثيل على أنه هواية في طفولتي وضمن مشواري الجامعي في كلية الآداب. لكن نقطة التحول كانت عندما دخلت المعهد، فأدركت المعنى الحقيقي لفن التمثيل، واختبرته أكاديمياً خلال أربع سنوات، وأصبح هاجسي في الحياة. وبسبب هذه الدراسة توسّعت مداركي، وبعدها أصبحت قادراً على تصنيف نفسي محترفاً بهذا المجال.
ما دور الحظ في حياتك؟
الحظ بالنسبة لي هو الحالة الجماهيرية الكبيرة التي وصلت إليها، والتي بالتأكيد كان لدور "العكيد أبو شهاب" ضمن مسلسل باب الحارة الفضل الكبير فيها. فقد اختصر عليّ الدور سنوات من الجهد لأتمكن من الوصول إلى هذه الشعبية. فالعمل ككل شكّل علامة فارقة في الدراما العربية، وحقق نسب مشاهدة عالية جداً عربياً وحتى عالمياً.
ما الذي تندم عليه؟
عندما أرى أن هذه المهنة الجميلة والمهمة إنسانياً قد وصلت لأيدي أشخاص لا يعرفون قيمتها، فإنني أندم أحياناً على دخولي عالم الفن.
ما الذي يجعلك تستيقظ متحمساً للعمل؟
أستيقظ متحمساً للعمل عندما أحب الدور الذي أجسّده لأنه يعيش معي ليلاً ونهاراً، عندها أنتظر اللحظة التي ستعمل فيها الكاميرا لأدخل في الشخصية.
ما الذي يقلقك قبل أن تنام فيما يتعلق بمهنتك وحياتك؟
ما أخشاه في مهنتي هو أن أستيقظ متعباً أو بمزاج سيئ عندما أدخل في تصوير مسلسل أو فيلم ما، لأن الفنان كثيراً ما يصيبه تقلّب المزاج غير المبرر، لكنني أحاول التغلّب عليه من خلال الاسترخاء والتفكير بإيجابية ومحاولة النوم بعمق لأستيقظ في اليوم التالي مستعداً للتصوير بأعلى همة.
أما على صعيد الحياة، فأموري على ما يرام، على الرغم من مروري بصعوبات عديدة فإنني استطعت تجاوزها. من المهم أن يعيش الشخص بسلام داخلي يجعله قادراً على تجاوز الصعوبات التي تقف في وجهه.
ما الذي تعلمته مؤخراً وتتمنى لو تعلمته مبكراً؟
أدركت مؤخراً للأسف أن زملاء الوسط الفني هم فقط زملاء، ومن الصعب أن يكونوا أصدقاء في الحياة الاجتماعية، وهذه بالتأكيد ليست حالة عامة، لكن أكثر من 90% هم زملاء فقط. أنا ببداية حياتي الفنية كنت أتعامل مع العديد منهم على أنهم أصدقاء وأننا عائلة واحدة، لكنني فوجئت بتعاملات كانت لا تنتمي للصداقة ولا حتى للزمالة في بعض الأحيان. وحصلت معي مواقف عدة علمتني أن من الخطأ أن تضع ثقتك الكاملة في زملاء المهنة، وهذا قد يكون سببه حجم التنافس الكبير جداً، ما يدفع الممثل ألا يتمنى لك الخير الذي سيتمناه لنفسه.
ما النصيحة التي يمكن أن تستخلصها من تجربتك ويمكن أن تقدمها للآخرين؟
النصيحة كنت قد نقشتها على خزانتي الشخصية في المعهد العالي للفنون المسرحية، وتعرضت حينها لمساءلة من الإدارة لأنها لا تناسب توجّه المعهد والفن الذي يتبنّاه، وهي "إن الجماعات لا تؤلّف كتباً وإنما الأفراد". وأنا أنصح الجيل الجديد بأن يترك كل منهم بصمة خاصة تميزه عن الآخرين.
هل تنصح بمهنتك؟
أنصح بها وبشدة، إنما بشروط؛ وهي أن تكون هذه المهنة صحيحة وأن نحترمها ونحافظ عليها، ليس كما نشاهد الآن من أشخاص يتخذون هذه المهنة ستاراً لغايات ومآرب معينة. أما الفنان الحقيقي الذي يشعر بأن لديه الموهبة، فأنا أشجعه لأن يركّز على المضي قدماً في رسالته.
كيف تدير وقتك وما الذي تعلّمته حول هذا الموضوع؟
أعرف جيداً كيف أدير وقتي، فأنا أعطي وقتاً كبيراً لهذه المهنة من تحضير للأدوار والحضور في مواقع التصوير، وقراءة النصوص، لأنني بالطبع أقرأ الكثير من النصوص، فإما أقبل بها إن كانت تناسبني، وإما أعتذر إن لم أجد نفسي بها.
بالإضافة إلى ذلك، أعتبر نفسي فناناً متعدد المواهب. فأنا لست ممثلاً فقط ولوكان للتمثيل أولوية. فقد خصصت وقتاً من حياتي لكتابة الأعمال الدرامية كـ "أبو جانتي"، وأيضاً دخلت عالم الإنتاج من خلال شركة "ورد للإنتاج الفني"، بالإضافة إلى أنني أطرح أغاني خاصة بين الفترة والأخرى أنشرها على قناتي الرسمية على يوتيوب، فضلاً عن إنتاج أغانٍ ضمن مسلسلات أنتجتُها.
ما تبقى من وقتي أخصصه لمشاهدة الأفلام وقراءة المسرحيات والروايات، مع التأكيد أنني مررت بفترات من حياتي كنت أضيّع بها بعض الوقت، وهذا يُبرر بأن الإنسان بحاجة من وقت لآخر إلى الراحة الذهنية، وألا يفكر بشيء. سأعطيك مثالاً على هذا، أنا أحب كثيراً أن ألعب الورق (الشدّة) وخصوصاً لعبة (التريكس)، إذ أعتبرها فسحة بعد أي عمل أبذل فيه جهداً، وأشعر براحة نفسية حين ألعبها وكأنني فصلت نفسي عن العمل والتفكير به، هذا يحدث معي أيضاً عندما أجلس في الطبيعة وأتأملها. كل هذه التفاصيل تشعرني كأنني حصلت على إجازة من العمل. صحيح أنني أحب مهنتي وأستمتع بها، لكنها متعبة والفنان بحاجة لفترات راحة بين الحين والآخر.
كيف تدير عملك وفريق عملك، وما الذي تعلّمته وتتمنى تعلّمه في مجال إدارة عملك؟
على صعيد الإدارة، أنا أعتبر نفسي قيادياً ولديّ القدر الكافي من الخبرة في الإدارة، اكتسبتها من تجارب كثيرة في حياتي، أهمها العمل المبكر. كنت في السابق أهتم بإدارة عملي بنفسي، ومن وقت قريب، أصبحت أتعامل مع شركة تهتم بهذا الموضوع.
أما في مواقع التصوير، فيوجد معي فريق من المساعدين أتعامل معهم بودّ ومحبة كبيرين، لكنني لا أتهاون مع الأخطاء وأتعامل معها بجدية وحسم خاصة إذا ما تكررت. عندها، يخرج الجانب العصبي مني، والذي لا أحب أن أظهره، إنما، أحياناً، يتوجب عليك التعامل بحزم مع الأمور الحساسة في حياتك وأهمها العمل، خاصةً أن عملنا الفني شديد الحساسية.
ما هي نظرتك لفكرة التوازن بين العمل وحياتك الخاصة؟
في البداية سأحكي لك مفارقة عن فكرة التوازن في عملي ممثلاً، أنا عندما أمثّل دوراً تراجيدياً أكون خلف الكاميرا شخصاً كوميدياً وأنشر الفرح في كل من حولي لأصنع توازناً لروحي، بينما عندما أمثل دوراً كوميدياً، أتحول مباشرةً لشخص جدي بعد أي مشهد، إذ أرى أن الروح تحتاج لتوازن وهذا ما أحاول تحقيقه في تعاملي مع مهنتي.
أما بخصوص التوازن بين حياتي الشخصية ومهنتي، فأنا أستطيع التعامل جيداً مع هذا الأمر، وأفصل تماماً بين المهنة والحياة الشخصية. ولأنني أبذل جهداً كبيراً في العمل، أحاول قصارى جهدي بعد الانتهاء من العمل أن أستمتع بوقتي بأشكال عديدة، مثل السفر والخروج مع الأصدقاء. فأنا أختار أصدقاءً مرحين وإيجابيين وقادرين على أن يروّحوا عني بعد ضغط العمل. وأحاول أن أبتعد عن الأشخاص السلبيين الكثيري الشكوى، وأسعى للاستمتاع بوقتي حتى أعود إلى العمل بطاقة عالية.
هل تقرأ أو تتابع مصادر تعليمية وثقافية؟ وما هي طريقتك للحصول على المعلومات؟
أعتقد أنني أنتمي إلى جيل المثقفين الذين نشؤوا في بيئة ثقافية، ومن أولى هواياتي القراءة، وذلك يسبق دراستي الأكاديمية للتمثيل أو الأدب الإنجليزي. فوالدتي كانت عندما توقظني للذهاب إلى المدرسة تجد الكتاب جانبي، وهذا الكتاب لا يكون له علاقة بمنهاج المدرسة. فالقراءة عادة تلازمني من الصغر إلى الآن، وما يجعلني ملتزماً بها هو أنني أُحيط نفسي بأشخاص يهتمون بالثقافة، من كتّاب ومؤرخين وشعراء. فإذا أحطت نفسك بأشخاص ينتمون إلى هذه البيئة، فأنت ستحصل على الثقافة في لا وعيك.
هل لديك مقولة أو شعار تقتدي به؟
كل فترة من حياتي أتبنّى مقولة معينة، حسب الظرف الذي أكون فيه، مؤخراً تبنّيت مقولة "اتقِ شرَ من أحسنت إليه" لأنني ساعدت الكثير من الناس، وللأسف لم أرَ منهم خيراً، لكن إذا أردت أن أعطيك مقولة عامة أستطيع أن أقول: "لا يصح إلا الصحيح"؛ لأنها تعبر كثيراً عما يجري أمامنا.
هل لديك شخص في الحياة تعتبره مثلك الأعلى؟ ولماذا؟
بكل صراحة أعتبر أن مثلي الأعلى بالحياة هو نفسي، وهذا لا يعني نكراني لفضل أشخاص شكّلوا محطات مهمة بحياتي، ما أعنيه هو أن هذه الإنجازات التي حققتها والمكانة المرموقة التي وصلت لها لم تأتِ بمحض الصدفة، بل رافقها تعب وصبر واجتهاد وقوة. لا أعتبر هذا غروراً، أستطيع أن أقول عنه نرجسية. وبرأيي، يجب أن يكون الفنان نرجسياً ليترك بصمة خاصة فيه، وهذا يتماشى مع قراري منذ اللحظة الأولى التي دخلت بها الوسط الفني؛ بأن لا أشبه أحداً وأن أكون سامر المصري فقط، لي بصمتي وهويتي الخاصة، أنتقي أدواراً ذات طابع خاص بي. والأمر يشمل حتى اللقاءات التي أجريها، فأنا أجرّب دائماً أن أبتعد عن الكليشيهات والكلام الذي يقوله الجميع، وأحاول أن أقدم نفسي كما أنا فقط.
كيف تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي؟ وكيف تتأثر بها؟
هذه الوسائل أصبحت أمراً واقعاً. أذكر جيداً أنني واجهت صعوبة مع بداية ظهورها، كنت متخوفاً منها ورافضاً لها، كما كنت أستخدمها للتصفح فقط. لاحقاً، أصبحت أكثر تفاعلاً لكن من دون أن أصدّر حياتي الشخصية واليومية للجمهور. أستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مقنن وأكشف للجمهور الجزء الذي أريد أن أكشفه فقط، أعتقد هذا هو الفرق بين الفنان والمؤثر؛ فالمؤثر ينقل تفاصيل حياته اليومية على وسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق المشاهدات والكسب المادي.
كيف تتخذ قراراتك؟
أتخذ قراراتي بنفسي من دون تردد، لأنني أعرف جيداً ما أريد. هذا لا يعني أنّي عجول باتخاذ القرارات، فأنا أتأنّى قدر الإمكان ولا أتفرّد برأيي، بل أستأنس بنظرة من حولي في العمل إن كانوا شركاء أم موظفين.
حدثنا عن معلومة عنك لا يعرفها معظم الناس ولن يجدوها في سيرتك الذاتية؟
من الجوانب التي أعتقد أن معظم الناس لا يعرفونها عني هو أنني أمد يد العون لكل من يلجأ إلي لطلب مساعدة ما، حتى لو قابلني في الشارع، بمجرد أن أسمع طلبه وأتيقّن أن لدي القدرة على المساعدة، أساعد على الفور دون تردد؛ لأنني أدرك أن هناك أشخاصاً لم تتح لهم الظروف لتحقيق أحلامهم، وقد فعلت ذلك مراراً مع كثيرين، فأنا أنتمي للناس وخرجت منهم.
ما هي علاقتك مع المال، وكيف تتعامل مع الاستثمار والادخار في دخلك المادي؟ هل تستثمر؟ هل لديك أي عمل آخر؟
إلى جانب أنني فنان، أنا ربّ أسرة وعلي أن أحافظ على مستوى معيشة عائلتي؛ وبالتالي، أنا موجود في مجال الاستثمار منذ أكثر من 20 عاماً، أملك الآن أكثر من شركة بعضها في العقارات، وبعضها الآخر متنوع ويشمل الإعلانات والتسويق وتكنولوجيا المعلومات. إضافة إلى أنني شريك في شركات أخرى مع مجموعات اقتصادية مختلفة. على العموم، أنا أستمتع بعالم الأعمال وأحاول أن أستغل الفرص التي تكون متاحة حولي.
هل تختلف قرارات الأعمال عن قرارات التمثيل؟
بالتأكيد تختلف، فقرارات التمثيل والمشاركة بالأعمال الفنية تغلب عليها العاطفة إلى حد كبير؛ مدى حبك للشخصية، وإلى أي درجة هي قريبة منك، وهل تتماشى مع الصورة الذهنية التي ترسمها عند الجمهور عن نفسك؟ فضلاً عن مدى قوة النص المكتوب، ومستوى الشركة المنتجة، وأهمية المخرج، وغير ذلك. هذه المعايير جميعها تدخل في قرارتي وخياراتي الفنية. أما في الأعمال، فالأمر يختلف، إذ لا مكان للعاطفة، فآتي بورقة وقلم وأحسب مجالات الربح والخسارة. وهذا المفهوم غير موجود بعالم التمثيل، فنحن كثيراً ما نجسّد أدواراً ممتعة بالنسبة لنا حتى لو لم تلقَ النجاح المطلوب. فالنتائج بالفن غير محسوبة ومضمونة دائماً. أما في عالم الأعمال، فلا بد من حساب أدق التفاصيل، من كيفية الوصول إلى الربح، وتخفيف المخاطر والخسائر إلى أقصى درجة ممكنة. والقرار هنا قائم على معطيات عملية وواقعية بين يديك من سعر المنتج ومجالات الربح من خلاله، وإمكانية توفر العملاء، إلى ما هنالك من المعطيات.