قد يكون التعارف أبعد من الخيال بحكم الظروف التي تفرضها قيود التباعد الاجتماعي على مساحات شاسعة من الكرة الأرضية، ولكن العجز عن التواصل بصورة شخصية لا يعني بالضرورة حتمية ضعف علاقاتك المهنية، فماذا عن الفعاليات الافتراضية تحديداً؟
كنا قد دأبنا على استضافة حفلات عشاء التعارف في نيويورك التي لم تعد خياراً متاحاً في الوقت الحالي، ومن ثم ركزنا عوضاً عنها على تنظيم الفعاليات الافتراضية لبناء العلاقات، ونتناول فيما يلي بعض أفضل الممارسات التي نجحت في الحفاظ على قنوات التواصل مفتوحة حتى في ظل ظروف التباعد الاجتماعي.
قبل الفعاليات الافتراضية
وجِّه الدعوة إلى الأشخاص المناسبين بالعدد المناسب
دائماً ما ننصح في العالم الافتراضي بالاكتفاء بثمانية ضيوف (بمن فيهم أنت) لضمان حصول كافة المشاركين على الوقت الكافي للتحدث والتفاعل، ولك مطلق الحرية في توجيه الدعوة إلى كل من الأصدقاء المقربين والمعارف الذين تود توطيد علاقتك بهم، ولكن تذكّر ضرورة التأكد من وجود مزيج مناسب من الأشخاص الذين لا يعرفون بعضهم بعضاً، حتى لا يشعر أحدهم أنه "رجل غريب" أضيف بصورة عشوائية إلى قائمة المدعوين إلى حفل لم شمل الأصدقاء القدامى، علاوة على ذلك، تتمثل إحدى مزايا الفعاليات الافتراضية في إمكانية حضور أشخاص من جميع أنحاء العالم، وهو أمر غير ممكن بالطبع في التجمعات التقليدية.
وفيما يخص التوقيت، فعادة ما نخصّص 90 دقيقة لكل جلسة. قد تبدو هذه المدة طويلة في اجتماعات العمل الافتراضية، ولكنها تعتبر في الوقت ذاته مدة مريحة لأنها تسمح للجميع بالتحدث دون الشعور بالاستعجال والخروج بنتائج مفيدة من المحادثات، حيث يستطيع الحضور مشاركة قصص شخصية تتراوح بين نوادر الطفولة والتحديات التي تصادفهم في العمل، وبذلك عادة ما يكون الحضور متفاعلين للغاية مع مختلف الأطراف المشاركة في التجمع.
تُقام هذه التجمعات ابتداء من الساعة 6:00 - 7:30 مساء، ولكن لا بأس من اختيار أوقات أخرى، ولا بد من مراعاة فروق التوقيت بين مختلف المناطق الزمنية، ولكننا نجحنا في دعوة أشخاص من جميع أنحاء العالم، حتى أننا تشاركنا مشروبات الإفطار مع شخص في أستراليا، وقد اكتشفنا أن تناول الطعام في أثناء مكالمات الفيديو أمر صعب وفوضوي في كثير من الأحيان، لذلك نطلق على فعالياتنا "حفلات كوكتيل افتراضية".
حاول تسهيل الخدمات اللوجستية قدر الإمكان على الحضور
فبمجرد موافقة أحدهم على الحضور، أرسل إليه دعوة بالانضمام إلى روزنامة التجمع مرفقاً بها رابط تطبيق الفيديو المستخدم، ويمكن الاستعانة بأي من تطبيقات الفيديو، مثل "زووم" (Zoom) أو "جوجل هانج آوتس" (Google Hangouts) أو "مايكروسوفت تيمز" (Microsoft Teams)، المهم هو أن يكون الحضور سهلاً على الأشخاص حتى لو لم يستخدموا هذه الخدمة بانتظام. تأكد من تنبيههم إذا كانوا بحاجة إلى تنزيل البرنامج مسبقاً أو إذا كانت الفعالية تتطلب كلمة مرور.
أرسل رسالة بالبريد الإلكتروني قبل أيام قليلة من المكالمة لتعريف ضيوفك بعضهم على البعض
مع مراعاة ذكر أسماء المشاركين، ووصف الفعالية في جملة واحدة، وإرفاق رابط لملفاتهم الشخصية على موقع "لينكد إن"، من المفيد أيضاً للحضور وخاصة الانطوائيين منهم أن يتعرفوا على شخصيات المدعوين، كما أن هذا يضفي طابعاً إنسانياً على المشاركين، يجب عليك أيضاً مشاركة الإرشادات حول الخطوات المتوقعة، يمكنك استخدام البريد الإلكتروني لقول شيء على غرار: "نتطلع إلى رؤيتك في حفل الكوكتيل الافتراضي، سيبدأ الحفل في تمام الساعة 6 مساء، لذا يرجى الانضمام في الوقت المحدد. سنقضي حوالي 60-90 دقيقة معاً في التعارف والمحادثات المنظمة. ستنضم إلينا نخبة من المدعوين الواردة أسماؤهم أدناه. أحضر مشروبك الخاص!"
خلال الفعاليات الافتراضية
ساعد الحضور على الشعور بالراحة
وجّه إليهم عبارات التحية فور دخولهم وقدم إرشادات حول الخطوات المتوقعة، تماماً كما تفعل في حفلات الكوكتيل التقليدية. ولضمان سلاسة دخول المشاركين، تأكد من انضمامك إلى الفيديو و"بدء" الجلسة قبل موعدها المقرر بدقيقتين تقريباً حتى تتيح للجميع فرصة دخول الجلسة فور وصولهم، وبعد حوالي خمس دقائق من وقت البدء (لإتاحة الوقت أمام المدعوين للانضمام)، ابدأ بتقديمهم. وبادر بالتحقق ما إذا كان أي من المدعوين مضطراً إلى المغادرة في مبكر حتى يتمكن من تقديم نفسه أولاً، وبذلك فلن يجد حرجاً عند تسجيل الخروج قبل الموعد المقرر لنهاية التجمع.
اطلب من كل شخص تقديم نفسه في دقيقتين بمزيج من المعلومات المهنية والشخصية، كالهوايات المفضلة مثلاً، وقدّم للمدعوين مثلاً أعلى في هذا الشأن حتى يتعرفوا على المدة والنبرة المناسبتين، يمكنك عندئذ بصفتك المضيف اختيار شخص ومطالبته بأخذ دوره بدلاً من انتظار متطوع، فهذا يجعل الكرة تتدحرج ويوفر شعوراً فورياً بالراحة للحاضرين الذين قد يتساءلون حول كيفية سير الأمور.
بعد التعارف الأولي، اطلب من كل مشارك الإجابة عن سؤال محدد
تتمثل مهمتك الأساسية بصفتك المضيف في تنظيم المحادثة بحيث لا يسيطر عليها ضيف ثرثار أو تقع في فخ الحديث عن السياسة أو الأحداث الجارية.
وتشمل الأسئلة الرائعة:
ما هي الطريقة المثيرة أو المثمرة التي تستغل بها وقتك حالياً؟
أخبرنا عن فترة أبديت فيها القدرة على الصمود.
كيف استطعت التأقلم مع أوضاع العمل والتعايش في أثناء التباعد الاجتماعي؟
ما أكثر ما تستمتع به في عملك الآن، ولماذا؟
ما الشيء غير المتوقع الذي تعلمته أو فعلته في الشهر الماضي أو العام الماضي؟
أي سؤال مفتوح يساعد الحاضرين على مشاركة القليل عن أنفسهم سيفيد في هذا الصدد، قد يكون لدى المدعوين بعض التعليقات هنا وهناك حول الأسئلة، ما يساعد على بناء العلاقات كتلك التي تشهدها حفلات الكوكتيل التقليدية، ولكن تأكد من مقاطعة المحادثة عند الضرورة لإعادتها إلى السؤال الرئيسي حتى يتمكن الجميع من الإجابة. يجدر بك إعطاء الجميع دورهم في المشاركة.
وإذا تبقى بعض الوقت، فلا مانع من ترك مسار الحديث يتدفق على سجيته، أو يمكنك طرح سؤال إضافي (أو سؤال المدعوين عما إذا كان لدى أي منهم سؤال يريد طرحه على المجموعة)، ولا يمكن اعتبار هذه التجمعات بيئة مواتية للتفاعلات الفردية في العادة على عكس حفلات الكوكتيل التقليدية، لكننا نحرص على صغر عدد تجمعاتنا لضمان مشاركة الجميع في المحادثة الجماعية الفاعلة.
وأياً كانت جودة التجمع فمن الجيد التفكير في إنهائه بعد 90 دقيقة لأنه من السهل أن يسأم المرء اجتماعات الفيديو على وجه العموم مقارنة بالتجمعات التقليدية، وإذا كان الجميع يقضون وقتاً ممتعاً، فيمكنك المغادرة بشكل لائق، ويمكنك أنت أو شخص آخر دائماً لم شمل المجموعة مرة أخرى.
بعد بدء التجمع، أرسل رسالة بالبريد الإلكتروني للمتابعة السريعة مع إرسال نسخة لكافة المدعوين تشكرهم فيها على الحضور وتشجعهم على التواصل مع بعضهم إن أرادوا.
حتى إذا عجزت عن عقد لقاءات تقليدية، فهذا لا يعني توقف الأعمال أو الحاجة إلى بناء العلاقات. في الواقع تزداد أهمية التحلي بالروح الاستباقية في جهود التعارف في غياب التفاعلات الطبيعية التي تلائم بيئة العمل والفعاليات التقليدية. ومن خلال استضافة الفعاليات الافتراضية لبناء العلاقات، ستتمكن من تحسين شبكة علاقاتك بالإضافة إلى سمعتك كوسيط، على الرغم من الانفصال المادي.
اقرأ أيضاً: