خلقت السوق الرقمية ضرورة عمل حتمية وهي أن تكون كل شركة - بطريقة ما- شركة تكنولوجية. وهذا يعني أن تُجرد أقسام تكنولوجيا المعلومات من دورها التقليدي، دور "حارس البوابة" الذي يقوم بحماية البنية التحتية الأساسية للتكنولوجيا من أجل التعاون عبر المؤسسة بهدف دفع نتائج العمل. فكيف يمكن سد الفجوة بين التسويق وتكنولوجيا المعلومات؟
إن معظم أقسام الشركة، مثل الموارد البشرية والمبيعات، بدأت بالتقارب أكثر في عملها مع قسم تكنولوجيا المعلومات، نجد أن الاهتمام ينصب أكثر على العلاقة بين قسمي التسويق وتكنولوجيا المعلومات لأننا لمسنا عن كثب مدى دعم التكنولوجيا للتسويق على نحو متزايد. حتى جوانب التسويق التي كان لا يُعتقد أنها تعتمد على التكنولوجيا، مثل تسويق الأحداث والحملات عبر البريد، أصبحت الآن تعتمد عليها.
توكل حالياً إلى المسؤولين التنفيذيين في أقسام التسويق مهمة استغلال التكنولوجيا لتحسين تجربة العملاء واستمالة عملاء جدد وضمان وفائهم لخدماتها. ولذلك، أصبحوا يعتمدون أكثر على تكنولوجيا المعلومات في الفعاليات التسويقية القائمة على مواقع الويب أو البيانات، مثل الاستهداف السلوكي والتتبع الجغرافي. وجد "مجلس مدراء التسويق" (CMO Council) أن أكثر من ثلث مدراء التسويق يعتقدون أنهم سيخصصون 75% أو أكثر من نفقاتهم للتسويق الرقمي خلال السنوات الخمس المقبلة. وهذا يعني كل شيء من إعلانات محرك البحث وتحسين موقع الويب إلى إنشاء تطبيقات وأدوات مرتبطة بالجهاز المتنقل، وذلك لإضفاء طابع شخصي على تجارب موقع الويب - وهي مشروعات تتطلب خبرة تقنية أكبر.
من وجهة نظر تكنولوجيا المعلومات، توصل مؤشر التكنولوجيا الذكية الخاص بشركتنا، وهو استطلاع شمل 403 من كبار المتخصصين في تكنولوجيا المعلومات، إلى أن 61% يعتقدون أن استخراج البيانات الضخمة من أجل التحليل الذكي للأعمال كان له بالفعل تأثير على الأعمال التجارية، يليه إنترنت الأشياء بنسبة (48%)، ثم توسيع قاعدة الجمهور الرقمي (41%)، وأخيراً، تحديد الموقع الجغرافي والتتبع الجغرافي للمستهلكين (39%). وتعتقد الغالبية العظمى ممن أجابوا عن الاستطلاع أن هذه العوامل سيكون لها الأثر الأكبر مع مرور الوقت.
كيفية ردم الفجوة بين التسويق وتكنولوجيا المعلومات
غالباً لا يتكلم المسؤولون التنفيذيون في مجالي التسويق وتكنولوجيا المعلومات اللغة نفسها أو يتفهمون أهداف بعضهم أو خارطة الطريق الخاصة بالآخر. تتمثل إحدى الفجوات الشائعة بينهما في أن الفريق الأول يركز على تبنّي آخر صيحات التكنولوجيا، في حين ينصب اهتمام الثاني على قضايا الحوكمة والأمن وهيكلية المؤسسة. ومع ذلك، نعتقد استناداً إلى خبرتنا في الأدوار السابقة التي يؤديها كل من التسويق وتكنولوجيا المعلومات أنه يمكن سد هذه الفجوة. يمكن أن تساعد بعض الممارسات الجيدة في بناء شراكة أفضل بين التسويق وتكنولوجيا المعلومات بحيث يتمكن كلا الفريقين من تحقيق أهدافه، ويضاعف كل منهما من استثمارات الشركة، ويضمن عمل التقنيات الجديدة.
اعمل على المواءمة بين الرؤيتين
في كثير من الأحيان يحدد قسم التسويق رؤيته لمبادرة جديدة ومن ثم يستجرّ قسم تكنولوجيا المعلومات لوضع المنتج النهائي. قد يؤدي هذا إلى العديد من المشاكل، إذ لا يملك فريق التسويق بالضرورة الخبرة التقنية اللازمة لمعرفة ما إذا كان المشروع الذي يحاولون تحقيقه ممكناً أو كيف يمكن تنفيذه. أفضل الطرق لتجنب مشكلات من هذا النوع هو العمل على الخطة المبدئية معاً لضمان أن كلا الجانبين متوائمان منذ البداية.
وهذا ما دعانا للبدء بوضع خرائط طريق مشتركة للمشاريع. إذا كان فريق التسويق يطور استراتيجية من أجل تعزيز احتياجات العملاء، فإن فريق تكنولوجيا المعلومات سيساعد في تحديد أولويات تلك الاحتياجات بناء على متطلبات البنية التحتية. مثلاً، في الوقت الذي قد نرغب فيه بالحصول على ميزة معينة من العملاء من الجانب التسويقي، يساعدنا فريق تكنولوجيا المعلومات في فهم أن هناك 5 خطوات ضرورية للوصول إلى تلك الميزة، ما يضمن لنا أننا نحدد أولويات عملنا بأكثر الطرق فعالية.
بالغ بالتواصل
يجب تكليف الفريقين بالتواصل مراراً وتكراراً وأن يتم التواصل بإشراف القيادة العليا. فمثلاً، ينبغي على القادة الكبار من قسمي تكنولوجيا المعلومات والتسويق التواصل أسبوعياً ومناقشة أهم المشاريع التي يعملون عليها حول سوية. نقوم بذلك لمراقبة سير الأمور ومناقشة الصعوبات والعوائق واتخاذ القرارات.
كما أن ذلك يساعد في التخطيط طويل الأمد. لقد اكتشفنا أن فرقنا ستعمل على عدة مشاريع وأنها ستتنافس على الموارد المشتركة وحصة الميزانية المخصصة للعام 2016. سيكون ابتكار موقع إلكتروني وغيره من المشاريع التسويقية الرقمية التي تحتاج إلى دعم فريق تكنولوجيا المعلومات لإتمامها، على رأس أولويات فريق التسويق. ومع ذلك، فقد كان يتم استغلال فريق تكنولوجيا المعلومات لإنجاز مهمة كبرى على مستوى المؤسسة من أجل دمج أنظمتنا وعملياتنا في المملكة المتحدة مع نظيراتها في أوروبا ضمن نظام عالمي واحد. ومن أجل ضمان تحقيق كلا الهدفين المهمين للمؤسسة، خلصنا إلى اتباع نهج يقضي بتخصيص بعض موارد تكنولوجيا المعلومات حصرياً لإنجاز أولويات قسم التسويق، في حين يتفرغ الباقي لإكمال مشروع الدمج العالمي وغيره من المسؤوليات.
كن متعاطفاً مع الطرف الآخر
يجب على كلا الطرفين التعرف على الاختلافات لدى الطرف الآخر. من المهم جداً بالنسبة لقادة تكنولوجيا المعلومات أن يضعوا أنفسهم مكان العميل - أي التسويق - وأن يتأكدوا من فهمهم للمهام الموكلة لمسؤولي التسويق لتنفيذها، وكيف يمكن لخبرتهم الفنية أن تساعد في توجيه المهمة. وبالمقابل، على مسؤولي التسويق أن يدركوا حقيقة انشغال قادة تكنولوجيا المعلومات بالاستجابة لمتطلبات العمل في كامل المؤسسة، وأن هاجسهم يكمن في الحفاظ على أمن البيانات وحماية البنية التحتية الأساسية وأنه لا يزال هناك حدود لما يمكنهم القيام به.
أحد أكثر التفاعلات الشائعة بين هاتين المجموعتين هو عندما يرغب فريق التسويق استخدام تقنية جديدة وينبغي عليه العمل مع فريق تكنولوجيا المعلومات للقيام بذلك. إن التفكير بالأسئلة التي يجب على كل طرف طرحها على الآخر، ومن ثم العمل سوياً للإجابة عنها، يمكن أن يجعل العملية أكثر تيسيراً.
من جانب تكنولوجيا المعلومات:
- هل التكنولوجيا متوفرة فعلياً لمساعدة التسويق على تحقيق رؤيته؟
- كيف ستتناسب مع هيكلنا الحالي؟ هل ستعطل أي شيء؟ هل تؤثر على أمن المعلومات لدينا؟
- هل تتوافر لدينا مجموعة المهارات وسعة الموارد اللازمة لتحقيقه والحفاظ عليه؟
- كم ستكون التكلفة؟
من جانب التسويق:
- بناء على تجربة عملائنا بشكل عام، كيف ستكون توقعاتهم حول الخبرة الرقمية لشركتنا؟
- لماذا يرفض قسم تكنولوجيا المعلومات طرحنا، وهل من سبيل آخر يجعله يوافق؟
- كيف يمكن لقسم تكنولوجيا المعلومات أن يساعدنا في إنجاز الأمر والمضي سريعاً؟
- هل يمكن أن يساعدنا فريق تكنولوجيا المعلومات على دمج أدوات مختلفة لتقديم تجربة أكثر سلاسة؟
- كيف يمكننا ألا نكتفي بمواكبة الأمر، بل أن نتقدم لنبتكر ونقود؟
جماعياً:
- ما الفائدة من التكلفة للمؤسسة، وما مدى سرعة إظهار العائد على الاستثمار؟
- أين يستحق الأمر خوض مخاطرة محسوبة؟
- و.. أين لا يمكن لذلك أن يحصل؟
ستكون هنالك دائماً تحديات عندما يجتمع أشخاص مختلفون داخل المؤسسة لصياغة مسارات جديدة من أجل سد الفجوة بين التسويق وتكنولوجيا المعلومات. من منظورنا الخاص، نجد أن أقسام التسويق وتكنولوجيا المعلومات ستصبح أكثر اندماجاً. وقد اتخذنا خطوات لجعل هذا الانتقال أيسر وأسهل. على سبيل المثال، يجتمع فريقا التسويق وتكنولوجيا المعلومات على الأقل مرتين سنوياً وجهاً لوجه بهدف التواصل والتخطيط، وكذلك للمشاركة في بعض الفعاليات الاجتماعية من أجل الاستمرار في بناء العلاقات بينهما. وسنستمر في اكتشاف المزيد من أفضل الممارسات بالمضي قدماً.