على الرغم من احتياجنا جميعاً إلى الإجازات، فإن اليوم أو الأسبوع الذي يلي العودة من الإجازة يتركنا غالباً في حيرة من أمرنا متسائلين عمّا إذا كانت متعة الإجازة تستحق ألم العودة إلى العمل بعد الإجازة؛ إذ نجد في انتظارنا كماً مهولاً من الرسائل المتراكمة في بريدنا الإلكتروني ونعاني آلام إعادة التكيف مع بيئة العمل والتأفُّف من العودة إلى الزي الرسمي للعمل بعد أسبوعين كاملين من التنزُّه والمرح كيفما شئنا بين أحضان الطبيعة (على افتراض أننا نستغل إجازاتنا على الوجه الأكمل)، ما قد يدفعنا إلى الشعور بأننا بحاجة إلى إجازة أخرى للتعافي من آلام العودة إلى روتين العمل، لكن بإمكانك استخدام مجموعة بسيطة من الأدوات الرقمية والممارسات لكي تسهّل على نفسك العودة إلى العمل دون منغصّات، لا سيّما إذا كنت قد اتخذت الاستعدادات المناسبة قبل إجازتك.
قبل الإجازة
رتّب أولويات المهام الموكلة إليك واكتب بها قائمة متسلسلة
استغل الأسبوع الذي يسبق إجازتك السنوية أو نصف السنوية لغربلة قائمة مهامك؛ فهذا هو الوقت المناسب لاستبعاد كل تلك المهام الغامضة أو المهملة لفترات طويلة من قائمة مهامك الرئيسية ونقلها إلى قائمة "يوماً ما، أو ربما، أو لن أنفذها أبداً".
احرص على إعداد قائمة قصيرة بالأولويات التي يتعين عليك معالجتها أو تريد معالجتها فعلياً في الأسبوع أو الأسبوعين التاليين للإجازة، وذيّل هذه القائمة بالمكان الذي ستبدأ فيه أداء كل واحدة منها. (أحب أن أضع هذه القائمة في دفتر ملاحظات رقميّ مثل إيفرنوت (Evernote)، ولكن يمكنك وضعها على جوجل درايف أو حتى مستند وورد).
اضبط المنبّه على تاريخ ووقت محددين يذكرانك بمواعيد المهمة التي يجب معالجتها في الأسبوع الأول، في حالة كان الأمر يستغرق يوماً أو يومين حتى تشعر بالدافع لإلقاء نظرة على قائمة مهامك.
إلى جانب قائمة أولوياتك الرئيسية، احرص على إعداد قائمة منفصلة بالمهام الممتعة أو السهلة التي يمكنك أداؤها في الأسبوع الأول، بحيث يتوافر لديك بعض الأشياء الممتعة التي يمكنك إنهاؤها في أثناء انتظار إتمام الاستعدادات الذهنية للعودة إلى العمل مجدداً.
توقّف عند نقطة يسهل البدء منها
ثمة حكمة شائعة في مجال الكتابة تقول: "توقّف عند نقطة يسهل البدء منها"، وهو ما يعني إنهاء كتاباتك اليومية بترك ملاحظة لنفسك حول النقطة التي تنوي البدء من عندها في اليوم التالي. فمن السهل في واقع الأمر أن تنتقل إلى الخطوة التالية في مشروع قيد التنفيذ بالفعل مقارنةً بصعوبة البدء من نقطة الصفر؛ لذا احرص على "إيقاف" مشروعين على الأقل عند نقطة يسهل البدء منها عن طريق كتابة ملاحظة لنفسك حول النقطة التي تخطط البدء من عندها مجدداً لدى عودتك.
إذا كنت تريد تحديد أي المشاريع ستنتهي منها قبل الإجازة وأيها ستتركها لاستكمالها عند عودتك، فاترك التحديات الأكثر إمتاعاً أو إثارة للاهتمام غير مكتملة، وبهذه الطريقة سيكون لديك شيء ممتع تتعامل معه عند عودتك. اصنع مجلداً من رسائل البريد الإلكتروني أو دفتر ملاحظات يضم مهام المشروع عبر برنامج إيفرنوت حتى تتمكن من البدء بأكبر قدر ممكن من السهولة.
أخّر مواعيد عودتك إلى التفاعل مع زملاء العمل
امنح نفسك هامشاً صغيراً من حرية الحركة للعودة إلى فيض التواصل عبر الإنترنت من خلال تحديد مواعيد العودة إلى التفاعل مع زملاء العمل في رسائل ما قبل الإجازة. عندما تعد رسالة إشعار الإجازة عبر البريد الإلكتروني، أخبر الآخرين بأنك ستعاود تصفُّح البريد الإلكتروني بعد يومين من عودتك من الإجازة؛ تجدر الإشارة هنا إلى أنني أخبر الآخرين دائماً في رسالة إشعار الإجازة التي أكتبها بأنني سأحاول إنهاء الأعمال المتراكمة، لكنني لا أضمن إنهاءها في المواعيد المحدَّدة؛ لذا يجب عليهم إرسال بريد إلكتروني مجدداً بعد التاريخ X إذا كانوا بحاجة إلى رد.
احرص أيضاً على منح نفسك مساحة صغيرة للمناورة لدى العودة إلى أي شبكات اجتماعية تشارك فيها بانتظام؛ وسواء كنت تحدّد مواعيد تحديثات وسائل التواصل الاجتماعي مسبقاً خلال إجازتك (باستخدام أداة مثل هوتسويت (HootSuite) أو بافر (Buffer))، أو ببساطة تخبر الآخرين بأنك ستغلق قنوات التواصل في أثناء إجازتك، فامنح نفسك 3 إلى 7 أيام إضافية قبل وضع أي خطط لاستئناف النشر المعتاد على شبكات التواصل الاجتماعي.
خطّط للأسبوع الأول من عودتك
خصّص أجزاء كبيرة من الوقت في جدول مواعيدك للأسبوع الذي يلي عودتك، حتى لا تعود إلى العمل فتجد في انتظارك أسبوعاً يحفل بالاجتماعات المتتالية. من المهم أيضاً أن تحرص على تحديد موعد لتناول الغداء أو احتساء القهوة مع الأشخاص الذين تستمتع حقاً برؤيتهم، بحيث يكون لديك شيء تتطلع إليه.
عندما تعود من الإجازة
ابق في وضع التخفي
اترك خاصية الرد الآلي على بريدك الإلكتروني قيد التشغيل لمدة يوم أو يومين إضافيين، حتى لا يتوقع زملاؤك وعملاؤك الرد الفوري. وعلى المنوال نفسه، ابتعد عن شبكة الدردشة الداخلية بمقر العمل وتجنَّب شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى الداخلية والخارجية (مثل سلاك ويامر وإكس "تويتر سابقاً" ولينكد إن) أو اجعل مشاركتك في الدردشات مقصورة على نافذة واحدة أو اثنتين يومياً، ولمُدد قصيرة. اترك سكايب وأنظمة الدردشة الأخرى في وضع "عدم الإزعاج"، وأوقف تشغيل الرنين على هاتفك. الاستثناء الوحيد: فكر في اختيار قناة واحدة (مثل جوجل تشات
أو فيسبوك مسنجر) تستخدمها لإعادة الاتصال بأفراد الأسرة والأصدقاء وربما التواصل مع واحد أو اثنين من زملائك المفضلين.
اجعل العمل مفعماً بالمرح
حقِّق أقصى استفادة ممكنة من أسبوعك الأول من خلال تنفيذ المهام المهمَلة التي تستمتع بها للغاية. أنا مهووس بالإنتاجية، لذا (وياللمفاجأة!) فإن فكرتي عن المرح هي تنظيف إعداداتي التكنولوجية وإضافة أدوات الإنتاجية إلى مجموعة أدواتي أو تحسينها. (يتمتع متجر تطبيقات آبل دائماً بزيادة طفيفة في الإيرادات في الأسبوع الذي أعود فيه من الإجازة!)
استخدم التكنولوجيا لإلهاء نفسك
أعلم أن الإلهاء الرقمي سلوك غير صحي، ولكن هذه هي المرة التي يمكن أن ينجح فيها الأمر معك، من خلال إبعاد ذهنك عن معاناة العودة إلى العمل. عندما تعمل بمفردك في مكتبك، استخدم قائمة تشغيل جديدة على تطبيق سبوتيفاي للترفيه عن نفسك في أثناء متابعة المهام الروتينية. عندما تذهب إلى اجتماع (خاصة الاجتماعات التي تخشاها) اترك هاتفك مفتوحاً، واسمح لنفسك برفاهية إلقاء نظرة خاطفة من حين لآخر على تطبيق إكس أو فليب بورد (Flipboard) أو أي شيء آخر يمنعك من الوقوف والانسحاب على غرار دون درابر.
وإذا وجدت نفسك يائساً إلى الدرجة التي تدعوك إلى التفكير في الاستقالة، فحدد تاريخاً في جدول مواعيدك بعد 3 إلى 6 أسابيع من الآن مع تنبيه محدد بوقت تقول فيه: "فكر في الاستقالة من الوظيفة"، ثم أخرجه من ذهنك حتى ينبثق التنبيه. وستجد نفسك على الأرجح قد اندمجت في أجواء العمل واعتدت روتينه مجدداً حينما يحل هذا الموعد، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فربما كان جديراً بك أن تبدأ التفكير في وضع خطة جادة للاستقالة وترك العمل.
حتى إذا كنت تعاني بعض آثار الإجازة، فتذكر أن هذا ليس أمراً سيئاً بالضرورة: فمن المرجح أن تكون تلك علامة على أنك أبليت بلاء حسناً في الانفصال عن أجواء العمل أكثر منها علامة على عودتك إلى الوظيفة الخطأ. استخدم إعداداتك التكنولوجية لتقليل معاناة العودة إلى العمل، وستزيد من التأثيرات المنعشة للإجازة نفسها.