كيف تتدبر أمور العمل عندما يكون طفلك مريضاً؟

5 دقائق

عندما يقول طفلك أنه ليس بخير، وترى علامات المرض بادية على وجهه الشاحب ونظراته المرهقة، سواء كان سبب ذلك نزلة برد أو مغص أو رض، فذلك يعني أنك ستقضي الأربع وعشرين ساعة المقبلة وربما أكثر ساهراً على راحة طلفك إلى أن يتعافى، متمنياً لو كان هناك علاجاً سحرياً يخلصه من تعبه هذا. إلى جانب ذلك، ستسعى في هذا الوقت بصورة جنونية وارتجالية لإيجاد طريقة لتؤدي مهامك في العمل أثناء العناية بطفلك في المنزل، لكن ذلك لن يكون سهلاً أبداً.

يواجه الموظفون من الآباء والأمهات صعوبات هائلة، مادية ومعنوية، تزداد كثيراً مع معاناة أطفالهم من المرض. فكيف يمكنك أن تشرح لمديرك أنك لن تتمكن من الحضور إلى اجتماع المبيعات الهام؟ كيف ستتمكن من ضمان أنّ الجليسة التي استطعت إيجادها في اللحظة الأخيرة ستُعطي طفليك المريضين الجرعات المناسبة من خافض الحرارة؟ وكيف ستتمكن من إنهاء عرض الزبون إذا كنت تمضي وقت الصبيحة كله في عيادة طبيب الأطفال؟

على الرغم من صعوبة السيطرة على هذا الأمر، إلا أنه باتباع بعض الاستراتيجيات للاتفاق مع زملائك وإدارة ترتيبات عنايتك بأطفالك وإدارة نفسك أيضاً. ستتمكن من تجاوز الصعوبات العاطفية والجسدية والمهنية التي يعاني منها أي أب وأم عاملين في هذه الظروف الطارئة.

اعترف أن المرض أمر طبيعي وتوقعه

بما أن المتطلبات اليومية لحياة الموظفين من الآباء والأمهات كثيرة. فمن الطبيعي أن يرغبوا بتجنب التفكير بالأوقات الصعبة. لكن الاعتراف بأنهم، وأطفالهم، بشر ويتعرضون للمرض هو الخطوة الأساسية الأولى لتجنب الوقوع في أزمة ولتهدئة التوتر. وبحسب المعهد الوطني للصحة فإنّ الأطفال الصغار يصابون بنزلات البرد والأمراض الناتجة عن الفيروسات بشكل روتيني بما يتراوح بين 8 إلى 10 مرات سنوياً أو ما يعادل مرة واحدة شهرياً. لذلك تقبل الواقع وتوقع كم مرة سيتوجب عليك التعامل مع مرض طفلك. سواء بالاتصال بجدته لتحضر وتعتني به، أو جليسة الأطفال الاحتياطية، أو بتبادل الأدوار مع زوجتك (أو زوجك) للبقاء في المنزل، أو القيام بالعمل من المنزل، أو حتى إلغاء رحلات المبيعات الشهرية. فكلما كانت الخطة التي تضعها مفصلة أكثر وتنفيذها ميسر تُصبح الأوقات التي يتعرض فيها طفلك للمرض أقل صعوبة.

التواصل المسبق

أخبر مديرك وأهم زملائك عما خططت له في حال مرض طفلك. ونبهّم بصورة مباشرة إلى المرونة التي تحتاجها في هذه الحالات مع التأكيد على التزامك بالعمل. يمكن أن تقول مثلاً: "يذهب ابني عادة إلى الروضة من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الخامسة مساء. إذا مرض واحتاج للبقاء في المنزل ستبقى جدته معه حتى الثالثة، وسأضطر بعد ذلك أن أكون في المنزل وإنهاء عملي من هناك لبقية الفترة المسائية. أتمنى ألا تترددوا بالاتصال بي إذا كان هناك أمر مستعجل أثناء وجودي خارج المكتب".

تحكّم بما يمكنك السيطرة عليه

قلل مهام اللحظة الأخيرة والأمور اللوجستية المربكة عن طريق تأمين خطتك الاحتياطية. فإذا كنت تخطط للعمل من المنزل عليك التأكد من أن نظام دخولك إلى موقع العمل على الإنترنت يسمح لك بفتح الوثائق وطباعتها أيضاً. أما إذا كان عليك إيصال طفلك المريض إلى أحد الأقارب تأكد من وجود الدواء اللازم عنده، وأن يعرف الوقت والجرعة المناسبين له. ومن أجل ذلك، احتفظ بحقيبة صغيرة قرب باب منزلك تكون مخصصة لاصطحابها مع طفلك المريض ومزودة بالأدوية الأساسية الضرورية والألبسة المريحة له وبعض الأطعمة الصحية والقصص أو الألعاب التي يُحبها والأشياء الأساسية التي يحتاجها خارج المنزل. إضافة إلى ذلك، عليك أن تقوم بإعداد حاجياتك مسبقاً قبل أن تحتاجها، وبذلك تكون تجنبت الارتباك واستعديت لحالة الطوارئ.

جهز المؤن والتمويل اللازم للحالات الطارئة.

يُعتبر الوضع الاقتصادي محدوداً لدى معظم الموظفين من الآباء. فتكلفة العناية بالأطفال وحدها كافية لإجهاد ميزانية المنزل حتى لو كان الدخل مرتفعاً، حتى قبل البدء بحساب تكاليف تأمين الطعام والكساء والادخار لتكاليف الدراسة الجامعية. لكن عليك أن تحاول قدر المستطاع، عملياً واقتصادياً، أن تجد موارد تساعدك على تأمين احتياجات عائلتك وعملك عندما يمرض طفلك. ربما تحتاج طلب توصيل الأدوية من الصيدلية المناوبة، أو ركوب سيارة أجرة عوضاً عن القطار من أجل الوصول إلى العمل دون تأخير بعد الانتهاء من عيادة طبيب الأطفال، أو في بعض الأحيان تضطر إلى إحضار الطبيب إلى المنزل. كل هذه الأمور مكلفة جداً ولا تستطيع تحمل كلفتها. لكنها تساعدك في الحفاظ على أدائك الجيد ضمن العمل إلى جانب الاعتناء بعائلتك في الوقت ذاته. لذلك، ابحث عن الحلول التي تناسبك وادخر لها ما تستطيع في الصندوق السنوي لمدخرات الطوارئ العائلية للأبوين العاملين بحيث تتمكن من سحب ما تحتاجه منه عند الحاجة.

اجعل طبيب الأطفال حليفاً لك

كما حرصت على أن يكون الطبيب الذي يعتني بطفلك مؤهلاً ومتفهماً وجديراً بالثقة، من الضروري أن يكون أيضاً يعمل في ساعات باكرة من الصباح وساعات بعد انتهاء دوامك أو في عطلة نهاية الأسبوع، وأن يكون لدية شبكة إنترنت جيدة في غرفة الانتظار، ويُبقي الإجراءات الورقية لدفع أجرة المعاينة سهلة وسريعة كي لا تستهلك من وقتك بعد انتهاء الموعد معه. اسأل إذا كان لديه هاتف بمكبر صوت في غرفة الفحص أو إذا كان بالإمكان التواصل معه عن طريق الإنترنت (عن طريق برامج كالسكايب أو فيس تايم). وبهذه الطريقة يمكنك الحضور مع طفلك قدر المستطاع في حال احتاج إلى زيارة طارئة لعيادة الطبيب أثناء غيابك في رحلة عمل. وتذكر دائماً أنه يمكن أن يكون الطبيب والموظفين لديه أنفسهم آباء عاملين مثلك.

كن مستعداً لكسر جميع قواعدك الاعتيادية

لا بد أن يكون لدى الوالدين قواعد متبعة مع الأطفال في المنزل، كتحديد ساعات استخدام الكمبيوتر والهاتف الذكي والآيباد، ووجبات الطعام وعادات النوم الصحية وغيرها. لكن عندما يكون طفلك مريضاً ويبقى في المنزل مع من يعتني به في غيابك، لا بأس من السماح له باستخدام الآيباد وتناول بعض الحلوى أكثر من المعتاد، فعندما تكون مقيداً في حالة اضطرارية لا ضير في التراخي مؤقتاً عن بعض القواعد المتبعة، ويمكنك العودة إلى اتباعها كالمعتاد عندما تعود الأمور لطبيعتها.

ابق متصلاً بالإنترنت ولكن ليس على شبكات التواصل الاجتماعي

لقد اعتاد معظمنا على استخدام "فيسبوك" و"تويتر" وغيرها من شبكات التواصل الاجتماعي كاعتيادنا التنفس. لكن، إذا تعاون مديرك وزملاؤك معك ودعموك عند اضطرارك للعمل من المنزل في حال مرض طفلك، لا تقم بنشر صور جديدة على "الفيسبوك" في الوقت الذي يُفترض بك أن تقضيه في العمل لأن ذلك سيجعلهم يتوقفون عن التعامل معك بطيب نفس وحسن نية. وإذا كنت خارج المكتب لأن طفلك مريض ركز على الاحتفاظ بخطوط تواصل قوية ومنتظمة مع زملائك، وكن متجاوباً قدر الإمكان عبر البريد الإلكتروني أو اتصل هاتفياً لإثبات وجودك. والأهم هو أن تبقي التواصل عبر قنوات العمل الرسمية.

إذا كانت مشكلة طفلك الصحية ستستمر لفترة طويلة عليك أن تطلب الدعم من المؤسسة وليس من مديرك فقط. إذ أنّ إصابة طفلك بالإنفلونزا عندما يكون لديك موعد تسليم محدد لمشروع تسويق هام أمر يسبب التوتر ولا يدوم طويلاً. لكن إذا علمت أنّ طفلك مصاب بمرض مزمن أو خطير مثلاً، عليك إخبار مؤسستك بذلك فوراً، حيث أنّ الرؤساء ومدراء الموارد البشرية لن يتمكنوا من مساعدتك إلا إن كانوا يعرفون بما تمرّ به، إذ يمكنهم تمديد المهلة الزمنية لمهماتك مثلاً أو تأمين موارد إضافية لك أو مساعدتك في الحصول على إذن غياب أو إخطار شركة التأمينات بالمساعدة التي تحتاجها، أو تحويلك إلى موظف في مكتب مدينة أُخرى تعرّض ابنه لما ألمّ بابنك ليقدم لك نصائح عمّا يمكنك فعله.

لا تحمّل طفلك المسؤولية

مهما كان مرض طفلك، فهو يعاني بما فيه الكفاية. ولن يفيدك بشيء أن تُبدي له غضبك وتوترك، بل ستزيد من شعوره بالاستياء وستزيد من معاناته. مثلاً، إذا أُصيب طفلك الصغير بحمى مفاجئة في الليلة التي تسبق الموعد المحدد للتصريح عن ضرائب الشركة، لا تهلع وترتبك، بل طمئن طفلك أنك ستفعل ما بوسعك كي يتعافى بسرعة.

أخيراً، تذكر أنّ الهدف الأساسي من عملك هو إعالة أسرتك وتأمين منزل آمن مستقر والادخار للتعليم الجامعي من أجل طفلك. صحيح أنك ستشعر بالاستياء إذا اضطررت للغياب عن اجتماع مهم أو تركت طفلك المريض في المنزل وذهبت إلى العمل، لكن تذكّر أنك تعمل وتبذل قصارى جهدك من أجل تحقيق هدف أهم على المدى البعيد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي