تُظهر الأبحاث المتعلقة بموضوع التواصل الفعال مع الفريق أنه في المجموعات التي لا قائد لها، يبرز القادة عبر مزامنتهم موجات دماغهم بسرعة مع أتباعهم، من خلال إجراء محادثات عالية الجودة. والمزامنة ببساطة هي عملية عصبية يكون فيها تواتر موجات الدماغ وحجمها متزامناً بين الأشخاص. ويلعب التواصل اللفظي دوراً كبيراً في عملية التزامن هذه، خصوصاً بين القادة وتابعيهم، فضلاً عن أن التزامن بينهم يؤدي إلى التفاهم المتبادل، والتعاون، وتنفيذ المهام بشكل منظم والإبداع الجماعي.
كيفية تعزيز التواصل الفعال مع الفريق
ويبدو ظاهرياً أن تزامن موجات الدماغ سهل الفهم؛ فهو يعني ببساطة أن الناس حرفياً على "الموجة نفسها". لكن على المستوى الأعمق، ينطوي الأمر على ما هو أكثر. ويشرح الدكتور دانيال سيغل أن عناصر التزامن الثلاثة هي كل من "الحضور"، و"الشمول"، و"الصدى"، فيمكن للتطورات الحديثة في علم الدماغ مساعدة القادة على تعلم المزامنة مع أتباعهم وصولاً إلى المستويات الأعمق تلك.
اقرأ أيضاً: القادة العظماء يدركون أهمية الإيماءات الصغيرة
أهمية الحافز للمزامنة (الحضور) من أجل تعزيز التواصل الفعال مع الفريق:
هناك حافز وراء قدرة خبراء التواصل على المزامنة بسهولة. فعندما يفعلون ذلك، يدرك الأشخاص الذين يستفيدون من هذا الحافز وجود حالة تزامن، ويشعرون بصلة أكبر مع القائد، فتنشط مناطق متعددة في الدماغ لديهم بما فيها تلك المتصلة بالفهم الاجتماعي، الأمر الذي يساعدهم على الشعور أنهم مفهومون. كما يتم تنشيط المناطق المشاركة في توسيع شعور الفرد بالذات ليشمل الآخر، وبالتالي تعزيز الاتصال.
وأن تكون "حاضراً" يعني وجود قرار واع بالتزامن، ثم أخذ الوقت الكافي لفهم ما يشعر به الآخرون، ووضع نفسك مكانهم لفهم وجهات نظرهم. ويمكنك القيام بذلك بوعي وببساطة عبر مراقبة مشاعرك ومشاعر الآخرين من دون إطلاق الأحكام. ومن المرجّح أن يتزامن عقلك مع عقولهم لدى قيامك بذلك.
يعزز الارتباط النفسي العميق التزامن ("الشمول"):
كتب وارين بينيس "أن تغدو قائداً هو ببساطة أن تكون نفسك، إن الأمر فائق البساطة، وأيضاً فائق الصعوبة". ظاهرياً، يبدو أن هذا التعريف يتجاهل "الآخر"، وقد يظن البعض أنه أمر أناني. لكن نستطيع أن نُخرج أفضل ما في الآخرين عندما نُخرج أفضل ما في أنفسنا.
وتوجد طريقة واحدة لزيادة التزامن بين الأفراد تتمثل في تقنية تسمى أحلام اليقظة. ويخصص القادة عبر هذه التقنية وقتاً للتأمل الذاتي في حضور تابعيهم، وأحلام اليقظة هي أفكار وخواطر واستراتيجيات خام بدائية، وفعلياً هي أفكار أكثر صدقاً وقابلية للطرح. وعلى عكس ما يُعتقد، يزيد هذا من الاتصال بين الأشخاص. ويُطلَق على ما سبق "الأنا المتبادل" (intersubjectivity) وهنا يصبح القادة والأتباع أكثر ارتباطاً وتزامناً. ويحدث هذا بسبب تنشيط منطقة الدماغ للنظام العصبي العاكس (MNS)، ما يشير إلى الصدى التلقائي مع الشخص الآخر. وأيضاً، يتم تنشيط شبكة الوضع الافتراضي (DMN)، مما يؤدي إلى تمثيل الحالة الذهنية للطرف الآخر في القائد. فكر في هذه الشبكات باعتبارها شبكتي التعاطف: "الشعور بـ" و"الشعور مثل". وتقوم "الأنا المتبادل" بتوظيف الأمرين معاً.
اقرأ أيضاً: القادة العظام يتمتعون بفكر ثاقب وعميق ولا يتسرعون في ردود أفعالهم
ويمكن للقادة أيضاً تحقيق هذا الإحساس بالشمول عبر إنشاء حالة مختلفة تسمى هيام العقل، والتي يكون فيها الوضع الافتراضي في عقولهم في حالة تنشيط، على عكس الوعي التام، والتي يُخصص فيها القادة وقتاً للانخراط في مهام استرخاء غير أساسية للمهمة الرئيسة للمؤسسة. وتمثل أنشطة مثل المشي الجماعي أو ألعاب الورق أو الحياكة أمثلة على أنشطة هيام العقل. وعندما تنشط تلك الشبكة، تتكامل ذكريات الماضي مع الحاضر لبناء رؤية للمستقبل. وهذا يجعل القادة يشعرون بمزيد من "الشمول"، إضافة إلى ذلك، سيكون القائد أكثر قدرة على وضع نفسه مكان التابع.
العلاقة بين العقل والجسم ("الصدى"):
تتسبب حالة التناغم الحركي بين الناس عند سماع الموسيقى في الإعجاب ببعضهم أكثر، وتذكّر بعضهم بشكل أفضل، وأيضاً الثقة ببعضهم بشكل أكبر. في الواقع، وحتى في عمر 14 شهراً، يكون الأطفال الذين يتحركون بشكل متزامن مع شخص بالغ أكثر إيثاراً، فهم يلتقطون الأشياء التي أسقطها ويعيدونها إليه. وتتمثل إحدى الطرق التي يمكن للمؤسسات من خلالها الاستفادة من هذا المبدأ في تنظيم ورش عمل ذات تجارب موسيقية يطرب فيها الأشخاص معاً على أنغام الموسيقى.
اقرأ أيضاً: القادة الصارمون هم الأكثر تعرضاً للعقاب على أخطائهم
وهكذا، فإن الدافع للمزامنة هو الانتباه والشعور بما يشعر به التابعون، ووضع نفسك مكانهم، والتقدم في حالات أحلام اليقظة، وهيام العقل، والتناغم الفعلي الحركي، كلها عوامل تعزز التواصل الفعال مع الفريق والتزامن بين القادة والأتباع. وعند تصميم اجتماع خارج الموقع، يمكن تضمين هذه الأنشطة وممارستها بشكل خلاق، بهدف إيجاد سياق لها في العمل اليومي.
اقرأ أيضاً: القادة الحقيقيون يظهرون في الأزمات