ملخص: ربما أدار بعضنا اجتماعات عصف ذهني تقليدية أو شارك فيها، حيث تدخل غرفة مع زملائك وتطرحون أفكاركم على أمل أن تنجح أي منها. عندما أصبح العمل يتم عن بُعد، حاول العديد من المدراء تقليد تجربة العصف الذهني وجهاً لوجه في العالم الافتراضي، ولكنهم لم يحققوا نجاحاً كبيراً.
- في حين أن معظمنا معتادون على جلسات العصف الذهني التقليدية ويعلمون أنها أداة رائعة لتوافق أعضاء الفريق وتعاونهم معاً، فإنها أقل نجاحاً بكثير في تحفيز الابتكار. والأسوأ من ذلك هو أننا عندما نحاول عقد جلسة عصف ذهني تقليدية في العالم الافتراضي، فإننا نفقد كل الطاقة الإيجابية والفوائد المتأتية من الجلسات التي تُعقد وجهاً لوجه ونُبقي على جميع السلبيات.
- أما العصف الذهني الافتراضي فيوفر تجربة أفضل لأعضاء المجموعة ككل، ويساعد على توليد أفكار جديدة، ويحقق التوازن بين تفضيلات الانطوائيين والمنفتحين والمتفائلين والمتشائمين والأعضاء الأدنى والأعلى مرتبة.
- يمكن إجراء العصف الذهني الافتراضي في فِرق تعمل عن بُعد أو فِرق هجينة أو فِرق تعمل وجهاً لوجه، فهو يتطلب فقط "ألا" يكون الجميع في الغرفة نفسها. ابدأ باختيار أداة للتعاون، ثم اطلب من المشاركين إرسال أفكارهم (حتى لو كانت متناقضة)، وقيِّم الأفكار من خلال جلسات تصويت دون الكشف عن الهوية، وبعد ذلك يمكنك أن تقرر الاجتماع وجهاً لوجه أو مناقشة الأفكار المختارة عن بُعد.
تُعد جلسات العصف الذهني طريقة رائعة لاستكشاف أفكار جديدة. وكمساهم فردي ربما شاركت في القليل منها، أو ربما قدتها بنفسك كمدير جديد، حيث تدخل غرفة مع فريقك، وتطرحون أفكاركم على أمل أن تنجح أي منها.
يستخدم القادة على جميع المستويات هذه الاستراتيجية للتشجيع على الابتكار. ولكن على مدار العامين الماضيين، عندما أصبح العمل يتم عن بُعد، حاول العديد من المدراء تقليد هذه التجربة في العالم الافتراضي باستخدام طرق العصف الذهني التقليدية على الرغم من عدم وجود أدلة على أنها تحقق نتائج ذات قيمة.
والسؤال الآن: هل هناك طريقة أفضل لتوليد الأفكار بفعالية في أثناء العمل في بيئة هجينة أو عن بُعد؟
لحسن الحظ، الإجابة هي "نعم". أظهرت بحوث مستفيضة أنه عندما يتعلق الأمر بالابتكار، يمكن أن تتفوق الفِرق الهجينة والعاملة عن بُعد على الفِرق التي تعمل وجهاً لوجه إذا طبّقت أفضل الممارسات حول التواصل الرقمي والعمل التعاوني. ولكن للأسف، من واقع تجربتي، يكافح القادة سواء كانوا مبتدئين أو محنكين للتكيف بسبب الخطأ في الحكم على الأمور أو التحيزات المعرفية، ما يدفعهم إلى رفض الممارسات الجديدة وتفضيل الممارسات المألوفة بشكل أكبر.
إذا كنت قائداً في عالم العمل المتغير، فلا تسمح لنفسك بالوقوع في هذا الفخ. فقد حان الوقت للاعتراف بأن جلسات العصف الذهني التقليدية تحتاج إلى إصلاح جذري. لنبدأ بإلقاء نظرة على ما لا ينجح والسبب في ذلك.
ما مشكلة العصف الذهني التقليدي؟
يُعد العصف الذهني الذي يُجرى بشكل متزامن ووجهاً لوجه نهجاً مقبولاً على نطاق واسع لتعزيز الابتكار، حيث تجتمع مجموعات مكونة من 4 إلى 8 أشخاص في غرفة لابتكار حلول جديدة لمشكلة مختارة مسبقاً. تصنف بحوث حول علم السلوك فوائد العصف الذهني بطريقتين:
- التآزر: الأفكار التي يشاركها شخص واحد يمكن أن تلهم الآخرين وتحثهم على طرح أفكارهم.
- الدافع الاجتماعي: التعاون الذي يهدف إلى تحقيق هدف مشترك يمكن أن يحفز كل عضو في المجموعة.
ولكن تصاحب هذه الفوائد أيضاً بعض الجوانب السلبية. ويُعد أحد الجوانب السلبية الرئيسية هو تعطيل الابتكار، وهو مصطلح يُستخدم لوصف الموقف عندما يكون لدى شخص ما فكرة مبتكَرة ولكنها تضيع لأن المجموعة الأكبر تركز على موضوع مختلف. قد يبدو هذا السيناريو مألوفاً للانطوائيين، لأنهم عادة ما يفكرون على نحو أفضل في البيئات الهادئة، سواء كانوا بمفردهم أو مع شخص آخر. وقد يكون من الصعب عليهم مقاطعة مناقشة مستمرة وعرض أفكارهم.
والأشخاص الذين يميلون إلى التشاؤم أكثر من التفاؤل قد يعانون في مثل هذا الموقف أيضاً. إذ يميل المتفائلون إلى طرح الأفكار غير المكتملة أو غير العملية شفهياً بسرعة وسهولة. وعلى النقيض من ذلك، لا يميل المتشائمون إلى طرح أفكارهم علانية. وقبل مشاركة أي فكرة، قد يشعرون أنهم بحاجة إلى التفكير فيها ملياً وتقييمها لاكتشاف عيوبها.
قد يتأثر المتشائمون، والموظفون المبتدئون أيضاً، تأثيراً قوياً بالتخوف من التقييم؛ أو الخوف من مشاركة الأفكار علانية بسبب قلقهم الاجتماعي من نظرة أقرانهم إليهم. على الرغم من التعليمات التي تنص على مشاركة الأفكار "غير المألوفة" في أثناء جلسات العصف الذهني، لا يرغب الكثير من الأشخاص في أن يُنظر إليهم على أنهم يطرحون أفكاراً خارجة عن المألوف، ونعلم جميعاً مدى صعوبة التغلب على ميولنا الطبيعية.
نتيجة لذلك، أظهرت دراسات عديدة أنه في حين أن العصف الذهني التقليدي يُعد أداة رائعة لتوافق أعضاء الفريق وتعاونهم معاً، فإنه أقل نجاحاً بكثير في توليد الابتكار. والأسوأ من ذلك هو أننا عندما نحاول عقد جلسة عصف ذهني تقليدية في العالم الافتراضي، فإننا نفقد كل الطاقة الإيجابية والفوائد المتأتية من الجلسات التي تُعقد وجهاً لوجه ونُبقي على جميع السلبيات.
إفساح المجال أمام العصف الذهني الافتراضي
لا تدع نتائج البحوث تتسبب في شعورك بالإحباط؛ فقد توصّل الاقتصاد السلوكي والبحوث في علم النفس إلى حل مشجع: العصف الذهني الافتراضي.
أظهرت دراسة قارنت بين مجموعات أجرت العصف الذهني وجهاً لوجه وأخرى أجرته عن بُعد أن المجموعات التي أجرته وجهاً لوجه كانت أكثر استمتاعاً بعملية العصف الذهني. ولكن أظهرت الدراسة أيضاً أن المجموعات التي أجرته عن بُعد طرحت في النهاية عدداً أكبر من الأفكار، وهو بالطبع الهدف النهائي من إجراء العصف الذهني. أكد بحث آخر هذا الاستنتاج، مشيراً إلى أنه كلما كانت المجموعة التي تجري العصف الذهني وجهاً لوجه أكبر، قلّ عدد الأفكار الجديدة التي يمكن أن يطرحها كل شخص، بينما يحدث العكس إذا تم إجراء العصف الذهني عن بُعد. وأظهر البحث نفسه أن البيئات الافتراضية توفر تجربة أفضل لأعضاء المجموعة ككل، وتحقق التوازن بين تفضيلات الانطوائيين والمنفتحين والمتفائلين والمتشائمين والأعضاء الأدنى والأعلى مرتبة.
باختصار، العصف الذهني الافتراضي هو الأفضل للابتكار وللأشخاص أيضاً.
كيف تدير جلسة عصف ذهني رائعة عن بُعد؟
قد يبدو كل ذلك جيداً، ولكن للدفاع عن الفكرة حقاً، ستحتاج إلى إثبات أنها تحقق نتائج، ما يعني أنك ستحتاج إلى قيادة جلسة عصف ذهني ناجحة عن بُعد. تذكر أنه يمكن إجراء العصف الذهني الافتراضي في فِرق تعمل عن بُعد أو فِرق هجينة أو حتى فِرق تعمل وجهاً لوجه. فهو يتطلب فقط "ألا" يكون الجميع في الغرفة نفسها.
الخطوة الأولى: اختيار أداة للتعاون تناسب فريقك.
يُعد برنامج جوجل فورمز (Google Forms) وتطبيق ميورال (MURAL) من الأدوات المفيدة للتعاون وتسهيل مشاركة الأفكار دون الكشف عن الهوية ولديهما خيار "مجاني" أساسي. يُعد جوجل فورمز أكثر فائدة في توليد الأفكار نصياً. لست بحاجة إلى تسجيل الدخول إلى هذا البرنامج لإرسال فكرة، لذلك ستكون الإسهامات مجهولة الهوية تلقائياً. وتطبيق ميورال هو لوحة بيضاء افتراضية تعمل على نحو أفضل في مشاركة الأفكار التي يغلب عليها العناصر المرئية. لتسهيل حجب الهوية على ميورال، يمكن لكل مشارك إنشاء حساب مؤقت أو اختيار اسم مستعار عند تسجيل الدخول إلى الجلسة.
في البداية سيحتاج كل شخص في الاجتماع إلى تسجيل الدخول في أداة مؤتمرات الفيديو لمناقشة أفكارهم. ولكي يتم ذلك آنياً، ينبغي للأعضاء تسجيل الدخول افتراضياً حتى إن كان الاجتماع وجهاً لوجه. إذا كان أعضاء الفريق يعملون عبر مناطق زمنية متعددة، فيمكنك أن تطلب من كل مشارك إضافة أفكاره إلى المنصة التي اخترتها بشكل غير متزامن بحلول موعد نهائي معين.
يمكن أن تستمر جلسة العصف الذهني لمدة تتراوح بين 30 إلى 60 دقيقة، اعتماداً على حجم السؤال الذي تحاول الإجابة عنه ومدى تعقيده.
الخطوة الثانية: طرح الأفكار وتنظيمها.
تأكد من إرسال جدول أعمال الجلسة مسبقاً، وإذا أمكن اطلب من المشاركين التفكير في موضوع الجلسة مقدماً. سيوفر لك هذا بعض الوقت في أثناء جلسة العصف الذهني الفعلية.
إذا كنت تدير الاجتماع آنياً، فابدأ عملية العصف الذهني بإعطاء مهلة من 10 إلى 15 دقيقة لجميع أعضاء الفريق لإضافة أفكارهم بشكل مستقل إلى أداة التعاون التي اخترتها. اطلب من الأعضاء الإسهام بأي أفكار توصلوا إليها قبل الجلسة وتوليد أفكار جديدة أيضاً. لدى كل من ميورال وجوجل فورمز العديد من الخيارات لكيفية ظهور اللوحة البيضاء: مثل الخرائط الذهنية والمخططات الانسيابية واللوحات الفارغة ذات الملاحظات اللاصقة. أوصي باستكشاف الخيارات المختلفة المتاحة في كل منصة واختيار التصميم الذي يناسب موضوع جلستك.
الشكل التالي مثال على كيفية إعداد لوحة بتطبيق ميورال لجلسة عصف ذهني حول كيفية تجديد موقعك الإلكتروني.
إذا كنت تدير جلسة العصف الذهني بشكل غير متزامن، فاطلب من أعضاء الفريق إرسال أفكارهم في موعد نهائي محدد.
في كلتا الحالتين، شجّع مجموعتك على التركيز على الجودة أكثر من الكمية، وشجعهم على طرح أفكار متناقضة إذا ألهمتهم أي فكرة للقيام بذلك، دون القلق بشأن العواقب. (ذكِّرهم أن هوية مقدِّم الفكرة مجهولة). فقد أظهرت البحوث أن تقبُّل التوتر وتحفيزه لنا يسهل الابتكار (مثل التوتر الناجم عن توليد الأفكار التي تخدم أهدافاً متعارضة).
بصفتك ميسّر الجلسة، دع أعضاء فريقك يعرفون أنك ستتحقق من اللوحة في أثناء قيامهم بالعصف الذهني لحذف الأفكار المكررة وتجميع الأفكار المتشابهة معاً في فئات أوسع. فهذا يساعد على تنظيم اللوحة وجعل الأفكار أكثر قابلية للاستيعاب. لكن احرص على عدم حذف أي أفكار جديرة بالاهتمام.
الخطوة الثالثة: تقييم الأفكار.
بمجرد الانتهاء من توليد الأفكار وتنظيف اللوحة، حان الوقت للقيام بالخطوة التالية. إذا كنت تعقد اجتماعاً، فخصص الخمس إلى 10 دقائق التالية لجلسة تقييم دون الكشف عن الهوية حيث يمكن لأعضاء الفريق التعليق على الإسهامات المفضلة أو تقييمها أو التصويت لها. (موضح أدناه مثال لجلسة تصويت في تطبيق ميورال).
قد يكون من المفيد إعطاء الأعضاء معايير لوضعها في الاعتبار عند تقييم أفكار الأعضاء الآخرين. على سبيل المثال، يمكنك أن تطلب من فريقك التقييم وفقاً لثلاث فئات على الأقل على مقياس من 1 إلى 10: حداثة الفكرة وقابلية تطبيقها وجدواها. يمكن أن تعتمد التقييمات الإضافية على السياق المحدد لموضوع العصف الذهني.
ضع في اعتبارك أنه يمكن القيام بذلك بشكل غير متزامن أيضاً. وفي هذه هي الحالة، اتبع الخطوات المذكورة أعلاه واطلب من كل مشارك تقديم ملاحظاته وتقييماته بحلول موعد نهائي محدد. يسمح كل من جوجل فورمز وميورال بالتصويت.
بمجرد الحصول على إجاباتهم، إذا شعرت أن الأفكار لم تكن قوية بما يكفي أو أنك بحاجة إلى مزيد من الأفكار، يمكن أن يجري أعضاء الفريق جلسة أخرى لمشاركة الأفكار أو إعادة تقييم الأفكار القديمة أو ابتكار أفكار جديدة بناءً على ما ستراه وتسمعه.
الخطوة الرابعة: الاجتماع وجهاً لوجه لمناقشة الأفكار المختارة.
بالنسبة إلى الفِرق التي تعمل عن بُعد، يمكن تنفيذ الخطوة الأخيرة عبر مكالمة فيديو. وبالنسبة إلى الفِرق التي تعمل عبر مناطق زمنية مختلفة، يمكن القيام بذلك في اجتماع افتراضي منفصل عندما يكون بإمكان غالبية الأعضاء تسجيل الدخول والنقاش.
أما الفِرق الهجينة، فيمكن أن تحقق منفعة كبيرة من خلال تنفيذ الخطوات من 1 إلى 3 عن بُعد لمنع تعطيل الابتكار والتخوف من التقييم، ومن خلال الاجتماع في المكتب لتنفيذ هذه الخطوة الأخيرة. قد يكون من الصعب مناقشة التعليقات وتحديد الأفكار التي يجب استكمالها. لذا، إذا كان لديك الخيار، فإن الاجتماع وجهاً لوجه يمكن أن يساعد على الحد من حالات سوء الفهم.
عند إدارة المحادثة، شجّع الأعضاء على الانفصال عن أفكارهم حتى لا تكون طبيعة الشخصيات والسياسات عثرة في الطريق. وركز بدلاً من ذلك على الأهداف المعلنة للمشكلة التي تحاول حلها. استخدم التقييمات التي تُجرى دون الكشف عن الهوية للتأكد من فوز أفضل الأفكار، وبعد ذلك، قِس الأفكار مقارنة بالأهداف المعلنة ووسّع نطاق الأفكار الواعدة. وأخيراً، حدد الخطوات التالية اللازمة لتنفيذ الأفكار وكلِّف أعضاء الفريق بها.
يحتاج القادة الذين يرغبون في اكتساب ميزة الابتكار في مستقبل العمل إلى تجنب التمسك بأساليب الابتكار التي كانت تُستخدم قبل الجائحة. يمكن للقادة من جيل الألفية تغيير ذلك باستخدام أفضل الممارسات القائمة على البحوث، مثل العصف الذهني الافتراضي غير المتزامن، لتعزيز الابتكار في الفِرق الهجينة والعاملة عن بُعد، واستخدام النتائج لإقناع كبار القادة باعتماد مثل هذه الممارسات. فمن خلال زيادة عدد الأفكار وابتكار المزيد من الأفكار الجديدة، ستبني الدعم والمصداقية اللازمين لكسب تأييد القيادة العليا لاقتراحاتك، وستساعدها على رؤية مزايا استخدام الأساليب المبتكَرة التي تصلح اليوم، كما أنك ستساعد نفسك على التقدم في حياتك المهنية.