هل رأيت يوماً مسؤولاً تنفيذياً يتلعثم عند إجابة سؤال مراسل أو ربما موظف حتى؟ بالطبع، فهذا يحدث دائماً. في بعض الأحيان قد لا نرغب في الإجابة عن سؤال ما، لكن السبب الرئيسي للتلعثم هو عدم الاستعداد، وإحدى الطرائق التي تعزز الطلاقة في الكلام لديك هي تجهيز نفسك مسبقاً.
في مقاله الذي نشر بمجلة نيويورك تايمز بوك ريفيو (New York Times Book Review) يتناول كاتب المقالات آرثر كريستال مشكلة عدم الطلاقة في الكلام وفعالية الكتابة في حلها، فيلخص مقابلة عبر البريد الإلكتروني مع عالم النفس بجامعة هارفارد، ستيف بينكر، ويقول: "نحن نفكر قبل أن نكتب ولذلك فإننا نبدو أذكى حينما نعبر عما نريده كتابة وليس شفهياً إذ نتعمد الوضوح والدقة". فهم الروائي فلاديمير نابوكوف، الذي استشهد به كريستال أيضاً هذا الأمر ولهذا السبب استخدم بطاقات الفهرسة خلال مقابلة متلفزة سُجلت في أواخر الخمسينيات حول كتابه "لوليتا" (Lolita)، وعلى الرغم من أن نابوكوف ربما بدا غير مرتب المظهر فإنه تحدّث ببلاغة.
تُمثل هذه المقابلة درساً رائعاً لكل مسؤول تنفيذي: تجهّز قبل أن تتكلم. ولا يقتصر هذا الإعداد فقط على العروض التقديمية الكبرى، إذ ينطبق أيضاً على الرسائل المرتجلة التي يحتاج المسؤولون التنفيذيون إلى توصيلها باستمرار. أشبّه رسائل القيادة هذه بحديث المصعد من ناحية الاختصار (رحلة المصعد قصيرة) لكن من ناحية أهميتها أيضاً (بيع فكرة عظيمة بمدة وجيزة).
تتمحور القيادة حول الإقناع، أي إقناع الآخرين بسلامة وجهة نظرك، وتُعد كتابة الأفكار ممارسة فعالة في هذا الخصوص ولا أعتقد أن هذا الأمر مرهق لأن المدراء يكتبون أفكارهم بانتظام عبر رسائل البريد الإلكتروني. فيما يلي ثلاث نصائح لإعداد خطابات قيادية مقنعة أكثر.
- فكر ملياً. فكر في القضايا الرئيسية التي تواجه فريقك، ومن الصائب أن تخصص خطاباً قيادياً قصيراً لكل منها، وفي حين يرجع إليك تحديد هذه القضايا، فإنها يجب أن تعكس أهم المجريات، أي المبادرات والمشكلات والتحديات، كما يجب أن يعكس خطابك منطقك ووجهة نظرك بالإضافة إلى الأسباب التي تجعل الأشخاص يدعمونك ويدعمون فكرتك.
- دوّن أفكارك. يسمح لك تدوين أفكارك بالتركيز على المشكلة والتفكير فيما تريد قوله. من المستحسن دائماً أن تقدم توضيحاً مختصراً ثم تتحدث عن التأثير الذي ستحدثه فكرتك في الآخرين وفي المؤسسة، بالاستناد إلى جدواها التجارية.
- تدرّب. نعم، من المهم أن تتدرب بصوت عالٍ على الرسائل التي تود إيصالها. يتدرب العديد من المدراء التنفيذيين الذين دربتهم على ما يودون قوله، في أثناء رحلة الذهاب إلى العمل والعودة منه، ويمكنك أيضاً استخدام مسجل صوت (غالباً ما يكون مدمجاً في هاتفك المحمول) للتعود على إيصال الرسالة بصوت عالٍ، وهذا التسجيل لك، فلا داعي لأن يستمع إليه أي أحد آخر. علاوة على ذلك، كما نَصَحتْ زميلتي ومستشارتي كاثي ماكدونالد، يمكنك قياس الوقت الذي تستغرقه في الكلام وهي ممارسة فعالة لإبقاء الرسائل قصيرة ومترابطة. (ملاحظة: لا تحاول قيادة السيارة والتسجيل في الوقت ذاته).
قد يقول العديد ممن يقرأ هذا: "فكرة رائعة، ولكن من لديه الوقت لذلك؟" وإجابتي هي: خصصوا لها وقتاً. أحد المدراء التنفيذيين الذين ساعدوني على إدراك أهمية رسائل القيادة هو بول ساغينو، المؤسس المشارك لشركة زنغرمانز (Zingerman's) التي صنفتها مجلة مجلة إنك ( Inc. magazine) ذات مرة على أنها "واحدة من أروع الشركات في أميركا". تطورت شركة زنغرمانز التي تتخذ من مدينة آن أربور مقراً لها، من متجر لبيع الأطعمة الجاهزة إلى مجموعة من الشركات المرتبطة بإنتاج الأغذية، ما أدى إلى ازدياد عدد موظفيها زيادة كبيرة. وجد بول نفسه مرهقاً كما يحدث مع جميع رواد الأعمال، لكنه تمرّن على التفكير مسبقاً في كيفية مواصلة تزويد الموظفين الرئيسيين بالرؤى الإرشادات. وفي سبيل ذلك أعدّ رسائله مسبقاً، بحيث يكون لديه كلام مقنع ومترابط دائماً إذا التقى شخصاً يحتاج إلى التحدث معه، فلا يكتفي بتحيته بل يقدم له نصيحة ملموسة.
ثمة فائدة أخرى لإعداد رسائلك الرئيسية مسبقاً، إذ سيساعدك ذلك على كتابة العروض التقديمية الرسمية بسهولة أكبر لأنه ستكون لديك مجموعة من الأفكار الرئيسية الجاهزة، ما يعزز مهارتك وطلاقتك في إلقاء العروض التقديمية، وعندما تُطرح عليك أسئلة، ستكون لديك البراعة اللفظية الكافية لتقديم إجابة تُظهر سيطرتك على القضايا محل النقاش بالإضافة إلى الهدوء الذي يعكس الثقة.