تبين الأبحاث أن هناك رابطاً قوياً بين حسن التعامل مع الموظفين وأداء العائدات لدى موظفي الخطوط العليا، ولكن تبين استبانة جديدة لرائدات الأعمال أن الشركات التي تقودها النساء حول العالم لا تقدم برامج المزايا التصاعدية الضرورية لجذب الموظفين الذين تقول إنها بحاجة إليهم.
وفي الاستبانة التي أجرتها منظمة النساء الرئيسات (Women Presidents Organization) مع شركة "إرنست آند يونغ" (EY)، والتي شملت أكثر من 303 امرأة في 25 قطاعاً في 26 دولة، تبين أن أقل من 60% منهن يمنحن إجازات أمومة و51% فقط يمنحن إجازات أبوة. وحوالي 25% يمنحن شروط عمل مرنة، كالعمل عن بعد أو تعويض تكاليف التعليم. ورغم ذلك، أكثر من 35% من هؤلاء النساء يعتبر أن توظيف المواهب والاحتفاظ بها هو أكبر العوائق التي واجهنها في توسيع نطاق شركاتهن، وقال أكثر من 40% منهن: "إن وجود المواهب في المناصب الإدارية العليا هو أمر ضروري لهن كي يتمكنّ من اتخاذ قرارات استراتيجية هامة والعمل على الخطوة التالية، بدلاً من الغرق في العمليات اليومية".
في البيئة المقيدة بالموهبة الحالية، يتمتع اسم الشركة التجاري بوصفها رب عمل بأهمية مساوية لأهمية اسمها التجاري بين زبائنها، ومن دون برامج المزايا التنافسية، نجد أن كثيراً من رائدات الأعمال غير قادرات على جعل مؤسساتهنّ قابلة لجذب المواهب والاحتفاظ بها كما يجب من أجل خدمة زبائنها وتحقيق النمو. تقول مارثا كوك، قائدة تحويل المكافآت في شركة "إرنست آند يونغ" في القارتين الأميركيتين: "يتمثل الهدف بتحديد قيمة الموظف المقترحة التي تميزك عن منافسيك". ويمكن أن يعني ذلك الميزات القياسية كالتأمين الصحي والمزايا الأكثر فخامة كمشاركة الربح، كما يمكن أن يعني الخيارات ذات الكلفة المنخفضة، مثل "مجموعات التقارب"، المتمثلة بصورة أساسية بالنوادي المخصصة للموظفين الذين يتمتعون بمصالح متماثلة أو إيجاد طرق مبتكرة من أجل إقامة محافل للموظفين كي يتمكنوا من إيصال آرائهم.
وبالنسبة لعدد متزايد من الشركات، يعني ذلك تقديم إطار مرن للمكافآت الكلية يشمل أربعة مجالات رئيسة، وهي: المجال المالي (التأمين الصحي وتعويض تكاليف التعليم)، والمجال الجسدي (عضوية النوادي الرياضية أو أجهزة متابعة التمرينات الرياضية)، والمجال الاجتماعي (الحصول على إجازات مدفوعة الأجر من أجل العمل التطوعي)، والمجال العاطفي (الحصول على خدمات الصحة النفسية أو إجازات لتقديم الرعاية للمسنين). وللتأكيد، يتعدى هذا الأمر الراتب والتوازن التقليدي بين الحياة الشخصية والعمل، ففي عصر التقنيات سريعة التغير، والأسواق العالمية التنافسية وموارد العمل الشحيحة، تصبح أهمية ممارسة سياسات تتمتع بالمرونة والسخاء قدر الإمكان أكبر من أي وقت مضى فيما يتعلق بالمواهب. تقول كوك: "يجب أن يكون ذلك في صميم علاقة كل شركة مع موظفيها".
وبالطبع لا يمكن لجميع الشركات توزيع مكافآت مثلما تفعل الشركات الراسخة في وادي السليكون أو أكبر عشر شركات في مجموعة "فورتشن 500" (التي تسمى فورتشن 10). كما كشفت الاستبانة المذكورة أعلاه بعض القيود المالية التي تواجهها رائدات الأعمال، والتي بدورها يمكن أن تؤثر على برامج المكافآت التي يقدمنها للموظفين. على سبيل المثال، مولت غالبية الرئيسات التنفيذيات شركاتهنّ من مدخراتهنّ الخاصة، بتقديم نسبة ١% فقط من رأس المال الاستثماري المغامر (أو ما يسمى برأس المال الاستثماري الجريء) في البداية. ويتماشى هذا مع نتائج كشفت أن نسبة 2.2% فقط من تمويل رأس المال المغامر في الولايات المتحدة تم استثمارها في شركات تقودها النساء في عام 2018.
ومع ذلك، ازدهرت الشركات التي تقودها النساء وأصبحت اليوم تشكل نسبة 35% من شركات العالم وفقاً للأمم المتحدة. وهؤلاء القائدات متفائلات، ففي استبانتنا، توقعت قرابة 70% منهنّ نمواً مستقبلياً أكبر، وتوقع العدد نفسه تقريباً توظيف عدد أكبر من الموظفين من أجل تغذية هذا النمو. ولذلك، يجب عليهن بوصفهن ربات عمل إدراك أن إنشاء ثقافة العمل الصحية ومعاملة الموظفين على النحو الصحيح لا يتعلقان بتقديم امتيازات مريحة، كخدمات تنظيف الملابس أو وجبات الطعام المحضرة في الشركة، بل يتعلقان بالقيام بالأعمال التجارية على النحو الصحيح.
هناك كثير من الأبحاث التي تبين أن السعادة في العمل تؤثر مباشرة على الربحية، ففرق المبيعات السعيدة تتمكن من إنجاز مبيعات أكثر بنسبة 37% والشركات المدرجة ضمن قائمة "أفضل 100 شركة للعمل" ضمن مجموعة فورتشن لديها عائدات أكبر بنسبة 6% في الأسواق العامة. لذلك يجب على الشركات التي تقودها نساء جذب أهم المواهب والاحتفاظ بها، حالها كحال جميع الشركات، وتوضح استبانتنا أنها تدرك ذلك. ولكن لكي تحافظ هذه الشركات على مكانها ضمن المنافسة، يجب عليها وضع موظفيها في المقام الأول.