كيف تقابل شخصاً كثير التقلب بين الوظائف وتقيّمه؟

3 دقائق

لن تعثر على مدير يرغب في توظيف شخص قد يدير ظهره ويقدم استقالته بعد عام من العمل. ما هي سمات المرشح الذي سيطول بقاؤه معك حال توظيفه؟ وكيف تتأكد من ذلك وخاصةً إن كانت سيرته المهنية حافلة بالتقلب بين الوظائف؟

لا تقف عند ظواهر الأمور. قد تكون السيرة الذاتية مضللة بحد ذاتها فلا تقف عندها أو تحرم المرشح من المقابلة إذا وجدت أنه عمل في ثلاث وظائف مختلفة في غضون عامين، فقد يكون لديه أسباب وجيهة. فمثلاً إذا كنت تطالع سيرة خريج جديد، فقد يخطئ ويسرد جميع فترات تدريبه العملي تحت خانة "الوظائف" التي شغلها (أنصح بوضع تلك الفترات تحت خانة "التعليم" أو جمعها في خانة مستقلة تسمى "التدريب العملي"). للوهلة الأولى سيبدو المرشح وكأنه مكثرٌ من التقلب بين الوظائف بينما هو في الواقع مدمن عمل. إن إحراز  معدل تراكمي 3.7/4 في دراسته الجامعية والجمع بينها وبين التدرب في شركة قبل التخرج إضافة إلى عمله نادلاً بدوام جزئي يشير إلى أن هذا الشخص هو الذي ترغب بتوظيفه لديك. فهو من النوع القادر على الجمع بنجاح بين عدد من المسؤوليات.

كما يجدر التنبه إلى الأعوام التي حصلت فيها تلك التنقلات. فما بين عامي 2007 و2010 سرحت الكثير من المؤسسات المالية أفواجاً هائلة من كوادرها الوظيفية ما تسبب بموجات تسريح مشابهة في جميع القطاعات من البناء إلى التعليم والشرطة والقضاء والتمريض وسواها. وبالتالي، عندما تتفحص السير الذاتية لأشخاص أكثروا من التنقل خلال هذه السنوات، يحسُن بك محاولة التعرف على ما فعلوه لإعادة بناء مساراتهم الوظيفية، وذلك بدلاً من التركيز على فترات انقطاعهم عن العمل أو ما مارسوه من وظائف قصيرة الأمد. وهي طريقة سوية لكشف معادن الناس.

وعند المقابلة، استفسر عن التفاصيل. ابدأ بأول منصب شغله المرشح صعوداً إلى آخر عمل لديه. واطرح سؤالين حول كل وظيفة: لماذا تركت هذا العمل، وما الذي دفعك لتسلم عملك التالي؟ واختم بالاستفسار عن منصبه الحالي وطموحه في الموقع الجديد الذي ينوي الانتقال إليه.

أنصِت إلى الأسباب والدوافع. هل تراه يتناول الأمور بشكل سلبي باستمرار (مكان العمل، الرؤساء، أو الزملاء في العمل)؟ هل يدوام على تغيير وظيفته طمعاً في راتبٍ أعلى؟ أو ربما سعياً وراء مزيدٍ من المسؤوليات؟ وبمجرد إدراكك الدوافع أو الأسباب التي أدت إلى تغييره لوظيفته، عليك أن تسأل نفسك: "ماذا يعني ذلك بالنسبة لي ولفريق عملي؟"

وبرأيي، فإن الموقف السلبي أو الشكاوى الدائمة من الرؤساء أو الزملاء أو الزبائن هو علامة تحذير أكيدة يجب التنبه لها، سواء كان المرشح من مكثري التنقل أم لا. أما في حالة الباحث عن الزيادة في الأجر أو المسؤوليات، فذلك يعتمد على الوظيفة التي يتقدم لها المرشح وما تستطيع الشركة تقديمه في هذا الإطار. فإذا كانت شركتك قادرة على المضي في ترقية هذا الشخص أو مكافأته باستمرار، فقد تكون وقعت على مبتغاك.

لكن ماذا تفعل إذا ظل القلق يساورك حول تركها العمل بعد فترة قصيرة نسبياً من تسلمها؟ اطلب من المرشح الالتزام لمدة معقولة من الزمن مع الشركة، وهو أسلوب ناجع في معظم الأحيان. بوسعك التعبير عن مرادك بعبارات مشابهة لما يلي:

"أنت من أفضل المرشحين للانضمام إلى فريقي في العمل، غير أني قلق بشأن عدد الوظائف التي شغلتها في السنوات القليلة الماضية. ونحن نتطلع إلى توظيف عضو جديد بإمكانه الالتزام معنا لسنوات 3 بينما تقوم شركتنا بعمل تغييرات جوهرية في منتجاتها وخدماتها. فهل تجد نفسك قادراً على الاستمرار معنا ضمن الفريق لمدة من هذا القبيل؟".

تحذير: إذا كنت أنت بدورك تبحث عن عمل آخر، أو إذا كان فريقك أو شركتك يعانون من كثرة تغيير الموظفين، فلا تلجأ إلى هذا الأسلوب، لأنه سينقلب سلباً عليك.

على عباراتك أن تحمل الصبغة الشخصية، وتطلب فترة التزام معقولة، وتتضمن تبريراً حقيقياً. فإذا وجدت المرشح متردداً، فلا بأس من إمهاله يوماً للتفكير ليعود إليك بعده بقرار أكيد. وإذا حصلت على "نعم" سريعة، فربما عثرت على الموظف المتميز الذي طالما بحثت عنه.

بهذه الأساليب ستضع القلق جانباً حين توظف شخصاً يحفل تاريخه المهني بالتنقل بين الوظائف، وستجتنب ضم من لا يناسبونك إلى فريق عملك. والأهم من ذلك، أنك ستكون قادراً على الظفر بأشخاص لامعين سيتجاوزهم غيرك بسبب انقطاعاتهم المتكررة عن العمل أو فترات التوظيف القصيرة هنا وهناك. أليس ذلك ما يعنيه أن تكون ناجحاً في دنيا الأعمال: أن ترى فرصة أغفلها الآخرون؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي