توقف عن الاعتقاد بأنك يجب أن تكون شخصاً كاملاً

2 دقائق

ليس الفشل حالة نادرة تعيشها حفنة صغيرة من الأشخاص غير المحظوظين، لأننا إذا كنا صادقين مع أنفسنا فإن الفشل هو شأن دائم الحصول، وإن كان نادراً ما يصل إلى حدٍّ يكون معه قاتلاً.

في الواقع، لا بد أنك فشلت من قبل، أو أنك ستفشل قريباً (فلعلك قد أطلقت منتجاً لم تتمكن من بيعه، أو ربما فاتتك ترقية في وظيفتك، أو أنك أخفقت في أحد العروض التقديمية، أو أصابك واحد من ملايين الأنواع الأخرى للفشل).

إليك بضع نصائح تساعدك في الاستفادة من النكسات التي قد تصيبك وتدلك على كيفية تحويلها إلى رافعة تدفعك نحو تحقيق قدر أكبر من النجاح:

اعلم بأن الابتكار يتطلب الفشل. ففي عالم باتت فيه الميزة التنافسية قصيرة الأمد على نحو متزايد، يتعين على الشركات إدخال الابتكار كجزء لا يتجزأ ضمن عملياتها الاعتيادية. لكن مهما يكن نوع الابتكار، فإنه لا بد أن ينطوي على المجازفة ومحاولة تجريب أشياء جديدة – وهذا يستدعي الفشل بكل تأكيد. فالنجاح الذي تبلغ نسبته 100% يعني ضمناً بأنك لا تأتي بأي جديد على الإطلاق. فالهدف، كما يقول إريك ريس صاحب كتاب "الشركة الناشئة المرنة" (The Lean Startup) الشهير، هو خلق منتج يكون بالحد الأدنى قابلاً للحياة على أن تتوقع تماماً بأنك ستجدده مع مرور الوقت. فإلى حد ما القضية هي عبارة عن إعادة صياغة: الأمر لا يتعلق بأنك تخلق شيئاً (كأحد المنتجات أو الخدمات) قد فشل، وإنما ما يعنيه هو أنك تعمل على تحسين سلسلة من النسخ التجريبية.

كن أنت الشخص الذي يروي قصة فشله للناس بنفسه. عندما كتبت مقالة قبل فترة طويلة من الزمن حول شخص كان معنياً بأزمة الأسواق المالية في الولايات المتحدة الأميركية، وذكرت فيها كيف وجّه الاتهام إليه خلال الأزمة وكيف بُرئت ساحته لاحقاً، تلقيت رسالة غاضبة من زوجته تقول فيها: لماذا أضفت اسمه في المقالة؟ بالطبع، نظراً لأنه كتب شخصياً حول تجربته في كتابه الشخصي (مقدماً فيه أكثر الروايات تدبراً وجاذبية لما حصل)، لم يخطر في بالي بأنهم حاولوا كتمان الأمر. لكن عادات البشر، ومن ضمنها الحاجة إلى الظهور بمظهر الكمال، هي أمور عصية على التغيير.

تفهّم بأن الفشل هو عملية متواصلة. فمن المهم بمكان أن يدرك الإنسان رجلاً كان أم امرأة بأن الفشل هو ليس مجرد "ظاهرة عابرة حصلت وانقضت"، بحيث ترتقي الجبل وتتربع على قمته. وإنما هو عملية متواصلة. ففي اليوم ذاته خلال ربيع هذا العام، رُفض طلبان لي تقدمت بهما للحصول على منحتين جامعيتين. هذا لا يعني بأنني لست ناجحة، فبحسب مقاييس أخرى، مثل كتابة الكتب، والمحاضرات، وتقديم المشورة، والتدريس في كليات الأعمال، أدائي يعتبر على ما يُرام. لكن هذه هي طبيعة الأهداف الطموحة: إما أن تظفر بكل ما تريده خارج نطاق المعتاد بالنسبة لك وإلا فلا. فالهدف، بحسب ما تظهر الأبحاث، يجب أن يكون ارتكاب "أخطاء جديدة ومختلفة". وإذا أردنا للآخرين أن يشعروا بأمان أكبر كي يجربوا، فيجب أن نكون مستعدين للحديث عن الفشل بصيغة الفعل المضارع – وليس مجرد شيء حصل لنا مرة ذات يوماً ما.

نعم نحن جميعاً نحب قصص النجاح التي لا تقاوم والتي تتحدث عن أشخاص جاؤوا من المؤخرة إلى المقدمة وبرزوا، والتي تتناول رواد أعمال "فشلوا" مثل كيفن سيستروم، الذي حوّل تطبيقه غير الناجح "بيربن" (Burbn)، الخاص بتشارك الموقع والصور مع الآخرين، إلى موقع "إنستغرام" الشهير الذي تفوق قيمته المليار دولار، أو قصة بن سيلبيرمان صاحب "بينتريست" (Pinterest)، الذي بدأ حياته بتطبيق هاتفي متعثر للتسوق يدعى "توتو" (Tote). فالفشل هو الذي يجعل النجاح ممكناً، ولكن ليس بسبب إمكانية الوصول في نهاية المطاف إلى بدائل مربحة جداً.

وإنما لأن الفشل يفسح المجال أمام الحوار لإظهار أننا لا نحتاج بالضرورة إلى أن نكون كاملين، فالحقيقة تظل بأننا لا يمكن أن نكون كاملين أصلاً. ونحن بحاجة إلى الحديث بصراحة وانفتاح – لكي يعرفنا الناس على حقيقتنا بحيث يوضع الفشل والأخطاء في نصابهما. لا يمكننا أن نخشى الاعتراف بأنه إذا كنا ننمو، فإن الفشل ليس حالة شاذة، بل هو أمر يحصل .

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي