ما الدور الحقيقي الذي يؤديه الرئيس التنفيذي للاستدامة؟

5 دقائق
الرئيس التنفيذي للاستدامة
أنطون فيريتين/غيتي إميدجيز

ملخص: نما عدد الشركات التي تعيّن رؤساء تنفيذيين للاستدامة بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية، لكن لا تزال مسؤولياتهم ومهامهم الفعلية غامضة بسبب حداثة المنصب. لكن من المهم أن تضمن مجالس الإدارة والمسؤولون التنفيذيون أن تحقق مسؤولياتهم التوازن بين الأهداف البيئية والاجتماعية وأهداف حوكمة الشركات. ويعرض المؤلفون ثماني مهام مميزة للرؤساء التنفيذيين للاستدامة وإطار عمل مرئي لضمان حصول كل مهمة على المستوى الكافي من الجهد.

 

أصبحت كلمة "الاستدامة" شائعة في عالم الشركات، إذ إن عدد الشركات التي تعيّن رؤساء تنفيذيين للاستدامة آخذ في الازدياد بسرعة، فقد بلغ عدد المعيّنين منهم في عام 2021 وحده أكثر من عدد المعيّنين في السنوات الخمس السابقة مجتمعة.

لكن على الرغم من النوايا الحسنة، والاعتراف الواسع النطاق بأهمية الاستدامة، لا تزال مسؤوليات الرؤساء التنفيذيين للاستدامة غامضة. على سبيل المثال، طوّرت إحدى شركات السلع الاستهلاكية الأوروبية الكبيرة التي طلبت استشارتنا العديد من المناصب الوظيفية التي تضمنت كلمة "الاستدامة" في مجموعة متنوعة من وحداتها الإدارية، ما أسفر عن سلطة مفككة، ومنافسة داخلية على الظهور والموارد، وانعدام الكفاءة، وحالات كثيرة من التداخل والازدواجية.

ولم يكن هذا الارتباك مفاجئاً في الواقع، فعلى الرغم من أن الوظائف والمناصب الأخرى، مثل الرئيس التنفيذي للشؤون المالية أو الرئيس التنفيذي للتسويق راسخة ومتأصلة، لم نسمع بمنصب الرئيس التنفيذي للاستدامة إلا مؤخراً، ولا يزال سجل إنجازاته ومقاييسه المعيارية محدودين، وهو ما يفسّر عدم الاتساق في الأوصاف الوظيفية، والاختلاف في الصلاحيات والمسؤوليات، وتنوع خطوط التسلسل الإداري. وعلى الرغم من ازدياد عدد الرؤساء التنفيذيين للاستدامة، فإن نسبة قليلة منهم فقط (35%) ترفع تقاريرها إلى الرئيس التنفيذي مباشرة. وعادة ما تُسند إلى الشخص المسؤول عن الاستدامة مهمة محددة ومختلفة، كتقديم التقارير إلى الرئيس التنفيذي للعمليات عند الحديث عن الكفاءة؛ وإلى الرئيس التنفيذي للشؤون المالية عند التركيز على العلاقات مع المستثمرين؛ وإلى الرئيس التنفيذي للاتصالات عندما تكون العلاقات العامة مهمة؛ أو إلى المستشار العام عندما يكون الاهتمام منصبّاً على الامتثال، وفي حالات أخرى، توزّع مهام المنصب على إدارتين أو ثلاث إدارات مختلفة. كما أن الفصل بين مسؤوليات الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات أمر شائع: حيث يتولى الرئيس التنفيذي للعمليات العمل على الأهداف البيئية، ويتولى الرئيس التنفيذي للموارد البشرية العمل على الأهداف الاجتماعية، في حين تندرج مسؤوليات حوكمة الشركات ضمن قانون الشركات.

وقد شهدنا ذلك بالفعل من قبل، إذ يُعتبر فصل المسؤوليات وعدم الوضوح شائعاً عند إدخال مناصب جديدة؛ لنتأمّل على سبيل المثال بروز منصب الرئيس التنفيذي للتحوّل الرقمي أو الرئيس التنفيذي للابتكار في المناصب التنفيذية العليا على مدار العقد الماضي أو نحو ذلك، حيث لم تكن مهام المنصبين ومسؤولياتهما منظمة في البداية، ما أدى إلى حدوث ارتباك حول المساءلات وفصل المسؤوليات وإلى خلافات بشأن الوظائف الأخرى المتداخلة.

ولإزالة اللبس والغموض ومساعدة المسؤولين في المناصب التنفيذية العليا على تطوير منصب الرئيس التنفيذي للاستدامة ومسؤولياته، أعددنا إطار عمل مرئياً بسيطاً.

8 مهام مهمة للرئيس التنفيذي للاستدامة

صممنا "الرسم البياني العنكبوتي المكوّن من 8 مهام" لمنصب الرئيس التنفيذي للابتكار بداية، وبعد أن أثبتت الأداة فعاليتها، طبّقناها على منصب الرئيس التنفيذي للاستدامة المُبتكر حديثاً، فهي تقسم دور الرئيس التنفيذي للاستدامة إلى ثماني مهام متميزة:

  1. ضمان الامتثال للقوانين. توقّع التوجهات التنظيمية وآثارها، وضمان الالتزام بقوانين الاستدامة وتشريعاتها التي تنطبق على كل قطاع وعملية وعمل تجاري، وتقييم إدارة المخاطر، وسنّ السياسات الداخلية.
  2. مراقبة الأهداف البيئية والاجتماعية وأهداف حوكمة الشركات وإعداد تقارير عنها. جمع البيانات والمقاييس بالاستناد إلى معايير إعداد التقارير، وإجراء مقارنة معيارية مع الأقران في القطاع، وإعداد تقارير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات ومشاركتها.
  3. الإشراف على مجموعة مشاريع الاستدامة. تولي مسؤوليات مدير مكتب إدارة المشاريع، كالتخطيط والتنسيق ومراجعة التقدم وتتبع النتائج لتنسيق الجهود التشغيلية المختلفة.
  4. إدارة علاقات أصحاب المصالح. تعزيز الحوار المستمر مع أصحاب المصالح الداخليين والخارجيين من أجل تطوير علاقات بنّاءة وشفافة.
  5. تطوير القدرات التنظيمية. تحديد الثغرات وتبنّي مبادرات تعليمية مناسبة لتحسين المهارات أو تحديد مصادر القدرات المفقودة، والتوصّل إلى طرق مبتكرة لتوسيع نطاق القدرات الجديدة، وتبادل المعارف وأفضل الممارسات ونشرها.
  6. تعزيز التغيير الثقافي. المساعدة في تحديد الأهداف الرامية إلى دفع عجلة التحوّل ومشاركتها، ودعم جهود التغيير الثقافي ضمن المؤسسة بأكملها من خلال التعليم، وتعزيز التحوّلات العقلية بالاستناد إلى سلوكيات عملية، ووضع إجراءات روتينية لتعزيز التغيير، وحثّ القادة على الالتزام بوعودهم.
  7. الاستكشاف وإجراء التجارب. تعزيز الانفتاح على بيئة عمل الابتكار الخارجية، واستكشاف تكنولوجيات الاستدامة الناشئة وحلولها وممارستها، واختبار قابلية التطبيق والتعلّم من التجارب، وتوسيع نطاق تبنّي الابتكار في المؤسسة.
  8. تضمين الاستدامة في العمليات وصناعة القرار. مراجعة العمليات الرئيسية والمعايير/المقاييس/الأدوات ذات الصلة لاتخاذ القرارات، وتدريب صنّاع القرار على إدارة التنازلات المعقدة.

تصوّر المهام الثماني

غالباً ما تُستخدم الرسوم البيانية العنكبوتية (المعروفة أيضاً باسم مخططات الرادار) لعرض البيانات عبر عدة أبعاد فريدة. ويُفيد تخطيط المهام الثماني للرؤساء التنفيذيين للاستدامة، ومقدار الجهد المبذول على كل منها على رسم بياني عنكبوتي في معرفة ماهية المسؤوليات الفعلية، ومجالات التركيز الحالية، والمجالات التي تتطلّب زيادة في الجهود، وماهية الفجوات؛ فالوضوح البصري يعزز المناقشات الاستراتيجية ويركز الاهتمام على المجالات الحقيقية بدلاً من التفاصيل.

ابدأ بوضع كل مهمة من المهام الثماني على النقاط الخارجية لسبع مثمّنات متحدة المركز، بدءاً من الأعلى ومن ثم باتجاه عقارب الساعة، ثم أجرِ مناقشة جماعية لتحديد مقدار الجهد المبذول حالياً على كل مهمة وإسناد رقم لها باستخدام المقياس التالي:

  • 1–2. جهد منخفض
  • 3–5. جهد متوسط
  • 6–7. جهد عالٍ

ثم اقرأ المهام واحدة تلو الأخرى وضع نقطة على المثمّن الذي يتوافق مع مستوى جهد كل منها. على سبيل المثال، إذا منحت المهمة الثانية درجة 4 على مقياس الجهد، فضع نقطة على المثمّن الرابع من المنتصف.

عندما عملنا مع شركة تصنيع ألمانية، طرح المسؤول التنفيذي العديد من الأسئلة حول التفاصيل التنظيمية والإجراءات المحددة، لكن سرعان ما تبيّن لنا أنهم يفتقرون إلى التركيز والتفكير الاستراتيجي حول "ماهية" منصب الرئيس التنفيذي للاستدامة و"أهميته"، فشجعناهم على إزالة الغموض من خلال إعداد رسم بياني عنكبوتي يضمّ 8 مهام خلال ورشة عمل تنفيذية قبل الانتقال إلى ديناميكيات التصميم التنظيمي.

ومثّل تصور الوضع الحالي للمنصب على الرسم البياني العنكبوتي لحظة وعي وإدراك، فقد لاحظت الشركة وجود العديد من المهام التي لم يكن الجهد المبذول لها كافياً، كما بدا دور الرئيس التنفيذي للاستدامة غامضاً فيما يتعلّق بالجوانب التشغيلية والتنظيمية، ووجدوا عند مناقشة كل مهمة اقتصار تركيزهم على التغيّر المناخي.

وبمجرد أن اتفق الفريق على ماهية المنصب، تحوّل النقاش إلى كيفية تطوير دور الرؤساء التنفيذيين للاستدامة وكيفية تحقيق توازن أفضل من خلال الاستثمار في المجالات التي لم تحظ باهتمام كافٍ، وحدّث الفريق التنفيذي الرسم البياني وفقاً لذلك.

التطبيق العملي للرسم البياني

فيما يلي أربع نصائح يمكن أن تساعد المسؤولين التنفيذيين على تحقيق استفادة كاملة من الرسم البياني العنكبوتي المكوّن من ثماني مهام:

احرص على أداء جميع المهام الثماني

يجب أن يتحمّل الرؤساء التنفيذيون للاستدامة مسؤولية أداء جميع البنود الثمانية بهدف قيادة تحوّل الاستدامة في شركاتهم، فقد صادفنا بالفعل العديد من المؤسسات التي تركز على العناصر التنظيمية والقانونية أو التواصلات الخارجية وتتجاهل العناصر الثقافية أو بناء القدرات.

لا تجعل تفكيرك مقتصراً على المسؤولية البيئية

يجب ألا يقتصر تحديد كل مهمة على النطاق البيئي (كما يحدث غالباً)، بل يجب مراعاة الأبعاد الأخرى للاستدامة أيضاً.

تأمّل مهمة "الاستكشاف وإجراء التجارب" (المهمة السابعة على الرسم البياني العنكبوتي): عند تحديد الأنشطة الفرعية لهذه المهمة، يجب على الشركات أن تتجاوز مجرد التفكير في التكنولوجيا الجديدة لتقليل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون. على سبيل المثال، يمكن أن يختبر الرؤساء التنفيذيون للاستدامة مناهج جديدة للشمول الاجتماعي للمجتمعات المستهدفة للشركة أو نماذج جديدة لتعويضات الموظفين تتسّم بالشفافية والإنصاف.

حدد مراحل التطور

على الرغم من أهمية التركيز على أهداف محددة على المدى المتوسط إلى المدى الطويل، ليس من الواقعي الاستثمار في جميع المهام التي لا تحظى بجهد كافٍ في وقت واحد. ولن يحدث التحوّل بين عشية وضحاها بالطبع، لذلك حدد الفجوات التي يجب سدها أولاً وأي الفجوات التي يجب معالجتها لاحقاً اعتماداً على سياق الشركة (على سبيل المثال، نوع الثقافة، ومستوى المهارات، والبيئة التنظيمية) وقطاعها (على سبيل المثال، أنواع أصحاب المصالح الخارجيين والقوانين).

على سبيل المثال، أدركت إحدى الرئيسات التنفيذيات للاستدامة المعيّنة حديثاً الحاجة إلى أداء جميع المهام الثماني لتحقيق تحوّل واسع النطاق. ومع ذلك، دفعتها القضايا التنظيمية الملحّة إلى التركيز على المهمتين الأولى والثانية من الرسم البياني العنكبوتي، وهو ما أتاح لها تركيز جهودها التنظيمية على سد الفجوات الأكثر أهمية (كالمهارات والأنظمة والبيانات) بسرعة والامتثال للتوجيهات الجديدة دون تكبّد غرامات كبيرة.

استغل ميزة التناسق المرئي في الرسم البياني. لا ترمِ الرسم البياني العنكبوتي وتتجاهله، بل استغل قوته البصرية لمشاركة المهام المتطورة مع الفريق التنفيذي والوحدات الأخرى، إذ ستساعد شفافيته وبساطته على تحقيق التواؤم والوضوح في المؤسسة.

في النهاية، يجب على المسؤولين التنفيذيين للاستدامة والفرق التنفيذية التفكير ملياً فيما يجب فعله أو تغييره لتنفيذ جدول أعمال استدامة شركاتهم بنجاح. وقد يفيد أخذ الوقت الكافي لتصوّر المهام الثماني للرؤساء التنفيذيين للاستدامة في ضمان تحقيق التوازن في مسؤوليات المنصب والتعامل مع الأبعاد المختلفة للاستدامة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي