عندما كنت في المرحلة الثانوية قبل نحو ثلاثين عاماً، درست لعامين خارج بلادي في قرية إيطالية صغيرة لا يتحدث أحدٌ من سكانها اللغة الإنجليزية. وحتى عندما كنت أذهب لمدينة كبرى في إيطاليا، مثل البندقية، فإنني لم أكن أصادف أناساً يتحدثون لغتي الأم إلا نادراً. لكن هذا الوضع تغير كلياً، إذ تستطيع اليوم ممارسة الأعمال التجارية باللغة الإنجليزية في أي مكان من العالم المتقدم تقريباً، باستثناء اليابان. أما إذا أردت التوجه عالمياً للمستهلك فلا جدال أن عليك التحدث بلغة العملاء أينما كانوا. ونحن في موقع booking.com، وهو أضخم أعمال مجموعة برايسلاين على المستوى العالمي (ينشط في أكثر من 220 بلداً ومنطقة) نعمل باجتهاد على تحقيق هذا الهدف من خلال توظيف الأشخاص الذين يجيدون الرد على المكالمات بعشرات اللغات. فعلى الرغم من أن هدفنا الرئيس هو تسهيل الحجوزات عبر الإنترنت فإن المسافرين يرغبون بالاتصال بنا هاتفياً لأسباب متعددة، منها الحرص على صحة معلومات الحجز فيتصلون أحياناً لتأكيدها، خاصة أنهم يدفعون مبالغ ضخمة مقابل خدمات السفر. ويتصلون في أحيان أخرى لأنهم لا ينتبهون إلى أن بوسعهم تغيير حجوزاتهم عبر الإنترنت أيضاً، أو ربما يريدون أحياناً التحدث إلى شخص بدلاً من التعامل الآلي عبر صفحات الإنترنت.
ولا ريب أن إجراء حجوزات الفنادق عملية معقدة لوجستياً وقد تصيبها مشكلات في بعض مراحلها، فيحدث مثلاً أن تتجاوز حجوزات الفندق طاقته الاستيعابية، أو أن يتسبب بركان في أيسلندا بإلغاء عدد من رحلات الطيران.
وتشير إحصاءاتنا إلى أن حوالي 20% من عملائنا حالياً يقررون التحدث معنا هاتفياً لسبب معين، وعلى الرغم من أن كثيراً منهم يتحدثون بعدة لغات، إلا أنهم يفضلون التحدث بلغتهم الأم عندما يتعلق الأمر بعطلاتهم وأسفارهم الشخصية. ويفرض حرصنا على تمكينهم من ذلك تحدياً صعباً لنا، فنحن وخلافاً لكثير من شركات الإنترنت الأخرى لا نتعامل مع خدمة العملاء على أنها مركز تكلفة. إذ جعلنا الوصول إلى هاتف خدمة العملاء متوفراً عبر موقعنا، ونحن لا نعهّد خدمة العملاء لجهات خارجية كي نوفر المال، ونطبق معايير التوظيف الصارمة ذاتها في هذا القسم، كما نفعل لدى التعامل مع أي وظيفة أخرى في الشركة. ونعتقد أن مراكز الخدمة لدينا جزء مهم من تجربة العملاء كي نعالج أي مشكلة تواجههم، فهدفنا أن نحافظ على ولاء العملاء لنا مدى الحياة وتؤكد بياناتنا ذلك.
طريقي إلى مجموعة برايسلاين
نشأت في كندا حيث نتحدث اللغة الإنجليزية في المنزل، وتعلمت الفرنسية وكذلك الإيطالية خلال سن المراهقة، وعملت بعد التخرج من الجامعة لدى الحكومة الكندية، وكان رئيسي من مقاطعة كيبيك لا يتحدث معي إلا باللغة الفرنسية. وانضممت بعد التخرج من كلية هارفارد للأعمال إلى شركة ماكنزي آند كومباني كمستشار، وأدركت عندها أنني أفضل قيادة شركة تقدم خدماتها للمستهلكين أكثر من شركة تقدم خدماتها للأعمال. ووجدت أنني أفهم تفاعل المستهلكين مع العلامات التجارية، وأحب استخدام المنتجات الاستهلاكية بنفسي (بل أحب معالجة شكاوى العملاء مباشرة، وما زلت أفعل هذا حتى اليوم.) وبينما كنت أعمل لصالح شركة ماكنزي في سياتل تابعت خطاباً لهوارد شولتز، الرئيس التنفيذي لستاربكس، ووجدت أنه شخص مثير للاهتمام، وكذلك شركته. وبينما كان الكثير من موظفي شركة ماكنزي في ذلك الوقت يستقيلون للانضمام إلى شركات الإنترنت الصاعدة، فإنني فضلت الانضمام إلى شركة لإعداد القهوة، وشكّك كثيرون بسلامة خطوتي تلك. أمضيت خمسة أعوام أعمل في شركة ستاربكس لتطوير المشاريع الجديدة والمنتجات التي تحمل العلامة التجارية، فأشرفت على عملية استحواذ ستاربكس على شركة الشاي تازو (Tazo)، وساعدت في إطلاق برنامج موسيقى ستاربكس، وعملت على توفير الاتصال اللاسلكي بالإنترنت عبر شبكات واي فاي في جميع مقاهينا، وإنشاء منصة الدفع ببطاقات ستاربكس.
وتعرفت خلال مشروع خدمة واي فاي على ستيف بالمر وزملاؤه في شركة مايكروسوفت، وكانت النتيجة أنه دعاني للعمل معه في مجموعة متنوعة من المناصب لأصبح في نهاية المطاف الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت في اليابان. وتعلمت في مايكروسوفت كيفية إدارة عمليات كبيرة الحجم. وحين كنت أعيش في طوكيو لمدة ثلاث سنوات، كان بعض من يقدمون لي التقارير مباشرة لا يتحدثون الإنجليزية إلا لماماً، ويفضلون التحدث باليابانية، واضطرني هذا إلى أن أصطحب معي مترجماً معظم الوقت. أما نزولاً حتى مستويين أدنى مني في هيكلية الشركة، فلم يكن أحد يتحدث الإنجليزية. وكانت تلك تجربتي الأولى لتحدي الحواجز اللغوية في الإدارة.
في يوم من أيام العام 2011 كنت في الملعب أحضر مباراة للهوكي في مدينة فانكوفر، فاتصلت بي مستشارة في شركة توظيف، وطلبت مني دراسة عرض عمل لإدارة موقع Booking.com، وقالت إنها أكبر شركة حجوزات سفر على الإنترنت ومقرها في أمستردام، فأجبتها بأنني لم أسمع بها قبلاً، لكنها أوضحت أنها جزء من مجموعة برايسلاين، وهي الشركة الأم لموقع السفر الشعبي في أمريكا الشمالية priceline.com. وكنت مثل معظم الناس أربط بين ذلك الموقع ونموذج "حدّد السعر الذي تريده" الذي ظهر أثناء فقاعة الإنترنت في أواخر التسعينات. وكنت رأيت إعلانات عنه يلعب بطولتها الممثل الشهير وليام شاتنر. وتذكرت أن موقع priceline.com توسّع سريعاً إلى نموذج "حدّد السعر الذي تريده" في مجالات البقالة، والتأمين، ومحطات البنزين، لكنه أصيب بضربة قاسية عند انفجار فقاعة الإنترنت. وكنت أعتقد أنه لم ينجُ منها. لكن يبدو أن الشركة تخلصت من كل شيء تقريباً باستثناء قطاع السياحة والسفر، وأجرت عملية دمج لأسهمها حتى تبقى واقفة على قدميها. وكانت تعمل ببطء على إعادة ابتكار نفسها. وبينما بُنيت شركات الإنترنت في التسعينيات على التحايل وأساليب التسويق، فإنها في أوائل الألفية الجديدة كان تركز على القدرة على زيادة حجم أعمالها بشكلٍ كبير. وبعد أن وصلت إلى المنزل بدأت أبحث عن معلومات عن مجموعة برايسلاين، ووجدت أنها تملك مجموعة من المواقع تشمل Rentalcars.com، وAgoda.com (للفنادق في آسيا)، بالإضافة إلى Booking.com وpriceline.com، والتي أضفنا إليها لاحقاً موقع "كاياك" (Kayak) للبحث عن حجوزات الطيران و"أوبن تيبل" (Open Table) لحجز المطاعم عبر الإنترنت. وعندما راجعت حجمها في السوق، فوجئت أنها لم تكن أكبر من شركة إكسبيديا فحسب، بل أكبر أيضاً من معظم شركات التجارة الإلكترونية التي أعرفها. ويضاف إلى ذلك أنها كانت تعمل على مستوى عالمي، ويعود السبب الأول في ذلك إلى موقع Booking.com. وأدركت أن شركة تتوجه للمستهلك بهذا الحجم على شبكة الإنترنت، ولا أحد يعرف عنها، تشكّل فرصة فريدة لجعل booking اسماً مألوفاً. وهكذا انتقلت وعائلتي إلى هولندا. وصرت رئيس موقع Booking.com في العام 2011، ثم تم تعييني في أوائل العام 2014 في منصب الرئيس والرئيس التنفيذي لمجموعة برايسلاين (ما زلت أيضاً الرئيس التنفيذي لشركة Booking.com). وتطلّبت هذه الوظيفة مني السفر كثيراً، ما ساعدني على مشاركة عملائنا وشركائنا والعاملين في الخطوط الأمامية همومهم ومشكلاتهم.
تحسين الخدمة
أدرك الأشخاص الذين أسسوا Booking.com الأهمية الكبيرة لخدمة العملاء، فوضعوا أساساً متيناً جداً لها. وعندما بدأت عملي في الشركة كان ذلك القسم صغيراً نسبياً. ولم نكن ندعم لغات كثيرة. وكانت الخدمة جيدة عموماً لكنها لم تصل إلى الامتياز. كان ينقصنا العديد من النظم والعمليات، فالعثور على هاتف خدمة العملاء على الموقع صعب، لذلك بدأنا تجربة تغيير ذلك، فجعلنا رقم هاتف خدمة العملاء واضحاً على كل صفحة. وعلى الرغم من أن ذلك زاد من التكاليف بعض الشيء، إلا أن أثره الإيجابي على ولاء المستخدم تجاوز قيمة تلك التكاليف. أما الخطوة المهمة الأخرى، فهي معرفة شعور الزبائن الحقيقي تجاه التسجيل الآلي على خط خدمة العملاء، فالبعض يعتقدون أن من يسمع تسجيلاً يقول "اضغط الرقم 1 لتغيير الحجز" مثلاً لا يشعرون بالرضا عادة. وهذا منطقي لأننا جميعاً مررنا بتجارب غير سارة مع هذ النوع من الأنظمة. لكننا جمعنا بيانات تشير إلى أنه العملاء يفضلون نظاماً آلياً على شبكة الإنترنت من أجل تنفيذ الطلبات البسيطة، إن كان مصمماً تصميماً جيداً (فهم أصلاً فضلوا الحجز على الإنترنت في المقام الأول). وفهم ذلك أمر حيوي لأننا إن استطعنا أتمتة الطلبات البسيطة بطريقة مبتكرة، فإن ذلك سيحرر موظفي خدمة العملاء ليتمكنوا من قضاء وقت أطول مع العملاء الذين تحتاج مشكلاتهم إلى تفاعل بشري. لدينا اليوم 6,000 موظف بدوام كامل لخدمة العملاء لموقع Booking.com، بعد أن كان العدد هو ألف عندما انضممت للشركة، ويتحدثون جميعاً اللغة الإنجليزية بطلاقة بالإضافة إلى لغة أخرى على الأقل، بينما يتحدث كثير منهم ثلاث أو أربع لغات، وخاصة في أوروبا. وقابلت موظفين منهم يتحدثون سبع أو ثماني لغات. ونختبر عادة إجادة اللغات للمتقدمين الجدد، وندفع أكثر قليلاً مقابل كل لغة إضافية يتحدثون بها. ونقدم دروساً في اللغات أيضاً ولو أن معظم الموظفين يأتون ولديهم خبرات لغوية سابقة. كما نقدّم خدمة العملاء اليوم بـ 42 لغة. ونختبر باستمرار إضافة اللغات 43، و44، و45 لكننا لم نحدّد حتى الآن ما هي اللغة التالية المطلوبة.
ولا بد أن أؤكد على أن توفير خدمة العملاء لدينا بلغات متعددة كثيرة تمثّل مهمة معقدة، وللمقارنة نذكر أن الأمم المتحدة تترجم عادة لست لغات فقط اختارتها بناء على اللغات العالمية الأكثر انتشاراً، بينما تقدم معظم الشركات الأمريكية خدمة العملاء بالإنجليزية والإسبانية فحسب. أما في نطاق شركات خدمة العملاء الضخمة التي تعمل في تعهدات تشغيل مراكز الاتصال، فإن عدداً قليلاً منها يوفر الخدمة بمجموعة من اللغات تفوق قليلاً التي يتعامل بها فريقنا، بينما تعتمد شركات ضخمة أخرى على "الترجمة على الهاتف تحت الطلب"؛ فيدفعون مقابل التعامل مع مترجمين مستقلين لتلقي مكالمات العملاء الذين يتحدثون لغات غير منتشرة. وقد يكون كلا هذين الأسلوبين أقل تكلفة من أسلوبنا، لكننا نعتقد أن تعيين موظفين داخليين لدينا لاستقبال المكالمات مهما كانت لغة العميل يقدم خدمة أفضل.
ويمثل العثور على الأشخاص الذين يتحدثون بجميع تلك اللغات نوعاً من التحدي، فمثلاً لدينا عدد من موظفي خدمة العملاء الذين يتحدثون الآيسلندية، والإستونية، والليتوانية، واللاتفية، والتشيكية. ولا تتوفر جميع اللغات على مدار 24 ساعة، لكن العملاء الذين يتحدثون بلغات غير شائعة يتكلمون عادة لغة شائعة، مثل اللغة الإنجليزية، لذلك نجد في معظم الأحيان موظفاً يمكنه تلقي مكالماتهم. أما في المناطق التي قد تكون فيها المهارات اللغوية محدودة، فنحاول التفكير بأسلوب مبتكر للعثور على المواهب المناسبة. فمثلاً كان إيجاد المتحدثين باللغة البرتغالية لمركزنا في أورلاندو صعباً، لذلك بدأ التوظيف بإعلان في إحدى مباريات كرة القدم الدولية في الإستاد المحلي، وفي الأحداث الثقافية البرازيلية.
الاختلافات الثقافية
عندما ننظر إلى كيفية تعيين موظفين في مراكز الاتصالات، لا نأخذ في الحسبان شعبية اللغات فحسب، بل ندرس أيضاً العوامل الثقافية التي تؤثر على حجم الطلب على الموظفين المتحدثين بها. إذ يميل العملاء في الأسواق الناشئة مثل البرازيل والصين على سبيل المثال إلى الاتصال بنا عن طريق الهاتف بمعدل أعلى، وربما يعود ذلك ببساطة إلى عدم اعتيادهم على حجز الرحلات عبر الإنترنت. أما الهولنديون (كانت اللغة الثانية بعد اللغة الإنجليزية لدينا) فيتصلون بنا بأقل المعدلات، بينما يفضل العملاء من أمريكا الجنوبية التحدث لمدة أطول في الاتصال الواحد، لذلك نحتاج إلى المزيد من الموظفين الذين يتحدثون لغاتهم لتجنب مدد الانتظار الطويلة.
أما التحدي الثقافي الآخر، فيأتي بسبب الفروقات التي تبرز عند المتحدثين بلغة واحدة. وهنا، لا أقصد المتصلين المتحدثين بالإنجليزية الذين يجدون صعوبات في فهم اللهجة الإنجليزية لموظف خدمة عملاء يعمل في مركز للاتصال خارج البلاد. بل ما أريد قوله أنه بغض النظر عن الطلاقة التي يتمتع بها موظف خدمة العملاء في اللغة المعنية، فإن بعض العملاء لا يفضلون التحدث مع أشخاص ليسوا من المواطنين الأصليين لبلادهم، أو يفتقدون القدرة على فهم التفاصيل اللغوية فهماً صحيحاً. فاليابانيون مثلاً، يميزون غالباً بين متحدث باللغة اليابانية من سنغافورة أو الولايات المتحدة الأمريكية أو من اليابان، ويميلون إلى تفضيل الأخير. وتتمتع لغتهم بكثير من كلام التشريفات، ولهذا نقدم لموظفينا تدريباُ خاصاً للتحدث بها بأسلوب صحيح. ولا يرتاح الأميركيون أيضاً إلى التحدث مع موظف ذو لكنة بريطانية، والعكس بالعكس. وحتى داخل المملكة المتحدة، يفضل الإسكتلنديون التحدث مع الإسكتلنديين، وأهالي ويلز مع موظفين من من البلد نفسه. ونحاول أن نفهم جميع تلك العوامل وندير العمل، بحيث نوجه المكالمة إلى مركز الاتصال الذي يرد فيه الموظف المناسب على المكالمة، للوصول إلى أعلى احتمال لتحدث العملاء مع موظفين يجيدون لغاتهم بالطريقة التي يفضلونها. وافتتحنا في خضم عملية توسيع الشركة مركزاً لخدمة العملاء في منطقة منخفضة التكلفة في الولايات المتحدة الأمريكية، لكنه لم يكن ناجحاً بسبب الصعوبة البالغة في العثور على أشخاص محليين بارعين في اللغات التي نطلبها. لكننا حافظنا على تشغيل هذا المركز، لأن لدينا أعمالاً في السوق الأمريكية تكفي ليبقى مشغولاً. أما عندما خططنا للمراكز المستقبلية، فإننا أعطينا الأولوية لإنشاء مراكز الاتصال في المدن الكبرى إما بسبب كثرة المواهب المتوفرة فيها باللغات الرئيسة (مثل طوكيو وشنغهاي) أو بسبب اتساع مجموعة اللغات التي يتحدث بها سكانها (لندن، وأمستردام، وبرلين، وبرشلونة). وقد يبدو أمراً مغايراً للمنطق أن نفتتح مراكز لخدمة العملاء في المدن الكبيرة، لأن ذلك يضطرنا لدفع تكاليف مرتفعة من ناحيتي أسعار العقارات والعمالة. لكن ما يعوض ذلك أننا نجد فيها المواهب عالية النوعية، ويستحق ذلك التكلفة الإضافية، فمثلاً لدينا مركز خدمة عملاء في سياتل، على الرغم من أن التكلفة ستكون أقل بكثير إن افتتحناه في مدينة سبوكان. لكن مدينة سياتل تمثل مركزاً تقنياً، ونجد فيها وفرة من الزوجات اللواتي يتحدثن ثلاث لغات أو أكثر، ويعشقن السفر ويرغبن في مساعدة الآخرين.
ترجمة متميزة
يمثل Booking.com اليوم أكبر منصة لحجز الفنادق عبر الإنترنت في العالم، على جميع المستويات تقريباً. وتمتاز معدلات الوصول إلى عملية حجز فعلية لدينا (من البحث إلى الحجز) بأنها من الأعلى في هذه الصناعة. بالإضافة إلى معدلٍ عالٍ جداً من تكرار الحجوزات بين عملائنا الأوفياء. حيث نَمَت أعمالنا بنسبة أربعة أضعاف تقريباً في غضون خمسة أعوام. وتم تصنيف موقعنا كواحد من أكثر المواقع عالمية في الكوكب. والميزة الكبيرة لدينا في هذا النوع من الأعمال أن الشركة تأسست في أمستردام، وهي مدينة غنية باللغات ولها تاريخ طويل من السكان الذين يعشقون السفر. ويتحدث كثير من الناس هنا عدة لغات، فمثلاً، تتحدث مساعدتي الهولندية خمس لغات بمستوى جيد، وهي ليست حالةً فريدة في الشركة. ويؤثر ذلك على ثقافتنا في الشركة بالمقارنة مع شركات الإنترنت الأخرى، باستثناء أكبرها، حيث يركز معظمها على الولايات المتحدة الأمريكية واللغة الإنجليزية. وينظرون إلى النمو العالمي على أنه أمر يزيد من اتساع أعمالهم، بينما يمتاز موقعنا بأنه عالمي التصميم، وتجري تلك العالمية في دمائنا. ولدينا إلى جانب مجموعة المواهب الغنية في مراكز الاتصال، مجموعة أخرى كبيرة من المترجمين الذين يعملون على ترجمة موقعنا. وتتم معظم عمليات الترجمة شخصياً بدون الاعتماد على برامج الترجمة لأنها تقدم نتائج أفضل. فإذا كنت تستخدم برنامجاً لترجمة نص من الصينية إلى البولندية، فتتم الترجمة عادة أولاً من الصينية إلى الإنجليزية، ثم من الإنجليزية إلى البولندية. لكن هذه الخطوة الإضافية تؤدي إلى نتائج منخفضة الجودة وهذا أمرٌ بديهي. ونسعى باستمرار إلى الترجمة من اللغة المصدر مباشرة إلى اللغة الهدف التي نريد نشرها على الموقع. وقد تصل برامج الترجمة من جوجل أو مايكروسوفت يوماً إلى ذكاءٍ كاف لمساعدة الناس على التنقل بين اللغات تماماً وتلك فكرةٌ رهيبة. أذكر مناقشتها مرة مع بيل غيتس خلال زيارة له إلى طوكيو عندما كنت أعمل في شركة مايكروسوفت. وكانت تلك واحدة من أحلامه. لكن ستمر سنوات طويلة على الأرجح قبل أن تتمكن برامج الحاسوب من الترجمة بدون الحاجة للبشر. أما اليوم فما زال دور الإنسان أساسياً لهذه العملية. وربما بعد مئة عام، سيتحدث أغلب الناس في العالم باللغة الإنجليزية، وستصبح إدارة شركة عالمية تتوجه للمستهلك عملية أسهل. ولكني آمل ألا يحدث هذا، فمن المؤسف أن تتشابه الثقافات في العالم. فالإنفاق على السفر ينمو حالياً بمعدل يزيد بسرعة أكبر بمرتين من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ولا يقوده الأشخاص من أتلانتا الذين يتوجهون لزيارة فلوريدا في الولايات المتحدة الأمريكية، بل يدفعه السفر الدولي المتزايد. فنحن نريد أن نرى أماكن مختلفة جداً وأناساً مختلفين جداً، واللغة هي الجزء الحيوي الذي يولّد تلك الاختلافات.