كيف يستطيع الرؤساء التنفيذيون التعاون مع مجلس إدارة ناشط؟

5 دقائق

تشهد مجالس الإدارة تحولاً عميقاً في الشركات من جميع الأحجام وكافة القطاعات تقريباً. حيث يجري استبدال المجالس الشرفية التي سادت في الماضي بمجالس نشطة أكثر تطلّباً من المدراء وأكثر تدخلاً في شؤونهم، ويُعزى ذلك في معظمه إلى نفاذ صبر المساهمين من الجودة المتوسطة أو الأداء المؤسسي الضعيف.

قد يكون هذا التغيير محبطاً وشاقاً بالنسبة للرؤساء التنفيذيين. ومع ذلك، بالاستناد إلى خبرتنا في تقديم المشورة للرؤساء التنفيذيين وعملنا كرؤساء تنفيذيين وعضويتنا في مجالس الإدارة، وجدنا أن الرؤساء التنفيذيين يمكنهم أن يكونوا فاعلين في البيئة الجديدة من خلال تجديد تفاعلاتهم مع مجالس إدارتهم. ويتألف الأمر من أربع مقاربات.

التعاون مع أعضاء مجلس الإدارة بشكل فردي وفي إطار المجموعة أيضاً – وطلب مساعدتهم بشكل انتقائي. من المذهل كيف يركّز العديد من الرؤساء التنفيذيين بالدرجة الأولى على العلاقات الرسمية مع مجلس الإدارة. ومع ذلك، يمكن لاستثمار الوقت في التفاعلات الثنائية غير الرسمية الدورية، أن يساعد الرئيس التنفيذي على مخاطبة إحساس الواجب لدى الأعضاء الجدد في مجلس الإدارة النشط ليكونوا على مقربة من الأعمال التجارية. ومن خلال الحوار الشخصي، يستطيع الرئيس التنفيذي تجنيدهم بشكل أفضل في المبادرات المهمة ومعالجة المسائل قبل أن تتحول إلى أزمات تضرب الشركة. بالإضافة إلى ذلك، ومن خلال تكوين رابط شخصي مع الأفراد في مجلس الإدارة، يقلّل الرئيس التنفيذي من احتمالات إضعاف المدراء لسلطته أو مفاجأتهم له من النقطة العمياء.

ومن الأهمية بمكان أن تكوّن رابطاً مع المدير الرئيس أو رئيس المجلس. وبما أن مجالس الإدارة أصبحت أكثر نشاطاً، يملك المدير الرئيس ورئيس المجلس مفاتيح وضع جداول أعمال منتجة وإدارة المشاكل مع المجلس مجتمعاً أو مع الأعضاء فرادى. كان أحدنا عضواً في مجلس إدارة نشط تضمّن أعضاء، كانوا  كثيراً ما يهددون بعرقلة جداول الأعمال والإجراءات من خلال طرحهم لتساؤلات غير مجدية. جنّد الرئيس التنفيذي بهدوء كلاً من المدير الرئيس ورئيس المجلس لاستعادة النظام، وهذا ما فعلاه. وبما أن مجالس الإدارة أصبحت أكثر نشاطاً، يملك المدير الرئيس ورئيس المجلس مفاتيح وضع جداول أعمال منتجة وإدارة المشاكل مع المجلس بأكمله أو فرادى الأعضاء.

ويجب أن يدرس الرؤساء التنفيذيون تجنيد أحد أعضاء المجلس بوصفه مستشاراً غير رسمي. ويجب أن يتم ذلك بحذر شديد وإصغاء متفهم للألاعيب السياسية. مثلاً، وفقاً لما اكتشفه أحد الرؤساء التنفيذيين الذين نعرفهم، وضع مستشار مرتقب للمجلس نصب عينيه مسألة الحصول على منصب الرئيس التنفيذي لنفسه، وبالكاد كان موضع ثقة صائب! ويستطيع الرئيس التنفيذي من خلال استخدام اجتماعات ثنائية مُجدولة مُسبقاً بهدف تقييم أعضاء المجلس من أجل هذا المنصب الاستشاري، تحديد عضو مجلس الإدارة الاستشاري المناسب بشكل أفضل. وقد تكون قيمة عضو مجلس الإدارة هذا كبيرة بصفته مستمعاً جيداً ومرشداً إلى العمل بفاعلية مع بقية أعضاء المجلس.

التواصل بشكل أقل رسمية وبكثافة وتواتر أكبر. لا يزال العديد من الرؤساء التنفيذيين وفرقهم يقدّمون عروضاً تقديمية تقليدية وموجزة مؤلفة من 80 شريحة باستخدام برنامج باور بوينت (PowerPoint) في اجتماعات مجلس الإدارة. لكن بما أن مجالس الإدارة الحالية ترغب بشكل متزايد في حوار حقيقي، نوصي باستبدال مراجعة شفوية مدروسة وأسئلة وأجوبة حول المستجدات بالغة الأهمية والتحديات والفرص بالعرض التقديمي. (يجوز تقديم خلفية إضافية بوساطة قراءات موجزة قبل الاجتماع).

سيبيّن هذا أن الرئيس التنفيذي يستفيد من الوقت الذي يقضيه في المحادثات المباشرة مع مجلس الإدارة من أجل إجراء نقاش جاد. وسيركّز نشاط المجلس على موضوعات سيستفيد الرئيس التنفيذي فيها من أفكار المدراء ومشورتهم. ومن خلال اتخاذ زمام المبادرة في دعوة مجلس الإدارة ليُشارك في شؤون حيوية بالنسبة للأعمال التجارية، ويمكن للرئيس التنفيذي أن يدير العملية بشكل أفضل وأن يتجنّب إحدى أكبر سلبيات مجالس الإدارة النشطة، ألا وهي التدخل المزعزع من قبل أعضاء المجلس في العمليات.

قد يبدو جلياً أن الرؤساء التنفيذيين يجب أن يتواصلوا مع أعضاء مجلس الإدارة بشكل منتظم وجوهري في الفترات الفاصلة بين اجتماعات المجلس. لكن في الواقع، يتواصل الرؤساء التنفيذيون بشكل أساسي عند حدوث مشكلة. ويواجه الكثيرون أيضاً صعوبة في تناول مجموعة متوازنة من الموضوعات المهمة بشكل دوري.

يتمثّل أحد الأساليب الفاعلة في مواجهة هذه المسألة في رسائل الرؤساء التنفيذيين المنتظمة إلى مجلس الإدارة. يجب أن توكل إدارة هذه الرسالة إلى مساعد بارز مثل رئيس الاتصالات أو الرئيس التنفيذي لشؤون العمليات. وأثبت التواتر الشهري فاعليته مع عدد من مجالس الإدارة. وبهدف ضمان محتوى متوازن وذا صلة، يجب أن تتناول الرسالة بشكل روتيني مجموعة من الموضوعات المنتظمة (مثل توجهات بيئة الأعمال ومستجدات الأعمال والأخبار عن الأشخاص الموهوبين والتنبيهات المبكرة حول تطورات إيجابية أو سلبية مرتقبة).

اجعل المدراء من المستويين الثالث والرابع على احتكاك مع مجلس الإدارة. بينما كانت مجالس الإدارة في الماضي تركّز بشكل تقليدي على تخطيط الإحلال الوظيفي للرؤساء التنفيذيين والمواهب بين مرؤوسي الرئيس التنفيذي المباشرين، تهتم مجالس الإدارة النشطة بالمستويات الأدنى أيضاً بدرجة كبيرة. وأصبحوا ينظرون، وبشكل محق، إلى هؤلاء المسؤولين التنفيذيين على أنهم القادة المستقبليون وقادة عمليات اليوم الذين ينبغي عليهم تحفيز الأداء. لذلك سيسعى الأعضاء النشطون في مجلس الإدارة إلى التعرف عليهم.

يشعر بعض المسؤولين التنفيذيين بأن هذا تدخل زائد عن اللزوم أو يقلقون من أن المسؤولين التنفيذيين من المستوى الأدنى ليسوا مستعدين بعد للاحتكاك بمجلس الإدارة. ولكن في الواقع، إنه لمن الإيجابي أن يكون أعضاء مجلس الإدارة متفاعلين مع المستويات الأعمق من المواهب. وبهذا يمكنهم معرفة المزيد عن الأعمال والجيل التالي من قادة الشركة. يستطيع أعضاء مجلس الإدارة أيضاً أن يمنحوا الرئيس التنفيذي تعليقات قيّمة حول الأشخاص الذين يلتقون بهم بالإضافة إلى رأيهم حيال القوة الاحتياطية الإجمالية التي تمتلكها الشركة. أما بالنسبة للمسؤولين التنفيذيين، تُشكّل النوعية السليمة من الاحتكاك مع أعضاء مجلس الإدارة فرصة عظيمة للتطور.

ينبغي على الرئيس التنفيذي أخذ زمام المبادرة مع مجلس الإدارة في تحفيزه لعملية التفاعل هذه، ما سيتيح له تأثيراً أكبر عليها. يمكنه أن يختار الأفراد ذوي الإمكانيات الأعلى لمثل هذا التفاعل وأن ينظّم التفاعلات بحيث تكون أكثر إنتاجية -على سبيل المثال، من خلال تنظيم هذه التفاعلات على شكل اجتماعات ثنائية على مائدة الإفطار أو العشاء. ويمكنه أيضاً أن يطلِع المدراء بشكل مسبق على أسلوب عضو مجلس الإدارة ومجالات التساؤل المحتملة ويطلع أعضاء مجلس الإدارة على المسؤولين التنفيذيين الذين سيلتقون بهم.

التعامل مع التخطيط الاستراتيجي... بشكل استراتيجي. أصبحت مجالس الإدارة ذات الطابع التقليدي القديم تُشارك في نهاية عملية التخطيط الاستراتيجي فقط، إذ كانت تشارك تقليدياً في اجتماع مجلس الإدارة المخصص لمراجعة الاستراتيجية والموافقة عليها. في المقابل، غالباً ما تُمارس مجالس الإدارة النشطة الضغوط لتُشارك في العملية منذ البداية لأن الاستراتيجية هي في غاية الأهمية بالنسبة لأداء الشركة.

يمكن لمفهوم إشراك مجلس الإدارة في التخطيط الاستراتيجي أن يجعل الرؤساء التنفيذيين قلقين ودفاعيين. فهم يخشون من أن مجلس الإدارة قد يقوّض عملية التخطيط بسبب معرفته غير الكافية بالعمل. كما يقلقون من أن مشاركة مجلس الإدارة في التخطيط الاستراتيجي سيكون بمثابة شرارة البداية التي ستُفضي إلى تدخّل مجلس الإدارة في عمليات الإدارة اليومية للشركة. 

ويتمثّل مفتاح خوض غمار هذا التحدي في إبقاء التخطيط الاستراتيجي في يد الإدارة التنفيذية وإنما مع دعوة مجلس الإدارة لتقديم المشورة والتعليقات منذ البداية. كما تتمثّل إحدى الطرق الجيدة للقيام بذلك في إشراك مجلس الإدارة بشكل مبكر في تقرير الصورة الكبرى للاتجاه الاستراتيجي الصحيح للشركة، دون الخوض في التفاصيل. يمكن للرئيسة التنفيذية وفريقها أن يطوروا عدة خيارات ويقدّموها إلى مجلس الإدارة، مع تفسير السبب الذي يجعل من كل منها أهلاً للتداول. ثم يمكن للمسؤولين التنفيذيين أن يطلبوا مساهمة مجلس الإدارة في كل من هذه الخيارات دون اللجوء إلى التصويت. بهذه الطريقة، تستطيع الرئيسة التنفيذية وفريقها الحصول على منظور ثمين من قبل مجلس الإدارة والذي من شأنه أن يُعزّز جميع الخيارات المطورة والحصول على موافقة مبدئية مبكرة من المجلس لكل من الخيارات المطروحة والخطة الاستراتيجية النهائية التي سيتم اختيارها.

تستطيع الرئيسة التنفيذية آنذاك أن تزوّد مجلس الإدارة بتحديثات دورية عن عملية التخطيط الاستراتيجي من خلال رسائلها لمجلس الإدارة أو اجتماعات مجلس الإدارة. إذ يتيح هذا لمجلس الإدارة أن يبقى مشاركاً في العملية ويوفّر مساهمة ضرورية مع بقاء السيطرة على العملية الفعلية بيد الفريق التنفيذي، حيث تنتمي.

تُعدّ مجالس الإدارة الفاعلة حقيقة في عالم الشركات. وينبغي أن تكون طريقة العمل معها بفاعلية البند الأكثر أهمية على جدول أعمال الرئيس التنفيذي. وكما سبق وأشرنا، تتوفر للرئيس التنفيذي الفرصة لا لإدارة هذه العلاقة الجديدة فحسب، وإنما لتحويل مجلس الإدارة النشط إلى أصل ذو قيمة في بناء الأداء الرفيع وطويل الأمد للشركة أيضاً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي