كيف يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الشركات في الاستفادة من موارد البيانات الجديدة للتحليلات المحوسبة؟

5 دقائق
الذكاء الاصطناعي والتحليلات المحوسبة
فريق عمل هارفارد بزنس ريفيو/ مجموعة خرائط ديفيد رومزي

ملخص: لقد غيرت التحسينات في التكنولوجيا من قدرات التحليلات المحوسبة في المؤسسات بشكل كبير بسبب مجال عمل الذكاء الاصطناعي والتحليلات المحوسبة، من جهة أخرى، لا تزال التحليلات التنبؤية والوصفية تتطلب وقتاً وخبرة أكثر ومجموعات كبيرة من البيانات، إضافة إلى أنها غالباً ما تسفر عن رؤى ثاقبة ضيقة فقط. ومع ذلك، يمكّن الذكاء الاصطناعي التحليلات المحوسبة من تحديد السياق المهم من مجموعة واسعة من المصادر ودمجه ومعالجته بشكل تلقائي، بعد أن كان تحديد السياق يتطلب من المحللين التنقل بين وحدات العمل المنفصلة ومراجعة القوائم سيئة الإعداد. واليوم، يمكن للشركات الاستفادة من المعلومات السياقية في النظم المؤسسية، تماماً كقدرة تطبيقات "جوجل" على إعلامك أن الوقت قد حان للمغادرة إلى المطار إذا كنت ترغب في اللحاق برحلتك استناداً إلى عنوان منزلك وجدول مواعيدك ومعلومات الخريطة.

 

غيرت التكنولوجيا على مدى السنوات العديدة الماضية من قدرات التحليلات المحوسبة في المؤسسات. وبدأت المناهج التحليلية التي تتضمن النماذج التنبؤية تحلّ مكان الأساليب الوصفية. من جهة أخرى، تطورت التحليلات الوصفية التي لا تزال ذات قيمة للعديد من المستخدمين أيضاً، وهو ما زاد من استخدام التحليلات المحوسبة المرئية والتوجه نحو نموذج الخدمة الذاتية الذي يمكّن المستخدمين غير التقنيين من تطوير تحليلاتهم المحوسبة الخاصة. وسرعان ما أصبحت التحليلات المحوسبة أسهل في الاستخدام وأكثر قوة.

وعلى الرغم من هذا التقدم، لا يزال من الصعب استخدام البيانات والتحليلات المحوسبة لفهم العديد من الظواهر المهمة في المؤسسات والتنبؤ بها. تتطلب النماذج التنبؤية قدراً كبيراً من البيانات السابقة وقدراً محدداً من الخبرة لإعداد تلك النماذج واستخدامها، وهو ما يحدّ من كيفية نشرها ووقت نشرها. وعلى الرغم من أن منح مستخدمي التحليلات الوصفية قدراً أكبر من السيطرة يُعد أمراً جيداً، غالباً ما يتطلب هذا التحول من المستخدمين استثمار مزيد من الوقت. علاوة على ذلك، لطالما كانت مناهج التحليلات المحوسبة الحالية، الوصفية والتنبؤية، ضيقة بعض الشيء، وتركز على وظائف أو وحدات معينة، في حين لم تكن مشكلات وقضايا العمل تقتصر على تلك الوظائف والوحدات. ونادراً ما كان يجري دمج تلك المعلومات السياقية المهمة في نماذج التحليلات المحوسبة، إذ عادة ما تصعّب وحدات الأنظمة والبيانات المنفصلة تلك العملية، وغالباً ما كان محللو البيانات غير مدركين أو غير قادرين على الوصول إلى البيانات ذات الصلة بسهولة بسبب سوء الفهرسة.

والخبر السار هو أن جيلاً جديداً من تحليلات المؤسسة المحوسبة آخذ في الظهور، وهو يتضمن درجة معينة من الأتمتة والمعلومات السياقية. تعتمد الابتكارات على الذكاء الاصطناعي والأتمتة، والروابط بين أنظمة المعلومات الحالية، والافتراضات القائمة على الأدوار حول القرارات التي سيجري اتخاذها بشأن البيانات والتحليلات المحوسبة، وهو ما يتيح في النهاية إمكانية إعداد رؤى ثاقبة وتوصيات يمكن مشاركتها بشكل مباشر مع صنّاع القرار دون الحاجة إلى محلل بيانات لإعدادها مسبقاً.

واليوم، يمكن للشركات الاستفادة من المعلومات السياقية في النظم المؤسسية، تماماً كقدرة تطبيقات "جوجل" على إخبارك أن الوقت قد حان للمغادرة إلى المطار إذا كنت ترغب في اللحاق برحلتك استناداً إلى عنوان منزلك وجدول مواعيدك ومعلومات الخريطة. تعمل الأتمتة في التحليلات المحوسبة، التي يطلق عليها غالباً "اكتشاف البيانات الذكية" أو "التحليلات المعززة"، على تقليل الاعتماد على الخبرة والقرارات البشرية من خلال الإشارة إلى العلاقات والأنماط في البيانات بشكل تلقائي. وتوصي الأنظمة في بعض الحالات حتى بما يجب على المستخدم فعله لمعالجة الموقف الذي جرى تحديده في التحليل المؤتمت. ويمكن لتلك القدرات معاً أن تغير طريقة تحليلنا واستهلاكنا للبيانات.

قوّة السياق

لطالما كانت البيانات والتحليلات المحوسبة موارد منفصلة يجب دمجها لتحقيق القيمة. على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في تحليل البيانات المالية أو بيانات الموارد البشرية أو سلسلة التوريد، كان يجب عليك العثور على البيانات في مستودع بيانات أو سوق أو بحيرة بيانات، ومن ثم استخدام أداة التحليلات المحوسبة المناسبة.

وكان ذلك يتطلب معرفة واسعة بالبيانات التي كانت مناسبة لتحليلك وقدرة على تحديد مكان تلك البيانات، وكان العديد من المحللين يفتقرون إلى المعرفة بالسياق الأوسع. ومع ذلك، تمتلك التحليلات المحوسبة وحتى تطبيقات الذكاء الاصطناعي القدرة على توفير السياق. ويمكن تضمين تلك القدرات بشكل منتظم اليوم من قبل البائعين الرئيسين في عروض أنظمة المعاملات التجارية، مثل تخطيط موارد المؤسسات وإدارة علاقات العملاء.

ويوجد العديد من الأمثلة على السياق الجديد الذي يتضمن افتراضات حول القرارات التي يجب اتخاذها وسير العمل اللازم لتنفيذ تلك القرارات. على سبيل المثال، يمكن لنظام إدارة رأس المال البشري في الموارد البشرية تحسين عملية اختيار الموظفين تلقائياً عن طريق تحديد المرشحين الأكثر ملاءمة لوصف وظيفي معين (باستخدام أدوات معالجة اللغة الطبيعية للسير الذاتية ومطابقة المصطلحات) وترتيبهم بحسب ملاءمتهم للوظيفة. ويحتاج التطبيق للقيام بذلك إلى المعرفة السياقية لربط المعلومات الأساسية والمعلومات المرتبطة بالمهارات بمتطلبات الوظيفة. يمكن أن تعتمد التحليلات المحوسبة السياقية في سلاسل التوريد على بيانات تخطيط موارد المؤسسة التي تستخدمها الشركات لتحسين مستويات المخزون، والتنبؤ باحتياجات تلبية المنتجات، وتحديد حجم الأعمال المتراكمة المحتملة. وقد يشتمل السياق على مقاييس أداء سلاسل التوريد، وفهم مراحل إجراءات العمل، وتحديد طبيعة المعوقات التي قد تحدث في أثناء العملية.

وعلى عكس أنظمة التحليلات المحوسبة السابقة، لا تتطلب تلك الأدوات الجديدة من المستخدم عادة إنشاء الروابط السياقية، بل يجري استخدام البيانات اللازمة لإجراء التحليلات تلقائياً، كما تتوافق واجهة المستخدم البينية مع الواجهة الخاصة بالأنشطة التحليلية الأخرى. ويمكن للتطبيقات السياقية الأكثر تقدماً أن تحصل على البيانات تلقائياً وتحللها عبر المجالات الوظيفية، كأن تربط بين زيادات التعيين المقترحة والآثار المترتبة على الميزانيات والأداء المالي.

طورت شركة التأمين العملاقة "أكسا إكس إل" (AXA XL) نظام إدارة لرأس المال البشري مستنداً إلى السحابة، وهو ما وفر مجموعة متنوعة من المعلومات السياقية للمستخدمين. وتضمنت تلك المعلومات السياقية دون تكييفها مؤشرات الأداء الرئيسة للموارد البشرية، ومقاييس أداء أفضل الممارسات، والقدرة على مراقبة توجهات الموارد البشرية، مثل التنوع ومستويات الإنهاك. وجرى تقديم أداة جديدة لإعداد التقارير باستخدام تلك القدرات في جميع أنحاء الشركة في غضون 8 أسابيع فقط.

التحليلات المحوسبة المؤتمتة

إلى جانب العثور على البيانات الصحيحة وربطها لتوفير السياق بشكل آلي، تتزايد حالات أتمتة العملية التحليلية ودعمها بواسطة الذكاء الاصطناعي. ويتجه البائعون والمستخدمون نحو تلك التحليلات المحوسبة المعززة التي تجد فيها برمجيات التحليلات المحوسبة الأنماط في البيانات بشكل آلي وتجعل عملية الاستعلام عن البيانات وتحليلها باستخدام الواجهات البينية للغة الطبيعية ممكنة. باختصار، يجري الجمع بين الذكاء الاصطناعي والتحليلات المحوسبة التقليدية لجعل عملية تحليل البيانات أسهل وأكثر فاعلية.

وتشتمل الأدوات المعنية على التحليلات المحوسبة التنبؤية والتعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية وتوليد اللغة الطبيعية والتقنيات الأكثر تقليدية، مثل محركات القواعد. يمكن للتحليلات المحوسبة التنبؤية والتعلم الآلي تحديد التوجهات وأوجه الخلل في البيانات وتحديد المتغيرات أو الميزات التي تساهم بشكل أكبر في النتائج. وتتيح التحليلات المحوسبة المدعمة ببرمجيات معالجة اللغة الطبيعية إمكانية تحليل البيانات من خلال الأوامر المنطوقة البسيطة، في حين توفر قدرات برمجيات توليد اللغة الطبيعية ملخصات مؤتمتة للتحليلات باللغة الطبيعية.

وتزيل تلك الإمكانات الجديدة حواجز الخبرة والوقت من عملية إعداد البيانات واكتشاف الرؤى الثاقبة والتحليل وتمكّن "محللي البيانات غير الفنيين" (citizen data analysts) من تكوين رؤى ثاقبة واتخاذ إجراءات من شأنها تحسين أعمالهم. كما أنها تنطوي على آثار إيجابية على مؤسسات دعم علم البيانات والمؤسسات التحليلية. من جهة أخرى، يمكن للخبراء في برمجيات تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي التركيز على المشكلات والتحليلات الصعبة دون أن يقضوا وقتهم الثمين في توجيه المحللين ومستخدمي الأعمال الأقل خبرة أو دعمهم. كما يمكن أيضاً دمج النماذج التي جرى إعدادها من قبل الخبراء، إلى جانب النماذج التي أعدها البائعون في أنظمة المعاملات التجارية من خلال الطلبات المؤتمتة للبيانات أو التحليلات.

وقد طُرحت تلك التحليلات المحوسبة المعززة مؤخراً من قبل كبار البائعين مثل شركتي "أوراكل" (Oracle) و"سيلز فورس" (Salesforce)، في حين خاضت شركات أخرى تجارب ناجحة معها بالفعل. على سبيل المثال، كان لدى إحدى شركات التصنيع ثقافة قائمة على البيانات لكنها تفتقر إلى علماء بيانات محترفين. كانت قد طرحت نهج تسعير منخفض للزبائن الذي يعتمدون على مستويات الحجم في مشترياتهم. طلب محلل الأعمال من نظام التحليلات المحوسبة المعززة مراجعة أي توجهات في بيانات التسعير أو تحديد التوجهات الموجودة. واكتشف النظام أنه بينما كان عدد قليل نسبياً من الزبائن يستفيدون من تخفيضات مستوى الحجم، كان الكثيرون منهم يحصلون على خصومات خاصة من مندوبي المبيعات. واتخذت الشركة خطوات لإلغاء التخفيضات غير المصرح بها واكتسبت إيرادات بمئات الآلاف من الدولارات.

تغييرات كبيرة تلوح في الأفق

لا تزال رحلة ذلك الجيل الجديد من موضوع الذكاء الاصطناعي وتحليلات الأعمال المحوسبة في بدايتها، لكن إمكانات تلك الأدوات مذهلة. فهي تعدُ بتقديم رؤى ثاقبة أكثر وأفضل لعدد أكبر من الأشخاص ضمن المؤسسات بسرعة أكبر. لا تزال العديد من المهام المهمة تقع على عاتق متخصصي التحليل الذكي للأعمال وخبراء التحليل الكمي، لكن لن يضطر الكثيرون منهم إلى تقديم الدعم والتدريب لمستخدمي البيانات المبتدئين. وستصبح الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لم تكن قادرة على تحمل تكاليف علماء البيانات قادرة على تحليل بياناتها بدقة أعلى ورؤية أوضح. وما سيقود البراعة التحليلية للمؤسسات في النهاية هو مجموعة تقليدية من البيانات، ومجموعة من أنظمة المعاملات التجارية التي تولد البيانات التي تحتاج إلى تحليل، والاستعداد للاستثمار في تلك التقنيات الجديدة ونشرها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي