ملخص: تقطف المؤسسات في مختلف أنحاء العالم ثمار تبنّي فرق مبيعاتها التكنولوجيا الرقمية وأدوات الذكاء الاصطناعي، لكن هذا لا يشمل المؤسسات كافة. وعلى الرغم من إدراك قادة مبيعات كثيرين أن فرقهم تخلفت عن الركب بسبب التلكؤ في تبني التكنولوجيا الرقمية، تبدو العقبات التي يواجهونها محبِطة؛ إذ تواجه المؤسسات ما يصل إلى 3 عقبات رئيسية تحول دون تبني التكنولوجيا الرقمية في مجال المبيعات، هي: فجوات المعارف، والتعقيدات والمخاطر المتصورة، والقصور الذاتي. لكن بمقدور شركتك التعامل مع هذه التحديات وتذليلها لتبني التكنولوجيا الرقمية، وذلك باتباع دليل إرشادي مجرَّب والتزام القيادة العليا والتركيز المستمر على الأفراد.
تقطف المؤسسات في مختلف أنحاء العالم ثمار تبني فرق مبيعاتها التكنولوجيا الرقمية وأحدث تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وبذلك تنجح في تبسيط عملياتها وتعزيز تجارب العملاء ونتائجها وزيادة مستويات المرونة في مؤسساتها، بحيث تصنع قراراتها استناداً إلى البيانات وتصبح مهيأة للنمو في المستقبل، لكن هذا لا يشمل المؤسسات كافة؛ إذ نلاحظ خلال عملنا مع قادة المبيعات في بيئات تعليم المهارات التنفيذية أن عدداً كبيراً من القادة يساورهم القلق بشأن تخلُّف فرق مبيعاتهم عن مواكبة التكنولوجيا الرقمية ويبدون استياءهم لعدم لحاقهم بالركب في هذا المجال.
يدرك هؤلاء القادة أن ثمة فوائد عديدة للاستثمار في التكنولوجيا الرقمية، منها: القضاء على العمليات اليدوية غير المترابطة والعديمة الكفاءة في التفاعل مع العملاء، وتعزيز الحضور عبر الإنترنت وخيارات الخدمة الذاتية، وتزويد مندوبي المبيعات بمعلومات ورؤى فورية أفضل للتواصل مع العميل بأسلوب أكثر انسجاماً مع تفضيلاته الشخصية، وغيرها من الفوائد. علاوة على ذلك، يرون أن مخاطر التخلف عن ركب التكنولوجيا الرقمية باتت أوضح من ذي قبل، فالتأخر في تبني التكنولوجيا الرقمية يعرّض الإيرادات للخطر ويهدد قدرة المؤسسة على المنافسة فضلاً عن جعل استراتيجيات البيع فيها قديمة ويحوّل الشركة إلى مكان عمل غير جذاب.
لكن ثمة ضوءاً في آخر النفق المظلم، فعلى الرغم من وعورة طريق الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية، فقد سلكه الكثيرون من قبل ورسموا خريطته ووضعوا استراتيجيات وأدوات مجربة للسير فيه. وبمقدور فرق المبيعات اللحاق بالركب من خلال التعلم من تجارب الشركات التي نجحت في هذا المجال.
إذا ساورك القلق بشأن تخلف فريق مبيعاتك عن ركب التكنولوجيا الرقمية، فلست وحدك. وقد حددنا خلال عملنا 3 عقبات رئيسية يواجهها قادة مبيعات كثيرون عند السعي إلى تعزيز القدرات الرقمية لمؤسساتهم:
- فجوات المعارف: بطء التقدم بسبب عدم فهم الأدوات والحلول المتاحة وكيفية تنفيذها.
- التعقيدات والمخاطر المتصورة: يبدو تنفيذ الحلول الرقمية أمراً شاقاً ومكلفاً، ولا سيّما أن العائد على الاستثمار فيها غير مضمون.
- القصور الذاتي: تعاني مؤسسات وفرق مبيعات عديدة، خاصة الناجحة حالياً، عقلية مفادها: "لا تحاول إصلاح شيء ما لم يكن معطلاً".
قد يضطر قادة المبيعات إلى مواجهة عقبة واحدة أو اثنتين أو هذه العقبات الثلاث كلها. ولحسن الحظ، فلكل عقبة دليل إرشادي مجرَّب للتغلب عليها.
معالجة فجوات المعارف
تمثل فجوة المعارف مشكلة لكلٍّ من المؤسسات التجارية والفرق الرقمية التي قد تجد صعوبة في ترجمة القدرات الفنية إلى فوائد تجارية ملموسة. وثمة استراتيجيات عدة بمقدورها مساعدة المؤسسات على التعامل بذكاء أكثر والحصول على المساعدة التي تحتاج إليها لسد هذه الفجوة:
استفد من الخبرات الخارجية
تشكّل المؤتمرات وورش العمل الصناعية فرصاً مثالية للتواصل مع مزودي خدمات التكنولوجيا والأقران والتعلم منهم. يمكنك الاستعانة أيضاً بمستشارين متخصصين في مجالات معينة للحصول على مشورتهم ورؤاهم الاستراتيجية التي تنطبق على موقفك تحديداً فيما يخص الإمكانات والجداول الزمنية والفوائد والتكاليف والتحديات. ابدأ بالتماس مشورة مزودي خدمات التكنولوجيا والمستشارين الذين تتعامل معهم فعلاً؛ ففي هذه الحالة لن تحتاج إلى دفع المال للحصول على خدماتهم، كل ما هنالك أنك ستقتطع جزءاً من وقتك للتواصل معهم، وسيكون معظم الشركاء على استعداد للعمل معك في نطاق محدود قبل أن تلجأ إلى ضخ استثمارات أكبر.
تعلم ممن خاضوا هذه الرحلة مؤخراً
إلى جانب الاستفادة من الموارد الخارجية، ركِّز على الشركات التي تتمتع بخبرة حديثة نسبياً في تنفيذ الحلول الرقمية ويمكنها تقديم رؤى ثاقبة حول النجاحات والتحديات. وتجنب الانبهار بالشركات الرائدة والراسخة في التكنولوجيا الرقمية؛ فالتركيز عليها أكثر من اللازم سيجعل المهمة تبدو مرهقة. قد تُحجِم الشركات العاملة في قطاعك عن إطلاعك على تجاربها، لذلك عليك أن تطلب المشورة من الشركات العاملة في قطاعات أخرى التي واجهت تحديات مماثلة وحجمها يضاهي حجم شركتك. وبمقدور مستشاري التكنولوجيا والأعمال مساعدتك في العثور على مثل هذه الشركات.
استعن بعناصر الربط
تمثّل قدرات الشخص الذي يقود جهود التحول الرقمي عاملاً رئيسياً في مبادرات رقمنة المبيعات؛ إذ تزداد فرص نجاح هذه المبادرات عندما يكون هذا الشخص قادراً على سد الفجوة بين المبيعات والتكنولوجيا وفهم بيئة مؤسستك، ويمتلك سجل إنجازات حافلاً بقيادة التغيير الرقمي في مواقف مماثلة، وهو من نطلق عليه اسم "عنصر الربط" (Boundary Spanner)، ويتمتع الموظفون السابقون الذين عملوا في وظائف تجارية وتكنولوجية بقيمة كبيرة في أداء دور عناصر الربط، إذ يمزجون بين القدرة على فهم ثقافة شركتك من جهة ورؤاهم وخبراتهم الخارجية من جهة أخرى، ما يساعدك على توقع التحديات وتحسين الاستراتيجيات التنفيذية وتحفيز التغيير. وستجد كثيراً من أصحاب المواهب في أقسام العمليات التجارية والمبيعات الذين يستطيعون أداء دور عناصر الربط أيضاً، ومنهم موظفو تحليلات المبيعات والتسويق والمبيعات.
التعامل مع التعقيدات والمخاطر المتصورة
تبدو الحلول الرقمية صعبة للغاية في بعض الأحيان، وذلك بسبب التعقيدات التكنولوجية الملحوظة وصعوبة إدارة التغيير، أضف إليها اعتبارات التكلفة؛ إذ لا تظهر عوائد الاستثمار على الفور، وبالتالي تواجه المؤسسات التي تعمل في ظل ميزانيات محدودة أو تركّز على الأرباح القصيرة المدى صعوبة بالغة في تبرير النفقات. وبمقدور الاستراتيجيات الآتية أن تساعد المؤسسات على إثبات القيمة التجارية وتبرير الاستثمار المطلوب:
تفاعل مع العملاء بأسلوب ينسجم مع تفضيلاتهم الشخصية ونسّقه لتحقيق تأثير سريع
تؤدي الأدوات الرقمية التي تساعد فرق المبيعات على تكييف نهجها مع احتياجات المشترين وتفضيلاتهم إلى تعزيز معدلات التحويل ورضا العملاء. وفي الوقت نفسه، تؤدي المنصات التي تعمل على تحسين التنسيق بين عمليات البيع والتسويق وخدمة العملاء إلى رفع جودة العملاء المحتملين واختصار دورات البيع وزيادة معدلات إتمام الصفقات وتعزيز فرص الاحتفاظ بالعملاء. تعمل هذه الفوائد مجتمعة على تعزيز كل من نمو الإيرادات وكفاءة التكلفة والعائد على الاستثمار القابل للقياس.
ابدأ بخطوات صغيرة ثم توسَّع بها بمرور الوقت
ركِّز على المكاسب السريعة لتحقيق الزخم المطلوب. اعمل على شراء الحلول بدلاً من إنشائها من الصفر، وأعطِ الأولوية لإحراز التقدم لا للسعي إلى الكمال من خلال اتباع نهج مرن يتيح لك تحسين الاستراتيجيات على الدوام ومواصلة التحسين. لنفترض أنك تريد منح مندوبي المبيعات أداة رقمية توفر رؤى قائمة على البيانات لاستهداف العملاء برسائل مخصَّصة يمكن تكييفها بناءً على احتياجاتهم المتغيرة. يمكنك البدء بطرح منتج قابل للتطبيق بالحد الأدنى يعمل فريق صغير على إجراء اختبارات أولية عليه ويقدم آراءً تقييمية تساعد على صنع منتج قابل للتعميم على نطاق أوسع. يتيح لك هذا إدارة المخاطر وتعديل المنتج بناءً على نتائج استخدامه وأثره على أرض الواقع.
التغلب على القصور الذاتي
تعتاد فرق المبيعات أساليب عمل معينة وتقاوم تغييرها، وتخشى المؤسسات تغيير أساليب عملها التي أثبتت نجاحها، خاصة إذا كانت تحقق أهداف المبيعات التي تحددها.
تؤدي الأحداث المزعزعة الكبرى غالباً إلى تحفيز فرق المبيعات على تبني الحلول الرقمية، وتتخذ هذه الأحداث المزعزعة أشكالاً مختلفة، مثل تغيير استراتيجيات الأعمال ودخول أسواق جديدة، والتغييرات في المشهد التنافسي وفي سلوك العملاء وتوقعاتهم. تخلق هذه القوى إحساساً بأن ثمة ضرورات مُلحة تؤدي إلى كسر الجمود المؤسسي.
انظر مثلاً إلى شركة عالمية لتصنيع الصلب كانت تسعى إلى تنشيط نمو إيرادات مجموعة منتجاتها الضخمة، وكان مندوبو مبيعاتها معتادين على تعزيز العلاقات مع المشترين القدامى وتلقّي طلبات شراء المنتجات الموجودة في المخزون فعلياً، لكن مع تصاعد حدة المنافسة، أرادت الشركة التحول إلى نهج أكثر اعتماداً على المنهجيات الاستباقية التي تركز على العملاء بحيث يستجيب الإنتاج لاحتياجات السوق؛ فاغتنم قادة المبيعات الفرصة لدعم حل مبيعات رقمي جديد من شأنه أن يضمن تزامن البيع مع الإنتاج، ويدعم في الوقت نفسه إتقان فريق المبيعات مهارات جديدة، وهي توقع احتياجات العملاء، وإعادة ترتيب الحسابات بحسب الأولوية، وفهم مجموعة المنتجات الأوسع نطاقاً، وبيع الحلول، وإدارة الحسابات الرئيسية.
وفي مثال آخر، استخدمت شركة عالمية متخصصة في الأدوية الحيوية طرح المنتجات الجديدة وسيلة للحث على تجديد ممارسات التسويق والمبيعات التي كان كلٌّ منها يسير بمعزل عن الآخر في السابق. وأدركت القيادة الفرصة السانحة لاستخدام الأدوات الرقمية بهدف تعزيز التعاون بين فرق كل من التسويق والمبيعات والشؤون الطبية؛ فأنشأت الشركة منصة رقمية مرتبطة بمنصات وأنظمة أخرى عززت فهم الفرق لاحتياجات مقدمي الرعاية الصحية، ما أدى إلى خدمة مقدمي الرعاية الصحية بأسلوب ينسجم مع تفضيلاتهم الشخصية وتنسيقها على نحو أكثر فعالية وصناعة قرارات أكثر اعتماداً على البيانات.
علاوة على ذلك، تؤدي هذه التكنولوجيات في حد ذاتها غالباً إلى زعزعة استراتيجيات المبيعات؛ فبمقدور المنصات الرقمية فتح قنوات جديدة للتواصل مع العملاء وتعزيز المبيعات، وقد تكشف التحليلات التنبؤية المدعومة بالذكاء الاصطناعي عن شرائح سوقية غير مخدّمة أو حالات استخدام جديدة للمنتجات الحالية.
يتطلب إحراز التقدم في رحلتك التركيز المستمر على كلٍّ من التكنولوجيا والأفراد، أياً كانت العقبة التي تواجهك؛ فاحرص على إعطاء الأولوية للجهود الرقمية التي تولّد فوائد لكل من العملاء والشركة؛ أي المبادرات التي تعزز تجربة العميل وتتوافق مع احتياجات المشتري وتفضيلاته. يسهم هذا النهج في تعزيز العلاقات ومستويات الرضا، ما يؤدي في النهاية إلى تعزيز النمو والربحية. علاوة على ذلك، احرص على الاهتمام الشديد بأعضاء فريق المبيعات، واستثمر في إدارة التغيير والتدريب والدعم، وواجه مقاومة التغيير الحتمية من خلال التواصل الشفاف والمشاركة الفعالة، واحرص على الاحتفاء بالنجاحات والإنجازات المتحققة لرفع المعنويات والحفاظ على الزخم؛ فالتزام القيادة العليا أمرٌ محوري لتعزيز التغيير الدائم على مستوى الشركة.