لأن الغالبية العظمى ممن يسجلون في دورات مفتوحة عبر الإنترنت (MOOC) لا يكملونها، ولأن أكثر من 50% من المنتسبين يستهلكون أقل من نصف محتوى الدورة، أصبح يُنظر بشكل خاطئ إلى موضوع تطوير المسار المهني عبر الإنترنت. إذ ينظر إليها على أنها غير ذات جدوى وأنّ الناس يهجرونها ولا يجنون فائدة منها. وتقوم هذه النظرة على فرضية أنّ عليك إكمال فصل دراسي كامل كي تستفيد من التعليم عبر الإنترنت. أما أنا وباعتباري مدمناً على الدورات المفتوحة عبر الإنترنت فأقول لكم: هذا افتراض خاطئ. وجدت على الأقل ثلاث طرق جيدة للتعلم من الدورات المفتوحة عبر الإنترنت تختلف باختلاف أهدافك والوقت الذي تخطط لقضائه في أية الدورة.
تطوير المسار المهني عبر الإنترنت
من المنطقي في بعض الأحيان السعي للحصول على اعتماد في شكل شهادة، وهو ما يستوجب منك إكمال كل متطلبات الدورة ويكلفك بعض المال في أغلب الأحيان. كما يتطلب الحصول على شهادة من دورات مواقع (Coursera) أو (edX) أو (Udacity) تخصيص بضع ساعات للدراسة كل أسبوع على مدى عدة أسابيع أو حتى عدة شهور. ولدى إنهائك لهذه الدورات، ستضيف سطراً إلى سيرتك الذاتية يشير إلى أنك حاصل على شهادة من الدورة التي أتممتها.
اقرأ أيضاً: كيف تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لتنمية المهارات المهنية؟
لكن هذه ليست الطريقة الوحيدة للاستفادة من الدورات المفتوحة عبر الإنترنت. هناك خيار ثان يتمثل في مراجعة محتوى الدورة ومشاهدة كل الفيديوهات لكن ليس بالضرورة إتمام جميع الفروض. والجانب السلبي لهذا الخيار هو أنك لن تحصل على شهادة، وفي بعض الحالات لن تتمكن من الوصول لجميع الاختبارات أو المواد التعليمية الأخرى المفيدة. أما الجانب الإيجابي فيتمثل في أنك تتخلص من ضغوط إكمال الفروض، ويمكنك عادة التعلم بأريحية. أضف لهذا أنّ هذا الخيار يتوفر غالباً بالمجان. أما الخيار الثالث، هو المعاينة. يمكنك في بعض الحالات تحقيق ما تريد من مجرد معاينة بعض الدورات، فتشاهد فيديو هنا أو هناك حتى تصل للمعرفة التي تحتاجها. مثلاً، افترض أنك أردت تعلم بعض صيغ الانحدار في إكسل. ربما توجد مصادر كثيرة عن الموضوع في الإنترنت تعلمك عن الموضوع، لكن التعليم المتوفر في الدورات المفتوحة عبر الإنترنت يتميز بجودة أعلى. يمكنك البحث عن درس واحد ضمن دورة إحصائية أوسع لتشاهده، بدل مشاهدة دورة بأكملها. تسمح لك الكثير من المنصات القيام بهذه المعاينة مجاناً، ولو أنّ هناك منصات مثل (Lynda.com) تستوجب منك دفع اشتراك.
ويُعد الأمر الذي عليك تذكره، هو جعل هذه الدورات المفتوحة عبر الإنترنت تعمل لصالحك بحيث تتعلم الأشياء التي تريدها سواء كان ذلك بهدف التحسن في العمل أو للحصول على وظيفة جديدة أو حتى لمجرد قضاء الوقت. كيف تعرف أي مسار هو المناسب لك؟ إليك هنا بعض الأسئلة التي ستساعدك في اتخاذ القرار.
هل موضوع تطوير المسار المهني جديد عليك كلياً؟
إذا لم يكن لديك خليفة عن الموضوع الذي تريد تعلمه فقد يكون من المنطقي أكثر أخذ كامل الدورة التي تمنحك شهادة. ليست المعاينة استراتيجية جيدة في هذه الحالة لأنك ببساطة ستجد صعوبة في تقرير ما تحتاج لدراسته. (أنت لا تعرف ما لا تعرف). ومع أنّ المراجعة تبقى خياراً مطروحاً، إلا أنّ الجهد الإضافي الذي ستبذله لإتمام الفروض سيضمن أنك ستتعلم بالفعل ما تود تعلمه، وهذه الفروض عادة لا تتوفر إلا في حالة الشهادات المدفوعة.
اقرأ أيضاً: كيف تساعد موظفيك الذين يعانون من أزمة في منتصف مسيرتهم المهنية؟
من ناحية أخرى، إذا كنت مطلعاً على الموضوع لكنك بحاجة لصقله فقد تجد في المراجعة أو المعاينة خياراً أكثر جدوى. لعلك على سبيل المثال درست التسويق في الجامعة ويصادفك هذا المجال أحياناً في عملك، لذا تود تنشيط معلوماتك عن أساسياته. في هذه الحالة تفي مراجعة الدورة بالغرض من خلال مشاهدة كل الفيديوهات حتى لو لم تكمل كل الفروض أو لم تدفع المال للحصول على الشهادة. أو في حالة أخرى كأن تود مثلاً صقل مهاراتك في موضوع متخصص جداً. هنا أيضاً سيكون كافياً معاينة محتوى بعض الفيديوهات المختارة.
كم من الوقت يمكنك أن تخصص من أجل تطوير مسارك المهني؟
هناك سبب وراء عدم إكمال معظم من يسجلون في الدورات المفتوحة عبر الإنترنت لكامل الدورة وهو أنّ إكمالها يتطلب وقتاً وجهداً لا يستهان بهما. (وإنفاق المال غالباً).
إذا كنت متأكداً من أنّ لديك الوقت الذي يمكن تخصيصه فمن المنطقي محاولة إتمام الدورة والحصول على شهادة. لكن احرص على تخطيط وقت الدراسة جيداً إن دفعت المال لدورة مفتوحة عبر الإنترنت. مثلاً، إن كنت من مستخدمي المواصلات العامة في تنقلاتك فقد تود مشاهدة بعض الفيديوهات في طريقك من وإلى العمل وترك الفروض لأوقات الليل وعطلات نهاية الأسبوع.
أما إن لم يكن باستطاعتك الالتزام لبضع ساعات في الأسبوع، يمكنك بفضل المراجعة أو المعاينة الانكباب على المواد التعليمية بحسب جدول وقتك الخاص.
كيف ستبرز ما تعلمته للآخرين؟
إذا كنت تتعلم لمجرد حب التعلم فقط، فالأفضل ألا تدفع للدورات المفتوحة عبر الإنترنت بما أنّ الشيء الأساسي الذي يشتريه المال لك هو الشهادة. أما إن كنت تقوم بالدورة لغاية متعلقة بعملك فعليك ابتكار طريقة لاستعراض ما تعلمته. هذا ممكن في بعض الحالات دون شهادة. إذ يمكنك مثلاً إظهار معرفتك الجديدة في العلوم المالية بالمساعدة في إعداد ميزانية قسمك. أو يمكنك التباهي بما تعلمته عن تطوير تطبيقات الموبايل ببناء تطبيق كمشروع جانبي. إذا وجدت هذه الخيارات كافية لإبراز مهاراتك ومعارفك فلا حاجة للدفع للدورة، أما إن كان من غير الممكن توظيف ما تعلمته في مشروع جانبي أو إدماجه في عملك الحالي، ربما من المجدي لك دفع المال للحصول على شهادة.
اقرأ أيضاً: كيف تتقدم في حياتك المهنية دون مساعدة مديرك؟
إذا اخترت المضي في خيار المراجعة لأنك تخطط لإظهار ما تعلمته من خلال مشروع جانبي، فكر مسبقاً في الكيفية التي سيكون عليها المشروع. كن واقعياً. من السهل القول أنك ستبني موقعاً في وقت فراغك حالما تكمل الدورة، لكن عليك في الواقع أن تأخذ بالحسبان الوقت الذي يمكنك تخصيصه لهذا الغرض.
يركّز أغلب النقاش الدائر حول الدورات المفتوحة عبر الإنترنت على الأشخاص الذين سجلوا في فصل دراسي كامل، لكن هذا ليس الخيار الوحيد الممكن. من المجدي أخذ دورة بهدف الحصول على شهادة إن كان لديك وقت لها أو إن كان الموضوع جديداً عليك أو كنت بحاجة للشهادة لإبراز ما تعلمته. وإلا فإنّ الاكتفاء بمراجعة الدورة أو معاينة أجزاء منها يبقى خياراً جيداً لتصبح أفضل في عملك.
اقرأ أيضاً: كيف تتغلب على أزمة منتصف المسار المهني؟
لم تتوفر يوماً كل هذه المصادر التعليمية العالية الجودة، المجانية أو شبه المجانية، من أجل تطوير المسار المهني عبر الإنترنت كما هي متوفرة اليوم. لم لا تجد لك طريقة للاستفادة منها في تحسين مهاراتك ومسارك المهني؟ لا شك أنّ شخصاً آخر في نفس مجالك سيستفيد منها إن لم تفعل أنت.