ملخص: أظهرت الدراسات التي أُجريت في مختلف التخصصات البحثية (بما يشمل صناعة القرار وعلم النفس الاجتماعي والإدارة وعلم النفس الاستهلاكي) أن الأشخاص غالباً ما يشعرون بالإحباط عند مواجهة عدد كبير من المنافسين، لكنهم ينافسون بشدة عندما يشعرون أنهم يتنافسون مع عدد قليل من المنافسين. فكيف يمكنك التغلب على خوفك الفطري وتحفيز نفسك لتقديم أفضل أداء، وبالطبع الفوز؟
- اِفهم الجانب النفسي للمنافسة. مع زيادة عدد المنافسين، يصبح من الأصعب مقارنة التقدم الذي أحرزته بالتقدم الذي أحرزه الآخرون، ما يمكن أن يكون محبِطاً ومثبطاً للهمة. ويمكن أيضاً أن تتسبب المنافسات الأكبر حجماً في تغيير تصورات الأشخاص بشأن احتمالية الفوز وحجم الجائزة.
- استفِد من قوة المقارنة الاجتماعية. من طرق التغلب على الحواجز النفسية المذكورة أعلاه: مقارنة نفسك بصورة استباقية بمنافسين محددين. فعندما تكون المعلومات المتعلقة بأداء شخص آخر حاضرة في ذهنك، ستكون أكثر حماساً لتقديم أداء جيد مثله أو أفضل منه، والأهم من ذلك أنك ستكون حريصاً على ألا تظهر بمظهر سيئ أمامه.
- أعِد صياغة احتمالية الفوز. يمكن أن تؤثر طريقة تفكيرك في المنافسة تأثيراً كبيراً على الإجراءات التي تتخذها خلالها. على سبيل المثال، يعتمد مستوى تحفيزك على احتمالية نجاحك "في اعتقادك". لنفترض أنك تتنافس في اختبار على المستوى الوطني، ومن بين الـ 200 ألف متقدم للاختبار، سيحصل أفضل 10% فقط على درجة ممتاز. ستكون هذه المعلومات أقل رعباً بالنسبة لك إذا أعدت صياغتها في عقلك على النحو التالي: "في المتوسط، سيحصل 1 من كل 10 متقدمين للاختبار على درجة ممتاز".
- انظر إلى الجائزة من منظور مختلف. يمكن أيضاً تحسين تصورك لجائزة المسابقة لإثارة دافع تنافسي أقوى. تخيّل أن هناك مسابقة تضم 10 آلاف مشارك وهناك فرصة بنسبة 10% للفوز بجائزة قدرها 100 دولار. والآن بدلاً من التفكير في "الفوز بجائزة قدرها 100 دولار"، انظر إلى الأمر على أنه "الفوز بجزء من جائزة قدرها 100 ألف دولار". فمن خلال فِعل ذلك، يمكن أن تبدو الجائزة أكبر من الناحية النفسية وبالتالي أكثر تحفيزاً.
هل تفضّل التقدم بطلب للحصول على وظيفة تقدَّم لها 10 أشخاص أم التقدم لوظيفة مشابهة تقدَّم لها 100 شخص؟
إذا كان تخميننا صحيحاً، فأنت على الأرجح اخترت الوظيفة الأولى.
أظهرت الدراسات جميعها التي أُجريت في مختلف التخصصات البحثية (بما يشمل صناعة القرار وعلم النفس الاجتماعي والإدارة وعلم النفس الاستهلاكي) أن الأشخاص غالباً ما يشعرون بالإحباط عند مواجهة عدد كبير من المنافسين، لكنهم ينافسون بشدة عندما يشعرون أنهم يتنافسون مع عدد قليل من المنافسين.
لتوضيح ذلك سنعرض مثالاً من دراسة حول برنامج الألعاب التلفزيوني ذا ويكست لينك (The Weakest Link). طُلب من اللاعبين في هذه المسابقة التصويت لاستبعاد لاعبين آخرين من أجل زيادة فرصتهم في الفوز بالجائزة الكبرى. ومع انخفاض عدد اللاعبين المتبقين في اللعبة، أصبح اللاعبون أكثر تنافساً؛ فقد كانوا أكثر قدرة على استهداف أصحاب الأداء المتميز والتصويت ضدهم. وأظهرت دراسة أخرى حول السلوك التنافسي في المزادات أنه عندما كان هناك عدد أقل من المشاركين، لم يكن المزايدون أكثر عدوانية فحسب، بل كانوا أيضاً أكثر ميلاً إلى إنفاق ما يفوق طاقتهم فقط للمزايدة على منافسيهم.
من ناحية أخرى، أظهرت الأبحاث أنه عند مواجهة عدد أكبر من المنافسين، يشعر الأشخاص بالخوف، حتى عندما يكون هذا الخوف غير منطقي من الناحية الموضوعية ويمكن أن تكون له عواقب سلبية. على سبيل المثال، أظهرت دراسة بارزة أُجريت لاستكشاف الجانب النفسي للمنافسة أن الطلاب الذين خاضوا اختبار سات (SAT) في أماكن بها عدد كبير من الأشخاص كان أداؤهم أسوأ مقارنة بمن خاضوه في أماكن بها القليل من المتقدمين للاختبار.
عبر المجالات الأكاديمية والمهنية وجميع مجالات الحياة الأخرى، قد تتعرض كثيراً لمواقف تنافسية تشمل مجموعات كبيرة من الأشخاص. فكيف يمكنك التغلب على خوفك الفطري وتحفيز نفسك لتقديم أفضل أداء، وبالطبع الفوز؟ نناقش فيما يلي العوامل النفسية التي يمكن أن تؤثر على دافعك التنافسي وتساعدك على النجاح.
1. افهم الجانب النفسي للمنافسة
ثمة عوامل نفسية متعددة تؤدي إلى تضاؤل حماسنا عند التنافس ضد مجموعات أكبر من الأشخاص. على سبيل المثال، تشير الأبحاث إلى أنه مع زيادة عدد المنافسين، يصبح من الأصعب مقارنة التقدم الذي أحرزته بالتقدم الذي أحرزه الآخرون، ما يمكن أن يكون محبِطاً ومثبطاً للهمة.
يمكن أيضاً أن يشعر الأشخاص بالإحباط بلا سبب منطقي نتيجة لتصوراتهم المعيبة عن حجم المنافسة. إذ يُظهر بحثنا أنه حتى عندما لا يكون للمقارنة الاجتماعية دور، فإن المنافسات الأكبر حجماً تغيّر تصورات الأشخاص بشأن احتمالية الفوز وحجم الجائزة. لنأخذ إحدى الدراسات التي أجريناها مثالاً على ذلك: بحسب سيناريو المسابقة، يجب أن يظل المشاركون نشيطين بدنياً مدة 4 أسابيع، وسيفوز كل شخص من الـ 10% الأعلى أداءً بجائزة نقدية قيمتها 75 دولاراً. كان المشاركون أقل تحمساً للمنافسة عندما كان هناك 5 آلاف مشارك مقارنة بـ 50 مشاركاً. وعلى الرغم من تطابق احتمالية الفوز المنطقية (10%) والجائزة النقدية (75 دولاراً) في كلتا الحالتين، فقد تصور الأشخاص أن احتمالية الفوز أقل بكثير وأن الجائزة أصغر عندما كان هناك 5 آلاف مشارك (مقابل 50 مشاركاً). وقد أثّرت هذه التصورات الذاتية المعيبة سلباً على دافعهم التنافسي.
2. استفِد من قوة المقارنة الاجتماعية
من طرق التغلب على الحواجز النفسية المذكورة أعلاه: مقارنة نفسك بصورة استباقية بمنافسين محددين. وفِعل ذلك بطريقة مدروسة وبنيّة تحسين ذاتك يمكن أن يساعدك على التفوق. فعندما تكون المعلومات المتعلقة بأداء شخص آخر حاضرة في ذهنك، ستكون أكثر حماساً لتقديم أداء جيد مثله أو أفضل منه، والأهم من ذلك أنك ستكون حريصاً على ألا تظهر بمظهر سيئ أمامه.
على سبيل المثال، تخيل أنك انضممت للتو إلى شركة كبرى وسيُرشَّح أفضل الموظفين الجدد للحصول على ترقية هذا العام. يمكنك الاستفادة من قوة المقارنة الاجتماعية من خلال الانتباه لأداء زملائك الأفضل أداءً. المهم هنا هو استخدام المقارنة للتقدم وليس الشعور بالغيرة. إذ يجب أن تستكشف الاختلاف بين طريقتك وطريقتهم في فِعل الأشياء، وأن تفكّر في كيفية فعلها بطريقة أفضل. دع هذه المقارنات الهادفة، والرغبة الناتجة عنها في أن تكون من أصحاب الأداء المتميز، تدفعك إلى تقديم أداء أفضل.
3. أعِد صياغة احتمالية الفوز
ثمة طريقة أخرى لتحفيز نفسك: تغيير طريقة تفكيرك في المنافسة، فهي يمكن أن تؤثر تأثيراً كبيراً على الإجراءات التي تتخذها خلالها. على سبيل المثال، يعتمد مستوى تحفيزك على احتمالية نجاحك "في اعتقادك". يمكن أن تبدو احتمالية الفوز نفسها أكثر جاذبية عندما تتصور المعلومات المتوفرة حول المنافسة في عقلك بطريقة مختلفة. لنفترض أنك تتنافس في اختبار على المستوى الوطني، ومن بين الـ 200 ألف متقدم للاختبار، سيحصل أفضل 10% فقط على درجة ممتاز. ستكون هذه المعلومات أقل رعباً بالنسبة لك إذا أعدت صياغتها في عقلك على النحو التالي: "في المتوسط، سيحصل 1 من كل 10 متقدمين للاختبار على درجة ممتاز".
هناك مثال آخر، تخيّل أنك تتقدم بطلب للحصول على وظيفة في شركة عالمية رائدة خلال معرض توظيف. وقد ذُكر في بيان المعرض: "من بين الـ 800 متقدم للوظائف هذا الموسم، سيُمنَح أفضل 20% فقط فرصة لإجراء مقابلة شخصية". بدلاً من أن تدع الأرقام تخيفك، أعِد صياغة الاحتمالية على النحو التالي: "في المتوسط، سيحصل 1 من كل 5 متقدمين على فرصة لإجراء مقابلة شخصية". هذا يبدو أكثر تحفيزاً، أليس كذلك؟
4. انظر إلى الجائزة من منظور مختلف
يمكن أيضاً تحسين تصورك لجائزة المسابقة لإثارة دافع تنافسي أقوى. تخيّل أن هناك مسابقة تضم 10 آلاف مشارك وهناك فرصة بنسبة 10% للفوز بجائزة قدرها 100 دولار. والآن بدلاً من التفكير في "الفوز بجائزة قدرها 100 دولار"، انظر إلى الأمر على أنه "الفوز بجزء من جائزة قدرها 100 ألف دولار". فمن خلال فِعل ذلك، يمكن أن تبدو الجائزة أكبر من الناحية النفسية وبالتالي أكثر تحفيزاً.
يمكنك أيضاً استخدام هذا النهج (بالإضافة إلى النهجين المذكورين أعلاه) لتحفيز الآخرين على المنافسة. على سبيل المثال، تخيّل أنك تعمل لدى علامة تجارية كبرى للشوكولاتة وأنك كُلفت بتنظيم مسابقة عبر مقاطع فيديو تلقى صدى واسعاً للمساعدة في ترويج العلامة التجارية على وسائل التواصل الاجتماعي. ومن بين مقاطع الفيديو الـ 50 ألف التي نشرها المستهلكون، ستمنح العلامة التجارية لوح شوكولاتة يزن 453 غراماً تقريباً لأفضل 30% بحسب عدد مشاهدات المقطع. بدلاً من استخدام عبارة "سيحصل كل ناشر من ناشري أفضل المقاطع على لوح شوكولاتة وزنه 453 غراماً تقريباً"، فإن إعادة صياغة معلومات الجائزة لتصبح "سيحصل كل ناشر من ناشري أفضل المقاطع على جزء من لوح شوكولاتة وزنه 7.5 أطنان" يمكن أن تساعد في جعل المكافأة تبدو أكبر بكثير (وأكثر متعة) لعملائك.
على الرغم من أنك قد تخشى بالفطرة مواجهة أعداد كبيرة من المنافسين، فبإمكانك التغلب على هذا النفور إذا أعدت صياغة فكرتك عن المنافسة داخل عقلك. ومن خلال الاستفادة من القوى النفسية مثل المقارنة الاجتماعية والتصورات المحسَّنة حول احتمالية النجاح وجائزة المنافسة، يمكنك تعزيز دافعك للانضمام إلى المنافسة والفوز.