ملخص: غالباً ما يُشاد بالموظفين لاضطلاعهم بمزيد من المشاريع والعمل مع مجموعة متنوعة من الأشخاص في مختلف أقسام الشركة. ولكن في حين أن هناك الكثير من الفوائد المتأتية من التعاون، إلا أننا عندما "نساعد" أكثر من اللازم فإن ذلك يمكن أن يأتي بنتائج عكسية متمثلة في اختلال العلاقات وتعطُّل العمل. إذ يمكن أن تؤدي المشاركة المفرطة والاضطلاع بالكثير من المهام داخل الفريق إلى كبت روح التعاون في الفريق، وكأن فعل ذلك يؤدي إلى امتصاص الأوكسجين من الغرفة، ما يجعل أعضاء الفريق يشعرون أن صوتهم غير مسموع وأنهم مستبعدون. يمكنك الحفاظ على روح التعاون في الفريق باتباع هذه النصائح وذلك لتجنُّب تخطي أعضاء الفريق. أولاً، ركّز على ما أنت مؤهل بشكل فريد للقيام به. ثانياً، أعد تعريف ما يعنيه "تقديم المساعدة" من خلال مراعاة ما تحتاج إليه المجموعة. ثالثاً، التزم الصمت قبل أن تدحض أفكار الآخرين لمعرفة كيفية سير المناقشة. وأخيراً، تفاوض مع أعضاء الفريق لوضع جدول زمني واقعي حول كيفية سير العمل حتى لا تصبح عقبة في طريق إنجازه.
مع الأزمات العالمية وزيادة التعقيد وتسارع وتيرة التغيير تزداد الحاجة إلى التعاون. ويُشاد بتعاون الموظفين المثمر في مراجعات أدائهم باستمرار. ولكن هناك مَن يتعاون أكثر من اللازم.
ينطوي التعاون على افتراضات محددة حول معنى العمل معاً بشكل جيد، وهي أن الأفراد يقدمون إسهاماتهم ويطرحون أفكارهم ويساعدون زملاءهم. فهم يبذلون كل ما بوسعهم بل ويفوقون التوقعات أيضاً. ولكن في حين أن هناك الكثير من الفوائد المتأتية من التعاون، إلا أننا عندما "نساعد" أكثر من اللازم فإن ذلك يمكن أن يأتي بنتائج عكسية متمثلة في اختلال العلاقات وتعطُّل العمل.
لنأخذ على سبيل المثال أمجد، وهو الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في إحدى شركات الرعاية الصحية، وكان عليه المشاركة في جميع المحادثات التي تُجرى على مستوى المناصب التنفيذية العليا بغض النظر عن موضوعها. غالباً ما يكون أول مَن يرفع يده للمشاركة في مشروع ما، وبدا أن لديه قدرة غير محدودة على إنجاز المهام بجودة عالية، وكان يعرض المساعدة على زملائه ومرؤوسيه المباشرين. بدا أن أمجد شخص شامل؛ فهو متفائل ونشيط وداعم ويساعد الجميع.
ولكن كلما زادت مشاركة أمجد، قل عدد الأشخاص من حوله. فبدلاً من تحفيز الإبداع لدى الآخرين، تفوقت أفكاره على أفكار الآخرين. وحديثه استهلك وقت الاجتماعات، ما حرم البعض من المشاركة. فقد تفوق على أبطال برنامج المسابقات "جيوباردي" (Jeopardy)؛ إذ إنه برفع يده للمساعدة كان يترك فرصاً معدومة لزملائه. كان أمجد يشعر بالحماس بسبب الكم الذي تم استخدامه من أفكاره ولكنه كان محبَطاً بسبب افتقار الآخرين إلى روح المبادرة وعدم تناسب الجهود المبذولة.
في حين أن الرئيسة التنفيذية للشركة أعربت عن تقديرها لإنتاجية أمجد، إلا أنها أدركت أن عليه تغيير نهجه للحفاظ على إنتاجية بقية أعضاء الفريق. واستجابة لذلك، وضعت أنا وأمجد خطة للمساعدة في معالجة التحديات التي تواجهه في التعاون مع الآخرين باستخدام أساليب اعتمد عليها العديد من المسؤولين التنفيذيين الذين أدربهم.
هناك شخص مثل أمجد في كثير من الفِرق. قد تجد أنه أحد أعضاء فريقك أو أن سلوكياته مشابهة لعاداتك. بناءً على عملي مع أمجد وغيره من عملائي من المسؤولين التنفيذيين الذين أدربهم، أعرض فيما يلي 4 استراتيجيات يمكنك استخدامها للمشاركة على نحو أفضل في فريق متعاون والتشجيع على إجراء نقاشات أكثر توازناً.
ركّز على ما أنت مؤهل بشكل فريد للقيام به
يكمن جمال الفريق في الإسهامات الفريدة والمتنوعة لكل عضو من أعضائه. ففي حين أن أمجد كان موهوباً من نواحٍ عديدة، إلا أنه عندما شارك بكامل طاقته لم يكن ذلك في صالح فريقه. ساعدناه على استكشاف قدراته الخارقة وهي أبرز نقاط قوته الأكثر تميزاً عن نقاط قوة بقية أعضاء الفريق. وكانت إحدى قدراته الخارقة هي الرؤية عبر الحدود الوظيفية وإقامة روابط بين العناصر التي تبدو مختلفة. فهو يستطيع تحديد التحديات ذات الصلة بنجاح العميل وتطوره واقتراح حل واحد لمعالجة كليهما. ولذلك قرر أمجد التركيز بشكل أكبر على إيجاد حلول مترابطة بدلاً من المشاركة أكثر من اللازم في الأجزاء الأخرى من العملية. فعندما تركز على ما أنت مؤهل بشكل فريد للقيام به، ستضيف قيمة إلى المشروع وستسمح للمتعاونين معك بفعل الشيء نفسه. وبذلك سيتوفر لك المزيد من الوقت لاستثماره في أنشطة أخرى عالية المردود.
أعد تعريف المساعدة
نفرط في المشاركة لاعتقادنا أننا بذلك نقدم المساعدة. إلا أن مَن يحدد تعريف "المساعدة" هو المتلقي وليس المقدِّم. بدلاً من أن يقوي أمجد علاقته بزملائه، حرمهم من الشعور بالإنجاز بتقديمه الجزء الأكبر من الأفكار، فشعروا بالإحباط والاستبعاد وأنه يقاطع حديثهم. لحل المشكلة كان أمجد يطرح سؤالين محددين قبل عرض أفكاره: "ما الذي تفكر فيه؟" و"ما هو الشيء الذي سيكون أكثر إفادة لك في هذه المرحلة؟". يقول المدرب التنفيذي مارشال غولدسميث إنه عند محاولة تحسين أفكار عضو في الفريق بنسبة 5% فإننا نخاطر باستبعاد الشعور بالملكية وخفض مستوى التزامه بنسبة 50%. استطلاع آراء الآخرين لفهم ما سيساعدهم ينير الطريق أمام إسهاماتنا، سواء من خلال أفكارنا بشكل مباشر أو من خلال تدريب الزملاء على خلق أفكارهم الخاصة أو من خلال الاستناد إلى الأفكار التي توصل إليها شخص آخر.
التزم الصمت قبل دحض أفكار الآخرين
إذا شبهنا التعبير عن الأفكار بالأوكسجين، فإن أمجد لم يمنح زملاءه في كثير من الأحيان فرصة للتنفس، فضلاً عن عرض أفكارهم. فقد كان يقحم نفسه في أثناء الحديث عن أسباب عدم نجاح شيء ما قبل حتى أن يتمكن أي شخص آخر من إكمال جملته الأولى، وكان على حق في أغلب الأحيان. ولكن، أدت مقاطعته للآخرين ورفضه للأفكار إلى خنق إنتاجية الآخرين من الإسهامات، وبالتالي كان غالباً الشخص الوحيد المتبقي الذي يقدم رؤى جديدة. جعله ذلك يبدو ذكياً على المدى القصير، ولكن بمرور الوقت نفدت منه مختلف الأفكار. بدلاً من ذلك، تعلم أمجد أن يكون آخر من يقدم الاقتراحات وأن يلتزم الصمت إلى أن يتحدث الآخرون. ومن خلال الضغط على زر كتم الصوت في أثناء مكالمات الفيديو، كان من الممكن أن يتحدث كما يشاء دون أن يسمعه أحد. تفاجأ أمجد بملاحظة الكيفية التي يمكن بها لشخص ما أن يعزز فكرة طرحها شخص آخر أو بالكيفية التي اختار بها الفريق أقوى الأفكار. حتى أنه لم يعد بحاجة إلى حضور بعض الاجتماعات مع مرؤوسيه المباشرين. إذا كنت تميل إلى استهلاك كل الأوكسجين الموجود في الغرفة، فاعلم أن التزام الصمت يمنح الآخرين فرصة للتحدث ويمنع الحوادث المؤسفة التي تقع عندما لا تتمكن من منع نفسك عن التحدث. وهذا سيساعدك أيضاً على تحسين مهارات الاستماع.
تفاوض مع أعضاء الفريق لوضع جدول زمني واقعي
عندما شارك أمجد في العديد من تفاصيل أحد المشاريع أصبح عقبة في طريق إتمامه. فقد كان لا بد من جدولة الاجتماعات قبل أسابيع من موعدها، وملأت الوثائق التي تنتظر مراجعته صندوق البريد الوارد الخاص به وأعاقت سير عمل الآخرين. عندما تحاول المشاركة بقدر أكبر من نصيبك العادل في المشاريع التعاونية، من المحتمل أن تتأخر عن الموعد المحدد. فمن السهل الاتفاق على جدول زمني مناسب للآخرين، ولكن من الصعب التسليم وفقاً له. بدلاً من ذلك، قيِّم التزاماتك وضع تقديرات واقعية لما يمكنك القيام به. في بعض الأحيان، كان زملاء أمجد يريدونه أن يتحرك بشكل أسرع، ولكن من خلال فهم الوقت الفعلي الذي يسلم فيه المهام يمكنهم الآن الاختيار بين انتظار تقديم إسهاماته أو المضي قدماً بدونه. إذ إن إعلام زملائك بوقت تسليمك للمهام مسبقاً يسمح بصناعة القرارات وتفويض المهام على نحو أفضل في متسع من الوقت وليس في اللحظة الأخيرة. وسيساعدك التقدير الواقعي للوقت أيضاً على الاضطلاع بمهام أقل وتحقيق المزيد خلاله.
التعاون مع الآخرين أمر أساسي في عالم الأعمال. يمكننا الحفاظ على روح التعاون في الفريق ويمكننا أن نجعل جهودنا التعاونية أكثر فعالية من خلال التركيز على الفريق بأكمله وليس على جهودنا الفردية. ومن خلال تخصيص الوقت لفهم الفرص التي يحتاج إليها زملاؤنا في العمل للنجاح أيضاً، فإننا نوزع الجهود بشكل مناسب ونزيد ثمار عملنا أضعافاً مضاعفة.