ثمة شخص يبدو أنه لا يرتكب أي خطأ في نظر مديرك، وهو زميلك الذي يحصل على جميع المهام الاختيارية، ويذهب إلى أي مؤتمر يريده، ويحصل على امتيازات خاصة أخرى أيضاً. ما أفضل طريقة للتعامل مع هذا الموقف؟ هل يجب أن تعبّر عن رأيك وتطالب بالحصول على معاملة متساوية؟ أم أن تحاول تقليد زميلك لكي تحظى باهتمام مديرك؟
ما الذي يقوله الخبراء؟
علاقتك مع مديرك هي من أهم العلاقات في العمل، ومن المهم أن تبذل جهداً في تنميتها، وفقاً لخبيرة إدارة المواهب والكاتبة في قضايا الموارد البشرية، سوزان هيثفيلد، لكنها مهمة صعبة عندما يكون مديرك متحيّزاً بوضوح تجاه أحد زملائك. وعلى المستوى الشخصي، قد تشعر بالحزن وانعدام الثقة عندما تدرك أن "نجمك فقد بريقه"، كما تقول مؤلفة كتاب "دليل هارفارد بزنس ريفيو حول سياسات بيئة العمل" (HBR Guide to Office Politics)، كارين ديلون. وقد "تشعر أنك عاجز عن تغيير" تلك الديناميكية لجهلك بماهية "الحل السحري". لكن حتى إن فشلت في أن تحظى باهتمام مديرك وتصبح الشخص المفضّل لديه، فهناك طرائق لتحسين علاقتك به.
انظر إلى الأمور من منظور آخر
تقول ديلون، عندما تعمل في وسط "غير عادل"، فقد يستنزف ذلك "طاقتك النفسية والعاطفية"، وتصبح بحاجة إلى جهة خارجية، كشريك أو صديق أو زميل من خارج مؤسستك، "ليساعدك على التفكير في المشكلة من منظور مختلف" وفي توليد الأفكار، أي أنك "بحاجة إلى شخص يقول لك: نعم، هذا الوضع غير عادل" أو "أنت تبالغ في التفكير في هذه المشكلة"، لتفهم ما يحصل بدقة. وقد تميل أنت وزملاؤك أن يواسي بعضكم بعضاً حيال هذا الوضع، لكن هيثفيلد تحذر من ذلك قائلة: "هذا يُثبط العزيمة، وإذا كان الآخرون يتحدثون إليك بشأن ذلك الوضع، فقل: أتفّهم مشاعركم، لكن هناك طريقة أفضل لمعالجة هذا الوضع بدلاً من التشاؤم. أي لا تدع نفسك ضحية هذا النوع من النقاش".
تحلّ بالإيجابية
قاوم الرغبة في التنفيس عن غضبك أمام الشخص المفضّل لدى مديرك. تقول ديلون: "ما لم يُقدم ذلك الشخص على أي فعلٍ يقوّض أداءك، فمشكلتك ليست معه"، بل حاول تنمية "صوتك الداخلي الإيجابي"، وفقاً لهيثفيلد وتضيف: "لكل منا صوت داخل رأسه يخبره بمدى عظمته"، وعليك بالتالي قمع صوت الأفكار الهدّامة أو حجبها وتعزيز صوت الأفكار "التي تقدّر نجاحاتك، وتساعدك على الاستمتاع مع الأشخاص من حولك، والبحث عن طرق للتميّز في العمل"، وتؤكد ضرورة أن تكون شخصاً مساهماً واثقاً بنفسه تحفّزه "دوافعه الذاتية" وليس بحاجة إلى "إطراء من مديره لتقديم أداء جيد أو ليكون سعيداً".
راقب وتعلم
بمجرد أن تغيّر عقليتك، وجه انتباهك إلى الزميل المفضّل لدى مديرك وحاول "اكتشاف سبب نجاحه" و"السلوكيات التي تجعله يتألق في نظر مديرك"، كما تقول هيثفيلد. راقب أسلوب تفاعله مع مديرك والآخرين في الشركة، وتعلّم كيفية تقديمه العروض التقديمية، وانتبه جيداً لأسلوب تواصله الكتابي والشفهي. تقول ديلون: "كلما زادت معرفتك بالشخص الناجح في مؤسستك"، تطوّر أداؤك الوظيفي. وفكر في كيفية "محاكاة سلوكه" بطرق صادقة وأصيلة، فالشخص المفضّل لدى مديرك هو المثال الذي يجب الاقتداء به، لكن يجب ألا تقلده في كل خطوة. وتضيف ديلون: "يجب أن تبدو أفعالك صادقة".
ابن جسوراً للتواصل
تقول هيثفيلد: "يجب أن تبذل قصارى جهدك من أجل بناء علاقات مع مديرك والشخص المفضّل لديه. كن لطيفاً وودوداً وحاول أن تجذب اهتمامهم". توصي ديلون بطلب مشورة الشخص المفضّل حول كيفية تحسين الأداء بنبرة ودّية دافئة، "قل: كنت مهتماً بتعليقاتك حول تلك الندوة التي حضرتها، وأود أن أعرف كيفية حصولك على تلك الفرصة، هل يمكنك مشاركة نصائحك معي؟" لكن تذكر: أنت لست في منافسة، تقول ديلون: "مهمتك هي تطوير علاقة صحية معه من خلال التعرف عليه. والزميل الجيد الذي لا يشعر بالمنافسة معك سيرحب بمثل تلك المحادثة حول العمل بالفعل". لكن إذا كان الشخص المفضّل لدى مديرك يستغل وضعه، "ويتعالى عليك" ويحاول أن يجعلك تشعر بالغيرة، فعليك "تجنبه".
اختر الحوار لا المواجهة
يمكنك التحدث مع مديرك حول طرق تحسين أدائك، لكن لا تتهمه بالتحيّز، تقول هيثفيلد: "لن تستفيد من اتهامه سوى أنك ستفقد ثقته فيك، فذلك سيُحرجه ويخلق نزاعاً بينك وبينه". وتوافق ديلون على هذه النقطة مضيفة: "يمكنك مناقشة الموضوع معه بلطف، كأن تقول: لاحظت أن سارة حصلت على الفرصة كذا وكذا، وأرغب في أن أحظى بالفرصة نفسها أيضاً". وأضافت أن الاستراتيجية المُثلى هي توجيه تركيز المحادثة إليك مباشرة. اطرح أسئلة مثل: "كيف تقيّم أدائي؟" و"ما هي المجالات التي تريد مني تحسينها؟" و"ما هي أولوياتك؟" و"هل نحن متوافقون في الرأي؟" وكن صريحاً بشأن التحديات التي تبحث عنها، وقل: "هذا هو مسار النمو الذي أتطلّع إليه".
ابحث عن موجّهين آخرين
إذا كنت لا تحصل على ما تحتاج إليه من مديرك، فتوصي هيثفيلد بتنمية "علاقات مع مدراء ورؤساء وموجهين آخرين قادرين على تقديم "الملاحظات والتدريب المهني وأوجه المساعدة الأخرى"، وهي ممارسة جيدة حتى إذا كانت علاقتك جيدة مع مديرك بحسب ديلون. بمعنى آخر، عليك "تطوير العلاقات مع أشخاص في مناصب السلطة في جميع أقسام المؤسسة" لتعزز فهمك للتحديات التي تواجهها أنت وزملاؤك بصورة جماعية ولتحدد مكامن الفرص. لكنها تحذر من أن هذه الاستراتيجية لن تنجح إلا إذا ناقشتها مع مديرك. حدد هدفاً محدداً تسعى إلى تحقيقه أو مشروعاً تريد المشاركة فيه، ثم قل مثلاً: "أظن أن لدى أمل خبرة حول هذا الموضوع، وأرغب في التحدث معها بهذا الشأن، هل تعتقد أنها فكرة جيدة؟" بمعنى آخر، حاول ألا تُقصي مديرك.
واصل مسيرتك المهنية
تقول ديلون إنها تؤمن إيماناً راسخاً بفكرة أن "العمل الجاد والسلوك الجيد والتعامل الجيد مع الآخرين يؤتي ثماره بمرور الوقت"، لكن إذا شعرت أن الآخرين "يتجاهلونك" على الرغم من "بذلك قصارى جهدك"، فلعلّ الوقت قد حان للبحث عن وظيفة جديدة. وتوافق هيثفيلد على تلك النقطة أيضاً بقولها: "واصل تقديم إسهاماتك، ولا تمنحهم أي فرصة للاعتقاد بأن أداءك دون المستوى. لكن إذا لم تتحسن علاقاتك ولم تحصل على مهام مناسبة أو تتمكن من تحقيق نمو مهني أو تحظى بفرص جديدة، فابدأ رحلة البحث عن خيار آخر.
مبادئ عليك تذكّرها
ما يجب أن تفعله
- عزز صوتك الداخلي الإيجابي
- راقب أسلوب تفاعل الشخص المفضّل لدى مديرك معه وحاول محاكاة السلوكيات التي تجعله ناجحاً
- طور علاقاتك مع المدراء والموجهين الآخرين الذين يمكنهم تقديم الملاحظات والتدريب لك
ما يجب عليك تجنّبه
- التنفيس عن غضبك أمام الآخرين في العمل، بل انسحب من المحادثة عندما يحتجّ زملاؤك
- مواجهة مديرك بشأن الوضع، بل أجرِ محادثة معه حول المشاريع المهنية والتحديات التي تسعى إليها
- البقاء في الوظيفة لفترة طويلة إذا كنت لا تحصل على فرص مثيرة للاهتمام أو تحقق النمو في مسارك المهني
دراسة حالة رقم 1: تحلّ بالإيجابية وادعم نفسك
يعرف جيم بارنيت، الرئيس التنفيذي لشركة غلينت (Glint) التي يقع مقرها في كاليفورنيا والمتخصصة في البرمجيات والتحليلات المحوسبة التي تقيس اندماج الموظفين في العمل، أن عدم كسب اهتمام المدير "مشكلة صعبة وجدانياً". كان قد شغل في وقت سابق من حياته المهنية منصب الرئيس التنفيذي للعمليات ويعمل لصالح رئيس تنفيذي متحيّز تجاه أعضاء الفريق، ولنطلق عليه اسم جاك. يتذكر جيم قائلاً: "كلما كان هناك اختلاف في الرأي بين فريق الإدارة وكنا بحاجة إلى التوصل إلى قرار، يختار الرئيس التنفيذي رأي جاك".
كان يشعر بالإحباط تلك الفترة، لكنه أدرك أيضاً أن التفكير في الموقف لن يجدي نفعاً. "فاتخذتُ قراراً بعدم أخذ الأمر على محمل شخصي"، كما أنه تجنّب الحديث عن الموضوع مع الآخرين في العمل. وإذا طرح أحد الزملاء الأمر، كان جيم يغيّر الموضوع و"يحاول أن يبقى متفائلاً".
وبعد أن أدرك أنه قد لا يحظى باهتمام مديره وقبوله أبداً، قرر أن يكون "مصدر الدعم الشخصي لنفسه"، على حد قوله، وبدأ قراءة كتب التطوير المهني والعمل مع مدرب مهني. تحدّث في الوقت نفسه مع مديره دون أن يتّهمه أو يلقي اللوم عليه، يشرح قائلاً: "حاولت التحدث في الأمر بدافع الفضول"، وقلت مثلاً: "لاحظت أنك غالباً ما تختار حلول جاك، هل ثمة ما يمكنني فعله للتوصل إلى حلول أفضل؟".
وقد آتت المحادثة ثمارها بالفعل، لكنها كانت محدودة، فقرر جيم البحث عن وظيفة أخرى في النهاية، لكنه ندم على عدم بذل جهد لتعزيز علاقته مع جاك، ويقول: "لم أفكر في أن أتعلم منه، بل فكرت في موقفي من الوضع فقط آنذاك، وكان يجب أن أعتبره حليفاً لي".
دراسة حالة رقم 2: العثور على موجّه
أمضت كارولين غرانت (تم تغيير الأسماء) 6 أشهر في وظيفة أحبتها وتشغل فيها منصب أخصائية تسويق في شركة رعاية صحية عندما طُرد مديرها، الرئيس التنفيذي للتسويق، وسرعان ما انحازت مديرتها الجديدة، ساندرا، إلى إحدى زميلاتها.
وتتذكر كارولين قائلة: "كانت وساندرا تمضيان الوقت في التحدث بشكل سري، وتخرجان لتناول الغداء معاً طوال الوقت، كما أنها شاركت في أفضل المشاريع وفي الاجتماعات الرفيعة المستوى. شعرتُ أنا وباقي أعضاء فريقي أننا منبوذون".
كانت المعنويات منخفضة، وتقول كارولين إنها "كانت تعمل لتجني المال فقط". ولحسن الحظ، كان لديها صديقة أكبر منها، "موجهة"، تعمل في قسم مختلف من الشركة، وتشاهد ما كان يحدث، وتنصحها وتقدّم لها المشورة، تقول كارولين: "لاحظت أنني أُعامل على نحو غير عادل، وساعدتني صديقتي على التفكير بعقلانية وكانت روح الفكاهة مفيدة أيضاً".
عاملت كارولين الموظفة المفضلة لدى المديرة بلطف وود، لكن دون أن تبالغ في ذلك لأنها لم تثق بها تماماً، كما أنها استجمعت شجاعتها وتحدث عن مستوى تطورها مع ساندرا. "تحدثتُ عن مساري المهني، وسألتها عما يجب أن أفعله لأحظى بترقية".
ساعدتها ساندرا في وضع أهداف محددة ونصحتها بالتحلي بالصبر. لكن على الرغم من أن كارولين حققت أهدافها بعد عام، لم تحصل على ترقية، وبدأت البحث عن وظيفة أخرى، تقول: "لم أكن سأحظى بالنمو الذي أردته".
علمتها التجربة درساً واحداً: "تعلمتُ كيفية الصمود في مكان العمل". وهي تعمل اليوم في مؤسسة غير ربحية.