نصيحة إلى الآباء والأمهات العاملين: لا تستغنوا عن إجازاتكم المرضية

5 دقائق
الحصول على إجازة مرضية
shutterstock.com/Yuriy Seleznev

ملخص: تضع المسؤوليات في العمل والمنزل كثيراً من الضغط على عاتق الآباء والأمهات العاملين ليبقوا فاعلين دائماً، حتى عندما يكونون مرضى. لكن الاستمرار في العمل عندما لا تشعر أنك بصحة جيدة قد يمنعك من تقديم أفضل أداء. وقد يجعل ذلك منك قدوة سيئة لموظفيك وزملائك في العمل وأطفالك الذين يعتمدون عليك. كيف يمكنك إذاً التقدم بطلب للحصول على إجازة مرضية؟ قيّم أولاً ما إذا كانت صحتك جيدة بما يكفي لتواصل عملك بإنتاجية من المنزل. إذا وجدت أن صحتك لا تسمح لك بالعمل من المكتب، فكن صريحاً حيال ذلك. ثانياً، اعمل مع فريقك على تبني ممارسة موحدة عندما يتعلق الأمر بالمرض. ثالثاً، تحدث مع زوجتك وأطفالك عن أهمية الرعاية الذاتية وضرورة الحصول على قدر كافٍ من الراحة. أخيراً، انظر إلى قضية الرعاية الذاتية من منظور أعم، فإذا أصبح الاهتمام والاعتناء بالصحة العامة حاجة ماسة ومشتركة لدى الجميع، فسندعم حينها بعضنا البعض من منازلنا وفي أماكن العمل على حد سواء.

سمعنا جميعاً عبارة "الأمهات والآباء لا يحصلون على إجازات مرضية"، لكن ذلك يعني أنهم سيواصلون أداء مسؤوليات العمل والمسؤوليات الشخصية ومسؤوليات رعاية أطفالهم أيضاً، ولا يمكنهم بالتالي أخذ إجازة على الإطلاق. لكن في الواقع، يجب على الآباء والأمهات العاملين الاعتناء بأنفسهم عند مرضهم من خلال الحصول على إجازة مرضية، بغض النظر عن مدى ترددهم بالحصول عليها.

وقد كان ذلك درساً قاسياً تعلمته بمرور الزمن. فقد ترددت بصفتي أباً ومديراً عاملاً بالحصول على إجازات مرضية. ولا يمكنني في الواقع تذكر عدد المرات التي ذهبت فيها إلى المكتب مصاباً بحمى خفيفة أو سعال حاد قبل الجائحة. ولا زلت أشعر بتأنيب الضمير حيال الأيام التي حصلت فيها على إجازة مرضية، على الرغم من أنني أصبحت أكثر وعياً اليوم. وأعلم أنني لست وحدي الذي تنتابه تلك الأحاسيس.

ووفقاً لاستقصاء أُجري عام 2019 على 2,800 عامل في الولايات المتحدة، أفاد 90% من الموظفين بأنهم غالباً أو دائماً ما يواصلون العمل عندما يمرضون. ووفقاً لاستقصاء آخر أجري عام 2017، لم يأخذ واحد من كل 5 موظفين بدوام كامل أي إجازة مرضية في العام الماضي (وهي إحصائية تزداد سوءاً بالنسبة للعمال الأكبر سناً)، في حين حصل حوالي 60% من العمال على إجازة أقل من 5 أيام. وعلى الرغم من أن الجائحة علمتنا أساسيات العناية بصحتنا والحفاظ على صحة الآخرين من حولنا، كغسل اليدين، وارتداء الماسكات، والبقاء في المنزل في حالة المرض، لا يزال من المغري بالنسبة لبعض الموظفين مواصلة العمل عند إصابتهم بالزكام أو التهاب الحلق.

ويوجد في الواقع عدة أسباب وراء استمرارنا في العمل عند المرض، حيث أفاد بعض الموظفين بشعورهم كما لو أنهم يثقلون كاهل زملائهم بالعمل الإضافي. ويخشى آخرون أن تتزعزع الأعمال في الشركة دون وجودهم. في حين تنتاب بعض الموظفين أحاسيس أن مؤسساتهم لن تسمح لهم بالحصول على أي إجازات على الإطلاق، بالإضافة إلى قلقهم من "أكوام العمل" التي قد تنتظرهم إبان عودتهم. قد لا يحصل العمال المؤقتون أو العاملون بدوام جزئي على أي إجازات مرضية، أو حتى إجازات مدفوعة الأجر، وقد يتردد الآباء والأمهات العاملون الذين يستخدمون إجازات المرضية في رعاية أطفالهم المرضى في طلب إجازات مرضية لأنفسهم عندما يمرضون.

ومع ذلك، يوجد أسباب وجيهة تدفع الآباء والأمهات العاملين إلى الحصول على إجازات مرضية يهتمون فيها بصحتهم ريثما يتماثلون للشفاء:

  • ستمنع بحصولك على إجازة انتشار الجراثيم، وهو ما يساعد في الحفاظ على صحة من حولك (في المنزل والعمل).
  • ستتماثل للشفاء بشكل أسرع عندما تأخذ الوقت اللازم للتعافي، وهو ما يمكّنك من مواصلة العمل بشكل أسرع أيضاً.
  • أسرتك تعتمد عليك، وإرهاق نفسك خلال الأسبوع لترتاح يوم الجمعة يعني أنك قد تفوت فرصة التنزه أو الذهاب إلى الحديقة أو المشاركة في بعض الأنشطة العائلية المفضلة الأخرى.
  • عندما تخصص وقتاً لنفسك، فأنت بذلك تضع صحتك في مقدمة أولوياتك، وهو سلوك سيقتدي به الآخرون، سواء في العمل أو في المنزل. فإذا كنت تريد أن يتعلم أطفالك كيفية الاهتمام بأنفسهم والعمل في بيئة صحية، فسيدركون عندما تمنح الأولوية لصحتك مدى صحة قرار الحصول على إجازة.
  • أخيراً، لا يعني "المرض" أنك تعاني من الحمى أو القشعريرة أو تقلصات المعدة أو الصداع النصفي، فالصحة العقلية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية. وقد يكون لإيلاء مشكلات الصحة العقلية بعض الاهتمام تأثير كبير على حياتك الأسرية، ذلك لأنك ستعاود تغذية عقلك وروحك بهدف التواصل مع زوجتك وأطفالك بشكل فاعل.

كيف يمكنك إذاً التقدم بطلب للحصول على إجازة مرضية؟

قيّم أولاً ما إذا كانت صحتك جيدة بما يكفي لتواصل عملك بإنتاجية من المنزل. قد يساعدك إلغاء الاجتماعات ومكالمات الفيديو ليوم واحد أحياناً في تحقيق غايتك، ويُتيح لك أداء بعض المهام البسيطة، كإرسال بريد إلكتروني أو العمل على جداول البيانات أو إجراء مكالمة مبيعات مرتدياً البيجامة. لكن لا تتخذ تلك الخطوة إذا كانت حالتك الجسدية أو العقلية سيئة لدرجة أنك قد تؤدي عملاً دون المستوى. وإذا اتخذت تلك الخطوة بالفعل، فضع باعتبارك احتمال أن تكرر المهام التي أديتها عندما تشعر بتحسن. (ثق أنني أقول لك الصواب حيال تلك الفكرة بصفتي شخصاً اضطر إلى الاعتذار عن رسائل البريد الإلكتروني المرسلة في وقت كنت أعاني فيه من الإنفلونزا).

إذا وجدت أن صحتك لا تسمح لك بالعمل من المكتب، فكن صريحاً حيال ذلك. لا يجب عليك أن تعطي معلومات تفصيلية بشأن السبب، بل يمكنك أن تقول: "لا أشعر أنني بصحة جيدة بما يكفي للعمل اليوم، وأرغب في الحصول على إجازة مرضية. وسأعاود العمل غداً إذا شعرت بتحسن". قد تضغط بعض المؤسسات أو المدراء على موظفيها حيال ذلك الأمر، لكنك لست مديناً لهم بتفاصيل عن صحتك. وإذا توصلت إلى قرار أن صحتك لا تسمح لك بالعمل، فابق متمسكاً بقرارك. وتذكر أن هذا هو وقت الاعتناء بصحتك.

يجب عليك أيضاً أن تعمل مع فريقك على تبنّي ممارسة موحدة عندما يتعلق الأمر بالمرض. اتخذت وفريقي قراراً بعدم العمل عندما نشعر بالمرض، ولم ندع أي مجال للنقاش حيال ذلك الموضوع. وتضمن قرارنا عدم الرد على رسائل البريد الإلكتروني وإيقاف إشعارات المحادثات الجماعية. كان من الصعب الالتزام بالخطة في المرة الأولى (وكنت أنا من أفسدتها في الواقع)، لكن تمكّنا بعد تجديد العهد مؤخراً من الالتزام بخطتنا؛ وصبّ ذلك القرار في مصلحة الجميع بالفعل.

قد ترغب أيضاً في التحدث بوضوح مع زوجتك للتأكد من أنكما تبديا قدراً من الاهتمام ببعضكما البعض من خلال تشجيع الرعاية الذاتية. على سبيل المثال، تحدثت وزوجتي عن كيفية تحقيق أقصى استفادة من الإجازة المرضية، وهو مفهوم لا يقتصر على مجرد التوقف عن العمل، بل يتضمن أيضاً أخذ استراحة من رعاية الأطفال وأداء بعض المهمات وإعداد وجبات الطعام، وما إلى ذلك. وإذا كان كلانا مريضاً، فسنتفق على هوية من سيأخذ إجازة كاملة في اليوم الأول، مع العلم أننا سنعكس الأدوار في المرة المقبلة.

أخبر أطفالك عن روتينك أيضاً حتى يتعلموا كيفية الاهتمام بصحتهم في وقت مبكر. وكن صريحاً معهم، كأن تقول: "أنت تعلم أنني أرغب في مواصلة العمل، لكنني أشعر بالتعب. ومن المهم أن تأخذ أنت أيضاً وقتاً كافياً للراحة عندما تكون متعباً إلى حين تتماثل للشفاء". (سيكرر طفلك تلك الكلمات عندما يحين وقت ذهابه إلى المدرسة بالتأكيد، لكن لا بأس في ذلك).

أخيراً، انظر إلى قضية الرعاية الذاتية من منظور أعم، فإذا أصبح الاهتمام والاعتناء بالصحة العامة حاجة ماسة ومشتركة لدى الجميع، فسندعم حينها بعضنا البعض من منازلنا وفي أماكن العمل على حد سواء. وذاك ما يجب أن يحصل في الواقع.

باختصار، لن تكون قادراً على تقديم أفضل أداء في العمل أو في المنزل إذا لم تكن صحتك جيدة، بل اسع للحصول على إجازة مرضية وخذ الوقت الذي تحتاج إليه للتعافي والاعتناء بنفسك، فأنت مدين لنفسك ولمن حولك.

هذا المقال منقول بتصرف من سلسلة كُتب "الآباء العاملين" الصادر عن "هارفارد بزنس ريفيو" تحت عنوان "كيف تهتم بنفسك؟" (Taking Care of Yourself).

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي