ملخص: في حين أن عمليات التسريح غالباً ما تكون الأكثر تدميراً لأولئك الذين فقدوا وظائفهم، فإن تأثيرها يمتد إلى ما هو أبعد وأوسع نطاقاً من ذلك بكثير. فهي يمكن أن تُزعزِع ثقافة الشركة، وتثبط معنويات الفريق، وتعصف بأي مظهر من مظاهر الأمان النفسي للعاملين الذين احتفظوا بوظائفهم. فيما يلي 5 طرق للمضي قُدماً في حياتك المهنية إذا نجوت من عملية تسريح.
- اقضِ بعض الوقت في فهم مشاعرك. عندما يتعلق الأمر بالسيطرة على الشعور بالذنب، تذكّر أن هناك شيئين يمكن أن يكونا صحيحين: يمكنك الشعور بالراحة إزاء الاحتفاظ بوظيفتك والحزن لزملائك المتضررين. فليس من الأنانية الشعور بالامتنان، وليس من الخطأ الشعور بالخسارة.
- على الصعيد المهني، خذ بضعة أيام لمعاودة الانخراط في جوّ العمل. وإذا استطعت، اطلب تأجيل أي اجتماعات غير عاجلة وركّز على المهمات التي ترى أنها الأكثر إرضاءً لتذكير نفسك بسبب قبولك بهذه الوظيفة في المقام الأول.
- بعد أخذ الوقت الكافي لاستيعاب مشاعرك، أظهِر الدعم لزملائك وأصدقائك الذين سُرِّحوا. ومن الطرق المؤكدة لدعم شخص ما على المستوى المهني: مساعدته في العثور على دور جديد.
- عمليات التسريح، خاصة إن كانت لأعضاء في فريقك، تعني أن ثمة الآن عدداً أقل من الأشخاص للقيام بالقدر نفسه من العمل. لذلك، لتجنب الإصابة بالاحتراق الوظيفي، اجتمع مع مديرك لفهم شكل توقعاتك الوظيفية الجديدة.
- قم ببعض التأمل الذاتي. حتى إن كنت لا تزال في وظيفتك، اسأل نفسك عما إذا كنت لا تزال ترغب في العمل في دورك وفي شركتك بالنظر إلى جميع التغييرات التي حدثت. واغتنم الفرصة للتخطيط لحياتك المهنية وتحديد شكل دورك المثالي. وبمجرد قيامك ببعض التأمل الذاتي، يجب أن تكون لديك الآن فكرة أوضح عن المهارات والخبرات الجديدة التي ترغب في اكتسابها. اجتمع مع مديرك للتحدث عما اكتشفته، ولكن اختر توقيت الاجتماع بعناية، فبالتأكيد لن تود أن تبدو غير مقدِّر للظروف الاقتصادية الحالية.
في الآونة الأخيرة، يبدو من المستحيل أن تتصفح الإنترنت دون رؤية عنوان حول تسريح عاملين في إحدى الشركات. فكل يوم يحمل لنا أخباراً عن شركة تكنولوجيا عملاقة سرَّحت موظفيها. وقد وضعت التقارير عن حدوث تباطؤ في الاقتصاد العالمي الكثير من الأشخاص في موقف صعب. في حين أن عمليات التسريح غالباً ما تكون الأكثر تدميراً لأولئك الذين فقدوا وظائفهم، فإن تأثيرها يمتد إلى ما هو أبعد وأوسع نطاقاً من ذلك بكثير. فهي يمكن أن تُزعزِع ثقافة الشركة، وتثبط معنويات الفريق، وتعصف بأي مظهر من مظاهر الأمان النفسي للعاملين الذين احتفظوا بوظائفهم.
ماذا لو كان هذا الشخص هو أنت؟ كيف تواصل العمل في مكان عمل غير مستقر مع حالة من عدم اليقين تلوح في الأفق؟
استناداً إلى بحوثنا وتجربتنا الشخصية، إليك 5 طرق للمضي قدماً في دورك وتطورك الوظيفي بعد النجاة من التسريح.
اقضِ بعض الوقت في فهم مشاعرك
البقاء في شركة قامت للتو بعمليات تسريح، خاصة في أثناء فترة ركود، يمكن أن يكون مقلقاً للغاية. وغالباً ما يثير مزيجاً محيراً من المشاعر: عقدة الناجي لأنك احتفظت بوظيفتك بينما فقد زملاؤك وأصدقاؤك وظائفهم، إلى جانب الشعور بالعجز والقلق بشأن إذا ما كان سيتم الاستغناء عن دورك. من المهم أن تأخذ الوقت الكافي لاحترام هذه المشاعر، بدلاً من تجاهلها أو السماح لها بالتأثير على أدائك في العمل.
عندما يتعلق الأمر بالسيطرة على الشعور بالذنب، تذكّر أن هناك شيئين يمكن أن يكونا صحيحين: يمكنك الشعور بالراحة إزاء الاحتفاظ بوظيفتك والحزن لزملائك المتضررين. فليس من الأنانية الشعور بالامتنان، وليس من الخطأ الشعور بالخسارة. أما بالنسبة للقلق الذي قد تشعر به إزاء الأمن الوظيفي، فقد يكون من المفيد التركيز على الأمور التي يمكنك التحكم فيها؛ وفي هذه الحالة هي: الأداء الوظيفي وكيفية المضي قدماً. (إليك بعض الاقتراحات أدناه). أقِر بما تشعر به وارفق بنفسك.
على صعيد العمل، خذ بضعة أيام لمعاودة الانخراط في العمل. وإذا استطعت، اطلب تأجيل أي اجتماعات غير عاجلة وركّز على المهمات التي ترى أنها الأكثر إرضاءً لتذكير نفسك بسبب قبولك بهذه الوظيفة في المقام الأول. إذا كنت لا تزال مكبوتاً أو محبَطاً، فاسأل مدير الموارد البشرية لمعرفة إذا ما كانت شركتك توفر خدمات استشارية أو موارد للصحة النفسية يمكنك الاستفادة منها. في بعض الأحيان، يمكن أن يساعدك التحدث مع متخصص خارجي في التغلب على هذه المشاعر المزعجة.
خارج نطاق العمل، احصل على الدعم من أحبائك في أثناء إدارة هذا الانتقال. إذ قد يساعد ذلك في إنشاء حدود أكثر صرامة بين حياتك الشخصية والمهنية خلال هذا الوقت. ابحث عن مكان يمكن أن يكون ملاذك الآمن، أي مساحة آمنة تُشعرك بالسعادة، عندما تشعر بعدم الاستقرار أو الضيق في العمل.
من الناحية الجسدية، هناك أشياء يمكنك القيام بها لتخفيف توترك، من بينها: القيام بمزيد من النزهات وقضاء المزيد من الوقت في الهواء الطلق. إذ تُشير البحوث إلى أن المشي يمكن أن يحد من اجترار الأفكار والحديث السلبي مع النفس. ومن الناحية النفسية، يمكن أن يساعدك تدوين مشاعرك على الورق في خلق بعض المسافة. إذ يمكنك مراجعة ما كتبته لاحقاً لتحديد ما تشعر به والدعم الذي قد تحتاج إليه. وتُعد كتابة اليوميات أو الرسم العشوائي من الخيارات الجيدة.
تذكّر أنه من الصعب للغاية دعم الآخرين إذا كنت أنت نفسك تعاني. بغض النظر عن مدى قلقك بشأن الزملاء الذين فقدوا وظائفهم، اعلم أنك لن تتمكن من مساعدتهم دون فهم مشاعرك أولاً.
تواصل مع زملائك
بعد أخذ الوقت الكافي لاستيعاب مشاعرك، أظهِر الدعم لزملائك وأصدقائك الذين سُرِّحوا. قد يبدو الأمر غريباً في البداية، ولكنه سيكون أكثر غرابة وإحراجاً إذا لم تقر بما يمرون به.
إذا كنت تواجه صعوبة في العثور على الكلمات المناسبة عند التواصل، فحاول وضع نفسك مكان زميلك. وأخذ جزء من وقتك لإظهار المشاركة الوجدانية سيجعل رسالتك أكثر صدقاً. اسأل نفسك: ما المشاعر أو المخاوف التي قد تشعر بها إذا كنت أنت هذا الشخص؟ ما الكلمات التي ستجعلك تشعر بالراحة؟ هل ستساعدك التأكيدات الإيجابية؟ أم أنك تريد ببساطة أن تعرف أن شخصاً ما يهتم لأمرك؟ في هذه الحالة، قد تتواصل مع الشخص وتقول: "مرحباً [الاسم]، يؤسفني سماع أنه تم الاستغناء عن دورك. استمتعت حقاً بالعمل معك وسأفتقد محادثاتنا اليومية عبر تطبيق سلاك. كنت أرغب في التواصل معك للاطمئنان عليك. سيسعدني أن نبقى على اتصال إذا كنت ترحب بذلك. وأرجو أن تعلم أنني أهتم لأمرك!".
ومن الطرق المؤكدة لدعم شخص ما على المستوى المهني: مساعدته في العثور على دور جديد. أضف زملاءك السابقين على لينكد إن، إذا لم تكن قد قمت بذلك بالفعل. وشارك المنشورات الدالة على أنهم يبحثون عن وظيفة، وأشِر إليهم (tag) عندما ترى فرصاً تناسب مهاراتهم أو اكتب مصادقة (endorsement) إيجابية على ملفاتهم الشخصية. وإذا كان لديك الوقت والاهتمام، فاعرف نوع الدور الذي يهتمون به وإذا ما كان بإمكانك توصيلهم بأصحاب العمل المحتملين في شبكة معارفك. يمكنك أيضاً تقديم ملاحظات على سيرهم الذاتية أو خطاباتهم التعريفية لتعزيز الملفات التي يقدمونها عند طلب الالتحاق بوظيفة ما.
وضِّح مسؤولياتك الوظيفية الحالية
عمليات التسريح، خاصة إن كانت لأعضاء في فريقك، تعني أن هناك الآن عدداً أقل من الأشخاص للقيام بالقدر نفسه من العمل. في حين أن هذا يمكن أن يؤدي إلى الاضطلاع بمشاريع تتجاوز حدود معرفتك ومهاراتك، ما سيمنحك الفرصة للنمو، فإنه قد يؤدي أيضاً إلى شعورك بالإجهاد والإرهاق والاحتراق الوظيفي.
لتجنب ذلك، اجتمع مع مديرك لفهم شكل توقعاتك الوظيفية الجديدة. وحاول الاتفاق معه على المسؤوليات التي سيتعين عليك تحملها في غياب الآخرين. ويمكن أن يكون من المفيد تدوين الملاحظات في أثناء هذه المحادثات. على سبيل المثال، أنشِئ "ورقة أهداف" أو مستنداً تحدد فيه مهماتك وترتبها حسب الأولوية، ومقدار الوقت الذي تتوقع أن تستغرقه كل مهمة، وأي أهداف أو مواعيد نهائية حددتها أنت ومديرك بناءً عليها. سيساعدك هذا على فهم كيف تغير دورك وكيف تؤثر هذه التغييرات على سير العمل اليومي، وأيضاً عندما يكون العمل كثيراً.
مع كل مشروع أو مهمة جديدة، احرص أيضاً على أن تطلب من مديرك شرح كيف سيستفيد فريقك ومؤسستك من هذا العمل الإضافي. فتوضيح هذه الأمور سيوجّهك، وأيضاً سيمكّن مديرك من رؤية أن عملك يقدم إسهامات ذات قيمة.
أخيراً، اعلم أن الاضطلاع بالكثير من هذا العمل الإضافي قد لا ترافقه زيادة فورية في الراتب. لهذا السبب من المهم للغاية توثيق كل مهمة كتابياً على الدوام. ستمنحك ورقة الأهداف التي أنشأتها البيانات التي تحتاج إليها للتفاوض من أجل الحصول على زيادة في الراتب أو ترقية في الأشهر القليلة المقبلة، أو بمجرد أن تستقر الشركة مالياً.
قم ببعض التأمل الذاتي
حتى إن كنت لا تزال في وظيفتك، اسأل نفسك عما إذا كنت لا تزال ترغب في العمل في دورك وفي شركتك بالنظر إلى جميع التغييرات التي حدثت. اغتنم هذه الفرصة للتخطيط لحياتك المهنية والتفكير فيها. قم بما نسميه "جولة تجديد الالتزام".
أولاً، راجع أنشطتك اليومية في العمل، وقيّمها من الأكثر تحفيزاً (5) إلى الأقل تحفيزاً (1). فكّر في المهمات التي تجعلك تشعر بالإنجاز، وما الذي تفتقده.
بعد ذلك، تحدث مع زملائك ومدرائك لالتماس تعليقاتهم حول نقاط قوتك والجوانب التي تحتاج إلى تحسينها. بينما تجمع هذه البيانات، اسأل نفسك: ما التأثير الذي أرغب في إحداثه؟ وإلى أي مدى تسمح لي وظيفتي الحالية بإحداث هذا التأثير؟ وهل لا يزال هذا هو أفضل مكان لي للتطور في حياتي المهنية؟ وهل لا يزال هذا الدور (وهذه المؤسسة) يتسق مع اهتماماتي وشغفي وقيمي؟
كخطوة أخيرة، فكّر في الشكل الذي تريد أن يكون عليه دورك المستقبلي المثالي. ما الذي تريد أن تفعله في عملك يومياً؟ ما المجالات أو القطاعات التي لا تزال تثير حماسك؟ وخلال فترات الركود، كيف يتغير قطاعك؟ وما الفرص الجديدة التي يمكنك إيجادها؟ على سبيل المثال، كيف ستغير ابتكارات مثل تشات جي بي تي (ChatGPT) أو الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) دورك أو مجالك؟ ما تأثير التغير المناخي؟ تحدث مع أشخاص آخرين قد تكون لديهم وجهة نظر حول ما يخبئه المستقبل لقطاعك وكيف يمكنك أن تكون أصلاً ذا قيمة.
حدد كيف تريد المضي قدماً
بمجرد قيامك ببعض التأمل الذاتي، يجب أن تكون لديك الآن فكرة أوضح عن المهارات والخبرات الجديدة التي ترغب في اكتسابها. اجتمع مع مديرك للتحدث عما اكتشفته، ولكن اختر توقيت الاجتماع بعناية، فبالتأكيد لن تود أن تبدو غير مقدِّر للظروف الاقتصادية الحالية. نوصي بالانتظار إلى أن تصبح الأمور أكثر استقراراً، أي ما لا يقل عن 3 إلى 6 أشهر بعد التسريح. سيرحب معظم المدراء الجيدين بفرصة معرفة المزيد عن أهدافك على المدى الطويل وكيف ترغب في إضافة قيمة للشركة، لا سيما خلال الأوقات العصيبة.
إذا لم تكن هناك فرص متاحة لك لاكتساب المهارات والخبرات التي ترغب في اكتسابها بينما تعمل في دورك أو فريقك الحالي، فانظر إذا ما كانت هناك فرص متاحة في أقسام أخرى من المؤسسة تتوافق مع اهتماماتك. تتطلب غالبية الشركات دعم المدير للموافقة على انتقال داخلي، لذا أبقِ مديرك على اطلاع في أثناء استكشاف الخيارات الأخرى.
للأسف أحياناً يُعد التسريح الجماعي علامة تحذيرية على أنه سيكون هناك المزيد من عمليات التسريح في المستقبل. إذا وجدت نفسك في مثل هذا الموقف، فقد يكون الوقت قد حان للبحث عن فرص خارج شركتك. حدِّث سيرتك الذاتية والملف الذي يضم نماذج أعمالك وملفك الشخصي على لينكد إن، وتواصل مع مدراء التوظيف أو تقدم بطلب للحصول على الفرص الجديدة التي تتوافق على نحو أوثق مع أهدافك المستقبلية.
غالباً ما تكون عمليات التسريح بمثابة تذكير بأن الأمان الوظيفي ينبغي ألا يكون من المسلّمات. في العديد من البلدان، مثل الولايات المتحدة، يُسمَح للشركات بتسريح الموظفين "متى شاءت". اعلم أن هذه مشكلة عامة، فعليك مساعدة نفسك لتتمكن من تولي زمام رحلتك.