الثبات الوظيفي: العدو الأول للابتكار والإبداع

1 دقيقة
الثبات الوظيفي
shutterstock.com/SvetaZi

خلال ثلاثينيات القرن الماضي، أظهر عالم النفس الألماني كارل دنكر ظاهرة "الثبات الوظيفي" (Functional Fixedness) بلغز مشهور، إذ أعطى مجموعة من المتطوعين شمعة وصندوقاً بداخله مسامير تثبيت الورق وعلبة أعواد ثقاب، وطلب منهم أن يجدوا طريقة لإلصاق الشمعة على الحائط بشرط ألا يتساقط الشمع على الأرض عند إشعال الشمعة، ووجد الكثير منهم صعوبة في إدراك أن الإجابة كانت تكمن في تفريغ صندوق المسامير وإلصاق الشمعة بداخل الصندوق عبر استخدام الشمع المذاب ثم تثبيت الصندوق على الحائط، فيعمل الصندوق نفسه رفاً يسند الشمعة ويلتقط الشمع المتساقط. نظراً لأن الصندوق قُدّم للمشاركين باعتباره حامل مسامير، لم يتمكنوا من رؤيته بأي طريقة أخرى. تُفسر هذه الظاهرة بمجموعة من الانحيازات السلوكية التي تشوب التفكير الإنساني، على غرار "الانحياز التأكيدي" الذي يدفع لتفسير البيانات بطريقة تدعم المعتقدات والافتراضات والتوقعات الموجودة لدى الفرد مسبقاً، و"التوافر الإرشادي" الذي يظهر عندما يميل الناس لاتخاذ قرارات أو إصدار أحكام حول موضوع ما استناداً إلى مدى سهولة المعلومة أو المثال الذي يتبادر إلى الذهن لحظة تقييم هذا الموضوع أو الخيار.

يعوق "الثبات الوظيفي" إطلاق الفرد لقدراته الإبداعية، لأنه يصيبه بحالة من قصر النظر تسيطر على رؤيته للمشكلات التي تواجهه على الصعيدين المهني والشخصي، ولمعالجة هذه الرؤية القاصرة، اقترح الباحث الراحل كلايتون كريستنسن وباحثون آخرون في مقال متكامل بعنوان "الحمض النووي للمبتكر" 5 مهارات أساسية، ابتداء بمهارة ربط الأفكار والأشياء التي تبدو غير ذات صلة، ثم مهارة طرح الأسئلة الصحيحة في الوقت المناسب، ثم مهارة المراقبة والتعمق في أسباب الظواهر الشائعة، لا سيما سلوك العملاء، ثم مهارة التجريب المستمر، وأخيراً مهارة التواصل والمبادرة لمقابلة أشخاص يتمتعون بتفكير مختلف ورؤى متنوعة.

باختصار، يوصي رواد الابتكار والإبداع على تحدي الرؤية الجامدة والوضع الراهن باستمرار، حتى لو اختلفت المصطلحات التي استخدموها سواء أكانت "الثبات الوظيفي" حسب دنكر، أو "الانحياز للوضع السائد" حسب "سامويلسون" و"زيكهاوسر"، أو "التمرد البنّاء" حسب "فرانشيسكا جينو"، وغيرهم كثير ممن حثّ على محاربة التقاليد التي تنشأ بحكم الروتين فقط.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .