لماذا علينا التأني بتوظيف الموظفين والإسراع في طردهم؟

4 دقائق
التوظيف بسرعة

يميل العديد من رواد الأعمال الذين ينشئون شركات صغيرة إلى تعيين الموظفين بسرعة وطردهم بتأني. فالميل إلى التحرك بسرعة، إضافة إلى التعرّض للضغوط من أجل تحقيق نمو مرتفع، كل هذه الأمور تجعل القادة يلجؤون إلى الإسراع في تعيين موظفين جدد؛ بينما امتلاء الجدول الزمني لهؤلاء القادة بالمواعيد، ورغبتهم في تجنّب المصاعب، فضلاً عن المحادثات الغريبة تجعل هؤلاء القادة ذاتهم يُبطئون في استبعاد الأشخاص ذوي الأداء الضعيف.

هذه الآلية المتبعة قادت إحدى شركات وادي السيليكون في كاليفورنيا بأميركا إلى موسم من النمو غير المضبوط الذي انتهى بفترة من عمليات التسريح الضخمة. الأمر كان مشابهاً من الناحية المؤسسية لعملية قلب مفتوح: فعوضاً عن الالتزام بقدر كاف من الانضباط للمحافظة على فريق رشيق يتمتع بروح ريادة الأعمال، انتظر القادة حتى انسدت شرايين المؤسسة وأصبحت الأنظمة الرئيسية عاطلة عن العمل قبل أن يُخضعوا الشركة بأكملها إلى جراحة تصحيحية شاملة.

في المقابل، كان لدينا شركة تضم 700 شخص وتبلغ إيراداتها أكثر من مليار دولار. أي أنّ نسبة الإيرادات التي يسهم كل موظف في تحقيقها للشركة هي رقم مذهل ويبلغ 1.4 مليون دولار، وهي نسبة تحققت بهدوء وكما كان مخططاً لها.

عملت مؤخراً مع الرئيسة التنفيذية لهذه الشركة ومع 35 من كبار مدرائها التنفيذيين الذين كانوا راغبين بمناقشة كيفية تحقيق النمو مع المحافظة على فريق يضم العدد المناسب من الأعضاء ذوي الروح الريادية. وعندما طرحت عليهم فكرة التأني عند التوظيف والتعجيل عند طرد الموظفين، كان باعتقادي أنّ ذلك قد يبدو أمراً مستفزاً. ولكن حالما ذكرت الفكرة، قاطعتني الرئيسة التنفيذية بحماس وقالت: "نحن نعرف هذه الفكرة ونطبقها منذ عشر سنوات!"، وقد أشارت إلى أحد القادة الآخرين في الغرفة وقالت أنه قد تعلّم ذلك من والده، الذي أدار شركة مزدهرة خلال فترة الكساد العظيم في أميركا في ثلاثينيات القرن العشرين. وقد كان هذا المبدأ أساسياً جداً في نجاح الشركة.

في فترة تشهد نسبة بطالة عالية بين صفوف الشباب في أنحاء العالم، يبدو مبدأ التأني عند التوظيف والتعجيل عند طرد الموظفين أمراً ينتقص إلى الحساسية. بيد أنني مع الرأي القائل أنّ هذه المقاربة فيها أكبر قدر من التعاطف مقارنة مع البدائل، لأسباب ثلاثة:

أولاً، ليس من المفيد لأي كان في هذا العالم إنشاء شركات متخمة بالموظفين وتتصف بالبيروقراطية ما يجعلها تتفكك ببطء. بل نحن بحاجة إلى شركات صحية تنمو وتكون قادرة على البقاء على المدى البعيد.

ثانياً، ليس من التعاطف في شيء التمسك بموظف واحد بحيث نجعل بقية الفريق يعاني نتيجة لذلك. نحن بحاجة إلى فرق يمكن فيها لكل عضو أن يثق ببقية الأعضاء لكي يستطيعوا معاً إنجاز الأعمال العظيمة. فإذا ما بدا مبدأ "التأني عند التعيين والتعجيل عند طرد الموظفين" قاسياً أو عديم الرحمة، تخيلوا كم من القساوة بمكان جعل فريق كامل يصبح رهينة لشخص لم يمكن ينبغي تعيينه في وظيفته أصلاً. فالانتقاص إلى الشجاعة هو ليس ذاته امتلاك التعاطف.

ثالثاً، محاولة إكراه شخص على أن يكون ما لا يستطيع أن يكونه هي محاولة لا إنسانية. كما أنّ إبقاء موظف في الدور الخاطئ وإعطاءه ذات التعليقات السلبية مراراً وتكراراً لا يساعده ولا يساعد الشركة. بطبيعة الحال إذا كان بالإمكان نقل موظف غير ناجح إلى موقع أنسب ضمن الشركة، فيجب فعل ذلك. لكن عندما يكون المرء غير مناسب بحق، فإنّ نقله إلى موقع آخر ليس هو الحل، لأن ذلك بمثابة نقل للمشكلة إلى جزء آخر من البناء.

كي تتأنى عند التوظيف، وتعجّل عند طرد الموظفين، ابدأ من خلال اتباع سياسة شديدة الانتقائية في تعيين الناس. فمارك آدامز، وهو العضو المنتدب في شركة فيتسو، الشركة العالمية صاحبة الترخيص من شركة ديتر رام للأثاث المنزلي، يقارب موضوع التوظيف بقدر لا يصدق من الانتقائية. فهو يحاول أن يميز الشخص الذي ينسجم بصورة طبيعية مع الشركة ومع المنصب الذي سوف يشغله. وبعد إجراء عدد من المقابلات، يطلب هو وفريقه من الموظفين المحتملين بأن يأتوا ليعملوا معهم في الشركة لمدة يوم واحد. وضمن هذا الترتيب، لا يقدم أي من الطرفين أي التزامات؛ فهذه التجربة ببساطة هي فرصة لكل طرف ليرى الطرف الآخر بأكبر قدر من الحيادية.

على سبيل المثال، قامت شركة فيتسو مؤخراً بالاستعانة بموظف محتمل كي يساعد في تركيب أحد الرفوف. وقد كان يعرف كي يؤدّي الوظيفة، ولكن في نهاية اليوم، رمى الأدوات في صندوق، عوضاً عن إبعادها بطريقة حذرة. وعندما طرح الفريق هذه التجربة على الرئيس التنفيذي، اتفق الجميع في الرأي على أنّ ذلك سبب كاف لعدم تعيينه في الشركة.

قد يشكل هذا المثال صدمة لكم باعتباره ضرباً من ضروب التطرف، لكن هذه هي العبرة تماماً. لأن معايير توظيفكم للناس يجب أن تكون بهذا القدر من التطرف بحيث لا يرغب الكثير من الناس في العمل معكم. لأنكم تبحثون عن قلة منتقاة من الناس، وليس عن جمع غفير من البشر. يؤمن مارك بأنّ من الأفضل أن يكون هناك نقص في الموظفين على أن يُعيّن الشخص الخطأ.

بغية إنجاح هذه المقاربة، ينبغي أن تطردوا الناس بطريقة إنسانية رحيمة. هذا الأمر قد يبدو تناقضاً في التعابير، ولكن عندما أقول طرد، فأنا لا أقصد الممارسة التقليدية التي تقوم حرفياً على جر الناس إلى الباب بطريقة مهينة ومذلّة. هذا لا يعني أخذ الناس الذين سبق وعملنا معهم على حين غرة والإلقاء بهم خارجاً كما لو أنهم كانوا مجرمين. بل بوسعنا تسريح الناس بإحسان وبطريقة إنسانية.

عندما أدركت إحدى المديرات في وادي السيليكون أنها ارتكبت خطأ في توظيف واحدة من الموظفين، كان بوسعها أن تخفي خطأها وأن تحاول إجبارها على التأقلم ضمن الشركة عبر جولات لا نهاية لها من الآراء والتعليقات، وبموجب خطة مؤلمة لتحسين الأداء. لكن ذلك صعب في حالة تعتبر المشكلة فيها صداماً أساسياً في الشخصيات: فالموظفة كانت ببساطة أكثر عدوانية مما هو مسموح به ضمن ثقافة الشركة، وبدا سلوكها عدائياً لكل أعضاء الفريق. وبعد أسبوعين فقط على رؤية التأثير الذي تركته الموظفة المعيّنة حديثاً على فريقها، قامت الرئيسية التنفيذية بتنحية الموظفة جانباً، وقالت لها: "لا أعتقد أنّ هذا مناسب تماماً لثقافة العمل في شركتنا. لذلك دعينا لا نحاول فرض الأمور غصباً. أنت إنسانة موهوبة وقديرة، لكنك ببساطة غير مناسبة لشركتنا". لقد سارت الأمور على ما يُرام إلى حد أنّ الفريق بأكمله، ومن ضمنه السيدة التي كانت قد طردت لتوّها من العمل، خرجن لتناول طعام العشاء سوياً ذلك المساء. بعد ذلك قدمت الشركة لها خدمة تدريب مجانية لمساعدتها على العثور على وظيفة أنسب في مكان آخر.

إذا قمنا بالتأني عند التوظيف وعجلنا عند طرد الموظفين، بوسعنا أن نزيد ما وصفه ريد هاستينغز، الرئيس التنفيذي لشركة نتلفيكس يوماً بعبارة "كثافة الموهبة" في شركتنا. ليس الأمر سهلاً، وهو يتطلّب نقاشات صعبة ومهارات قيادية قوية. لكن إذا كنّا قادرين على إيجاد السبل لفعل ذلك، فإنّ الموظفين، والفرق، والمؤسسات سوف تفوز في نهاية المطاف.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي