عندما عملت خلال طفرة الويب الأولى في عام 2000، كانت التجربة فاشلة، لكنني لاحظت أحد جوانب ثقافة المكتب آنذاك التي بقي أثرها حاضراً في عقلي إلى اليوم. فإذا انحرفت مناقشة ما عن النقاط الرئيسية المُدرجة في جدول الأعمال خلال الاجتماع، يقول أحدهم: "سنواصل الحديث عن هذه النقطة بعد الاجتماع".
أعمل اليوم من المنزل، حيث أدير المشاريع وأتواصل مع زملائي في العمل والمحررين عبر البريد الإلكتروني عموماً. ومن الممكن بالفعل إجراء العديد من هذه التفاعلات عبر الهاتف دون الاعتماد على الإنترنت لتحقيق منفعة أكبر، لكني أميل عادة إلى كتابة رد سريع وإرسال الرسالة دون تفكير في أي بدائل أخرى.
فوائد البريد الإلكتروني لا يمكن التغاضي عنها
التواصل عبر البريد الإلكتروني لا تزامني، إذ إنك لن تقاطع أي أحد أو تضعه في موقف محرج؛ وهو وسيلة فعّالة لنقل المعلومات من دون كل النفقات العامة المرتبطة بالاجتماعات. كما أنه جزء من ثقافة الشركة للتهرب من المسؤولية؛ بمعنى إنشاء سجل رقمي لتوثيق المحادثات للرجوع إليها عند الحاجة. لا بدّ إذاً من أن يجعلنا البريد الإلكتروني أكثر إنتاجية، هل هذا صحيح؟
ليس تماماً. على الرغم من أننا نعمل في عصر تزايدت فيه أعداد البريد الإلكتروني، فثمة حالات تتطلب التواصل عبر الهاتف لتحقيق سرعة أكبر في إنجاز الأعمال وتحسين جودة التواصل.
فإذا كنت تبحث عن إجابة سريعة عن سؤال ما مثلاً، فستوفر لك المكالمة الهاتفية رداً فورياً (شرط أن يُجيب الشخص المعني اتصالك)، في حين قد تتكدس الرسائل الإلكترونية غير المقروءة بالعشرات في صندوق بريدك الوارد. أو عندما يتطلب موضوع ما تبادل عدة ردود، فيمكن تجنب هذا الوقت الطويل الذي قد يدوم أياماً من خلال إجراء مكالمة هاتفية تدوم 5 دقائق. يشعر بعض الأشخاص بالتوتر عندما يرن الهاتف (وأعتبر نفسي من تلك الفئة بالفعل)، على الرغم من أن المكالمة الفعالة ستوفر الوقت لكلا الطرفين وتجنّب حدوث سوء الفهم. وبما أن المكالمات الهاتفية تفتقر إلى التوثيق النصي، يمكنك عند اتخاذ القرارات عبر الهاتف تلخيص المحادثة في بريد المتابعة الإلكتروني.
وثمة فوائد إضافية لاستخدام المكالمات الهاتفية وسيلةً للتواصل أيضاً؛ إذ إنها تساعد على بناء علاقات شخصية بطرق تفوق قدرة البريد الإلكتروني على تحقيقها. وبما أنك لن تسمع نبرة صوت الشخص في الرسالة الإلكترونية، يمكن لمكالمة هاتفية تخفيف مشاعر الإحباط وتجنب سوء الفهم عند تصاعد التوتر أو الخلاف في سلسلة الرسائل الإلكترونية. كما يجد بعض الأشخاص صعوبة في التعبير عن أفكارهم كتابة كما يفعلون شفهياً. وقد تبدو الرسالة الإلكترونية حول موضوع حساس محرجة وغامضة ومليئة بلغة الأعمال، في حين أنك ستحصل على شرح واضح وبسيط عندما تتصل هاتفياً. إضافة إلى ذلك، ستحصل أحياناً على معلومات ورؤى ثاقبة أعمق قد لا يشاركها زميلك معك عبر الرسالة الإلكترونية لعدم وجود سجل مكتوب للمحادثة.
يساعد استخدام الهاتف أيضاً على إدارة الوقت
يشير استخدامك الهاتف إلى أن الاتصال بك هو الطريقة الأفضل للتواصل في الحالات الطارئة، ويساعد في تقليل التوقعات بأنك تتحقق من بريدك الإلكتروني باستمرار ومستعد للرد عليه على الفور. قال لي محرري في هارفارد بزنس ريفيو: بلغ بي الحد إلى استخدام رسالة "خارج المكتب" التلقائية التالية عند الالتزام بموعد نهائي ضيق:
"ملتزم بموعد نهائي لتسليم العمل ولا يمكنني التحقق من البريد الإلكتروني بانتظام. يرجى الاتصال بي في حالة الطوارئ على الرقم: 617-555-1212. إذا لم يكن الأمر طارئاً، فسأعاود التواصل معك في أقرب وقت ممكن. شكراً لك".
يمكن لمحبي التكنولوجيا الذين يمتلكون كاميرا الويب ويمكنهم الوصول إلى تطبيق يدعم ميزة الفيديو استخدام خدمة المؤتمرات عبر الفيديو لإجراء مكالماتهم؛ فرؤية وجه الشخص الذي تتحدث معه، حتى ولو على شاشة الكمبيوتر، تجعل المكالمات أكثر شخصية وإنتاجية.