لا تستهن بأهمية التنقل الأفقي بين الوظائف لدعم تطورك المهني

4 دقائق

قد يهتم موظفوك بموضوع التنقل الأفقي بين الوظائف أكثر مما تتخيل.

التنقل الأفقي بين الوظائف

أجرت شركتنا "كورنرستون أون ديماند" (Cornerstone OnDemand)، دراسة سلطت الضوء على الآثار المترتبة على مثل هذه التنقلات الوظيفية. بالشراكة مع شركة "كيلتون" الرائدة للأبحاث والاستطلاع، أجرينا استبياناً إلكترونياً مع ألفي موظف أميركي يعملون في العديد من القطاعات، وسألناهم عن العديد من الأمور، مثل عدد الوظائف التي يرون أنهم سيعملون فيها خلال حياتهم المهنية، وما يعتقدون أنه أهم منفعة وظيفية يمكن أن يعرضها رب العمل على الموظف.

اقرأ أيضاً: لا تسمح لمخاوفك أن تضع حداً لمسيرتك المهنية

وتشير نتائج هذا الاستبيان إلى أن الموظفين الأميركيين يرغبون في الحصول على فرص للتطور الوظيفي الذي يمنحهم شعوراً بالهدف وتحقيق الذات، وليس بالضرورة عن طريق الترقية إلى وظيفة ذات راتب أعلى.

من أكثر النتائج إثارة للاهتمام في هذه الدراسة، هو ما اكتشفناه من رغبة الناس في التنقل أفقياً بين الوظائف بمسميات وظيفية ورواتب متشابهة مع تغيير في الأقسام التي يعملون فيها. قال 89% من المشاركين في الاستبيان إنهم مستعدون للانتقال أفقياً إلى وظيفة أخرى حتى دون وجود حوافز مادية، للعديد من الأسباب. ولم يكن هناك فرق كبير في إجابة هذا السؤال باختلاف أعمار المشاركين.

نتائج الدراسة

عند سؤالهم عن سبب رغبتهم في الانتقال أفقياً إلى وظيفة أخرى، أجاب معظم المشاركين أن الأمر يتعلق بالبحث عن رضا وظيفي أكبر بنسبة 57%، وتحدث 41% منهم عن الرغبة في العثور على مسار وظيفي جديد، بينما أجاب آخرون بأنهم يبحثون عن تحديات جديدة في مسيرة عملهم. لا يكترث الموظفون اليوم بالتدرج العمودي وصولاً إلى منصب "نائب الرئيس" في وظيفة لا يجد الإنسان فيها نفسه، بدلاً من ذلك، يفضلون التضحية بالوقت الذي بذلوه في منصبهم الحالي لبدء عمل جديد قد يجدون فيه سعادتهم. ووفقاً لاستبيان آخر أجرته مؤسسة "غالوب" العام الماضي، فإن 31.5% فقط من الموظفين الأميركيين يشعرون بالاندماج والتعلق في عملهم، ويرى 51% منهم أنهم ليسوا مندمجين في العمل، بينما كان 17.5% منهم في حالة انفصال فعلي عن العمل. ويبدو أن الموظفين يبحثون عن سبل للخروج من حالة عدم الانتماء للوظائف التي يعملون بها.

اقرأ أيضاً: لا تخلق لنفسك الأعداء خلال مسيرتك المهنية

ومن المدهش أيضاً أن من بين هؤلاء الذين لديهم الرغبة في الانتقال أفقياً بين الوظائف، 27% يرغبون في ذلك حتى لو كان ذلك يعني الذهاب إلى شركة أخرى. قال 66% من الموظفين إنهم سيسعون في بداية الأمر إلى البحث عن فرص أخرى جيدة داخل الشركة نفسها، إن أمكن، قبل التفكير في شركات أخرى، وهذا يعني أن الموظفين يشعرون بالانتماء للشركات التي هم فيها، ولكنهم يبحثون عن فرص للنمو والتطور، سواء بالعثور على الوظيفة التي تحقق لهم قدراً أكبر من السعادة أو التي تمنحهم الفرصة للدخول في تحديات جديدة.

اقرأ أيضاً: ما الذي يتعيّن عليك فعله عندما يتوقف نموك المهني؟

في المقابل، فإن 32% فقط من المشاركين في الاستبيان، ذكروا أن مدراءهم يشجعون موظفيهم على تجربة العمل في أقسام مختلفة من أجل تنمية مهاراتهم ومساعدتهم على اكتساب مهارات جديدة. وهذا يعني أن مدراء الكثير من الشركات لا يغتنمون هذه الفرصة التي تتيح لهم الاحتفاظ بالمؤهلين من الموظفين عن طريق منحهم ما يريدون لأجل التغيير.

فالتغيير يمنح القدرة على تجديد النشاط والفاعلية، حتى لو لم يرافق هذا التغيير زيادة فيما يكسبه الموظف من مال. كشفت دراسة أجرتها شركة "لينكد إن" مؤخراً عنوانها "لماذا يغير الناس وظائفهم وكيف؟" أن واحداً من بين ثلاثة أشخاص ممن غيروا وظائفهم مؤخراً قد اختار تغيير الوظيفة تماماً. وقد رأوا أن من يغير وظيفته كان يبحث عن تحديات جديدة، ووجدوا أن وظيفتهم السابقة لا تناسب المهارات التي يمتلكونها، وكانوا حريصين على خوض تجربة جديدة في قطاع جديد. وعند سؤالهم عن السبب الذي دفعهم لترك وظيفتهم السابقة، أجاب 45% من المشاركين بأنهم كانوا منزعجين من غياب فرص التطور الوظيفي، بينما قال 34% منهم إن ذلك بسبب عدم رضاهم عن الراتب الذي يتقاضونه و/أو المنافع الوظيفية التي يحصلون عليها.

أما في دراستنا، فقد قال أكثر من نصف المشاركين فيها (معظمهم من الشباب) إنهم يتوقعون تغيير مسارهم الوظيفي -ليس وظائفهم فقط- في مرحلة ما من حياتهم. وجدنا أيضاً أن 42% من المشاركين يتوقعون أن يتنقلوا بين ثلاث وظائف مختلفة أو أكثر.

لا شك في أن التعليم أحد أهم الحوافز لهؤلاء الأشخاص، ويمكن لأصحاب العمل الاستفادة من معرفتهم وخبراتهم من خلال الحرص على إبقائهم متحمسين ومندمجين في العمل. وقد خرجنا من الدراسة التي أجريناها بعدد من النتائج التي يجب على أصحاب العمل مراعاتها:

بالنسبة للشركات التي لديها مكاتب في مواقع مختلفة، قد يكون منح الموظفين فرصة للانتقال إلى موقع جديد حافزاً مهماً للحفاظ على مشاركة الموظفين ورغبتهم في الاستمرار مع الشركة.

  • وضح للموظفين فرص التطور الوظيفي في الشركة. أشار 84% من المشاركين إلى أن أصحاب العمل لا يقدمون معلومات كافية تساعدهم في التخطيط لوظائفهم، وقال 70% إن أصحاب العمل لا يرشدونهم في مسيرتهم المهنية ضمن الشركة التي يعملون بها.
  • تعزيز التوازن بين العمل والحياة الشخصية. ثلث الموظفين المشاركين في الدراسة تقريباً قالوا إنهم استقالوا بسبب شعورهم بالإرهاق من ضغط العمل أو غياب التوازن بين الحياة الشخصية والوظيفة، ولعل هذا يرتبط بحقيقة أن 55% من المشاركين في الدراسة أشاروا إلى أن المدير يتوقع منهم أن يكونوا على استعداد للعمل بعد ساعات العمل الرسمية أو في أيام العطلة.
  • قدّم فرصة الانتقال إلى قسم جديد: صحيح أن العمل عن بعد صار أمراً شائعاً الآن، ولكن العديد من الأميركيين سيتحمسون دوماً إن لاحت لهم فرصة الانتقال للعمل في مدينة أخرى، حتى ولو لفترة مؤقتة، وأشارت الدراسة إلى أن 77% من الموظفين سيختارون الانتقال لو عرض عليهم ذلك. أضف إلى ذلك، أن أكثر من 61% منهم سيحاولون جهدهم من أجل الحصول على فرصة للعمل في الخارج، حتى لو كان ذلك يعني أن عليهم الالتزام باجتماع يومي عبر الإنترنت مع المدير بنسبة 39% أو حتى إذا تطلب ذلك منهم العمل 6 أيام في الأسبوع بنسبة 28%. وبالنسبة للشركات التي تمتلك مكاتب في مواقع مختلفة، قد يكون منح الموظفين فرصة للانتقال إلى موقع جديد حافزاً مهماً للحفاظ على اندماج الموظفين ورغبتهم في الاستمرار مع الشركة.
  • إن تطوير الموظفين والاهتمام بموضوع التنقل الأفقي بين الوظائف لا يساعد في الحفاظ على الكفاءات وضمان نشاطها في العمل فحسب، بل يضمن أيضاً تحقيق نتائج عملية أفضل في الشركة. أظهر بحث أجرته شركة "لي هيشت" (Lee Hecht) لاستشارات الموارد البشرية، بالتعاون مع معهد "هيومان كابيتال" أن 81% من المؤسسات التي تلتزم بتحريك الكفاءات داخلها تحقق نمواً في الأرباح أعلى من المعدل المتوقع مقارنة بنسبة 68% للمؤسسات الأخرى.

اقرأ أيضاً: ماذا تفعل إن عصفت أزمة شخصية بحياتك المهنية؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي