أسئلة القراء: هل أستمر بالتنقل الأفقي بين الشركات أم أبقى في وظيفتي الحالية وقتاً أطول؟

7 دقائق
الاستمرار بالتنقل الأفقي بين الشركات أو البقاء في الوظيفة الحالية
shutterstock.com/alphaspirit

سؤال من قارئ: أنا في أواخر العشرينيات من عمري، وعُينت في منشأة تصنيع أدوية منذ عامين ونصف، وأموري في العمل تسير على خير ما يرام. فقد ازداد راتبي بنسبة 100% عن طريق الترقيات والزيادات، وتصل إجازاتي المدفوعة إلى 7 أسابيع، إلى جانب أني أعمل مع مدير يعلمني ويدافع عني باستمرار. مشكلتي هي كالتالي: نشأت مع قناعة أن عليّ المسارعة في أخذ خطوات أفقية على مساري المهني، وتغيير الشركة التي أعمل فيها مرة بعد مرة كي أجني مالاً أكثر، لذا بدأت أشعر بالذنب لبقائي في هذه الوظيفة وقتاً طويلاً، ولا أعلم كيف أفاضل بين خيار التنقل الأفقي بين الشركات مقابل البقاء في وظيفتي الحالية.

سؤالي هو:

هل يجب أن أبحث عن وظائف جديدة باستمرار، أم لا بأس بأن أكون راضياً عن بقائي في المكان الذي أعمل فيه حالياً؟

يجيب عن هذا السؤال كل من:

دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

هال غريغرسن: أحد كبار المحاضرين في "كلية سلون للإدارة" (Sloan School of Management) بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا "إم آي تي" (MIT) ومؤلف كتاب "الأسئلة هي الجواب" (Questions Are the Answer).

هال غريغرسن: من الضروري أن نطرح جميع الأسئلة الممكنة بأقصى سرعة ممكنة بشأن الأوضاع الصعبة التي نجد أنفسنا عالقين فيها، ويبدو لي أن صاحب هذا السؤال عالق في وضع صعب. لذا، لمَ لا نأخذ بضع دقائق كي نطرح الأسئلة التي تدور في أذهاننا بشأن التحدي الذي يواجهه صاحب السؤال الآن ثم نناقشها معاً؟

أليسون بيرد: أحد الأمور التي فاجأتني هي أنه قد لا يكون مدركاً لحقيقة أنه محظوظ للغاية لأنه يملك وظيفة يحبها، وحصل على ترقية وزيادة في الراتب بنسبة 100%، ووصلت إجازاته إلى 7 أسابيع مدفوعة ومديره رائع يعلمه ويدعمه، هل يدرك مدى روعة ذلك؟

دان ماغين: أود معرفة سبب اقتناعه بأن عليه اتخاذ خطوات أفقية كي يتقدم، وما إذا حاول دحض هذه القناعة قط.

أليسون بيرد: هل لديه دليل على صحة هذه القناعة؟

هال غريغرسن: هل يعقل أن يشعر بالاحتراق الوظيفي مع إجازاته التي وصلت إلى 7 أسابيع بعد عامين فقط من العمل؟

أليسون بيرد: من أين ينبع شعوره بالذنب؟

دان ماغين: أتساءل عما إذا كان يركز أكثر مما يجب على التعويض المالي، لأنه لم يتحدث كثيراً عن طبيعة العمل، بل يركز بشدة على زيادات الراتب والترقيات والامتيازات.

هال غريغرسن: ما الذي يحفزه للعمل؟ ما الذي يهتم به بشدة؟ وهل يدركه بوضوح؟

دان ماغين: هل يهتم بصناعة الأدوية؟ هل هو في المسار المهني المناسب في المقام الأول؟

أليسون بيرد: هل يستمر بالبحث عن وظائف جديدة الآن؟ وإذا كان يفعل ذلك، هل صادف فرصاً أخرى تبدو أفضل مما لديه؟

دان ماغين: هل يأخذ في حسبانه تكاليف البحث الدائم عن وظيفة جديدة؟

هال غريغرسن: ما الاستراتيجيات التي يتبعها في اختبار افتراضاته التي يقتنع بها بصورة دائمة؟

أليسون بيرد: في ضوء هذه الأسئلة، لنبدأ بتقديم بعض الأجوبة.

هال غريغرسن: لا يسعني إلا التساؤل عن رؤيته بعيدة الأمد، فمن السهل جداً على الشباب امتلاك رؤية قصيرة الأمد، وأعتقد أن الشباب عموماً يقتنعون بفكرة المراجعة ربع السنوية، ويبدو لي الأمر صراعاً بين قناعاته الشخصية التي يتحرك وفقها حالياً ورؤيته بعيدة الأمد.

دان ماغين: هل يملك الموظفون في نهاية العشرينيات من العمر رؤية عما يودون الوصول إليه على المدى الطويل؟ أحد الأسئلة التي تتبادر إلى ذهني هي ما إذا كان يملك هذه الرؤية، وربما كان عدم امتلاك الرؤية سبباً لحيرته هذه بين البقاء والمغادرة. يتحدث براد سميث، رئيس مجلس الإدارة الحالي لشركة "إنتويت" (Intuit) ورئيسها التنفيذي السابق، عما يسميه "التحدي الكبير"، وهو التحدي الذي لا يمكنك الوقوف مكتوف الأيدي حياله، وتشعر بضرورة مواجهته ومعالجته. لذا، أول سؤال أطرحه سيكون: ما هو التحدي الكبير الذي يواجهه صاحب السؤال؟ فحدسي يقول إنه لا يواجه أي تحدّ كبير الآن.

أليسون بيرد: أحياناً، يكون من الصعب التعرف على التحديات الكبيرة في هذه السن. ويجب على صاحب السؤال الآن التركيز على التعلم واكتساب المهارات التي ستحركه في اتجاه امتلاك الرؤية. وحقيقة أنه يعمل مع مدير عظيم يعلمه باستمرار ويدافع عنه هي إشارة إيجابية. لا نعلم مقدار حبه للصناعات الدوائية، وإنما نعلم أنه يهتم بأمر المال. لكن فيما يخص التطوير المهني، الأهم هو التعلم دائماً.

هال غريغرسن: من المذهل أنه أحرز هذا التطور الجيد وهو يعمل في منشأة صنع أدوية منذ عامين ونصف فقط. فإما أن تكون المؤسسة في وضع مزر، وإما أنه تمكن من التوصل إلى طريقة للتفاعل على نحو جيد مع الواقع على أرض المصنع، وهذا ليس أمراً بسيطاً، بل هو يدل على امتلاكه مهارات مثيرة للاهتمام تمكنه من النجاح والتقدم بهذا الشكل مع مرور الوقت.

أليسون بيرد: وهو يحصل على الترقيات، ويجني مزيداً من المال.

هال غريغرسن: فلنقل بثقة إن صاحب السؤال حصل على الترقية للأسباب الصحيحة، على الأقل في المصنع، أي أنه تعرف على تحديات حقيقية كان جميع من يعمل معهم يعترفون بها ويرغبون باتخاذ خطوات حقيقية لمواجهتها، وبذلوا جميعاً جهداً كبيراً واستثمروا مهارات الجميع بالكامل من أجل تحقيق أثر حقيقي. هذا أمر جيد بالفعل.

دان ماغين: وعندما يحصل شاب في أواخر العشرينيات من عمره على ترقيات وزيادات كبيرة في راتبه، هل يجب القلق من أن هذه الأمور هي ما سيدفعه للبقاء في الوظيفة من دون طرح الأسئلة المهمة بشأن الهدف والمغزى والخطة طويلة الأمد؟

هال غريغرسن: إذاً أصبح الراتب والترقيات هما الهدف النهائي، فهما يعتبران دافعين كبيرين قائمين على الأنا في عالم العمل. أنا لا أنفي أهميتهما، لكن يجب ألا يصبحا أقصى غاية القائد، بل يجب أن تكون غايته هي إيقاع أثر مهم.

أليسون بيرد: يبدو أنه عازم على تبني وجهة نظر أوسع، تتمثل في رغبته باستكشاف الفرص المتاحة له في مؤسسات أخرى. لكن في الحقيقة، نشرت مجلتنا بحثاً أجرته مونيكا هاموري، الأستاذة في "كلية آي إي للأعمال" (IE Business School) في جامعة "آي أي" في مدريد بإسبانيا تقول فيه إن مفهوم التنقل من وظيفة إلى أخرى إلى أن تبلغ القمة هو من أكبر المغالطات المهنية. أجرت مونيكا دراسة على 14 ألف مسؤول تنفيذي وتوصلت إلى أن البقاء في المؤسسة هو الطريقة التي تؤدي بك إلى الحصول على الترقيات والرواتب الأعلى بصورة أسرع. لذا، نشجع صاحب السؤال على عدم التفكير بالترقية وزيادة الراتب حالياً، وأن يفكر أكثر بالتعلم والتطور، والتعرف على أهم التحديات التي تواجهه. لكن في نفس الوقت، إذا كانت الترقية وزيادة الراتب هما ما يهمه، فبإمكاننا أن نطمئنه ونقول له إنه من الممكن أن يبقى في المؤسسة نفسها ويحصل على الترقية وزيادة الراتب كما يريد إذا ما اغتنم جميع الفرص التي نتحدث عنها.

هال غريغرسن: أود ذكر أمر مهم هنا، فأحد أصهاري كان يعمل في شركة تأمين تعمل على الطراز القديم بعد تخرجه من برنامج شهادة ماجستير إدارة الأعمال. لكن عمله كان في مجال التسويق والتسويق الرقمي، وحاول أن يتعلم كل ما يمكن تعلمه في هذا المجال. وفي الوقت ذاته، هو يحب الرياضة، لذا أسس شركة ناشئة هنا في مدينة بوسطن تعمل على نحو يرضي حبه للرياضة. لم تزدهر هذه الشركة ولم تصبح كبيرة جداً، لكنه تعلم منها كثيراً من المهارات المتعلقة بالشركات الناشئة. ثم تم تعيينه في شركة "أمازون" ليعمل في البث المباشر للفعاليات الرياضية بعد أن عمل بعزم طوال 6 أو 7 أعوام على اكتساب أكبر قدر من المهارات التي تتمتع بالأهمية من أجل هذا العمل. أنا أشجع على الاستمرار على المدى الطويل ضمن المؤسسة بشرط الإجابة عن السؤال التالي: هل سيساعدني بقائي في هذه المؤسسة لمدة طويلة على النمو لأصبح القائد الذي أريد؟

دان ماغين: هل ينبغي لصاحب السؤال الشعور بالذنب لبقائه في هذه الشركة أكثر من عامين ونصف؟

هال غريغرسن: ينبع الشعور بالذنب من بعض التوقعات التي نحملها داخلنا بأنه من المفترض أن نصل إلى شيء معين، ولم نصل إليه، فنعتقد أن ذلك بسبب مشكلة فينا. لكن من المحتمل أن يشعر صاحب السؤال بالذنب بسبب افتراض غير دقيق على الإطلاق. وإذا نظرنا إلى إحصاءات مكتب العمل في الولايات المتحدة على مدى الأعوام العشرة الماضية فقط، نجد أن سرعة تحرك الموظفين اليوم لم تزد عما كانت عليه قبل 10 أعوام. لذا، فالفكرة التي تقول إنه يجب القيام بخطوات سريعة ليست صحيحة بالضرورة.

أليسون بيرد: يتعلق هذا الشعور بالذنب أيضاً بالمقارنة الاجتماعية والخوف من تفويت الفرص، إذ من الممكن أن يرى صاحب السؤال شخصاً على "فيسبوك" أو "تويتر" حصل على وظيفة جديدة مذهلة في مدينة جديدة، فيقول لنفسه: "هل أنا طموح بما يكفي؟ هل أقوم بالأمر الصائب ببقائي في هذه الوظيفة؟" لكن يجب أن يعلم أنه إذا كان سعيداً في وظيفته ويتعلم ويعمل مع مدير عظيم ويحصل على الترقيات فعليه أن يبقى، وأنا واثقة جداً من جوابي هذا.

هال غريغرسن: لكن من الجهة الأخرى، ثمة حجة قوية للانتقال من قطاع إلى آخر ومن مدينة إلى أخرى. فبحسب البيانات التي جمعناها مما يزيد عن 20 ألف قائد على مدى 15 عاماً، فإن الموظف الذي عمل في قطاعين مختلفين في دولتين أو أكثر يتمتع باحتمال مضاعف لتوليد أفكار جديدة ذات قيمة ومنتجات وخدمات وعمليات وشركات جديدة أيضاً.

أليسون بيرد: لكن ليس من الضروري أن يقوم بذلك في غضون عامين ونصف فقط. بل يمكنه البقاء لمدة 5 أعوام كي يصل إلى نهاية منحنى التعلم، عندئذ سيكون جاهزاً للانتقال إلى مكان آخر.

دان ماغين: أستغرب أنه قال: "أعمل مع مدير يعلمني ويدافع عني باستمرار"، وكأن هذه تجربة طبيعية نعيشها كل يوم، بينما في الحقيقة هي أمر نادر. ترى، هل يحط من قيمة الميزات التي يتمتع بها حالياً؟

أليسون بيرد: يمكنه التفكير بما يتعلمه من هذا المدير من أشياء تزيد حماسه، وهذا يتفق مع الخطة المهنية الكبيرة التي ذكرها "هال" قبل قليل. كما يجب على صاحب السؤال التفكير بطريقة المدير بالدفاع عنه، وما إذا كان دفاعه هذا، إلى جانب الراتب والإجازات، يمنحه الفرص اللازمة لتطوير نفسه، فعندئذ سيدل كل ذلك على أن وضعه جيد وأنه يسير في الاتجاه الصحيح.

دان ماغين: أولاً، نخشى أن صاحب السؤال يركز أكثر مما ينبغي على الراتب والترقية والامتيازات. ونود أن نعرف المزيد عما يهمه وعن خطته وغايته طويلي الأمد، ونوع المشكلات التي يراها مهمة، وما إذا كان بإمكانه الوصول إلى وظيفة تمكنه من حل هذه المشكلات. قد يشعر بهذه الأمور في وظيفته الحالية ولكنه لم يوضح ذلك في رسالته، ويبدو لنا أنه يركز أكثر مما يجب على الأجزاء القائمة على دوافع الأنا من الحياة المهنية. وأما بالنسبة لسؤاله الأساسي عن ضرورة الانتقال من شركة إلى أخرى وفق خطوات أفقية كي يحقق تقدماً مهنياً، وما إذا كان عليه البحث عن وظيفة جديدة باستمرار، فنحن لا نؤيد ذلك. ونرى أن عليه التركيز أكثر على منحنى التعلم في وظيفته، وإذا كان هذا المنحنى شديد الانحدار وكان يكتسب مهارات جديدة، ويرى أن هذه المهارات هي التي سيحتاجها على المدى الطويل في الدور القيادي الذي يريد أن يصل إليه مستقبلاً، فهناك سبب وجيه يدفعه للبقاء في وظيفته الحالية. فبقاؤه ليس متعلقاً بالترقيات والراتب وعدد أيام الإجازات المدفوعة، وإنما هو متعلق بفرص التطوير وما يتعلمه من مديره والحفاظ على الارتفاع الشديد في منحنى التعلم، وهذا ما يجب أن يركز عليه إذا أراد معرفة الخيار الأنسب في ما يتعلق بالتنقالات الأفقية بين الشركات أو الاستمرار في وظيفته الحالية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي