كيف يتسبب تقليد الآخرين في إفشال المقابلة الوظيفية؟

4 دقائق
أساسيات المقابلة الوظيفية

يمكن لمقابلات التوظيف أن تضعضع ثقة حتى أكثر الناس كفاءة، إذ لا توجد طريقة محددة لمعرفة الأسئلة التي سيطرحها فريق التوظيف عليك، ومدى جودة إجابتك عنها (بغض النظر عن استعدادك). وإذا كنت عاطلاً عن العمل وقتها، ستشعر بضغوط إضافية حول وجوب تخطيك تلك المقابلة لنيل وظيفة وراتب ثابت. ويمكن أن تسهم هذه العناصر مجتمعة إضافة إلى محاولة تقليد الآخرين خلال مقابلة العمل بعاصفة مثالية من التوتر والشك والعجز، نظراً لكثرة الأمور التي على المحك خلال ذلك.

وكمدرب تنفيذي، يقول لي الكثير من عملائي – ممن أساعدهم بتحضير المقابلات – أنهم يشعرون بأنهم لا يستحقون تلك المناصب (يشعرون بأنهم منتحلون ويخافون من اكتشاف عدم أهليتهم يوماً ما). وكان هذا هو الحال مع موكلي كريم (اسم مستعار)، عندما جاء إلي لتلقي مشورة لمقابلات يجريها حول منصب "مسؤول عمليات" ضمن شركات التقنية الحيوية الناشئة. فبعد أن أسس شركته الخاصة وطورها وأنجحها على مدار ثماني سنوات، كان كريم مؤهلاً بشدة لمنصب إداري، فلماذا عانى إذاً من قلة الثقة حيال التقدم بطلب للحصول على وظيفة مماثلة؟

"متلازمة المنتحل"

ما لم يدركه كريم هو أن "متلازمة المنتحل" تصيب كل شخص تقريباً من وقت لآخر، حتى أولئك المؤهلين بشدة لوظيفة معينة. ويمكن أن تكون هذه الأفكار التي تثير القلق (حول الافتقار إلى المؤهل المتخيل) حادة وخصوصاً في أوقات الضعف المهني (كما يكون الحال عند التنافس على وظيفة جديدة)، ويزداد شدة خلال المقابلات (ويكون عادة مؤقتاً).

وكما يقول جيل كوركينديل: "يشكك المنتحلون في أنفسهم ويشعرون بأنهم محتالون، وهو ما يُزيح أي مشاعر ثقة لديهم أو دليل على كفاءتهم". ويصعب أن تتألق في مقابلة مهنية عندما تفشل قدراتك وإنجازاتك وإبداعاتك في إزالة الصورة الذهنية التي لديك عن نفسك. بالتالي من المهم ألا ترى نفسك كذلك قبل البدء في إجراء المقابلات لكي تتمكن من النجاح فيها. وفيما يلي ثلاث استراتيجيات يمكنها مساعدتك على تهدئة المنتقد في داخلك وإنجاح مقابلتك:

أساسيات المقابلة الوظيفية

افهم الهدف من عملية المقابلة

لا عجب أن تتسبب لك المقابلة بتوتر بالغ نظراً لأهميتها البالغة في نيل الوظيفة التي تريد. ويمكن للمقابلة أن تثير شكك في قدراتك. وحتى إذا كانت سيرتك الذاتية تعكس بدقة سجلاً حافلاً بالإنجازات المهنية، يكفي قضاء بضع ساعات مع فريق التوظيف لمعرفة إذا كنت حصلت على الوظيفة أم لا. ومع وضع ذلك في الاعتبار، ينبغي أن يكون هدفك طوال عملية المقابلة إبراز نفسك أمامهم على أنك شخص يريدون العمل معه.

ويفترض معظم موكليّ، كحال كريم، أن الهدف الرئيس من مقابلات العمل إظهار إتقانهم للتفاصيل الفنية خلال المقابلة، وإبهار القائمين عليها بإحصائيات ونسب مئوية تُظهر خبراتهم. والحقيقة هي أن من يجرون المقابلات قادرون بالفعل على معرفة إن كنت تلبي بالمتطلبات الفنية للوظيفة (من طلبك الذي راجعوه مسبقاً)، لكن ما يريدون معرفته هو "كيف سيكون العمل معك". ويعتبر الجانب الاجتماعي أبرز عامل يشي بنجاح المقابلة. صحيح أن عليك أن تكون ملماً بجوانب عملك المختلفة، لكنك بحاجة أيضاً إلى مساعدة الناس على تخيلك كعضو في الفريق. وعندما تتذكر ذلك، يمكن أن يساعد ذلك في إزالة الضغوطات الناتجة عن شعورك وكأنك بحاجة لأن تكون مثالياً في مقابلتك. وسيخفف ما سبق بعضاً من متلازمة المنتحل.

تدرب، تدرب، تدرب

وكما هو الحال مع كل مهارة، كلما تدربت أكثر، كان أفضل، فعندما تزيد من جاهزيتك، تزداد ثقتك بنفسك. وللحصول على أفضل النتائج، لا تجر المقابلة بلا تدريب مسبق، إذ يمكن أن تساعدك المقابلة الصورية على الاستعداد للإجابة عن أسئلة مقابلة العمل بوضوح ودقة، ويمكنها أيضاً أن تكشف عن مجالات عليك تحسينها لتوضيح أفكارك. ويساعدك التدرب على التركيز على نقاط قوتك وإنجازاتك المحددة التي يمكنك توظيفها لتوضيح قدراتك خلال المقابلة الحقيقية.

فعلى سبيل المثال، ساعدت كريم، خلال تدربنا على المقابلة، على معرفة كيف يمكنه أن يشرح الاستراتيجيات التي قام بها لتنمية الشركة لتحقق عائدات وقدرها 30 مليون دولار سنوياً، وما قام به لتحقيق ذلك. فكر في مقابلة صورية كبروفة يمكنك فيها مراجعة قدراتك في بيئة آمنة، وترويض الخوف من أن تكون منتحلاً في داخلك.

هدئ من أعصابك

حتى عندما تكون مستعداً جيداً للمقابلة وتعلم أنك مؤهل تماماً للوظيفة، فقد تظل تجربة المشي في غرفة مليئة بالغرباء والاستعداد لأن يحكموا عليك أمراً مثيراً للتوتر. ولإدارة توترك، ابدأ بالتحكم في العناصر القابلة للتحكم في تجربة المقابلة. فإذا كنت قلقاً بشأن الوصول في الموعد المحدد مثلاً، فكر في الذهاب إلى مكان المقابلة قبل يوم منها لمعرفة أي طريق يوصلك أسرع بأقل قدر من زحمة السير.

وتعد إدارة العصبية حيال المقابلة نفسها مجالاً آخر يمكنك التدرب عليها أيضاً مسبقاً. قرر كريم السير قرب البناء مكان إجراء المقابلة لمدة 10 دقائق قبل موعد المقابلة، يقوم خلال ذلك بالتدرب على التنفس العميق للمساعدة في تقليل التوتر. أوصيته بأن يمشي ويأخذ دقيقة أو دقيقتين ليقوم بشهيق مدته 4 ثوان، ثم حبس أنفاسه لثانيتين، ثم الزفير لمدة أربع ثوانٍ. وجد كريم بدوره أن ما سبق أدى إلى تهدئته بشدة، وسمح له بالدخول إلى المقابلة الشخصية بثقة واستقرار أكبر.

بعد ذلك، احتاج كريم إلى تكتيك يمكنه استخدامه لإدارة مشاعره خلال المقابلة نفسها، من لحظة وصوله إلى الشركة إلى مقابلة لجنة التوظيف. وللتخلص من توتره، خاصة في اللحظات التي بدأ يشعر فيها بالقلق أو قلة الثقة، قمت بتدريبه على تحويل انتباهه إلى من حوله. بداية بمن يقابل من الأشخاص لدى دخوله منطقة الاستقبال، وحيث يكون مستعداً لتحية المستقبل بابتسامة عندما يصل إليه، ثم سؤال من تم إجراء المقابلة معهم عن حالهم في محاولة لتذكر اسم كل شخص. كما اقترحتُ عليه أن يجرب استراتيجية مماثلة إذا بدأ يشعر بالشك في نفسه أثناء الإجابة عن أسئلة المقابلات، حيث طلبت منه إعادة توجيه تركيزه نحو التحديات المحددة التي واجهها صاحب عمله وفريقه وكيف ساعدهم في التغلب عليها. فمن خلال إثارة نقطة تقوم بتحويل تركيزه بشكل غير مباشر، أصبح كريم أقل قلقاً بشأن أدائه، حيث قام ذلك بتهدئة أعصابه، وساعده على التألق.

وفي نهاية المطاف، فإن أفضل طريقة لتبديد الشك الذاتي وعدم الأمان والخوف أثناء عملية المقابلة هي فهم احتياجات المؤسسة ومدير التوظيف من خلال وضع نفسك في مكانه لا في تقليد الآخرين خلال مقابلة العمل. فمن خلال التعبير عن احتياجات الفريق كما تفهمها، وإخبار قصة عن كيفية حلك لمشاكل مماثلة، فإنك تبني ثقتك وتُبرز نفسك في خضم المنافسة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي