ملخص: التفاوض مهارة يحتاج إليها الجميع، وبغض النظر عن منصبك، سيتعين عليك استخدامها في حياتك اليومية أو خلال أداء وظيفتك الرسمية؛ فالإنسان يفاوض البائع لشراء ما يحتاج إليه بأفضل سعر ممكن، والأم تفاوض أولادها على أوقات اللعب والدراسة، والموظف يفاوض من أجل راتبه، والمسوّق يفاوض العميل على أفضل صفقة ممكنة، وكل إنسان عاقل يفاوض من أجل تحقيق أفضل استفادة ممكنة من كل موقف يواجهه. يسلّط هذا المقال الضوء على 3 أساليب شائعة للتفاوض ستساعدك في الحصول على ما تريد من المفاوضات: 1. التفاوض الاستكشافي، 2. التفاوض التوزيعي، 3. التفاوض التكاملي.
التفاوض في أبسط تعريف هو: "حوار تفاعلي بين طرفين متنازعين أو أكثر، بهدف التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف"، ويتضمن قائمة رسمية بالأهداف المراد تحقيقها أو المشاكل المطلوب حلها، والبنود المرتبة المطلوب مناقشتها. يمكن أن تكون أهداف التفاوض واضحة صريحة أو ضمنية. ويحاول كل طرف إقناع الطرف الآخر خلال عملية التفاوض، وتتضمن المفاوضات أشكالاً عديدة من العطاء والأخذ، ما قد يؤدي إلى تصدر أحد الطرفين قيادة التفاوض، ويجب حينها على الطرف الآخر أن يتنازل حتى إن كان هذا التنازل شكلياً، وفي بعض الأحيان تصل المفاوضات إلى طريق مسدود، فيظل الأمر المتفاوض عليه معلقاً أو تظل المشكلة قائمة وقد تتفاقم.
يمكن أن تحدث المفاوضات بين البائع والمشتري، أو بين صاحب العمل والموظف المتقدم لوظيفة، أو بين ممثلي دول مختلفة، أو بين الشركات. وقد تحدث المفاوضات بين طرفين يجتمعان للوصول إلى هدف معين من خلال إقرار تسوية مقبولة لهما، حيث يقدّم فيها أحد الطرفين طلبه، وفي المقابل يقبل الطرف الآخر المطلوب منه بشروط أو دونها؛ وتستمر العملية بين الأخذ والرد والتقديم والتنازل حتى يستقر الطرفان على قرار يرضيهما.
يختلف الوقت المستغرق في التفاوض وفقاً للأمور التي يجري التفاوض عليها؛ فبعض المفاوضات لا تستغرق أكثر من بضع دقائق، وفي الحالات الأكثر تعقيداً تأخذ العملية وقتاً أطول بكثير، فعملية التفاوض على شراء سيارة تنتهي بعد ساعات قليلة من بدء التفاوض على السعر، أما عملية التفاوض على الاستحواذ على شركة فقد تمتد إلى شهور حتى يتم التوصل إلى اتفاق، وكلما كان المفاوض أكثر مهارة وخبرة وحنكة، زادت أفضليته بتحقيق أهدافه من التفاوض.
عادة ما يتسم المفاوضون بما يسميه الخبراء "اللياقة السياسية" (Political Correctness) أو "اللباقة الاجتماعية"، وهو مصطلح يعبّر عن اللباقة اللفظية والاختيار الجيد للمصطلحات المؤدبة أو العبارة الملطّفة التي نتحاشى من خلالها جرح شعور الآخرين، أو توجيه إهانة معينة لهم، أو إثارة الفرقة والصراع، خصوصاً عند الإشارة إلى فئات عرقية أو ثقافية أو دينية معينة. يمكن استخدام "اللياقة السياسية" أيضاً عند تجنب الإشارة إلى جنس المخاطب حتى لا نميّز بين الجنسين، وعند استخدام سلوك يغض الطرف عن التعابير التي من شأنها أن تقلل من الأخلاق العامة للمجتمع مثل استخدام "أصحاب البشرة الداكنة" بدلاً من "السود"، و"أصحاب الحاجات الخاصة" بدلاً من "المعاقين". ظهر المصطلح لأول مرة خلال فترة حكم "الماركسية اللينينية" بعد الثورة الروسية عام 1917، لوصف الالتزام بسياسات الحزب الشيوعي للاتحاد السوفيتي ومبادئه. وقد اخترنا لكم فيما يلي 3 أنواع من أشهر أنواع المفاوضات:
1. التفاوض الاستكشافي (Exploratory Negotiation)
من المراحل النهائية لعملية التفاوض، حيث يستكشف كل طرف نوايا الأطراف الأخرى ومواقفها ومدى قبولها وتقبّلها لمقترحات وحلول معينة، إما عن طريق وسيط وإما عن طريق الأطراف المعنية مباشرة. ويهدف التفاوض الاستكشافي إلى تكوين فهم ووعي لمتطلبات كل طرف في أثناء التفاوض، ووضع استراتيجيات الإقناع والمساومة اللازمة، ويساعد المفاوض في تدارك الموقف ومعرفة ما ستكون عليه الأمور من أجل اختيار الأسلوب الأمثل للتفاوض مع الأطراف الأخرى. ويكون للمفاوض الذي يتبع طريقة التفاوض الاستكشافي عدد من الأهداف، منها:
- استكشاف متطلبات الأطراف التفاوضية.
- محاولة تجنب المشاكل والصراعات، ووضع حد لها في حال كانت قائمة.
- الفهم العميق للعناصر والظروف والمصادر والتقديرات التي تحدد اتجاهات الأطراف الأخرى وتقودها، وذلك من خلال الاستكشاف والتدقيق.
- البحث عن المعلومات التي يمكن الاستفادة منها لتحقيق الأهداف بطريقة ترضي الأطرف الأخرى.
يعتمد هذا النوع من التفاوض على استراتيجية تطوير التعاون الحالي في العملية التفاوضية، التي يتم من خلالها الوصول إلى أهداف مهمة تعمل على تطوير المصلحة المشتركة بين الأطراف المتفاوضة وتعميق أوجه التعاون.
2. التفاوض التوزيعي (Distributive Bargaining)
يطلق عليه الخبراء أيضاً اسم "التفاوض الصفري"، وهو استراتيجية تفاوضية يمكن استخدامها لتقسيم كمية ثابتة من الموارد بين طرفين يتشاركان الموارد نفسها. يستخدم الطرفان المتنافسان التفاوض الصفري عندما تكون الثقة ضعيفة بينهما والتعاون في أدنى مستوياته، ويسعى كلا الطرفين للحصول على أقصى حد ممكن من الموارد، ما يؤدي إلى فوز أحدهما على حساب الآخر من خلال حصوله على مزيد من الموارد، وهذا النوع من التفاوض مثالي في حالات نقص الموارد أو ندرتها. وبالاعتماد على الموقف وحالة الموارد يجري استخدام التفاوض التوزيعي. وتهدف الشركات في أثناء عملية التفاوض إلى الاحتفاظ بأكبر قدر من المعلومات لتعزيز موقفها التفاوضي، ويتميز هذا النوع من التفاوض بما يلي:
- تكون غاية المفاوض الفوز حتى إن لم يحصل الطرف الآخر على أي مكاسب.
- إن الدافع للتفاوض التوزيعي هو المصلحة الذاتية والأرباح الفردية للطرفين.
- في التفاوض التوزيعي، يتم تناول كل قضية من موضوع التفاوض بصورة منفصلة عن باقي القضايا.
- لا يكون هناك أولوية عالية لاستمرار العلاقة التي تربط بين الطرفين.
3. التفاوض التكاملي (Integrative Bargaining)
يطلق عليه الخبراء أيضاً "التفاوض القائم على الاهتمامات"، ويركز على إيجاد حلول للقضايا العالقة تحقق الربح للجميع، وذلك من خلال تطوير اتفاقيات لتبادل المنفعة تأخذ بالاعتبار اهتمامات كل طرف واحتياجاته ومخاوفه لضمان الوصول إلى حلول مشتركة وتجنب الخلافات. في المفاوضات التكاملية، يجب على الأطراف مشاركة جميع المعلومات المتعلقة بالقضية قيد النقاش فيما بينهم، وطرح الأفكار بشفافية مع تحديد الأولويات، وذلك لبناء الثقة بين جميع الأطراف ومراعاة مصالح كل طرف، ومن المهم أيضاً أن يبادر كل طرف بالتنازل عن بعض التفاصيل التي لا تضر بمصالحه لخلق علاقات قوية، والوصول إلى حل وسطي يرضي الجميع.
سواء كنت تسعى إلى الحصول على زيادة في الراتب، أو ترقية، أو تغيير وظيفة، أو نيل مزيد من الحرية، أو أي شيء آخر يجعلك تشعر بالتقدير والاحترام والتفاؤل في العمل، فأنت بحاجة إلى تعلم "فن المفاوضات". ستساعدك الأساليب الثلاثة المذكورة أعلاه في فعل ذلك وفقاً لكل هدف مُسطر من التفاوض.