تقرير خاص

التعريفات الجمركية الجديدة والتجارة العالمية: التأثير الاقتصادي على الشركات

6 دقيقة
التعريفات الجمركية

ملخص: أثارت التعريفات الجمركية والضوابط التجارية الجديدة حالة كبيرة من عدم يقين لدى الشركات، ويوضح هذا المقال أفضل ما يمكن لصناع القرار فعله لإنجاح شركاتهم ضمن هذا المشهد المتغير. حيث يجب ألا يكتفي صناع القرار بالعمل على تخفيف الجانب السلبي للتدابير التجارية الجديدة بل أن يبحثوا عن الفرص التي قد توفرها هذه التغييرات، ويمكن جمع الإجراءات التي قد تتخذها الشركات استجابة لتغييرات التعريفات الجمركية الأخيرة في 4 استراتيجيات، تختلف بناءً على ظروف الشركة:

  • 1. تعزيز سرعة العمليات التجارية والاستثمار في النمو.
  • 2. الحصول على حصة في السوق وحماية هوامش الربح.
  • 3. الاستثمار لإعادة ضبط منظومة التكلفة.
  • 4. الترشيد وإعادة التركيز.

أثارت التعريفات الجمركية والضوابط التجارية الجديدة حالة كبيرة من عدم يقين لدى الشركات، ويوضح هذا المقال أفضل ما يمكن لصناع القرار فعله لإنجاح شركاتهم ضمن هذا المشهد المتغير.

منذ إعلان الولايات المتحدة عن فرض التعريفات الجمركية المتبادلة في 2 أبريل/نيسان 2025، شهدت الأسواق المالية حول العالم تقلبات متزايدة، ما أثار مخاوف بشأن تأثير ذلك على الاقتصاد العالمي. وقد أدى إجمالي التعريفات الجمركية التي سنتها حكومة الولايات المتحدة منذ ذلك التاريخ إلى رفع متوسط المعدل المرجح للتعرفات الجمركية للبلاد بسرعة إلى أعلى مستوى له في المائة عام الماضية، من نحو 2% في بداية عام 2025 إلى أكثر من 20% اعتباراً من 11 أبريل/نيسان 2025. وقد تباينت ردود فعل الحكومات الأخرى، فقد فرضت الصين تعرفات جمركية بنسبة 125% على الواردات الأميركية، في حين عرضت أكثر من 75 دولة التفاوض، وفقاً للإدارة الأميركية.

لا نعرف أبداً ما ستؤول إليه هذه الإجراءات، لا سيما في ظل تعليق حكومة الولايات المتحدة معظم التعريفات الجمركية لكل بلد مدة 90 يوماً. على الرغم من ذلك، فإن هذه التعريفات سيكون لها تأثير كبير بكل تأكيد على تكاليف الشركات وميزاتها التنافسية مقارنة بالمنافسين وطلب المستهلكين. يجب على القادة اتخاذ قرارات عدة على المدى القريب، وينشئ بعضهم مراكز متخصصة تركز على مراقبة القضايا الجيوسياسية بغية تنسيق استجاباتهم للتطورات الحالية.

نوضح في المقال التالي 3 إجراءات تساعد الشركات على اتخاذ القرارات المتوسطة والطويلة الأمد وهي: تحليل وضع الشركة التنافسي مقارنة بالمنافسين، وتحديد استراتيجية الشركة والإجراءات اللازمة، وإجراء اختبار الضغط على القرارات في ضوء الحالة الراهنة من عدم اليقين.

تحليل وضع الشركة التنافسي مقارنة بالمنافسين

على القائد ألا يكتفي بالإجراءات الفورية القصيرة الأمد، بل أن يأخذ في الاعتبار إجراء تحولات دائمة في شركته، وهو ما يتطلب منه تقييم أثر التعريفات الجمركية الجديدة على ميزة الشركة التنافسية وفرص نموها:

1. الميزة التنافسية للشركة مقارنة بالمنافسين

يختلف تأثير التعريفات الجمركية اختلافاً كبيراً تبعاً للبلد والقطاع، فلكل شركة مواقعها الجغرافية ومجموعة منتجاتها ونموذجها التشغيلي وسلسلة توريد خاصة بها، وبسبب هذا الاختلاف، يتعين على كل شركة تقييم آثار هذه التعريفات الجمركية الجديدة على ميزتها التنافسية مقارنة بالمنافسين. يحسب معظم القادة بالفعل الأثر على تكلفة العمليات، أما الخطوة التالية فهي تحليل أثر التعريفات على تكاليف المنافسين والمنتجات البديلة، فهذا التحليل يحدد قدرة الشركة على الحفاظ على هوامش ربحها وحتى قدرتها على زيادة المبيعات، أو ضرورة تقليص النفقات. ولما كان بعض البلدان قد فرض ضوابط جديدة على الصادرات وقيوداً تجارية أخرى استجابة للتعرفات الجمركية الأميركية، فعلى صناع القرار أيضاً تقييم قدرة الشركات على الاستمرار في الوصول إلى الأسواق والحصول على الإمدادات مقارنة بالمنافسين، وتقييم قدرتها على توسيع إنتاجها بناءً على وضعها التنافسي.

2. الطلب

من لمرجح أن توقع التغييرات في التعريفات الجمركية أثراً كبيراً على الشركات والمستهلكين والإنفاق الحكومي، فضلاً عن التدفقات التجارية (حركة السلع والخدمات بين البلدان). لذلك، ينبغي للشركات أن تقيّم الآثار المحتملة لظروف الاقتصاد الكلي في الطلب على منتجاتها، كما يجب أن تقيّم مرونة الطلب إذا كانت التعريفات المتغيرة تستلزم زيادة في الأسعار. أخيراً، يجب أن تحدد الشركات إذا ما كانت أسواقها الرئيسية التي تبيع فيها منتجاتها للعملاء النهائيين، تقع ضمن ممرات تجارية تشهد نمواً أو تراجعاً.

من خلال تحليل هذين العاملين لكل مجموعة رئيسية من منتجات الشركة ومواقعها الجغرافية، يمكن لقادة الشركات تحديد مجموعة من الإجراءات لحماية الجدوى المالية لشركاتهم وربما تسريع نموها (الشكل).

تحديد استراتيجية الشركة والإجراءات اللازمة

يجب ألا يكتفي صناع القرار بالعمل على تخفيف الجانب السلبي للتدابير التجارية الجديدة بل أن يبحثوا عن الفرص التي قد توفرها هذه التغييرات، كما أوضحنا في مقال سابق. ويمكن جمع الإجراءات التي قد تتخذها الشركات استجابة لتغييرات التعريفات الجمركية الأخيرة في 4 استراتيجيات، تختلف بناءً على ظروف الشركة:

1. تعزيز سرعة العمليات التجارية والاستثمار في النمو

تمتلك الشركات في هذه الفئة نماذج تشغيلية مميزة وسلاسل إمدادات تمنحها ميزة تنافسية، ما يسمح لها بتعزيز سرعة العمليات التجارية، ومن ذلك تحسين سياسة التسعير وزيادة موظفي المبيعات أو قنوات البيع وتعزيز الإنتاج في المرافق الحالية. وينبغي لهذه الشركات في الوقت نفسه تقييم الاستثمارات ذات الآفاق الزمنية الأطول، مثل إطلاق المنتجات الجديدة ومبادرات تعزيز العلامة التجارية، وعمليات الاستحواذ، وتطوير مرافق الإنتاج الجديدة.

2. الحصول على حصة في السوق وحماية هوامش الربح

تتمتع الشركات في هذه الفئة بوضع تنافسي أفضل من الشركات المنافسة لها، لكنها تواجه انخفاضاً في طلب العملاء على منتجاتها. يمكن لهذه الشركات أن تركز على الإجراءات التي تعزز قدراتها الداخلية، وتتجنب الاستثمارات التي تتطلب رأسمال كبيراً، إلى أن يستقر الطلب على الأقل. تتضمن الإجراءات التي ينبغي لهذه الشركات اتخاذها تعديل سياسة التسعير لشريحة معينة من المستهلكين، وإطلاق حوافز الولاء وتوسيع المبيعات لتشمل القنوات ومجموعات العملاء التي تحسّن فيها وضع الشركة التنافسي مقارنة بالمنافسين منذ تطبيق التعريفات الجمركية الجديدة.

3. الاستثمار لإعادة ضبط منظومة التكلفة

تنطبق هذه الاستراتيجية على الشركات التي تتضاءل قدرتها على المنافسة لكن منتجاتها تشهد زيادة مطردة في طلب العملاء. إذا كان القادة واثقين من قدرة شركتهم على المنافسة، فإنهم قد يعملون على الحد من التكاليف لتحسين هوامش الربح مستفيدين من قوة الطلب، وقد تتضمن الإجراءات الفورية التي يتخذونها، إعادة تصميم العمليات التجارية لتقليل التكلفة وتعديل تصميمات المنتجات لزيادة القيمة للعملاء وإعادة التفاوض مع الموردين وتغيير قاعدة الموردين المستهدفين، وتعديل استراتيجيات التسعير والاستثمار، إن أمكن، في طرق لجعل منتجاتها أكثر تميزاً وجاذبية. كما يجب على قادة الشركات أحياناً التخلي عن المجالات غير المربحة وتبسيط العمليات والتخلص من المنتجات الزائدة عن الحاجة. وعلى المدى المتوسط، ينبغي للشركات في هذه المجموعة أن تحدد كيفية تحسين وضعها التنافسي العام في السوق، على سبيل المثال، من خلال إجراء تغييرات على سلاسل الإمداد وإعادة تنظيم مواقع الإنتاج والمواهب.

4. الترشيد وإعادة التركيز

الشركات في هذه الفئة هي الأضعف لأن منتجاتها تتأثر بشدة بالتعريفات الجمركية وتعاني انخفاضاً في طلب العملاء. لا بد أن يتبع قادة هذه الشركات استراتيجية تتمثل في الحد من أثر التعريفات الجمركية من خلال التعجيل باحتواء التكاليف وتأجيل الاستثمارات الرأسمالية في المجالات التي تؤثر فيها التعريفات الجمركية والبحث عن خيارات لإعادة التنظيم. في بعض الحالات، قد تكون الخطوة الأكثر واقعية حصر التركيز في الأسواق التي تتمتع فيها الشركة بالقدرة على تحقيق هامش ربح والحفاظ على مكانتها، كما أن تحسين التوافق بين المنتجات والأسواق وتحسين المحفظة التجارية، خطوة أخرى مهمة.

إجراء اختبار الضغط على القرارات في ظل الحالة الراهنة من عدم اليقين

التي تتبناها الشركات قرارات ثابتة، ويجب على قادة الشركات تحليل مجموعة من السيناريوهات المحتملة التي قد يتطلب بعضها خطوات استراتيجية مختلفة. وللتوصل إلى أفضل نهج، يجب على القادة أن يسألوا أنفسهم الأسئلة التالية:

  1. ما هي المنتجات التي تساعد على استقرار وضع الشركة التنافسي في مجموعة من السيناريوهات؟
  2. فيما يخص القرارات الكبرى، مثل نقل مصنع من منطقة إلى أخرى، ما هو الحد الأدنى من التعرفة الجمركية أو غيرها من الديناميكيات التجارية المتغيرة الذي يدفعنا إلى تغيير قراراتنا؟ هل هذا الحد منخفض إلى درجة تجعل تكلفة عدم اتخاذ أي إجراء تفوق أي سلبيات قد تترتب على اتخاذه؟

يمكن أن تساعد الإجابات قادة الشركات على تحديد الحالات التي تتطلب اتخاذ إجراءات وتلك التي تتطلب الانتظار.

ويتساءل العديد من الشركات أيضاً عما إذا كان من الممكن إدارة حالة عدم اليقين نفسها. لا ننصح بوضع توقعات حول المآل النهائي لمشهد التعريفات الجمركية، ومع ذلك، فإن فهم أولويات الإدارة الأميركية يمكن أن يوفر بعض المعلومات حول التغييرات التي قد تكون دائمة وتلك التي قد تكون مؤقتة. تشمل المجالات ذات الأولوية للحكومة الأميركية ما يلي:

1. تعزيز الأمن القومي

فرضت الولايات المتحدة قيوداً تجارية على القطاعات التي تعتبرها مهمة لحماية التكنولوجيات الحساسة وذات الاستخدام المزدوج، وإعادة بناء قاعدة التصنيع الدفاعي المحلي. وقد استشهدت الإدارة بهذا الاعتبار في تطبيق التعريفات الجمركية والقيود التجارية على الصلب والألومنيوم، ومن المتوقع أن تتخذ إجراءات أيضاً بشأن أشباه الموصلات.

كما حددت الحكومة القطاعات التالية بوضوح بوصفها مهمة للأمن القومي وهي: قطاع السيارات، والمعادن الأساسية والمصنعة والبطاريات، والتصنيع الحيوي وأدوات صنع الآلات، والإلكترونيات الدقيقة، والأدوية وبناء السفن والمنتجات التكنولوجية ومعدات النقل.

2. تعزيز الصناعة الأميركية

أعلنت الحكومة الأميركية أن تشجيع الشركات على نقل المزيد من عمليات التصنيع إلى الولايات المتحدة هو الباعث الرئيسي للتعرفات الجمركية الجديدة.

وتقول الإدارة إن كل وظيفة في مجال التصنيع تعود إلى الولايات المتحدة يمكن أن تخلق من 7 إلى 12 وظيفة جديدة في القطاعات الأخرى ذات الصلة". وهذا بدوره من شأنه أن يزيد من القدرة التنافسية للولايات المتحدة حيث تنمو الإنتاجية والإبداع المحلي من خلال زيادة الإنفاق على البحث والتطوير.

على سبيل المثال، تشير الإدارة على وجه التحديد إلى قطاع السيارات باعتباره محور تركيز هذه السياسات.

3. موازنة العلاقات التجارية

ذكرت الإدارة الأميركية أنها تستخدم التعريفات الجمركية لتقليل أو إزالة العجز التجاري الكبير والمستمر للبلاد الناجم عن "تفاوت التعريفات الجمركية والعقبات غير الجمركية التي تفرضها الدول الأخرى".

لتغيير حالة عدم التوازن هذه، أشار الرئيس ترامب، على سبيل المثال، إلى أن الاتحاد الأوروبي سيكون عليه شراء المزيد من الطاقة من الولايات المتحدة. من المرجح أن تخضع جميع القطاعات التي لا تشملها فئات الأمن القومي أو فئات التصنيع الأميركية إلى المفاوضات لتقليل العجز التجاري الخاص بكل بلد.

تتطلب البيئة التجارية الحالية من القادة تحليل الوضع التنافسي لشركاتهم وشرائح منتجاتها والأسواق التي تعمل بها. يمكن لهذه التحليلات أن تساعد على معرفة توقيت اتخاذ الإجراءات الضرورية على المدى القصير والطويل، ومن خلال ذلك، يمكن للفريق القيادي في الشركة اتخاذ قرارات استباقية للتغلب على حالة عدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية والحفاظ على مرونة الشركة ونموها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي