ملخص: بات من المعروف أن منح التقدير للموظفين الذين يُحسِنون أداء عملهم مهارة قيادية مهمة؛ لأنه يؤثّر في معنوياتهم ومعدلات إنتاجيتهم ومستويات أدائهم وفرص استبقائهم، كما يؤثّر أيضاً في رضا العملاء. وعلى الرغم من ذلك، فهناك عدد مخيف من القادة الذين يفتقرون إلى المهارة في التعبير عن التقدير أو لا يمنحونه لمرؤوسيهم بالكثافة المطلوبة. واستناداً إلى تحليل الآلاف من تقييمات القدرات القيادية بطريقة 360 درجة، يوضح كاتبا المقالة أن هناك علاقة قوية بين منح التقدير للموظف واندماجه في أجواء العمل. فقد ثبت أن المدراء الذين تم تصنيفهم ضمن أعلى 10% من حيث المهارة في تقدير الموظفين أفاد موظفوهم بأنهم يشعرون بالاندماج في أجواء العمل ويثقون في أنهم سيتلقون معاملة عادلة ويُبدون استعدادهم لبذل قدر أعلى من الجهد الاختياري. ويتناول الكاتبان أيضاً نصائح حول تحسين كلٍّ من محتوى التقدير وطريقة منحه.
خلُصت الأبحاث إلى نتيجة واضحة، مفادها: ثمة فوائد ضخمة تعود على المؤسسة نتيجة تقدير الموظف بالشكل المناسب. ووفقاً للبيانات التي جمعناها عن القادة في مختلف القطاعات، فإن كافة المقاييس المرتبطة بمعنويات الموظفين ومعدلات إنتاجيتهم ومستويات أدائهم وفرص استبقائهم ورضا العملاء تشهد ارتفاعاً ملحوظاً عندما يحرص المدراء على التعبير عن التقدير بانتظام.
وعلى الرغم من ذلك، فهناك عدد مهول من القادة الذين يفتقرون إلى المهارة في التعبير عن التقدير أو لا يمنحونه لمرؤوسيهم بالكثافة المطلوبة. وفي الواقع، كلما سألنا الموظفين عن أكثر ما يضايقهم في مدرائهم، فإننا نجد أن أكثر شكاواهم شيوعاً تتمحور حول فشل مدرائهم في منحهم التقدير المناسب. وتوصّل استقصاء أُجري في إحدى الشركات العاملة في قطاع الرعاية الصحية إلى أن 29% من الموظفين أفادوا بأنهم لم يتلقوا أي نوع من التقدير خلال العام الماضي.
ويتناول الرسم البياني أدناه تحليلاً لقسم فرعي من عشرات الآلاف من التقييمات بطريقة 360 درجة التي جمعناها. تُظهِر البيانات أثر التقدير على مستويات اندماج الموظفين. وقد لوحظ أن القادة المصنَّفين ضمن أدنى 10% من حيث المهارة في تقدير الموظفين حصلوا على نسبة 27% في تقييم اندماج الموظفين. وعلى النقيض من ذلك، فقد لوحظ أن القادة المصنَّفين ضمن أعلى 10% حصلوا على نسبة 69% في تقييم اندماج الموظفين.
تميّز هؤلاء القادة الذين يقعون في المجموعة العليا أيضاً بأن موظفيهم:
- كانوا أكثر ثقة في أنهم سيلقون معاملة عادلة
- شعروا بأنهم أكثر اطلاعاً على بواطن الأمور
- أبدوا استعدادهم لبذل قدر أعلى من الجهد الاختياري
- كانوا أقل عرضة للاستقالة من العمل
هل يريد الجميع أن ينال التقدير؟
عندما سألنا عيّنة تضم أكثر من 12,000 فرد من مختلف أنحاء العالم عن تفضيلهم لمنح التقدير وتلقيه، أشار 33% منهم إلى أنهم لا يحبون تلقي التقدير. ونرى من جانبنا أن هذه الإحصائية تمثّل مشكلة دلالية في أغلب الأحيان. فإذا طرحنا على أفراد العينة البحثية هذا السؤال بالصيغة التالية: "هل تحب أن تتلقى التقدير على إنجازاتك؟"، فمن المستبعد أن يقول جميع المشاركين: "نعم"؛ إذ يحب الجميع تقريباً تلقي "التقدير"، شريطة أن يكون هذا التقدير بصيغة شخصية رزينة، دون ضجة أو هرج.
ويرى الكثيرون أن حصولهم على "التقدير" يعني استدعاءهم في اجتماع عام والإشادة بإنجازاتهم على رؤوس الأشهاد. ويستحضر هذا المعنى في أذهانهم صور الأضواء الكاشفة المسلَّطة عليهم، وقد يشعرون بالحرج لتوجيه كل هذا الاهتمام إليهم. وسواءً كان ذلك بسبب طبيعة شخصيتهم أو ربما بسبب نشأتهم الثقافية، فإن الكثيرين يجدون أن الإشادة بهم على رؤوس الأشهاد أمر غير مريح بالمرة. بعبارة أخرى، فإنهم يرفضون الطريقة التي يتلقون بها التقدير، وليس التقدير نفسه.
ما توصّلنا إليه بخصوص القادة الذين يحبون منح التقدير
أجرينا تحليلاً مختلفاً شمل 658 قائداً باستخدام البيانات المتوافرة لدينا حول تفضيلاتهم في منح التقدير وتلقيه. ومن بين هؤلاء القادة، كان لدى 513 مديراً رغبة قوية في منح التقدير، بينما رفض 145 مديراً منحه لموظفيهم. وقد قارنا هذه البيانات بتقييمات الأداء بطريقة 360 درجة التي حصلنا عليها عن هؤلاء القادة من مدرائهم وأقرانهم ومرؤوسيهم المباشرين وغيرهم، وكان يُنظر أيضاً إلى أولئك الذين كانوا أكثر ميلاً للإعراب عن التقدير على أنهم أفضل في:
- العمل التعاوني وروح الفريق
- الانفتاح على آراء الآخرين وملاحظاتهم
- بناء العلاقات
- الإلهام والتحفيز
نصائح للتحسُّن في منح التقدير
يتطلب التحسُّن في منح التقدير ضرورة التركيز على كلٍّ من محتوى التقدير نفسه وطريقة منحه والسياق الذي يتم من خلاله منح التقدير.
تحسين محتوى التقدير
- التقدير المخصَّص أقوى بكثير من التعليق العام الذي يتضمن عبارات تقليدية مثل: "لقد أحسنت صنعاً". صِف حدثاً أو إجراءً معيناً وتأثيره عليك أو على الفريق أو المؤسسة أو العملاء. يعبّر التقدير بهذه الصيغة عن أهمية الإنجاز الذي حققه الفرد.
- في حين أن الكثيرين يرحبون بالتعليقات الواردة من أقرانهم، فإنهم يولون أهمية أكبر بكثير للتقدير الذي يتلقونه من مديرهم المباشر، ويلقى هذا النوع من التقدير صدى طيباً في نفوسهم.
- على الرغم من أهمية تقدير النتائج، فمن المهم أيضاً أن يتم تقدير الإجراءات التي أدت إلى النتيجة الإيجابية، وذلك لأن الفرد لا يملك السيطرة على بعض النتائج المتحققة، لكنه يملك السيطرة على مثابرته وعمله الجاد وإبداعه. وتستحق هذه الأشياء التقدير أيضاً.
تحسين أسلوب منح التقدير
- يشعر الكثيرون بالحرج عند تقديرهم على رؤوس الأشهاد. احترم أولئك الذين يفضلون نيل التقدير على انفراد وبصورة شخصية.
- يحب الموظفون تلقي الرسائل والبطاقات، وقد سمعنا قصصاً عن أشخاص يحتفظون بهذه التذكارات منذ عقود من الزمن.
- الوقت المناسب لمنح التقدير عنصر مهم. وكلما أسرعت في منحه إثر سلوك معين، زادت قيمته في نظر الشخص الذي ينال التقدير.
- تؤدي زيادة وتيرة التقدير إلى إتاحة المزيد من الفرص لممارسة هذه المهارة وتحسينها، إلى جانب جعل وقعها مريحاً للمتلقي بسبب اعتياده سماع العبارات الدالة على تقديرك لجهوده.
حدد هدفاً بالإكثار من منح الآخرين عبارات التقدير
هل يمكن للقائد أن يبالغ في الإكثار من منح التقدير؟ نعلم أن شيئاً كهذا وارد الحدوث، لكننا لم نشهد حدوثه في حقيقة الأمر. ومن المفيد غالباً أن تسأل نفسك في نهاية كل يوم: "مَنْ تجاوز اليوم مستهدفاته المطلوب تحقيقها؟ مَنْ بذل جهوداً أكثر مما كان متوقعاً؟ مَنْ الذي قدم إسهامات مفيدة؟". وعندما تتبادر أسماء موظفين معينين إلى ذهنك، فلا تتردد في منحهم التقدير بالطريقة التي يفضّلونها.
لقد سمعنا جميعاً عن أهمية التعبير عن التقدير، ولكن الكثيرين من القادة لا يمنحونه بالشكل الكافي. وفي حين أن البيانات المستمدة من بحثنا ليست ثورية بالضرورة، فإننا نأمل أن تكون تذكيراً بأهمية إخبار الموظفين المتميزين بما يحتاجون إلى سماعه، وليس فقط ما تريد قوله، ومن المهم أن تمنح تقديرك لأولئك الذين يعملون تحت إشرافك وكذلك أقرانك، وحتى مديرك.