التعاون بشكل جيد في الفرق العالمية الكبيرة

5 دقائق
قصة نجاح فريق في التعاون

تواجه شركات الخدمات المهنية التي تسعى لمساعدة الشركات على سَبر متطلبات العولمة تحدياً صعباً، لأن الاستشاريين اللازمين لمواجهة المشاكل المعقدة والذين يتمتعون بالخبرات المتخصصة، موزعون غالباً في جميع أنحاء الشركة والعالم. وهذا يجعل التعاون عسيراً. فهل يوجد قصة نجاح فريق في التعاون يجب أن ندرسها؟

يخلق التعاون العالمي تكاليف تنسيق كبيرة، إذ يمكن أن تؤدي الجداول الزمنية المتعارضة إلى تأخيرات في المشاريع، ويمكن أن يخلق سوء التفاهم اللغوي أو اختلاف الثقافات حالات تكرار للعمل غير قابلة للفوترة، ويمكن أن تسبب الإخفاقات التكنولوجية إلى تفويت المُهل الزمنية المحددة. ولا تعدّ أي مشكلة عابرة للحدود روتينية بحق، لأنها تشمل تنسيق الخبراء وفقاً لمختلف الفرضيات وأساليب العمل.

اقرأ أيضاً: التنوع الإدراكي لفرق العمل وأثره على الأداء

يعد العمل عن بعد شديد التعقيد لأنه يؤثر على طريقة إحساسنا وتفكيرنا على حد سواء. إذ يمكنه أن يشجع على التفكير الانقسامي مثلاً، أي يمكن أن يقودنا إلى تصنيف زملائنا ضمن فئات بدلاً من رؤيتهم كأشخاص. ويساعدنا هذا الطريق المختصر المعرفي الحاسم على تبسيط بيئتنا متزايدة التعقيد. لكن تترتب عليه أيضاً تبعات سيئة، لأننا نميل إلى رؤية الأشخاص الموجودين ضمن فريقنا بصورة أكثر إيجابية، وأولئك الموجودين خارجها بشكل أكثر سلبية. لهذا السبب، يعزز الإحساس بالغيرية يومياً وعلى العديد من الأصعدة تجاه زملائنا البعيدين. يُبرِز الحديث عبر محادثة هاتفية جماعية مع زميل يتكلم بلهجة مختلفة في بلد مختلف القيم الثقافية المختلفة، وهو متاح فقط لمدة ساعتين من يوم عملك العادي، مما يجعل ذلك الشخص يبدو وكأنه من عالم مختلف.

يحدّ العمل عن بعد أيضاً كمية المعلومات المتعلقة بزملائنا التي نحتفظ بها، وكأن ذلك لم يكن سيئاً كفاية. فعندما نعمل في مكتب زملائنا ذاته، يمكننا ملاحظة وتفسير ومشاركة واستعمال كمية هائلة من المعلومات بينما نحاول فهم تجاربنا اليومية. وإذا عرفنا موقع شخص ما في التسلسل الهرمي للسلطة في المكتب أو المشاريع الأخرى التي تتنافس على وقته وانتباهه أو دوافعه الدفينة، فسنتمتع بقدرة أكبر على فهم أفعاله. وتضطلع حتى المعلومات التي قد لا نعتقد أنها ذات صلة، كالحياة الشخصية أو حالات المزاج أو حتى الأحوال الجوية، بدور ما مهما رغبنا في إنكار ذلك. نعلم جميعاً أن التنقلات المضاعفة 3 مرات بسبب الأحوال الجوية السيئة أو الحرمان من النوم نتيجة طفل مريض تؤثر على مسار يومنا. ولسوء الحظ، تحُول العوائق من قبيل المسافة والوقت والثقافة واللغة والتكنولوجيا دون إيصال معلومات مماثلة، مولّدة ما وصفته كاثرين كرامتون على أنه "مشكلة تبادل المعارف". ونحن نفتقر إلى نسبة كبيرة من المعلومات التي نعتمد عليها للتعاون بفاعلية عندما نتفاعل مع زملائنا البعيدين.

ترسّخ هاتان المشكلتان بعضهما بعضاً، مما زاد الطين بلّة. ونحن لا نتشارك هذا القدر من المعلومات مع فريقنا الخارجي، لكن كلما قلّت المعلومات المتاحة لنا حوله، نظرنا إليه أكثر على أنه منفصل عنا. 

تتناقض هذه النتائج تماماً مع ما نطمح إلى تحقيقه، لكنها تحدث بعفوية كبيرة، حتى لا نتعرف عليها عادة فوراً، خاصة عندما تركّز فِرقُنا حصرياً على النتائج بغض النظر عن الديناميكيات الشخصية.

كيفية تجاوز صعوبات التعاون الدولي

بيد أنه على الرغم من الصعوبات التي تكتنف التعاون الدولي، ثمة بضعة طرق لتفادي العثرات الشائعة أثناء تقديم خدمة استثنائية عابرة للحدود.

التركيز على النواحي المشتركة

تكمن مشكلة التفكير الانقسامي في تركيزنا على اختلافاتنا بدلاً من النواحي المشتركة، لكن تغيير تركيزنا سهل بالقدر ذاته. ويعد تسليط الضوء على الأشياء المشتركة بيننا وبين زملائنا البعيدين الطريقة المثلى لتقليل المشاكل.

يجب أن يأتي هدفكم المشترك في طليعة القواسم المشتركة.

  • تذكير فريقك بهدفه المشترك والموزّع. أجرِ نقاشاً مفتوحاً حول السؤال التالي: لماذا نعمل في جميع أنحاء المناطق الجغرافية؟ ذكّر الفريق بالسبب الذي جعلك تختار التعاون مع زملاء في مكان آخر، سواء كان ذلك لتقديم خدمات أفضل للعملاء العالميين، أو لتقديم حل أكثر اكتمالاً، أو للاستفادة من المعارف المبعثرة أو لمجموعة من الأسباب التي سبق ذكرها، واِحرص على أن يكون للجميع أهداف متماثلة.
  • إدراك اعتمادك المتبادل لبلوغ أهدافك. أرفِق المناقشة التي أُجريَت أعلاه بالسؤال التالي: لماذا يعتمد نجاحي على زملائي البعيدين؟ وعزز هذه الفكرة يومياً من خلال البحث عن فرص لتذكير فريقك باعتماده على مواقع أخرى.

إذا لم تكن لديك إجابة جاهزة لأي من السؤالين السابقين، فيجب عليك إعادة النظر فيما إذا كانت فوائد الفريق العالمي تفوق عيوبه. لكن إذا توصلت إلى إجابة، فإن ذلك النقاش سيجعل أعضاء الفريق يركزون على هدف مشترك واعتماد متبادل، ما سيؤدي إلى تحويل التفكير الانقسامي إلى تفكير جماعي. 

اقرأ أيضاً: التناغم الزائد في الفريق قد يقتل الإبداع

تناظر المعلومات

سيأخذك التركيز على النواحي المشتركة إلى حد معين فقط، لأن أوجه تفاوت المعلومات اليومية بين المواقع تعمل بوصفها تذكيراً مستمراً بالاختلافات بين المكاتب. ولسوء الحظ، ليس ثمة حل سحري لهذا الأمر. والطريقة الوحيدة لمكافحة أوجه التفاوت هذه تكمن في العمل بجد للتصدي لها. وتفرض عمليات التعاون العالمية الفاعلة عمليات وإجراءات مدمجة ضمنها، مشاركة المعلومات عبر المواقع. 

  • تنظيم اجتماعات ونقاط تواصل منتظمة لمشاركة المعلومات المتعلقة بالمهام. من الأهمية بمكان أن تكون منتظمة، بدلاً من إجرائها وفقاً لما تستدعيه الضرورة، لأننا غالباً لا نلاحظ متى يحتاج زملاؤنا البعيدون إلى المعرفة التي نمتلكها. 
  • تخصيص الوقت لتبادل المستجدات الشخصية أيضاً. على الرغم من أنه من المغري رفض أنشطة مماثلة باعتبارها غير ذات صلة أو مضيعة للوقت، خصوصاً عندما نتعرض لوطأة الضغوط، فهي ضرورية. تذكر أن العمل العالمي يتعارض مع سنوات من تطورنا كحيوانات اجتماعية تستفيد من معرفتها بالآخرين، لتتعاون بفاعلية. يقتضي التصدي لمشكلة تبادل المعارف أنشطة تبدو قسرية أو مصطنعة غالباً، مثل تحديد مواعيد لإجراء تفاعل عفوي أو الاستثمار في التقنيات لابتكار مُبرّد مياه افتراضي. تخلق هذه الأنشطة أيضاً تجارب مشتركة تزيد الإحساس بطبيعة مشتركة.
  • تزويد الفريق بالموارد المناسبة. يتمثل ميلنا الطبيعي في طلب المساعدة من الأشخاص الذين نعرفهم جيداً، حتى لو لم يكونوا أهلاً لذلك. ويصبح هذا الميل أقوى حتى عندما تزيد ضغوط الأداء المخاطر النفسية التي يتعلق بها جزء من العمل. لكن بذل الجهد لضم الخبراء الحقيقيين إلى الفريق بدلاً من اللجوء إلى الأشخاص المطّلعين، الأقل مهارة، سيؤتي ثماره في النهاية. ويكون الوضع الأمثل في أن يتجاوز تفكيرنا الخبرة بالمحتوى فقط، فالمساهم الأفضل في المسائل العابرة للحدود هو شخص يتمتع أيضاً بذكاء ثقافي كافٍ ليعمل ضمن فريق عالمي. 
  • إعطاء (وأخذ) جولة افتراضية لتوضيح الظروف. كلما زادت معرفتك أنت وزملاؤك البعيدين بمحيط بعضكم البعض، زادت قدرتكم جميعاً على فهم سلوكياتكم خصص لكل شخص في بداية المشروع بضع دقائق فحسب لتشاركه جزءاً من الظروف التي يعمل ضمنها. ولا أقصد بذلك اسمه أو رتبته أو رقمه التسلسلي، بل أقصد أركاناً من بيئتهم من المرجح أن تؤثر على قدرتهم على التعاون بفاعلية. 

شاركنا كاي، الشريك في مكتب تابع لشركة محاماة دولية نهجاً مفيداً:

"بدأتُ العمل على أمر مع شريك في نيويورك، وعلمت أننا سنجري مجموعة من المحادثات الهاتفية الجماعية في وقت متأخر ليلاً أو في الصباح المبكر. لذا خصصتُ 5 دقائق لأعرّفه على مكان عملي. لم يستغرق الأمر طويلاً، لكنني ركزت على الأشياء التي كان من المرجح أن تقاطع مكالماتنا المستقبلية، مثل عملي كمحامٍ مشارك في دعوى قضائية رئيسة متعلقة بالضرائب، ومساعدي شديد الحماس غالباً، وكلبي: عندما أعمل من مكتبي المنزلي. أصبح التعامل مع الانقطاعات أسهل بكثير عندما طرأت لأنه كان يتوقعها".

اقرأ أيضاً: التحليلات كأداة لتوافق فرق المبيعات والتسويق

إن الهدف من مساعدة زملائك البعيدين هو فهم الظروف التي تعمل ضمنها، سواء تم ذلك عبر لمحة بانوراما خاطفة بوساطة كاميرا الكمبيوتر، أو شرح الأمور له شفهياً.

وفي نهاية الحديث عن قصة نجاح فريق في التعاون الدولي، كما نعلم جميعاً، يعد التعاون العالمي الفاعل صعباً للغاية. لكن لو كرّستَ الوقت والجهد لتعزيز الأشياء المتاحة مجاناً عندما نعمل وجهاً لوجه بطريقة مُصطنعة، سيصبح تحقيقها أسهل بكثير. 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي