يحدث في بعض الأحيان أن يصبح توظيف شخص ما مشكلة غير متوقعة على الرغم من أنّ لديه الكفاءات المطلوبة واجتاز المقابلات بسهولة وقدم مراجع مهنية رائعة. إذا لم تواجهكم مثل هذه المشكلة بعد، فهذا يعني أنكم من المحظوظين، لأن 19% فقط من الموظفين الجدد يُعدّون ناجحين تماماً وفق دراسة مرجعية، وبعد مرور فترة 18 شهراً من التوظيف، تعتبر 46% من هذه الحالات فاشلة.
إذا كنتم قد مررتم بمثل هذا الوضع، فلا بدّ أنكم وجدتم أنفسكم في مواجهة معضلة الاختيار بين أحد أهون الشرين؛ هل تحتفظون بموظف لا يستطيع أداء العمل المطلوب ويسبب الأذى للفريق، أو تقرّون على الملأ بارتكاب خطأ كبير. في مثل هذه الحالات، يكون في العادة تغيير الموظف أقل كلفة، ومن الأفضل أن يحدث ذلك في أسرع وقت. وعلى الرغم من أنّ التعامل مع التأثير الناجم عن توظيف شخص غير مناسب لن يكون سهلاً على الإطلاق، سيساعدكم اتباع هذه الخطوات في التعافي من ذلك والمضي قدماً بأقل ضرر ممكن لجميع الأطراف.
استعدوا لخوض محادثة مباشرة وربما غير مريحة مع الموظف الجديد. بدلاً من أن تأملوا أن تجري الأمور على خير أو أن تسعوا لتجنب المواجهة، فإنّ الحديث بصراحة مع الموظف الجديد عن عدم رضاكم عن عمله وعن مشكلات تتعلق بأدائه يمكن أن يفتح الطريق أمام إيجاد حل مشترك للمشكلة. ومن خلال مشاركة مخاوفكم وطلب رأيه في ذلك، قد تتمكّنون من اكتشاف بدائل عملية، أو على الأقل فهم مدى سوء الوضع. يمكنكم البدء بأن تقولوا على سبيل المثال، "جميل، أريد أن أتحدث معك عن الأسابيع القليلة الماضية وعن الأمور التي يبدو أننا نسير فيها على الطريق الصحيح وعن أمور أخرى نحتاج إلى إجراء بعض التعديلات فيها". ضعوا في اعتباركم أنّ الموظف الجديد قد يكون مدركاً للمشاكل نفسها مثلكم وسيكون ممتناً لإتاحة الفرصة له لتوضيح الأمور والعمل معاً على إيجاد حل.
حاولوا إصلاح الموقف من خلال إعطاء رأي محدد وواضح أو تغيير طبيعة العمل. استعان أحد عملائي بموظف صغير السن نسبياً، حيث أعجبته سرعة بديهته وحيويته وحماسته. وفي غضون أسابيع قليلة فقط، بدأ الموظف الجديد يتذمر من أنّ الوظيفة لم تكن مثيرة للاهتمام أو مجزية كما كان متوقعاً وبدأ في ارتكاب أخطاء تنم عن الإهمال وإلتصرّف بحماقة مع سائر الموظفين. أعطاه مديره ملاحظات دقيقة حول سلوكه وطرح الكثير من الأسئلة حول سبب شعوره بعدم الرضا عن الوظيفة. لحسن الحظ، وبفضل النمو المتوقع في الأعمال والمعايير التنظيمية المرنة، تمكن المدير من تحويل الموظف الجديد إلى قسم آخر وأوكل إليه وظيفة تنطوي على المزيد من التحدي وتناسب طموحاته بشكل أفضل. لقد طورنا برنامج تدريب مكثفاً لإعداده للدور الجديد وضمان انتقاله إليه بسلاسة.
لا تسير الأمور دائماً على ما يرام. في إحدى الشركات التي تتعامل معنا، تعهدت نائبة الرئيس الجديدة القادمة من قطاع مختلف مراراً بالالتزام بتطبيق الآراء والملاحظات التي تتلقاها، لكنها لم تفهم نموذج العمل وبدت غير قادرة أو غير راغبة في تكييف مهاراتها الفنية، وبالتالي كانت غير قادرة على تنفيذ الملاحظات بدقة. احترسوا من الالتزامات المتكررة - فالكثير منا يقاوم "الرضوخ" أمام موقف صعب. ولكن إذا كنتم تعطون الشخص الكثير من الملاحظات والتعليقات ولا ترون على الفور تقريباً أنه يبذل جهداً شخصياً كبيراً ولا تلمسون تحسّناً فعلياً خلال الأشهر الثلاثة أو الستة التالية، فعليكم أن تكونوا مستعدين عند نقطة ما للتقليل من خسائركم.
حددوا النفقات الحالية والمستقبلية التي ستتكلفونها لقاء الاحتفاظ بموظف غير مناسب. في بعض الحالات، يجعل التأثير السلبي على أعضاء الفريق الآخرين أو على سير الأعمال من غير العملي البحث عن فرص داخلية أخرى للموظف الجديد أو مواصلة الاستثمار في تطوير مهاراته. في إحدى الحالات، انضم أحد كبار المسؤولين التنفيذيين الذي عمل سابقاً في شركة عامة كبيرة جداً إلى أحد عملائي، وهي شركة مملوكة لعائلة متوسطة الحجم علقت عليه توقعات غير واقعية في ما يتعلق بالموارد وبقدرته على اتخاذ قراراته بصورة مستقلة، ما كلف الشركة غالياً. لم ينجح إعطاؤه ملاحظات ولم يكن نقله إلى موقع آخر سيحل المشكلة.
في حالات كهذه، عادة ما تتضمن التكاليف انخفاض الإنتاجية أو زيادة تكلفة الفرصة البديلة (opportunity cost) وضعضعة التزام الموظفين وربما رقم المبيعات وزيادة المنازعات بين الأقسام. ومن بين بعض المؤشرات الواضحة على ذلك تفويت الالتزام بالمواعيد النهائية أو انخفاض جودة العمل. وهناك علامة أقل وضوحاً تتمثل في عقد اجتماعات إضافية تحضيرية واجتماعات متابعة - وهي تكون في أكثر الأحيان محاولة من الزملاء للتعويض عن الصعوبات التي يواجهها زميل ضعيف الأداء أو التحايل عليها. قارنوا هذه التأثيرات مع تكلفة الاستبدال والاستعانة بمرشح جديد للوظيفة.
في كثير من الأحيان لن تُدركوا حجم التأثير السلبي للموظف السيء إلى أن تتخلوا عنه، مثلما حدث لدى أحد عملائي، حيث عمل على إجراء تغييرات في الشركة عدة مرات على مدار عدة سنوات محاولاً العثور على مكان لمديرة تنفيذية أثارت انطباعاً جيداً في البداية ولكن لم تكن تمتلك المعرفة أو المهارات اللازمة وبالتالي أوصلت العمل إلى طريق مسدود وكبحت الابتكار وزرعت الشقاق بين الزملاء والمرؤوسين. ولم يبادر الآخرون سوى بعد التخلي عنها إلى بناء الجسور والعمل بحماسة لإنجاز الأعمال المتأخرة واقتراح حلول خلاقة جديدة.
حاولوا إفساح المجال لاتخاذ قرار استثنائي مختلف عن خطة الانفصال المعتادة. إذا لم يكن من الممكن إنقاذ العلاقة، إذاً، فكروا في كل فرصة تجعل الانتقال والمغادرة أمراً سلساً ولطيفاً قدر الإمكان. ابدأوا بالنظر في إمكانية التفاوض بشأن خطة ذات منفعة متبادلة. يمكن لمحادثة صادقة أن تمنح الموظف غير الناجح انطباعاً بأنه هو من يتحكم بالمسائل الخاصة به، وأن تمنحكم كذلك مجالاً للعمل بشكل عام لدعم أنشطة الفريق والبحث عن بديل. وبصورة خاصة، عندما يكون الموظف قد أعرب في السابق عن عدم ارتياحه، يمكنكم أن تباشروا الحديث على غرار "سأكون ممتناً لو أخبرتني عن مدى قلقك، فالحالة هذه لها تأثير سلبي على الفريق بالمثل، لذلك أتساءل عما إذا كان يمكننا أن نجد حلاً مفيداً للجميع". راجعوا قسم الموارد البشرية قبل القيام بذلك.
خلاف ذلك، إذا قررتم أن يكون الأمر مفاجئاً للموظف، كونوا مباشرين وتحدثوا بتركيز وإيجاز: "مثلما ناقشنا الأمر عدة مرات، يحتاج شخص ما في مثل منصبك لأن يكون قادراً على إنجاز هذه المهام والأهداف بنجاح وأنت لم تتمكن من القيام بذلك. لذلك وبكل أسف، علينا إنهاء عملك اعتباراً من التاريخ التالي. إليك كيف ستجري عملية الانفصال".
إنّ تقديم خدمات التعويضات عن ترك العمل والتنسيب الخارجي سيوضح لكل من الموظف غير الناجح وزملائه أنكم تتصرفون بحسن نية. وفي حين أنه من الصحيح أنّ معظم الشركات لا تقدم مكافئات نهاية الخدمة أو خدمات التنسيب الخارجي سوى في الحالات المتصلة بموظف خدمها بإخلاص لفترة طويلة، فعندما تتحمل المؤسسات المسؤولية عن خطأ توظيف شخص غير مناسب، فهي تساعد الجميع على المضي قدماً بسرعة أكبر. والاستثناء على ذلك هو في حال أساء الموظف توصيف مهاراته أو كانت لديه مشاكل أخلاقية أو سلوكية.
إنه لأمر مؤلم لجميع الأطراف عندما يُرتكب خطأ في توظيف شخص ما، لذا يُستحسن تعلّم ما يمكن فعله بشأن ذاك الخطأ لتجنب تكرار الموقف خصوصاً لأنه من المهم جداً أن يكون البديل الجديد خياراً حسناً. إذا انتقلتم بشكل متعمد ولكن بسرعة لمعالجة المشكلة، فمن المرجح أن تجدوا للموظف الجديد دوراً يوكل إليه في أحد أقسام الشركة، أو حتى أن يتمكن من العودة إلى عمله الأخير، وسوف يكون ممتناً لإتاحة الفرصة لإنقاذ مساره المهني - ومن الأرجح أن يكون لديكم مجموعة من المرشحين للنظر في توظيفهم.