من السهل أن تشعر بأنك بطل المشهد، عندما تدخل القاعة التي ستقدم فيها عرضاً تقديمياً: أنت مفعم بالثقة ولا تنقصك الجرأة، وقد حضر الجمهور من أجل الاستماع إلى ما ستقدمه. لكن واقع الحال هو أنك لست بطل المشهد كما تتصور؛ فجمهورك هو صاحب دور البطولة، هو الحكم، يعتمد أفكارك ويقرّها، أو يرفضها. واعلم أنك تقدم له هذا العرض بغية تغيير قناعاته أو سلوكياته بطريقة ما، ولكنها مهمة عسيرة في حد ذاتها. فتوقع منه المعارضة.
المعارضة ليست أمراً سلبياً دائماً؛ إن تحضّرت لها، فسوف ترتقي بجودة عرضك التقديمي، وتعزز فرصك في إقناع الحضور. وبأخذ وجهات النظر المختلفة في حسبانك ومعالجة شكوك جمهورك ومخاوفهم قبل أن تتحول إلى معوقات، ستؤكد لهم أنك صاحب عقل متفتح، وتشجعهم على التفاعل معك بعقول متفتحتة.
أقدم لك هنا أنماط مقاومة الجمهور الأكثر شيوعاً ونصائح الاستعداد لها:
المعارضة المنطقية:
في حين تخطط لعرضك التقديمي، فكر في نقاط الجدال أو الاعتراض على أفكارك ووجهة نظرك. وتعرف على مسارات الاستدلال البديلة بالبحث في مقالات وتقارير تتعارض مع وجهة نظرك. يجهزك البحث بهذه الطريقة للرد على الأسئلة والتعليقات المتشككة، ويساعدك على التعمق في الموضوع وتكوين وجهة نظر أقوى وأدق.
المعارضة العاطفية:
هل الحاضرون في عرضك التقديمي من النوع المتحيز أو المتشبث بفكر أو ميثاق أخلاقي بعينه، وهل تنتهك أفكارك ذلك بطريقة ما؟ من شأن ملامسة تلك الأوتار الحساسة لدى الحاضرين أن تثير غضبهم، لذا، عليك أن تفكر في عناصر موضوعك من منظورهم وأن تراعيه في عرضك كله. على سبيل المثال، إذا كنت في مؤتمر طبي لإطلاق لقاح جديد للأطفال، فتحدث عن أهمية اللقاحات للحفاظ على صحة الأجيال المقبلة.
المعارضة العملية:
هل يصعب على جمهورك تنفيذ ما تطلبه لأسباب جسدية أو جغرافية؟ عبّر عن تقديرك لما يقدمونه من تضحيات، وبيّن لهم أنك تتحمل بنفسك بعض العبء. لنفرض أنك تطلب من فريقك العمل ليلاً وفي عطلات نهاية الأسبوع للوفاء بموعد تسليم نهائي؛ وضّح لهم أنك ستكون متاحاً للمساعدة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع إلى حين إنجاز المشروع الكبير، وأنك سوف تعوض الجميع عن هذا الوقت الإضافي بعدها.
توقع مقاومة الجمهور يجبرك على التفكير ملياً فيمن تقدم لهم العرض، فيسهل عليك التأثير فيهم؛ سيتجلى جهدك الصادق لتبنّي نظرتهم إلى الأمور في حديثك، وستشعر بالود تجاههم، وهكذا يصبح أسلوبك في الحديث تحاورياً، وسيشعرون بالصدق في نبرة صوتك وأنت تتحدث عن مخاوفهم. وبذلك تكون قد تغلبت على أي مقاومة أو اعتراض لديهم، فتزداد فرص اقتناعهم برسالتك.
وإن كنت تواجه صعوبة في تبين أنواع الاعتراض التي تنتظرك، فاطرح أفكارك على الآخرين قبل تقديم العرض واطلب منهم اختبار المحتوى، فربما كنت شديد الارتباط بوجهة نظرك لدرجة يصعب معها أن تتوقع وجهات النظر الأخرى. وأنصحك بالاستعانة بمديرك لاختبار رد الفعل وقياسه في الوقت الذي تستعد فيه للتحدث أمام اللجنة التنفيذية، على سبيل المثال، أو اطلب من زميلة التأكد من الحقائق المذكورة في العرض قبل تقديمه إلى بقية المدراء في مجموعتها.
ولا تنسَ أن الحاضرين يحكمون على مصير فكرتك؛ فإما أن تنجح وإما أن تموت في مهدها؛ فحاجتك إليهم أشد من حاجتهم إليك. التواضع والبساطة ركيزتا نجاح عرضك التقديمي، أما رغبات الحضور وأهدافه وأسباب إحباطه وقلقه فهي ما يجب أن يحدد مضمون عرضك.