على شركات التكنولوجيا مواكبة المتغيرات في هذا القطاع

4 دقائق
التطورات في قطاع التكنولوجيا

ملخص: يجب على شركات التكنولوجيا مواصلة التركيز على عنصر المنافسة الأهم والمتمثل في التطورات الهائلة في قطاع التكنولوجيا.

 

يتجه المشهد أمام شركات التكنولوجيا الكبرى نحو المزيد من التحديات، فالمتغيرات السريعة هي صاحبة الأمر والنهي في عالم التكنولوجيا.

وليس أدلّ على ذلك من الأرباح الهائلة التي حققتها شركات التكنولوجيا الأكثر قيمة خلال العقدين المنصرمين. ففي عام 2009، حلّت شركات جديدة محل نصف الشركات المدرجة في قائمة الشركات الـ 15 الأعلى قيمة في العالم للعام 1999. وفي الفترة الممتدة بين 2009 و2019، تبدلت شركات هذه القائمة مرة أخرى بنسبة 40% وبقي 4 منها على مدى فترة العشرين عاماً وهي: "مايكروسوفت" و"إنتل" و"سيسكو" و"أوراكل".

التغيّرات الأكثر شيوعاً في مجال التكنولوجيا

وهناك جدل له مسوغاته بأن ما من شيء سيردع تلك الديناميكيات المتسارعة، بغضّ النظر عن تطورات المشهد التنظيمي. فالمسؤولون التنفيذيون في قطاع التكنولوجيا يولون اهتماماً صائباً للتطورات التنظيمية، ولكن عليهم ألا يتجاهلوا التركيز على التحدي الأبرز: ألا وهو تصدر السباق التنافسي على الدوام، لا سيما في خضم التغيرات اللامتناهية في القطاع وقادته. فحيوية قطاع التكنولوجيا وقدرته على الابتكار تؤدي بشكل مباشر إلى تسارع كبير في معدل التطور الإبداعي، سواء كان ذلك بأنظمة أو بدونها. وهذه الطبيعة الديناميكية ليست أمراً معتاداً في معظم القطاعات.

وبناءً على الأبحاث التي أجرتها شركة "بين آند كومباني" العام الماضي، وشملت أداء ما يزيد على 1,300 شركة خلال الفترة من 1996 إلى 2018، فقد أظهرت أن شركات التكنولوجيا أكثر عرضة للتأثر بالتطورات والتغيرات الهائلة بالمقارنة مع شركات التجزئة بنسبة 12%، بينما يزيد تأثرها بالمقارنة مع الشركات العاملة في قطاع الخدمات المالية بنسبة 25%، وهما قطاعان تأثرا بالعديد من التغييرات الضخمة عبر التاريخ. ورغم أن مصطلح التطور أو التغيير الهائل أصبح أشبه بقالب مكرر، فإننا نشير هنا بالتحديد إلى الشركات التي يكون نمو رأس المال السنوي الخاص بها في السوق أقل من متوسط القطاع بنسبة 2% فما فوق لمدة ثلاث سنوات متتالية على الأقل. وتعتبر شركات التصنيع المتقدم والخدمات الوحيدة التي تواجه احتمالات أكبر بالتعرض للتغيرات بالمقارنة مع شركات التكنولوجيا.

لا يقتصر الأمر على أن تلك التغيرات أكثر شيوعاً في مجال التكنولوجيا، فقد تكون هذه التغيرات دائمة وأكثر ضرراً. فعندما تتأخر شركة في مجال التكنولوجيا عن منافساتها في القطاع، سيكون من الصعب عليها اللحاق بالركب. وتبين أبحاث "بين آند كومباني"، المشار إليها سابقاً، أن شركات التكنولوجيا التي تعرضت لهذا التأثير الهائل تواجه احتمالاً أقل بنسبة 12% للعودة إلى متوسط نمو رأس المال في السوق، أو أكثر بالمقارنة مع الشركات في قطاع التجزئة، بينما تكون النسبة أقل بمقدار 17% بالمقارنة مع قطاع الرعاية الصحية على سبيل المثال. وتظهر النتائج أن شركات التكنولوجيا التي تتأخر عن أداء القطاع لثلاث سنوات، تنخفض فرصتها للعودة إلى المسار الصحيح إلى أقل من 20%، وهو رقم يزداد باستمرار مع مرور الوقت.

الحفاظ على الصدارة في مجال التكنولوجيا

أما الأسباب التي تجعل مسألة الحفاظ على الصدارة صعبة للغاية في قطاع التكنولوجيا، فهناك 3 عوامل رئيسية، وهي: سرعة حدوث الانتقال في قطاع التكنولوجيا، وأثر قاعدة "الفائز يحقق معظم المكاسب" التي تسود القطاع، بالإضافة إلى القوى العاملة المتنقلة بشكل ملحوظ في هذا القطاع. وبفضل البنية التحتية الوفيرة للحوسبة السحابية، والتواصل المتاح عبر الأجهزة المتنقلة حول العالم، فمن الممكن للمنصات الرقمية الوصول إلى جمهور ضخم بمعدلات غير مسبوقة. وبالطبع، فإن التوسع الرقمي أمر غاية في السهولة، ولا يتطلب الوقت أو التكاليف التي يتطلبها إنتاج المنتجات المادية أو توزيعها. ويعني كل ذلك أن التوسع يحدث بسرعة كبيرة لدى الشركات المتفوقة، وبالتالي تواجه الشركات الأخرى التي يفوتها اتخاذ الخطوة التالية صعوبة في البقاء ضمن المنافسة. وأخيراً، وباعتبار أن هذه الديناميكيات قد أضحت مفهومة وواضحة، فهذا يدفع أصحاب المواهب للتنقل بين الشركات بسرعة هائلة، الأمر الذي يؤدي لاحقاً إلى انخفاض القدرة على المنافسة بشكل يصعب العودة فيه بعد التأخر لعدة سنوات.

وعلى الرغم من ذلك، تمكنت كبرى شركات التكنولوجيا من مواصلة ريادتها وتفوقها، وذلك من خلال ضمان القيمة والحفاظ عليها. وتشمل قصص النجاح هذه على الدوام واحدة من وسيلتين أكيدتين لتسريع النمو: تعزيز قدرات المنصة على التوسع إلى نطاقات جديدة، أو تغيير طبيعة أعمال المنصة أثناء التحول التكنولوجي.

يعتمد اختيار النهج المناسب على الموقع الذي وصلت إليه الشركة ضمن دورة حياتها: أي إن كانت مؤثرة أو متأثرة. وعندما تكون منصات الشركة لا تزال في طور النمو، فإن معادلة ابتكار القيمة تتضمن غالباً توسعها إلى مجالات جديدة. أما عندما تكون الشركة قد وصلت إلى نموذج ناضج لأعمالها على المنصة، فإن معادلة ابتكار القيمة تتضمن عادة تغييراً في تركيز المنصة في ظل التغيرات التكنولوجية الحاصلة. ويعتبر هذا النهج فعالاً للغاية إذا كانت السوق لا تتوقع احتمالية هذا التغيير. ومن الأمثلة على ذلك ما قامت به كل من "مايكروسوفت" و"أدوبي (Adobe) من تغييرات في البنية السحابية، وانتقال تركيز "نفيديا" (Nvidia) من الأجهزة المتنقلة إلى التقنيات الرسومية ومراكز البيانات في ظل النمو الهائل في قدرات الذكاء الاصطناعي.

قد تكون تلك التغييرات مخادعة، حيث يمكن أن تتعارض المنصة الجديدة مع الأعمال القديمة، وأن تسبب تغييراً في أعمالها الأساسية وتؤدي إلى الابتعاد عن الشركاء أو العملاء الحاليين. وكلما كان أداء الشركات أفضل، زادت المقاومة للتغيير، ولكن انتظار تباطؤ النمو يعني في الغالب أن الوقت قد فات على إجراء التغيير. وقد فوتت الكثير من الشركات فرصة تغيير تركيز أعمالها، الأمر الذي أدى بالتالي لوصولها إلى موقع أسوأ. فشركة "نوكيا"، على سبيل المثال، لم تتمكن من تعديل نمط أعمالها الذي يركز على الهواتف المتنقلة في حقبة الهواتف الذكية، لذلك خسرت مليارات الدولارات من قيمتها السوقية خلال فترة ظهور هاتف آيفون من "آبل"، وانتهى بها الأمر إلى بيع وحدة الهواتف الخاصة بها.

شركات التكنولوجيا التي حققت نمواً هائلاً

أما شركات التكنولوجيا التي حققت نمواً هائلاً، فتواجه تحديات مختلفة عندما تحاول توسيع نطاقها وإنشاء أعمال جديدة. فالمشكلة هنا تكمن في إيجاد التوازن الصحيح بين نقاط القوة التي تمتلكها المؤسسة والفرص الواعدة في الأسواق الجديدة. ومن الأمثلة على ذلك توسع "أمازون" لدخول مجال خدمات الحوسبة السحابية من خلال خدمة "أمازون ويب سيرفسز" (Amazon Web Services;)، وتوسع "آبل" نحو مجال أجهزة الوسائط المحمولة وأجهزة الهواتف الذكية ومحتوى الوسائط، وتوسع مجموعة علي بابا إلى مجال المدفوعات والحوسبة السحابية والتحول الرقمي للأعمال. وقد استفادت تلك الشركات من نقاط قوتها الجوهرية للوصول إلى عملاء جدد أو تعميق علاقتها مع العملاء الحاليين، أو إنجاز المهمتين معاً.

كما أن الأنظمة الحكومية تعتبر بدورها من أسباب التغيير التي تحظى بأهمية متزايدة، ولا بد من أخذها بعين الاعتبار عند وضع استراتيجية تحقيق القيمة في الشركة. وحتى قبل الجهود الأخيرة لمكافحة الاحتكار، شهدنا زيادة الاهتمام بصفقات الاندماج والاستحواذ – وهو أمر برز في أوروبا ولكنه لوحظ في الولايات المتحدة والمناطق الأخرى أيضاً. ويغطي الإشراف التنظيمي شؤون التركّز السوقي ليشمل بيانات المستهلكين وخصوصيتهم، والمصالح الوطنية، والأمن القومي، والتنافسية المستقبلية، وكل هذا يزيد من المتطلبات المفروضة على المسؤولين التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا للاستعداد للتشاور مع كافة واضعي الأنظمة والأطراف المعنية خلال مرحلة التفاوض والتحقق من الصفقات.

وسواء كانت الشركة بحاجة إلى تغيير مجال تركيزها أو توسيع نطاق أعمالها، فإن المهمة الأساسية للإدارة تتمثل بالفهم العميق للتغيرات التي تحدث ضمن القطاع والتطورات في قطاع التكنولوجيا، ووضع الخطط القائمة على نقاط القوة لدى الشركة. ولا شك في أن الجيل التالي من قادة التكنولوجيا يبذل قصارى جهده لتحقيق ذلك، حتى وإن لم تكن أخبارهم منتشرة على نطاق واسع.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي