تجار التجزئة والتسعير بين المتاجر والإنترنت

3 دقائق
التسعير بين المتاجر والإنترنت

أحد أهم الأسئلة التي يواجهها أصحاب محلات التجزئة هو ما إذا كان عليهم توحيد الأسعار بين مواقعهم على الإنترنت ومتاجرهم. إذ يعتبر توضيح التسعير بين المتاجر والإنترنت أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لتجار التجزئة التقليديين للتنافس بنجاح في كلا البيئتين.

ويكافح تجار التجزئة ممن يملكون متاجر حقيقة مع عملية تسعير منتجاتهم منذ إطلاق "أمازون"، قبل 23 عاماً. لكن لماذا يُعتبر الحديث عن عملية التسعير الآن أمراً مهماً لهذه الدرجة؟ يعود السبب في ذلك إلى أن الأخبار لهؤلاء التجار تزداد سوءاً يوماً بعد يوم مع وجود تقارير تتحدث عن تراجع مبيعات "مايسيز" (Macy’s) و"كولز" (Kohl’s) بنسبة 2.1% في شهري نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول مقارنة بالعام السابق، ما أدى إلى انخفاض أسعار أسهمهما 10% و15% على التوالي. في الوقت نفسه، بدأت الكثير من سلاسل المتاجر في إغلاق متاجرها الحقيقية والتركيز حصراً على التجارة الإلكترونية مع تزايد نسبة الناس الذين لم يعودوا يرغبون في التسوق من المتاجر التقليدية.

اقرأ أيضاً: كيف يستخدم بائعو التجزئة شخصنة الأسعار لاختبار مدى استعدادك للدفع؟

كما تعاني المتاجر الواقعية من مشكلة حقيقية عليها مواجهتها قبل انحدارها وانهيارها، حيث يتعين عليها الاستمرار في زيادة وجودها على الإنترنت، وتوفير أسباب جديدة وقيّمة للمستهلكين لزيارة متاجرها الحقيقية في نفس الوقت الذي عليها التقليل من أعداد متاجرها وتركيز وجودها في المناطق الأكثر كثافة سكانية.

لن يكون من السهل حل هذه المشاكل. بالتالي، على تلك المتاجر إعادة التفكير في استراتيجيات التسعير الخاصة بها لمتابعة تحقيق الأرباح. إذ يكمن جمال التركيز على التسعير في تأثيره المباشر، حيث يمكن تغيير الأسعار مساء الأحد، وتحقيق مبيعات وأرباح في اليوم التالي مباشرة.

وعليه، نجد أن على أصحاب المتاجر الراغبين في تحديد استراتيجية صحيحة للتسعير الإجابة عن سؤالين أساسيين.

اختلاف التسعير بين المتاجر والإنترنت

إذا كانت مواقع مثل "أمازون" أو غيرها لا تسرق منك زبائنك، فلن يكون من المنطقي تخفيض الأسعار على الإنترنت. فمن الأفضل وضع نسبة محددة لعدد الزبائن الذين لا مشكلة في فقدانهم، والمحافظة على أسعارك كما هي.

لكن إن كانت مواقع الإنترنت قادرة على جذب نسبة كبيرة من عملائك إليها، فقد حان الوقت لإعادة النظر فيما إذا توحيد الأسعار منطقياً. حيث ستساعد دراسة ما سبق على حل معضلة التسعير التي يواجهها العديد من تجار التجزئة: إذا حدد المتجر أسعاراً متدنية لمنافسة مواقع الإنترنت، فسيخسر أموالاً بسبب ارتفاع تكاليف المتجر (الموظفون، وإيجار المكان، وما إلى ذلك). لكن إذا حدد أسعاراً تساعد على تلبية تلك المتطلبات المادية وتحقيق الأرباح، فلن يتمكن من المنافسة على الإنترنت. إذ يمكن أن يؤدي وضع تسعيرة واحدة تناسب جميع القنوات إلى خسارة التنافس في إحداها.

إلى جانب ذلك، يضع الكثير من تجار التجزئة أسعاراً مختلفة لنفس المادة بحسب الموقع والمنافسة. على سبيل المثال، يعمل متجر "تارغت" (Target) على النحو التالي: "يمكن أن يتأثر تسعير غرض ما في متجر محدد بسعر نفس الغرض لدى متاجر التجزئة القريبة. لذلك، من الشائع اختلاف سعر نفس الغرض بين مخزن "تارغت" وآخر". ويُعتبر هذا أمراً منطقياً، فلماذا لا يتم تطبيق نفس الفلسفة في التسعير على الإنترنت؟ فإذا كان موقع "تارغت" على الإنترنت أكثر قدرة على المنافسة، فسيخفض أسعاره.

ويجب على تجار التجزئة التمييز بين خدماتهم على الإنترنت وبين المتجر، كما هو الفرق بين محطات الوقود التي تجعل الزبائن يملؤون الوقود بأنفسهم وتلك التي تقوم بذلك للزبائن. بالتالي يمكن رفع الأسعار نسبياً في المتجر لتعويض تكاليفه وتخفيض الأسعار على الإنترنت للتنافس ضد باقي المواقع.

اقرأ أيضاً: كيف تخفض الخطوط الجوية متدنية التكلفة أسعار تذاكرها؟

هل تعني أسعار الويب المخفضة أن الجميع سيشترون عبر الإنترنت؟ لا. حيث يختار كثير من الناس الشراء في المتاجر ودفع مبالغ أعلى رغم قدرتهم على الشراء من "أمازون". إذ شكلت التجارة الإلكترونية 7.7% من إجمالي مبيعات التجزئة وذلك في الربع الثالث من عام 2016.

عندما يسأل العملاء في المتجر، هل يجب مطابقة أسعار المتاجر مع الإنترنت؟

عند اختلاف الأسعار بين الإنترنت والمتجر، قد يأتي بعض المستهلكين إلى المتجر ويطلبون السعر الذي شاهدوه على الإنترنت. بصفتي مستشاراً في استراتيجية التسعير، أكره التخلي عن السعر في المتجر عبر مطابقة سعر المتجر مع السعر على الإنترنت، لكن مستقبل المتاجر التقليدية صعب وعلى حافة الانهيار. بالتالي يفضل عادة تخفيض سعر المتجر ليطابق السعر على الإنترنت، على أمل أن يقوم هؤلاء العملاء بعمليات شراء إضافية داخل المتجر.

اقرأ أيضاً: لماذا تستخدم جميع خدمات البث المشابهة لنتفليكس نموذج التسعير نفسه؟

وإذا أمكن تخفيض أسعار 10% أو 15% من موجودات المتجر، فيمكن أن يكون هذا مفيد. ومن الأفضل للمتاجر أن ترى مطابقة الأسعار كتدبير مؤقت والتركيز فقط على توفير المزيد من الأسباب للعملاء من أجل التسوق في متاجرهم.

تسهل الهواتف الذكية للعملاء العثور على أسعار مخفضة عبر الإنترنت في أثناء وجودهم في متجر فعلي، كما يجعل هذا الواقع مدراء متاجر التجزئة مترددين في فكرة تحديد أسعار مختلفة بين الإنترنت والمتجر. حيث يخشون من عدم زيارة المستهلكين للمتجر إذا عرفوا أسعاره أعلى مما هي عليه على الإنترنت. لكن يُعتبر هذا أمراً عادياً تقوم به الكثير من الجهات مثل شركات الطيران (تختلف الأسعار بين حجز الإنترنت والهاتف)، ومحطات الوقود (التعبئة الذاتية مقابل الخدمة الكاملة). إذ يقبل الزبائن في تلك الصناعات الاختلافات في السعر ويختارون ما هو أفضل بالنسبة لهم. ولتحقيق النجاح في عالم بيع التجزئة الحديث، يحتاج الرؤساء التنفيذيون إلى تبني اختلاف التسعير بين المتاجر والإنترنت بحيث يلبي احتياجات كل العملاء وخصوصاً من يهتمون بالأسعار بشكل مفرط.

اقرأ أيضاً: فن رفع الأسعار دون إزعاج الزبائن

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي