كيف تتخلص من الشعور بأنك لا تستحق منصبك؟

7 دقائق
المحتال

ملخص: تُعَرّف متلازمة المحتال بأنها شعور متواصل ومزعج لدى الشخص بأنه غير جدير بإنجازاته. وإذا سبق أن ساورك هذا الشعور، فأنت لست وحيداً. فخلال العديد من الحوارات التي خاضتها أمانثا إمبر مع ضيوفها في مدونتها الصوتية، أدركَت أن الكثيرين من الناجحين ما زالوا يشعرون بالمخاوف والشكوك نفسها، مهما بلغت درجة نجاحهم وكفاءتهم. ولكن، خلافاً للكثيرين منا، فقد تمكنوا من التوصل إلى أساليب لتحويل هذه المشاعر إلى طاقة مفيدة. وهذه هي الطريقة:

  • تفسير الشك بالنفس على أنه شعور إيجابي. بدلاً من التهرّب من التجارب التي تثير الشكوك لديك، حاول أن تتعمد اعتناقها وتقبّلها، وتذكّر أن خوض التحديات هو الطريق الوحيد نحو الارتقاء والتطور.
  • لا تحاول أن تكون الأذكى في محيطك الاجتماعي. بدلاً من أن تتبع هواجسك بشأن نظرة الآخرين إليك، حاول أن تتخلص من هذه الرقابة الذاتية. فلن تفيدك في شيء، بل ستقف عائقاً في وجه تطوّرك.
  • ولا تخجل من الفشل وتتهرب منه، حتى لو كنت تخشاه. وعند استعراض الفرص التي يمكن أن تستغلها، يجب أن تسأل نفسك إن كنت خائفاً منها. هل تشعر بالتردد إزاء القيام بعمل ما بسبب خوفك من الفشل؟
  • لا تتهرب من الملاحظات وردود الفعل السلبية، بل تقبّلها وخذها بعين الاعتبار. وذكّر نفسك بأنك لن تستطيع تحديد أفضل الطرق للنمو والتطور إلا بالاعتماد على الملاحظات السلبية، لا الإيجابية.

 

منذ 20 سنة تقريباً، تلقيت اتصالاً هاتفياً غيّر حياتي بالكامل.

حيث جاء فيه: "تهانينا! لقد تم قبولك في برنامج الدكتوراة في علم النفس التنظيمي في جامعة موناش".

وقلت لنفسي حينها: "لا بد أن ثمة خطأً إدارياً". فمن المؤكد أنني كنت صغيرة السن وقليلة الخبرة وقليلة المعرفة إلى درجة تجعل قبولي مستحيلاً. أم أن هذا غير صحيح؟

تبيّن لي لاحقاً أنه لم يكن خطأ. فقد انتسبت إلى البرنامج بالفعل، وخلال أقل من ثلاث سنوات بقليل، أصبحت أصغر شخص يتخرج في هذا البرنامج. واليوم، أصبحت متخصصة بعلم النفس التنظيمي، وأدير شركة إنفينتيوم (Inventium) الاستشارية لعلم السلوك، التي تهدف إلى مساعدة الناس على تحسين أدائهم والشعور بمستوى أعلى من السعادة والرضا في العمل. كما أنني أستضيف المدونة الصوتية "How Do I Work" (كيف أعمل)، حيث أجري مقابلات مع الرؤساء التنفيذيين، ورواد الأعمال، والكتّاب، والفنانين، في محاولة لشرح أسباب نجاحهم.

وخلال العديد من الحوارات التي أجريتها مع الكثيرين من مختلف مجالات الحياة، أدركت أنني لست الوحيدة التي تعاني متلازمة المحتال، وهي شعور متواصل ومزعج لدى الشخص بأنه غير جدير بإنجازاته. وقد بيّنت الأبحاث العلمية أن نسبة من يعانون متلازمة المحتال يمكن أن تصل إلى 82%. أما النسبة المتبقية، التي تبلغ 18%، فمن المرجح أنها تضم الأشخاص الذين يخشون الاعتراف بأنهم مصابون بهذه المتلازمة.

وقد أيّدني الضيوف الذين أجريت معهم مقابلات في مدونتي الصوتية. فقد فوجئت بأن الكثيرين منهم يشعرون بالشكوك والمخاوف نفسها التي شعرت بها يوم وصلتني رسالة القبول في موناش، مهما كانت درجة نجاحهم وكفاءتهم، وحتى بعد أن أصبحوا رؤساء تنفيذيين قادرين على عقد أكبر الصفقات. ولكن، خلافاً للكثيرين منا، فقد تمكنوا من التوصل إلى أساليب لتحويل هذه المشاعر إلى طاقة مفيدة. وهذا يعني أنك تستطيع أن تفعل هذا أيضاً.

وفيما يلي أربع نقاط حول استغلال متلازمة المحتال على نحو إيجابي.

تفسير الشك بالنفس على أنه شعور إيجابي.

عندما قابلت آبي جاكوبسون، وهي مبتكرة فكرة مسلسل "برود سيتي" (Broad City) ومؤلفته ونجمته، شعرت بحماسة لا توصف. فقد كنت معجبة بعمل آبي منذ عدة سنوات، كما رأيت كل حلقة من حلقات مسلسلها الكوميدي الذي دام خمسة مواسم على قناة كوميدي سينترال (Comedy Central). وقد قرأت ذات مرة أنها كانت تعاني حالة شديدة من متلازمة المحتال خلال المواسم الأولى من مسلسلها، وشعرت بفضول لمعرفة إذا ما كانت مصابة بها حتى الآن.

وقد كانت إجابتها باختصار: أجل. تحدثت آبي عن تجاربها في التحدث خلال اللقاءات أو عضويتها للّجان، وإحساسها بشعور غامر بالشك بالنفس.

حيث قالت لي: "’ما الذي جاء بي إلى هنا؟ ولماذا يهتم أي شخص كان بما يتوجب عليّ قوله حول هذا الموضوع؟‘ هذا ما كنت أقوله لنفسي. وكنت أشعر بتوتر شديد قبل أداء المَشاهد، أو تجربة أشياء جديدة. كنت أشعر بأنني سأكون عرضة للفشل في تقديم عمل جيد".

ولكن، هنا يكمن جوهر الفكرة. فعلى العكس من معظمنا ممن ينظرون إلى التوتر والشك بالنفس على أنه أمر سيئ، فإن آبي تعتبره أمراً إيجابياً.

وتضيف: "أشعر بالسعادة لأنني ما أزال أشعر بتوتر شديد، حتى لو لم يكن هناك من داعٍ لذلك، فأنا أرغب في أن أراقب نفسي، وأتساءل عن موقعي ضمن مسيرتي المهنية على الدوام. وأرغب بأن أقيس التقدم الذي أحرزته، وأعرف أنه ما زال بالإمكان تحقيق الكثير. وحتى لو كنت واثقة تمام الثقة من إنجازاتي الحالية والمشاريع التي أعمل عليها، فما زال من الممكن أن أصبح أكثر براعة بكثير".

دفعني سماع وجهة نظر آبي إلى تفسير مشاعري المتعلقة بمتلازمة المحتال بطريقة مختلفة. فماذا لو بدأت أنظر إلى توتري وعصبيتي بشكل إيجابي؟ وماذا لو نظرت إليها نظرة جديدة بوصفها دوافع إيجابية للعمل، أو إثباتات على مدى اهتمامي بما أقوم به؟ الآن، أقول لنفسي إنني أشعر بالتوتر، ليس لأنني يجب ألا أكون هنا، بل لأنني أشعر بالحماسة للإفصاح عما سأقول.

نصيحة احترافية: في المرة المقبلة التي تشعر فيها بالشك بالنفس، حاول أن تنظر إلى مشاعرك على أنها قوة تحفيزية. تخيل أن توترك ليس سوى تذكير بوجود مجال للنمو على الدوام. بدلاً من التهرّب من التجارب التي تثير الشكوك لديك، حاول أن تتعمد اعتناقها وتقبّلها، وتذكّر أن خوض التحديات هو الطريق الوحيد نحو الارتقاء والتطور.

لا تحاول أن تكون الأذكى ضمن محيطك الاجتماعي على الدوام.

أمضت سيان تايد عدة سنوات وهي تشعر بأنها ليست على المستوى الذي يظنه الجميع من حيث الذكاء أو القدرات أو البراعة. على الرغم من أنها شاركت في تأسيس إنفاتو (Envato)، وهي شركة تكنولوجيا في ميلبورن تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار.

وللتغلب على متلازمة المحتال، بحثت سيان عن نماذج يُحتذى بها؛ أي أشخاص يشعّون ثقةً بالنفس ليكونوا قدوة لها. وكانت تتعمد البحث عن هؤلاء الأشخاص، والتحدث معهم، كما كانت تراقب من كثب الفرق بين تصرفاتها وتصرفاتهم في مواجهة الشكوك. ومن الصفات التي وجدت أنهم يتمتعون بها بشكل مشترك، عدم القلق من توجيه الأسئلة التي يمكن أن توحي بأنهم أغبياء. وقد اعترفت سيان قائلة: "لطالما كنت أقلق بشأن هذا الأمر".

"ولهذا، كنت بحاجة إلى أن أغيّر تفكيري من الرغبة بأن أبدو أذكى شخص بين من أشاركهم جلسات العمل إلى الرغبة بمغادرة هذه الجلسات وأنا الأذكى بينهم فعلاً. وهذا يعني توجيه الأسئلة باستمرار. كنت في حاجة إلى عدم الاكتراث بمظهر الغباء الذي توحي به كثرة الأسئلة".

لقد مررت بتجارب مماثلة، وشعرت بالخجل من توجيه الأسئلة بسبب الخوف من التعرض إلى أحكام الآخرين عدة مرات في حياتي المهنية. ولكن، وبعد أن تحدثنا بفترة قصيرة، قررت البدء باتباع ممارسة جديدة، وهي توجيه الأسئلة التي تخطر على ذهني إلى الآخرين، بمنتهى البساطة. والآن، عندما أحضر الاجتماعات، وأرى أشخاصاً مبتسمين أو يهزون برؤوسهم موافقين، أشعر بالاطمئنان لأن حدسي كان على صواب، فتوجيه الأسئلة لا يساعدني على النمو فحسب، بل يساعد أيضاً الأشخاص الآخرين الذين ما زالوا يشعرون بالتوتر إلى درجة تمنعهم من رفع أيديهم طلباً للتحدث.

نصيحة احترافية: بدلاً من أن تتبع هواجسك بشأن نظرة الآخرين إليك، حاول أن تتخلص من هذه الرقابة الذاتية. فلن تفيدك في شيء، بل ستقف عائقاً في وجه تطوّرك. ومن المرجح أن الأشخاص الآخرين في الغرفة، الذين تحاول إثارة إعجابهم جاهداً، يرغبون بتوجيه السؤال نفسه أيضاً. تذكّر أنك تُسدي الجميع خدمة عند توجيه سؤال حول أي مسألة تحيرك، أو ترغب بالحصول على المزيد من المعلومات حولها. وخلافاً للتوقعات، فإنك ستبدو على الأرجح أكثر ثقة بقدراتك وكفاءتك لأنك تمتلك الشجاعة لتوجيه الأسئلة عن الأشياء التي لا تعرفها.

لا تخجل من الفشل وتتهرب منه، حتى لو كنت تخشاه.

وجدت سيان أيضاً أن متلازمة المحتال تسببت لها في أغلب الأحيان بالابتعاد عن الفرص التي تبدو مخيفة لها. وقالت: "منذ فترة طويلة وأنا أتفادى الفشل فحسب. ولكنني أدركت أنني يجب أن أبدأ تقبّل الفرص، حتى لو كانت مخيفة".

وأدركَت أن تقبّلها للفرص كان يعني زيادة احتمال تعرضها للفشل، ولكنه كان يعني أيضاً تحسين سرعة نموها الشخصي بدرجة كبيرة. فمن الصعب تحقيق النمو عن طريق فرص سهلة أو آمنة.

ومن خلال الممارسة، أرغمت سيان نفسها على تقبّل الفشل، والتكيف مع هذا الفشل، سواء أكان فشلاً صغيراً أم كبيراً. تقول سيان: "عند تجربة القيام بأشياء صعبة لم يسبق لأحد آخر أن جرّبها من قبل، ستتعرض إلى الفشل في أغلب الأحيان. لقد أطلقت 10 شركات ناشئة تقريباً. وهناك الكثير مما لم تسمع به ولا تعرفه، لأن هذه الشركات الناشئة لم تنجح، ما دفعني إلى إغلاقها".

وعند عدم معرفة الإجابة عن سؤال ما خلال مشاركاتها في الجلسات الحوارية، كانت تعترف بأنها تجهل الإجابة بكل بساطة، بدلاً من التظاهر بأنها تعرف. وعند الإصغاء إلى سيان، أدركتُ أنه من الجيد التعامل بارتياح مع فكرة الفشل، وتقبّل عدم معرفة الإجابات كافة. فعندما أفعل ذلك، يصبح تقييم الفرص الجديدة لا علاقة له بالتهرب من الشك بالنفس، بقدر ما له علاقة بمواجهة التحديات الجديدة.

نصيحة احترافية: وعند استعراض الفرص التي يمكن أن تستغلها، يجب أن تسأل نفسك إن كنت خائفاً منها. هل تشعر بالتردد إزاء القيام بعمل ما بسبب خوفك من الفشل؟ إذا كانت الإجابة "نعم"، فمن المرجح أنها إشارة جيدة، لأن هذا العمل يمثل فرصة رائعة للنمو. ويكفي أن تحذر من تحميل نفسك فوق طاقتها، ومنح الأولوية للفرص التي تحقق أكبر قدر من النمو، وتساعدك على الاقتراب قدر الإمكان من أهدافك.

لا تتهرب من الملاحظات السلبية. بل تقبّلها وخذها بعين الاعتبار.

إذا رأيت دوم برايس (Dom Price) متحدثاً في أحد المؤتمرات، فمن المرجح أنك ستفترض أنه أكثر الأشخاص في القاعة ثقة بالنفس. فهو طويل القامة، وجهوري الصوت، ويترأس البحث والتطوير في أتلاسيان (Atlassian)، إحدى أكبر شركات التكنولوجيا في العالم. وعلى الرغم من كل هذا، فقد قال لي دوماً إنه يعاني أعراض متلازمة المحتال يومياً. وبالنسبة له، فإن الاستماع إلى ملاحظات الآخرين محفّز هائل.

إذ قال: "تكمن المفارقة في أن الكثيرين يعتبرون متلازمة المحتال سبباً للتوقف عن الاستماع إلى الملاحظات السلبية، ولكنني في الواقع أتعمد الاستماع إليها". وأضاف: "لقد حصلت على بعض الملاحظات السلبية هذا الصباح بعد لقاء تحدثت فيه، في الولايات المتحدة مؤخراً. وتجاهلت كل المديح، واتجهت إلى الانتقادات مباشرة، لأنني رغبت بمعرفة الأشياء التي أعطت انطباعاً سلبياً للحضور. لا يمكن أن نتعلم الكثير من المديح. ولكن الملاحظات السلبية تعلّمنا الكثير".

وأضاف أيضاً: "عندما أتجاهل كل ما حولي وأتوقف عن الإصغاء للآخرين، أو أصبح مغروراً ومختالاً بنفسي لدرجة عدم الاكتراث بالآخرين، سأدخل في مرحلة الانهيار".

لقد تعلمت أن أتقبل النقد السلبي، مع أن هذا يحتاج إلى بعض الوقت. وأحاول أن أتجنب اعتباره موَجَّهاً إليّ شخصياً (وهو أمر نادر الحدوث)، وبدلاً من ذلك، فإنني أرى كل معلومة في النقد البناء استراتيجيةً يمكنني تطبيقها لتحسين أدائي. وإذا تكلّف شخص ما عناء تقديم نقد سلبي إليّ، فهذا يعني أنه يعتقد أنني قادر على التحسّن، وهي دلالة جيدة.

نصيحة احترافية: حاول أن تنتبه لنفسك عندما تبدأ بتجاهل الملاحظات السلبية. وذكّر نفسك بأنك لن تستطيع تحديد أفضل الطرق للنمو والتطور إلا بالاعتماد على الملاحظات السلبية، لا الإيجابية. ومن المفيد أن تفترض وجود نية سليمة لدى الشخص الذي يقدم لك الملاحظة السلبية. فهو يقدمها لك لأنه يرغب في أن يراك تتحسن وتتطور، ولإيمانه بقدرتك على تحقيق هذا الأمر. وبعد تلقي الملاحظات السلبية، يجب أن تخصص بعض الوقت للتخطيط لكيفية الاستفادة منها وتطبيقها، بل يمكن أن تقوم بهذا بالتعاون مع الشخص الذي قدم هذه الملاحظات إليك.

ما الفكرة العامة من كل ما سبق؟ حاول أن تتصالح مع متلازمة المحتال، ولا تنظر إليها على أنها نقطة ضعف. فأكثر الناس نجاحاً في العالم هم من يتقبلون الشك بالنفس، والذين لا يخشون الظهور بمظهر الغبي. وإذا كنت تخشى القيام بشيء ما لأنه يثير توتّرك، فتذكر أن هذه التجارب هي الأكثر غنى، والأكثر قدرة على مساعدتك على التعلم والتطور.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي