ملخص: قد يكون من الصعب عليك في بداية حياتك المهنية معرفة متى يمكنك التحدث في الاجتماعات، خاصة إذا لم تكن لديك الخبرة الكافية في المواضيع التي يجري مناقشتها. ولكن توجد الكثير من الطرق التي لا تتطلب امتلاك الخبرة حول المواضيع المطروحة للإسهام في الاجتماعات. يحدد المؤلف هنا عدة استراتيجيات يمكنك من خلالها تقديم إسهامات قيّمة في الاجتماعات بطرق ربما كنت تعتقد أنها لا تجدي نفعاً:
- أعد تعريف "القيمة". الأمر لا يتعلق دائماً بالخبرة.
- تولى دور كاتب محضر الاجتماع مثلاً. تظهر هذه الوظيفة أنك مستمع كفؤ وواعٍ يعرف كيفية ربط النقاط بين الأفكار التي تتم مناقشتها.
- تولى عملية المتابعة. ستقوم بالتواصل مع أصحاب المصلحة الآخرين وتستمر في دفع الفكرة إلى الأمام من الناحية التشغيلية.
- لا بأس بذكر ما هو معروف. قد يكون لزملائك في الاجتماع خلفيات وخبرات مختلفة عنك، لذلك فإن الأشياء التي قد تبدو واضحة لك قد لا تكون كذلك بالنسبة لهم.
جميعنا مررنا بهذه التجربة. يقترب الاجتماع من نهايته، فتزداد رغبتك بقول شيءٍ ما -أي شيء- فقط كي يعرف الحاضرون أنك حاضر هناك. ثم قبل أن تضغط فوق زر "إنهاء المكالمة" (أو تنهض لمغادرة الغرفة)، تقول سريعاً "لقد كان اجتماعاً رائعاً. شكراً لكم جميعاً".
ثم تغادر وتفكر: ما القيمة التي أضفتها إلى الحوار؟
لتسيطر عليك بعد ذلك متلازمة المحتال وتدخل في دوامة من الأسئلة؛ هل أشغل الوظيفة المناسبة لي؟ هل سأكون قادراً على إحداث فرق؟
لكنك في الواقع لست مضطراً إلى التحدث في كل اجتماع للمساهمة في فريقك. في بعض الأحيان، قد تكون هناك حاجة للإنصات الإيجابي فقط لمنحك السياق الذي تحتاج إلى التفكير فيه وتقديم المساهمة في المستقبل. ومع ذلك، يميل الناس أكثر إلى ربط القيمة بالتحدث، وعندما تحاول جاهداً القيام بذلك، قد تشعر بأنك ستفشل لا محالة. يشيع هذا الأمر بين الأشخاص الذين ينضمون حديثاً إلى فرق العمل، أو في وقت مبكر من حياتهم المهنية حين لا يزالون يبنون الثقة لتتناسب مع حماستهم.
إذا شعرت بأن هذا الأمر ينطبق عليك، فهناك بعض النصائح التي يمكنك الأخذ بها لزيادة فرصك، والعديد من الطرق التي يمكنك من خلالها المساهمة وإضافة قيمة إلى الاجتماعات دون الحاجة لأن تكون صاحب الصوت الأعلى في الاجتماع.
أعد تعريف "القيمة"
لتمكين نفسك والتغلب على متلازمة المحتال، وسّع تعريفك لـ "القيمة" بما يتجاوز مفهوم "الخبرة". تقليدياً، هناك أربع وظائف رئيسية يمكن أداؤها في الاجتماع وكل واحدة منها تضفي القيمة بطريقتها الخاصة.
- القائد: يدعو هذا الشخص إلى الاجتماع ويقود مناقشة جميع البنود على جدول الأعمال الرئيسية.
- مراقب الوقت: يحافظ هذا الشخص على مسار الاجتماع الصحيح من خلال تخصيص الوقت اللازم لكل بند من بنود جدول الأعمال وتذكير القائد بموعد الانتقال من بند إلى آخر.
- الميسّر: يتولى هذا الشخص الحفاظ على استمرار النقاش من خلال تشجيع الحاضرين على المساهمة والحرص على تغطية جميع البنود المدرجة في جدول الأعمال. وعلى عكس القائد، فإن الميسر مسؤول عن دفع عملية صنع القرار إلى الأمام.
- محرر محضر الاجتماع (الكاتب): يتولى هذا الشخص تدوين الملاحظات حول البنود التي تمت مناقشتها مع تقدم الاجتماع والحلول التي تم التوصل إليها، ثم يتولى تنسيقها وتوزيعها على الحاضرين بعد الاجتماع.
يجب أن يتولى اثنين من هذه الأدوار (مثل القائد وربما الميسر) أشخاص ذوو دراية أو خبرة في الموضوعات التي تتم مناقشتها.
بينما يمكن أن يشغل الأدوار الأخرى (مثل الكاتب ومراقب الوقت) أي شخص مهتم، حيث يمكن أن تتطلب المزيد من المهارات التشغيلية مثل التنسيق والتنظيم. في حين أنه يمكن إسناد بعض الأدوار قبل الاجتماع، يمكن أيضاً إسنادها عند بدء الاجتماع أو ارتجالها. اعتماداً على من يقود الاجتماع، قد يتم دمج مسؤوليات كل دور أو توليها من قبل عضو واحد في الفريق.
مهما كانت الحالة في مؤسستك، فيجب أن تدرك أنه من الممكن تقديم مساهمات هادفة تتجاوز التحدث في الاجتماع.
تولى دور الكاتب
لكي تنجح في هذا الدور، يجب أن تكون قادراً على معالجة المعلومات بسرعة وتسجيل الأفكار الرئيسية من الاجتماع في الوقت الحقيقي. يمكن للمهنيين الشباب أو الموظفين الجدد في الفريق تطوير هذه المهارة بشكل طبيعي دون أن تكون لديهم بالضرورة نفس المعرفة الداخلية كأعضاء الفريق الأكثر خبرة.
قد يبدو هذا الدور "صغيراً" أو "غير مهم"، لكن الكاتب يتمتع بصلاحيات تتجاوز مجرد تدوين الملاحظات وتمريرها. إذا قبلت القيام بهذه المهمة خلال الاجتماع، فلديك فرصة لإظهار أنك مستمع كفؤ وواعٍ يعرف كيفية ربط النقاط بين الأفكار التي تتم مناقشتها. لديك تأثير على سير الاجتماع بغض النظر عن الفكرة التي تتم مناقشتها، فأنت تقرر ما تتم كتابته على السبورة ليقوم المشاركون بمراجعته والتفاعل معه والبناء عليه. بعد الاجتماع، تشرح كل ما قيل في الاجتماع وتقرر ما هي الأفكار المهمة وما هي الأفكار التي يجب تجاهلها، وتحدد الأفكار التي يجب طرحها لمزيد من النقاش مستقبلاً في نهاية المطاف. إنها مهمة لا يمكن الاستعاضة عنها بتسجيل صوتي أو مقطع فيديو للاجتماع يمكن استعراضه مجدداً.
قد تتاح لك الفرصة في مواقف معينة لتولي دور الميسّر وتوجيه النقاش من خلال طرح أسئلة استقصائية لمساعدتك على تدوين ملاحظات أوضح. على سبيل المثال، افترض أنك في اجتماع مع رئيس قسم التسويق ورئيس قسم المبيعات، والمشاركون ينظرون في استراتيجيات جديدة حول كيفية النجاح في سوق تتزايد فيه المنافسة. لإعطاء ملاحظاتك مزيداً من السياق، يمكنك طرح الأسئلة التالية:
- ما هو الشيء الأكثر أهمية لعملائنا الرئيسيين في هذا الجزء من السوق؟
- هل هناك احتياجات لم تتم تلبيتها في هذا الجزء يمكننا تغطيتها؟
- كيف يجب تطوير استراتيجياتنا الحالية لتحدي المنافسين الجدد في السوق؟
بهذه الطريقة، لديك الفرصة للمشاركة في الحوار واكتساب الرؤية من أصحاب المصلحة المهمين والتعرف على الأهداف التي يحاول فريقك تحقيقها. قد لا تكون خبيراً في الموضوع الذي تتم مناقشته، ولكنك ستكون في نهاية الاجتماع على اطلاع واسع بالحوار الذي تم.
تولي مسؤولية عمليات المتابعة
بعد انتهاء الاجتماع وتسجيل جميع نقاط المناقشة الرئيسية ومعرفة من المسؤول عن "الخطوات التالية"، يمكنك تولي إدارة عملية المتابعة.
عند إرسال محضر الاجتماع تأكد من:
- كتابة ملخص موجز: اكتب النقاط الرئيسية للاجتماع بشكلٍ منسق بحيث يمكن للآخرين إعادة توجيه تقريرك لأي شخص فاته الاجتماع أو مهتم بنتيجته.
- احتفظ بسجل القرارات الرئيسية. قم بإنشاء جدول يسرد القرارات التي تم اتخاذها في الجلسة، ومَن شارك فيها، وما هي نتيجة كل قرار وتاريخ اتخاذه.
- تسجيل بنود العمل والخطوات التالية. لخص إجراءات العمل وصِفها بوضوح، ومن المسؤول عن تنفيذها ومتى يحين موعد استحقاقها. إذا لم يتم ذكر هذه النقاط في أثناء الاجتماع، فتابعها مع القائد.
تتيح لك هذه العملية أن تكون نقطة الوصل بعد الاجتماع حتى لو لم تكن الشخص الذي دعا إلى عقده في المقام الأول. ستصبح محور الاجتماع عملياً، لأنك الشخص الذي يخاطب أصحاب المصلحة الآخرين وتستمر في دفع الفكرة إلى الأمام من الناحية التشغيلية.
لا بأس بذكر ما هو معروف
إذا شعرت أن دور الكاتب لن يعبّر عن نقاط القوة التي تمتلكها، فلدي نصيحة أخيرة يمكن أن تساعد على رفع مكانتك في أثناء الاجتماعات، وهي مفيدة بشكل خاص لأولئك الذين يشعرون أن لديهم المعرفة للمساهمة، ولكنهم يميلون إلى الاعتقاد أنهم سيفسدون كل شيء إذا ما قاموا بذلك. بصفتك الشخص الجديد في الفريق، قد تقول لنفسك "وجهة نظري واضحة جداً وليس لها قيمة"، أو "ربما يعرف أعضاء فريقي بالفعل الفكرة التي أنا على وشك طرحها، فلماذا أطرحها إذاً". وبعد دقيقتين- يحدث ذلك حتى مع الخبراء أيضاً- يطرح زميلك نفس النقطة بالضبط. فإذا أشاد بها الحاضرون، فإنك تقول لنفسك "كان يجب عليّ طرح الفكرة قبله".
هذه النقاط التي تبدو "واضحة" هي ما أفضّل تسميتها المساهمات "سهلة الكسب". يمكن أن تكون هذه المساهمات نقاطاً يمكن ذكرها في بداية الحوار أو موضوعاً يساعد في التمهيد لمزيد من النقاش، نقاطاً تعتمد على الحقائق والبيانات لوصف الوضع الحالي الراهن مثلاً. قد تبدو لك هذه النقاط "واضحة" لأنها تركز على ما هو معروف.
مع ذلك، ضع في اعتبارك أن زملاءك في الجلسة قد يمتلكون خلفيات وخبرات مختلفة عنك. قد ينتمون إلى أقسام أخرى أو لديهم مسؤوليات مختلفة، ويتمتعون أيضاً بالوصول إلى معلومات مختلفة أيضاً، ولكن ذلك يعني أيضاً أنك تتمتع بدورك بإمكانية الوصول إلى معلومات قد لا يكونون على دراية بها. وبالتالي، قد تكون نقطتك التي تعتبرها "واضحة" مفيدة جداً في تغطية الفجوة المعرفية بين الأدوار أو الفرق أو الأقسام.
لنبقَ مع المثال أعلاه، أنت في اجتماع للعصف الذهني حول وضع استراتيجيات جديدة للتكيف مع سوق تتزايد المنافسة فيه. قد تكون المساهمة "سهلة الكسب" هي البيانات التي تعرفها عبر وظيفتك الحالية أو السابقة، والتي تشرح من خلالها مدى فعالية أو عدم فعالية استراتيجيات معينة في التأثير على الجمهور الذي يحاول فريقك استهدافه. على سبيل المثال، يمكن أن يمهد شرح مقاييس الأداء الرئيسية الأرضية لنقاش أوسع. إذا كنت تريد أن يتم تسليط الضوء عليك، فاختم بسؤال يشجع المزيد من النقاش مثل "هل يتم تتبع المقاييس الصحيحة؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فكيف ينبغي تغيير هذه المقاييس لتحديد التأثير بدقة؟".
ليس من الضروري أن تكون جميع المساهمات مثيرة للاهتمام، ومعظم المساهمات هي ليست كذلك بالفعل. على سبيل المثال، قد تساعد مراجعة ما يعرفه الفريق بالفعل على اكتشاف بعض القضايا التي لا تزال بحاجة إلى المزيد من النقاش.
في الحقيقة، الفكرة القائلة إن طرح الرؤى المتعلقة بالمحتوى هي الطريقة الوحيدة لإضافة قيمة إلى الاجتماع هي فكرة خاطئة إلى حد كبير. في بعض الأحيان عليك فقط الجلوس والاستماع، وفي أحيانٍ أخرى، عليك تشجيع الناس على النظر إلى الوراء قبل المضي قدماً. مع حضور المزيد من الاجتماعات، ستكتسب في النهاية خبرة كافية تزيد بها ثقتك بنفسك للمساهمة بطرق تبدو لك صعبة في الوقت الحالي. حتى ذلك الحين، يمكن أن تساعدك النصائح المذكورة أعلاه في اكتساب المهارة وخلق القيمة عاجلاً وتوفير المزيد من الفرص أمامك في المستقبل.