نحن نعيش في عصر تزايدت فيه وتيرة الاتجاهات الاجتماعية والاقتصادية والتغير المناخي والثورات التكنولوجية بدرجة كبيرة.
لمواكبة هذه التغيرات، يحاول قادة الأعمال تطبيق خطة تحوّل هي الأكثر جرأة في التاريخ، من خلال إجراء تغييرات جذرية إما في عمل مؤسساتهم وإما في طرق العمل.
لسوء الحظ، فإن مجرد محاولة تحقيق التحول لا يضمن النجاح؛ إذ تشير التقديرات إلى أن 70% من مبادرات التغيير تفشل. يتوافق ذلك مع نتائج البحث الذي أجريناه في شركة غارتنر (Gartner)؛ إذ أفاد 14% فقط من الرؤساء التنفيذيين للشؤون المالية في دراسة استقصائية من عام 2023 بنجاح مشروعات التحول التي أجروها في العامين السابقين كافة، كما أفاد قادة الخدمات اللوجستية في دراسة أخرى من العام نفسه بنجاح 24% فقط من عمليات التحول التي أجروها.
التحوّلات: أكثر صعوبة وتواتراً
دفعتنا الحاجة إلى التحول بهدف مواكبة التغيير وإلى طرق لتنفيذه بكفاءة أعلى إلى التعمق في أسباب نجاح مبادرات التحول وفشلها.
ركّزنا على قسم المشتريات الذي جرت فيه عدة مبادرات للتحول على مدار السنوات القليلة الماضية. أجرينا عام 2023 دراسة استقصائية لآراء 276 من المتخصصين في المشتريات من عيّنة متنوعة من الأسواق والقطاعات، ولاحظنا أن هذا القسم شهد في المتوسط مبادرة تحول جديدة واحدة تقريباً كل سنة منذ عام 2018. وعند إجراء الدراسة شهد ثلاث مبادرات تحول متزامنة.
على الرغم من أن متخصصي المشتريات الذين شملتهم الدراسة يتمتعون بخبرة كبيرة، أو ربما بسبب هذه الخبرة، أفاد 70% منهم بأن تحقيق أهداف التحول كان أصعب من المتوقع، وتبين أن أغلبية عمليات التحول لم تحقق القيمة المتوقعة. على سبيل المثال، منح المستجيبون درجة متوسطة بلغت 58 من 100 في تقييمهم للتحول المحقق في أهداف الوفر في التكلفة، وهو الهدف النهائي الأكثر شيوعاً في مبادرات التحول في أقسام المشتريات.
في نهاية المطاف، مسار العمل في القسم؛ أي العمليات التي يجريها العاملون في سياق عملهم، هو الذي يخضع للتحول. لهذا السبب، وفي سعينا إلى تفسير هذه النتائج المخيبة للآمال، ركزنا على الطرق التي يتبعها قادة التحول لتصميم مسار العمل الخاضع للتحول ومراجعته.
الكفاءة مقابل البساطة المدروسة
تحاول الأغلبية العظمى من المؤسسات اليوم تحقيق التحول من خلال التركيز على الكفاءة، واتباع ما يمكن وصفه باستراتيجية "منتج الحد الأدنى". يمنح قادة الأعمال الذين يتبنون هذا النهج الأولوية للسرعة في تنفيذ كل تغيير جديد في مسار العمل، وبالتالي تنفيذ التحول بأكمله بأسرع ما يمكن للبدء باستخراج القيمة في وقت أقرب ومواكبة وتيرة التغيير الذي يواجهونه.
استنتجنا أن المؤسسات التي تتبع هذا النهج تفعل ما يلي:
- تنفّذ التغييرات على مسار العمل بسرعة وتكرر التحسينات لمعالجة أي عيوب في مسارات العمل.
- تعزز تمكين الموظفين وتتوقع منهم الاستفادة من خبرتهم وأحكامهم الخاصة للتعامل مع الغموض الذي ينشأ نتيجة التغيير في مسارات العمل.
- تركّز على إنشاء عمليات موحدة ومنتظمة.
على الرغم من أن هذا النهج يبدو منطقياً وهو فعّال في العديد من السياقات الأخرى، اكتشفنا أنه في سياق تحويل قسم في الشركة، كان للنهج الذي يركز على الكفاءة في زيادة فرص نجاح التحول تأثير معدوم نسبياً. قسنا النجاح على أنه تحقيق أهداف التحول النهائية مع مواجهة أقل عدد ممكن من الصعوبات في الوقت نفسه.
في الواقع، توصلنا في دراستنا إلى أن الأقسام التي يتقن المتخصصون فيها تطبيق النهج القائم على الكفاءة شهدت زيادة في نجاح مبادرة التحول بنسبة 5% فقط. على النقيض من ذلك، ازداد معدل نجاح التحول في المؤسسات التي طبّقت نهجاً أطلقنا عليه "البساطة المدروسة" (Designed Simplicity) بنسبة 42%.
ما هي البساطة المدروسة؟
عرّفنا البساطة المدروسة على أنها نهج قائم على تجربة المستخدم لإدارة العمليات التجارية، يسعى إلى تبسيط العمليات من خلال تصميم الإجراءات والأدوات والتفاعلات مع أصحاب المصلحة بطريقة تجعل فهمها وتنفيذها من المستخدمين أسهل. تطبّق المؤسسات التي تتبع نهج البساطة المدروسة لتصميم مسارات العمل ومراجعتها ضمن عملية التحول 9 مبادئ.
تحرص هذه المؤسسات على ما يلي في مسارات العمل الخاضعة للتغيير:
- عدم وجود فجوات أو جوانب غامضة عند تنفيذ التحول.
- سهولة أداء المهام.
- سهولة فهم الإجراءات واتباعها.
- تغطية السيناريوهات النادرة.
عند التفكير في تصميم مسارات العمل هذه وتنفيذها، يحرص قادة هذه المؤسسات على ما يلي:
- العمل في فريق منسجم مع المدراء والموظفين.
- المشاركة في العمل دائماً، حتى عند تفويض بعض المهام.
- اتخاذ إجراءات لتسهيل العمل قدر الإمكان.
- دمج التعلم والتطوير في العمل.
- بذل جهل مخصص لمراقبة تبنّي التغيير.
تبدو هذه المبادئ بديهية، لكن أغلبية الأقسام لا تلتزم بها في الممارسة العملية نتيجة لبعض الاعتبارات العملية والخوف من أن يؤدي التركيز على العمليات إلى تأخير التنفيذ. على الرغم من أن هذا مصدر قلق منطقي، فالأقسام التي تتبع نهج الكفاءة تصل إلى مرحلة التنفيذ قبل 6 أسابيع فقط من الأقسام التي تتبع نهج البساطة المدروسة، وهي فترة قصيرة جداً قياساً بالوقت الذي يستغرقه التحول وسطياً، وهو سنتان ونصف. حتى إن هذه الأسابيع الستة نظرية فحسب، لأن التحول عند اتباع نهج الكفاءة لا يكتمل حقاً.
يزيد نهج البساطة المدروسة فرص نجاح التحول ويقلل مخاطر العواقب غير المقصودة في الوقت نفسه، كما أنه يزيد احتمالية تحقيق فوائد إضافية تتجاوز هدف التحول النهائي، ومنها:
- ازدياد رضا الموظفين بنسبة 123%.
- ارتفاع الكفاءة بنسبة 68%.
- انخفاض الصعوبات التي تعوق تلبية المتطلبات العادية بنسبة 26%.
- تراجع الانخفاض النموذجي في معنويات الموظفين الناتج عن التحول بنسبة 51%.
لماذا تنجح البساطة المدروسة بينما تفشل الكفاءة؟
ما هو سر فعالية البساطة المدروسة؟
تركز البساطة المدروسة على العائد على الاستثمار المرتبط بالتحوّل، وليس أهدافه النهائية.
يهدف نهج الكفاءة إلى تقليص الوقت بين اتخاذ قرار التحول وتنفيذه، ما يُقلل الوقت المستغرق لتحقيق العائد على الاستثمار. لكن هذا النهج ليس عديم الفعالية فحسب، كما ذكرنا آنفاً، بل إن القادة يخلطون بين نجاح مبادرة التحول ونجاح التحوّل نفسه من خلال تمديد الوقت المستغرق لتحقيق العائد على الاستثمار.
لا تنفذ المؤسسات مبادرات التحول بغرض إتمامها بسرعة، بل لتحقيق الأهداف على مستويات الأقسام والمؤسسة بأكملها. على الرغم من أن العائد على الاستثمار والوقت اللازم لتحقيقه مهمان، فالعائد على الاستثمار بحد ذاته أهم. يفشل نهج الكفاءة في تحقيق التوازن بين السرعة والجودة، بينما ينجح نهج البساطة المدروسة.
مسار العمل الخاضع للتحويل يكون أكثر اكتمالاً بكثير عند تطبيقه.
لتحقيق العائد على الاستثمار بأسرع ما يمكن، تتبنى المؤسسات التي تركز على الكفاءة عادة مسار العمل المقبول بالحد الأدنى (أي مسار العمل غير المكتمل). يعني ذلك أن القادة الذين يركزون على الكفاءة يفرضون على الموظفين في الواقع مهمة إنجاح تحول غير مكتمل.
على العكس من ذلك، لا تطبق المؤسسات التي تتبنى نهج البساطة المدروسة مسار العمل الجديد والمنقح إلا بعد اكتماله، ما يعني أنه لن يحتوي على جوانب غير مفهومة أو غامضة يجب على الموظفين اكتشافها بأنفسهم. تطوّر المؤسسات مسار العمل والأدوات والقوالب والدلائل التشغيلية قبل تنفيذ التحول بالضرورة، وليس بعده. على الرغم من أن التحسين التكراري سيحدث بلا شك، فالأخطاء في مسارات العمل هذه بسيطة لدرجة أن التأخير في التحسينات لا يعوق الموظفين في أثناء تطبيقهم لمسار العمل الجديد.
الأولوية لتجربة المستخدم وآراء الموظفين.
يعتمد النهج القائم على الكفاءة على أن يفسّر الموظفون أنفسهم الجوانب الغامضة في مسار العمل غير المكتمل. وعلى الرغم من أن الاعتماد على خبرة الموظفين للتعويض عن أوجه القصور في العملية قد يكون فعالاً في التغييرات الأضيق نطاقاً، فإن التحولات تتمحور حول إجراء تغييرات جذرية في المهام أو حتى في سلاسل القيمة بأكملها. بعبارة أخرى، يعتمد نهج الكفاءة على أن يعوّض الموظفون أوجه القصور في مسار العمل بخبرة لا يمتلكونها، وهذا لا يفسر فقط عدم نجاح نهج الكفاءة، بل يفسر أيضاً ارتباطه بانخفاض المعنويات.
لنتأمل قسم مشتريات لم يتولَّ القائمون عليه مسؤولية الاستدامة سابقاً، وتقرر القيادة إضافتها إلى مسؤولياتهم، وهذ تحوّل لأنه يمثل تغييراً جذرياً في المسؤوليات. ضمن هذا التحوّل، يجب أن يضيف فريق المشتريات مقاييس الاستدامة إلى معايير اختيار الموردين.
في الحالة المثالية، من المفترض أن القادة الذين قرروا إجراء التحول حددوا بالفعل مؤشرات الأداء الرئيسية المطلوبة والوزن الذي يجب منحه لها، إلى جانب العوامل الأخرى التي تؤثر في اختيار الموردين. ومع ذلك، تقع على الموظفين مسؤولية تطبيق الرؤية، ولذا سيحتاجون إلى جمع المقاييس من المورّدين، كما أنه من المحتمل أن يضطروا إلى إعادة التفاوض على اتفاقيات الخدمة لإلزام الموردين بجمع البيانات المتعلقة بالمقاييس ومشاركتها. سيطلب بعض الموردين والعملاء الداخليين إعفاءات، وسيتعين على الموظفين أن يقرروا منحها من عدمه بناءً على معايير يجب أن يطورها أحد أعضاء الفريق، وإذا لم يفعل قادة التحول ذلك بالفعل فسيبدأ الموظفون عملية أخرى من جمع البيانات وإجراء التقصي الواجب حول كل مورّد على حدة أو حتى كل عملية شراء على حدة.
في السباق لإعلان اكتمال التحول، يضيف نهج الكفاءة مقاييس الاستدامة إلى معايير اختيار الموردين ويضع مسؤولية معالجة هذه التعقيدات الجديدة المتعددة الأطراف على عاتق الموظفين. التحولات هي تغييرات جذرية، ما يعني أن الموظفين ليس لديهم أي خبرة في مجال الاستدامة على الأرجح، مع ذلك، فهم مكلفون بمعالجة هذه التعقيدات فورياً إلى جانب تولي مسؤولياتهم الأخرى المهمة للشركة. تشعر القيادة بالإحباط بسبب ضعف الأداء في تحقيق التحول الذي اكتمل ظاهرياً، ولكن مشاعر الإحباط هذه ضئيلة مقارنة بالإحباط الذي يشعر به الموظفون؛ إذ إن وظائفهم الصعبة بالفعل أصبحت مشوبة بمجموعة أكثر تعقيداً من المشكلات التي لا يشعرون بأنهم يحصلون على الدعم من قادة التحول لحلها.
على النقيض من ذلك، هدف نهج البساطة المدروسة هو تبسيط مسار العمل مقدماً، وتحقيق تجربة مستخدم إيجابية للموظفين. لضمان ذلك، يتعاون القادة والمدراء والموظفون بصفتهم فريقاً متكاملاً طوال عملية التحول حتى يتمكن الموظفون من تقديم آرائهم المباشرة بدلاً من تقديم التقييمات فقط بعد مواجهة المشكلات. هذا التمييز مهم جداً. في مثال الاستدامة، يعني ذلك أن أصحاب المصلحة في الأقسام المختلفة وعلى مختلف مستويات الأقدمية يتعاونون لضمان أن يكون مسار العمل المطوَّر لتحقيق الأهداف النهائية مكتملاً وقابلاً للتطبيق قبل وضع قواعد الاستدامة الجديدة موضع التنفيذ.
على سبيل المثال، إقناع الموردين الحاليين والمحتملين بالالتزام بالمتطلبات الجديدة هو جزء من مسار العمل الجديد. يجب أن يعمل قسم المشتريات وقسم الشؤون القانونية معاً لصياغة لغة العقد النموذجية. يجب أن يتعاون القادة والمدراء والموظفون في قسم المشتريات معاً في ابتكار استراتيجيات تفاوض عملية للوصول إلى اتفاقيات مقبولة مع الموردين الذين أبدوا عدم استعدادهم للالتزام بلغة العقد الجديدة في البداية أو غير القادرين على ذلك.
يحلّ ذلك مشكلتين. أولاً، يضمن أن المستخدمين لديهم ما يحتاجون إليه لإكمال مسار العمل في الوقت الذي يدخل فيه شرط الاستدامة الجديد حيز التنفيذ. من خلال إنجاز هذا العمل مسبقاً، لن يُضطر الموظفون لكتابة العقود بأنفسهم والتحقق من أن الاختلافات في لغة هذه العقود مقبولة ووضع استراتيجيات التفاوض على الفور، وهي مهام تخفض كفاءة التحول وتسبب الإحباط للمعنيين جميعهم.
ثانياً، لا يضمن ذلك فقط أن يحصل الموظفون على الأدوات اللازمة، بل أن تكون هذه الأدوات فعّالة أيضاً. إذا عملت الإدارة القانونية من منطلق حرصها على حماية مصالح الشركة، على صياغة لغة العقد بطريقة تجعله يحقق مصالحها أكثر، فإنها بذلك تضع موظفي قسم المشتريات في وضع غير مؤاتٍ عند بدء المفاوضات؛ فعلى سبيل المثال، لن يكلف بعض الموردين نفسه عناء الدخول في المفاوضات إذا كانت شروط العقد بعيدة كل البعد عن الشروط التي لديه استعداد للموافقة عليها. عندما يتعاون القادة والمدراء والموظفون في قسم المشتريات في وضع استراتيجيات التفاوض، سيضمن ذلك أن تعكس هذه الاستراتيجيات المعرفة المباشرة للموظفين بمورديهم والأطراف المقابلة، وهي معرفة قد تكون غائبة لولا ذلك.
يجدر ذكر أن فهم الفرق بين الآراء والتقييمات هو جوهر نهج البساطة المدروسة، فالآراء تُطرح عند تصميم مسار العمل ويمكن أن يكون لها أثر حقيقي، بل وحاسم، على الناتج النهائي. من ناحية أخرى، تُمنح التقييمات بعد أن يبذل قادة التحول جهوداً ويصلون إلى قناعة بأن تصميم مسار العمل اكتمل أو على وشك الاكتمال. ليس غريباً أن ينفّر ذلك القادة من العمل بناءً على التقييمات، باستثناء معالجة جوانب الخلل التي تُفشل مسار العمل، وهي تجبرهم على تكرار الكثير من عملهم أو تبيّن أن عملهم أبعد عن الاكتمال مما كانوا يعتقدون. لا شك في أن أي موظف قد تلقى طلباً في مرحلة ما لتقييم مبادرة معيوبة دون أن يؤخذ تقييمه في الاعتبار في النهاية.
السعي للحصول على التقييمات، وليس المدخلات، هو عيب قاتل في تصميم مسار العمل لأن البساطة نسبية دائماً. اعتقاد قادة التحول أنهم صمموا مسار عمل بسيطاً ليس كافياً، وذلك لأنهم ليسوا الذين سيطبقونه. لهذا السبب، تُمثل تجربة المستخدم والمدخلات جوهر نهج البساطة المدروسة.
التخطيط للسيناريوهات المعقولة جميعها.
في السباق لتصميم مسار العمل المقبول بالحد الأدنى ضمن نهج الكفاءة، تكون النتائج عادة عبارة عن مخرجات عمومية تعالج السيناريوهات المثالية والأكثر شيوعاً التي سيواجهها الموظفون.
لكن التحولات تزيد التعقيد حتى في السيناريوهات المثالية الشائعة. بالعودة إلى مثال الاستدامة، ينطوي السيناريو المثالي، الذي يمتلك فيه المورّد مقاييس الاستدامة المطلوبة ولديه استعداد لمشاركتها، على خطوات وأنشطة واعتبارات إضافية تعقّد مسار العمل.
السيناريو الأكثر واقعية هو سيناريو غير مثالي، ربما لا يمتلك بعض الموردين فيه المقاييس أو لا يرغبون في مشاركتها. لا يعقّد ذلك العملية أكثر فحسب (على سبيل المثال، من خلال الحاجة إلى إجراء المفاوضات)، بل إنه يخلق الحاجة إلى إجراء عمليات فرعية جديدة لها مسار عمل خاص بها (على سبيل المثال، إجراء عمليات الإعفاء).
على الرغم من أن السيناريوهات غير الشائعة نادرة، فإن هذا بالضبط ما يجعلها أعقد عادة مقارنة بالسيناريوهات الشائعة. ماذا لو لم يكن أحد مقاييس الاستدامة الإلزامية المطبق على الغالبية العظمى من الموردين قابلاً للتطبيق على مجموعة منهم؟ ماذا لو لم يكن منح الإعفاء ممكناً؟ ماذا لو كانت ممارسات المورد المتعلقة بالاستدامة تخضع للتدقيق قانونياً أو للرقابة؟
عندما تواجه المؤسسات هذه السيناريوهات غير المثالية وغير المعتادة، يفرض مسار العمل العمومي على الموظفين اكتشاف طريقة للتعامل مع تعقيد العمل. قد تكون هذه التعقيدات فنية (على سبيل المثال، التوصل إلى الطريقة الصحيحة لإنجاز مهمة ما) أو أسوأ من ذلك، مؤسسية (على سبيل المثال، التوصل إلى الطريقة الصحيحة لإنجاز المهمة عند العمل مع العديد من أصحاب المصلحة وأخذ أولوياتهم المتضاربة وسياساتهم القائمة والقيود المتعلقة بميزانياتهم وما إلى ذلك في الاعتبار).
في نهج البساطة المدروسة، تستهلك المؤسسات الوقت والطاقة لضمان اكتمال مسار العمل على نحو شامل منذ البداية. تكون العمليات مصممة بطريقة تزيل جوانب الغموض الظرفية من خلال تطوير مسار العمل الذي يغطي السيناريوهات المعقولة جميعها حتى يتمكن الموظفون من التعامل بسهولة مع الظروف الأقل شيوعاً وغير المثالية التي ستنشأ حتماً، حتى لو واجهوها بعد وقت قصير جداً من التنفيذ.
كيف يمكن تطبيق نهج البساطة المدروسة؟
يجب على قادة أي قسم يرغبون في ضمان زيادة فرص نجاحهم في التحول أن يسترشدوا بمبادئ البساطة المدروسة من خلال اتباع الخطوات التالية:
1. الاستقصاء
قيّم حالة مسار العمل الحالي الذي سيخضع للتحوّل.
2. التحقيق
احرص على إجراء مقابلات مع الموظفين الذين يطبّقون مسار العمل لتحديد التعقيدات فيه، ثم صنف التعقيدات في فئات تُمثل الأسباب الجذرية للتعقيد، مثل "متطلبات كثيرة جداً" و"متطلبات قليلة جداً" و"متطلبات صعبة جداً". بالعودة إلى مثال الاستدامة، قد يكون عدد مؤشرات الأداء الرئيسية للاستدامة كبيراً جداً لدرجة تجعل إدارتها بفعالية صعبة؛ وقد يكون عدد أدوات جمع البيانات المتعلقة بهذه المؤشرات من الموردين قليلاً جداً (أو معدوماً)؛ وقد تكون موازنة مؤشرات الأداء الرئيسية للاستدامة جنباً إلى جنب مع المتطلبات الأخرى (التكلفة والسرعة والمخاطر واستمرارية الأعمال وما إلى ذلك) صعبة جداً، أي على سبيل المثال، إذا كان الحد الأدنى المقبول لهذه المتطلبات يجعل العثور على مورد يمكنه تلبيتها جميعها في آنٍ واحد مستحيلاً تقريباً.
3. تخفيف التعقيدات
صمم مسار العمل الخاضع للتحويل وراجعه لتجنّب التعقيدات أو معالجتها:
- عندما تكون المشكلة التي يواجهها المستخدمون هي كثرة المتطلبات، احرص على إزالة الشروط والخطوات والأدوات المطلوبة الزائدة عن الحاجة أو المتقاطعة من مسار العمل.
- عندما تكون المشكلة التي يواجهها المستخدمون هي قلة المتطلبات، احرص على جمع ما يكفي من البيانات وإزالة جوانب الغموض في الأهداف النهائية والتعليمات والأدوات والشروط والخطوات في مسار العمل.
- عندما تكون المشكلة التي يواجهها المستخدمون هي صعوبة المتطلبات، قسّم الخطوات الصعبة إلى خطوات أقصر وأبسط ووضّح شروط البيانات ونماذج صناعة القرار ووفر الدعم والأدوات للمستخدمين ضمن مسار العمل.
4. الشراكة
احرص على بناء فريق متكامل من الموظفين والمدراء والقادة لتصميم مسار عمل جديد ومحوَّل. تأكد أن يتمتع كل مسار عمل بأهداف واضحة، وأن يكون فهمه وتنفيذه سهلاً، وإنجاز العمل بتطبيقه أسهل من إنجازه دونه، وأنه يغطي السيناريوهات المعقولة جميعها التي قد يواجهها المستخدمون، وأن المستخدمين لديهم إمكانية الوصول إلى المعلومات والأدوات الضرورية.
5. الاستماع
راقب تبنّي مسار العمل المحول. استخدم حالات التبني المنخفض على أنها مؤشرات على تعقيده أو انخفاض فعاليته، لا مقياس للامتثال. إذا كان التبني منخفضاً، فارجع إلى الخطوة الأولى.
تقدم البساطة المدروسة نهجاً جديداً تماماً للنجاح في التحول. شهد مطبّقو هذا النهج تحسناً بنسبة 42% في درجات نجاح التحول من خلال منح الأولوية لتجربة المستخدم بدلاً من السرعة والكفاءة، ما يعني أن احتمالات تحقيق أهداف التحول أصبحت أعلى، وأن تحقيق التحول أصبح أسهل. من خلال تطبيق هذه المبادئ، يستطيع قادة الشركات أن يضمنوا اكتمال التحوّلات ونجاحها في تقديم قيمة مستدامة ومنح مؤسساتهم ميزة استراتيجية.