كيف تحدّد من يملك زمام القوة عند الانضمام لشركة جديدة؟

5 دقائق
الانضمام إلى مؤسسة جديدة
مارك وايس/غيتي إيميدجز

ملخصعند الانضمام إلى مؤسسة جديدة ينبغي لك معرفة مَن هم الأشخاص الذين يملكون السلطة داخلها لأنهم يؤثرون في سير العمل بطريقة مباشرة، مع أن ذلك قد لا يكون واضحاً دائماً. يقدم كاتب هذا المقال استراتيجيات لتحديد في أيدي مَن تتركز السلطة الفعلية بالعمل. "من الطبيعي أن تفترض للوهلة الأولى أن الأشخاص الذين يحملون مسميات 'رئيس' أو 'مسؤول' هم الذين يسيطرون على موازين القوة بالشركة" يقول الكاتب مستدركاً، و"لكنّ هذا غير صحيح دائماً".

 

حيث يعتمد نجاحك الحقيقي في المؤسسة على قدرتك على تنفيذ المهام مع الآخرين ومن خلالهم أيضاً. ولكن عندما تبدأ وظيفة جديدة، قد يكون من الصعب معرفة الأشخاص ذوي النفوذ وكيفية الاقتراب منهم.

فقد لا تتعرّف بسهولة على هؤلاء القادة المؤثرين مقارنة مع أولئك البارزين بموقع الشركة على الإنترنت، ومع ذلك تعتبر الفئة الأولى مهمة بالنسبة لنجاحك على المدى البعيد. وتشير الأبحاث إلى أنه في الفترات الانتقالية كالانتقال إلى منصب جديد أو شركة جديدة، من المهم فهم الهيكل التنظيمي الخفي للشبكات التي يتوقف سير العمل عليها فعلاً، بغض النظر عن موقعها في التسلسل الهرمي للشركة.

إليك خمس استراتيجيات يمكنك اتباعها لتدرك الوضع العام ليس فقط لتحقق ما ترغب في تحقيقه لحظة انضمامك، وإنما لتضمن أيضاً مكانك في موازين القوى المستقبلية للشركة.

حاول فهم أنواع النفوذ المختلفة

من أجل إجراء تقييم دقيق لمن له تأثير كبير في مؤسستك، من المفيد فهم الأنواع المختلفة للنفوذ. في عام 1959، عرّف عالما النفس الاجتماعي جون فرنش (John French) وبيرترام رايفن (Bertram Raven) قوى السلطة الخمس التي يستخدمها الناس لدفع الآخرين إلى التغيير المنشود، مثل: القوة القسرية التي تعتمد على الإجبار والعقاب، وقوة المكافأة التي تعتمد على الحوافز، والقوة الشرعية التي تعتمد على التسلسل الهرمي، والقوة المرجعية التي تعتمد على انتساب الشخص، وقوة الخبرة التي تعتمد على المعرفة. ثم أُضيفت قوة سادسة إلى بحثهما بعد عدة سنوات، وهي قوة المعلومات التي تعتمد على القدرة على الوصول إلى المعلومات الصعبة المنال.

عندما تراقب موازين القوى في مؤسستك، قد ترى المزيد من العوامل التي يتحدّد بناءً عليها من يملك تأثيراً ومن لا يملكه. بالتحديد سمعة القادة التي تؤثر على سلطتهم والتي قد تزيد أو تخبو بغض النظر عن مكانهم في التسلسل الهرمي أو خبرتهم المهنية.

على سبيل المثال، قد يتمتع مسؤول تنفيذي ينجح في إنعاش قسم مبيعات شبه ميت بأصداء إيجابية داخل الشركة وخارجها ما يزيد من تصوره على أنه ذو نفوذ. أو قد يرتبط القادة المسؤولون عن المنتج الرئيسي في الشركة ارتباطاً إيجابياً بـ "وجه" الشركة، وبالتالي قد يستمر اعتبارهم مؤثرين حتى خلال عام أعمال سيئ.

حدد الأشخاص الذين يلجأ إليهم الجميع بسبب نفوذهم

بمجرد أن تفهم شتى الطرق التي يتم بها الوصول إلى النفوذ وتوظيفه، يمكنك البدء بإعداد قائمة بالأشخاص الذين نجحوا باستخدامه. ألقِ نظرة على من يمارس أنماطاً مختلفة من النفوذ، كالزملاء الذين يرجع إليهم الجميع في العمل (أو ذوي القوة المرجعية)، أو الذين يحصلون على الموافقات على المشاريع الجديدة بشكل دائم ولديهم موارد لتوظيف المزيد من الأشخاص (أو ذوي قوة المعلومات أو قوة المكافأة).

حاول أيضاً البحث عن الأشخاص الذين تلاحظ أن الجميع يلجؤون إليهم بكثرة طلباً للمساعدة أو التوجيه. تظهر الأبحاث أنه بينما يمكنك التفوق في عملك من خلال التواصل مع الكثير من الأشخاص في دائرتك، فإن فرص نجاحك تتضاعف أربع مرات في حال كنت شخصاً يلجأ إليه الآخرون بكثرة.

واحرص على سؤال الآخرين في دائرتك أسئلة كالآتي: "من هم الأشخاص الذين لهم اعتبار كبير في الشركة؟" أو "مَن هم الأشخاص الذي يجب علينا معرفتهم في الشركة لنتميز؟" قد ترغب أيضاً في البحث عن الأشخاص الذين تمت ترقيتهم بشكل سريع، فيعتبر ذلك مؤشراً للنجاح. ثم لاحظ الأشخاص من حولك الذين يُدعون إلى اللقاءات الجماعية البارزة، كاجتماعات مجلس الإدارة أو الفعاليات الخارجية التي يحضرها كبار القادة والعملاء.

تعرف على تحولات التأثير الظرفية 

قد يبدو في بعض الأحيان أن موازين القوة في شركتك ثابتة، ولكن في الحقيقة، هذه الموازين متغيرة بطبيعتها. على سبيل المثال، فقط في العامين الماضيين، شهدنا تحولاً جذرياً في توازن القوى في العديد من المؤسسات بسبب الانتقال إلى العمل الهجين. أشارت دراسة جديدة إلى أن في بيئة العمل الجديدة هذه، تتفوق القوة المرجعية على القوة الشرعية، حيث إن الأشخاص الذين لا يمتلكون مسمى معيناً ما زالوا قادرين على كسب التأثير بينما ذوي المناصب العليا لا يتم ضمان تأثيرهم. لذا، فمن المهم التفكير في كيفية اكتساب بعض الأشخاص للسلطة أو فقدانها عبر الوقت في شركتك.

كمثال على ذلك، قمت مؤخراً بتدريب قائدة في مجال التنوع والمساواة والشمول (DEI) التي لم يتجاوز ظهورها فريق الموارد البشرية التي تعمل معه. ولكن بعد حادثة جورج فلويد، وجدت نفسها تجيب عن عروض عمل لتولي مناصب تتعامل فيها مع الرئيس التنفيذي مباشرة في مجال التنوع والمساواة والشمول من عشرات الشركات.

وبالمثل، عملت مع مديرة إدارية في مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG) داخل القسم المالي لشركتها، التي ترقّت فجأة إلى منصب من المناصب التنفيذية العليا. ومع مطالبة المزيد من المستثمرين والعملاء والموظفين باستراتيجية الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في السنوات الأخيرة، مكنّتها خبرتها، بشكل لم يكن متوقعاً، من نيل المزيد من التأثير داخل الشركة.

انظر إلى ما هو أبعد من الشخصيات ذات النفوذ الواضح

من الطبيعي أن تفترض للوهلة الأولى أنّ الأشخاص الذين يحملون مسميات 'رئيس' أو 'مسؤول' هم الذين يسيطرون على موازين القوة بالشركة. ولكن ذلك ليس صحيحاً دائماً.

عملت سابقاً مع الفريق التنفيذي لنظام أحد أهم المستشفيات مع الأطباء الذين كانوا في كثير من الأحيان الوحيدين الذين يمكنهم إجراء عملية نادرة يسافر من أجلها المرضى من جميع أنحاء العالم. يمكنك تخمين أن هؤلاء الأطباء يمتلكون قدراً كبيراً من القوة في المؤسسة. ومع ذلك، إذا سألت فريق القيادة عن المتحكمين سراً، فهو طاقم التمريض. كانوا هم الذين يُنظر إليهم على أنهم محرك التميز وراء عمل الأطباء. لذلك إذا كنت موظفاً جديداً ولم تعر اهتماماً لنسج تحالفات مع طاقم التمريض اعتقاداً منك أن الأطباء والمديرين التنفيذيين هم الأهم، ستكون قد ارتكبت خطأ فادحاً في خطتك لتحقيق النجاح.

من المهم أيضاً إلقاء نظرة على المساحات البيضاء بين الأقسام في مؤسستك حيث توجد القوة الخفية غالباً. وتذكّر أنه مع تركيز الشركات عملياتها بشكل متزايد على رغبات العملاء، صار العمل يتطلب تدخل أقسام مختلفة، ولم يعد يتم من خلال قسم واحد. نتيجة لذلك، فإن أولئك الذين ينجحون في إنشاء شبكات تسد الفجوات بين حواجز الأقسام غالباً ما يكون لهم تأثير كبير.

رأيت هذا عن قرب مع عميل كان نائب رئيس حديث التعيين ويدير خط إنتاج بمليارات الدولارات. في البداية، شعر أن الأشخاص الأكثر سلطة على نجاحه هم رئيسه، ورئيس رئيسه (الرئيس التنفيذي)، وقادة المبيعات الذين يجتمعون مع أكبر عملاء عمله. لكنه أدرك بمرور الوقت أن القوة موجودة بين الزملاء الداخليين الرئيسيين الذين لم يلتقوا بالعميل قطّ ولكنهم كانوا أساسيين لتلبية احتياجاته. لقد كانوا قادة سلسلة التوريد والهندسة والخدمات المشتركة الأخرى الذين بإمكانهم ومن خلال مكالمة واحدة إما إعطاء الأولوية لاحتياجات خط إنتاج نائب الرئيس على الآخرين أو دفعهم إلى نهاية قائمة الانتظار.

كثّف صِلاتك مع الزملاء ذوي النفوذ من خلال الفضول والسخاء

بمجرد أن تفهم موازين القوة في شركتك، ابدأ بالاقتراب من دائرة هؤلاء الزملاء المؤثرين. لكنك ستحتاج إلى تمييز نفسك عن العديد من الآخرين الذين يقتربون منهم عادةً طوال الوقت. إذ إن أفضل طريقة لإقناع الأشخاص ذوي النفوذ بمنحك قسطاً من وقتهم هي أن تطلب بكل تواضع أن تتعلّم منهم، مع رغبة قويّة في تقديم شيء ذي قيمة من دون أجندة أنانية.

وبعد ذلك، عندما تقابل هذا الزميل، لا تحاول تحقيق الكثير؛ افعل ما يكفي لإظهار الفضول والسخاء لدرجة أنهم سيستمتعون بتلقي مكالمتك مرة أخرى. بمرور الوقت، قد تسألهم عمن يعتقدون أنه يجب عليك مقابلته. وقد يعرضون حتى تقديمك بشكل ودي لشخص نافذ من دائرتهم نيابة عنك.

عند الانضمام إلى مؤسسة جديدة، ينبغي لك معرفة من هم الأشخاص الذين يملكون السلطة داخلها لأنهم يؤثرون في سير العمل بطريقة مباشرة، مع أنّ ذلك قد لا يكون واضحاً دائماً. فاحرص على اتباع هذه الاستراتيجيات لتحديد مكان وجود القوة الحقيقية بشكل أفضل وتطوير موقعك المستقبلي من التأثير في الشركة في النهاية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي