تقرير خاص

ثورة في عالم التداول: التكنولوجيا والالتزام سر الاستثمار الناجح

4 دقيقة
التداول

ملخص: تُعيد التكنولوجيا تعريف عالم التداول، وتفتح منصات التداول الإلكترونية آفاقاً جديدة للمستثمرين من جميع المستويات. لكن النجاح يتطلب أكثر من مجرد أدوات: إنه يحتاج إلى استراتيجية، انضباط، وعقلية قوية.

  • بيئة غير مستقرة تقود للتنويع: أدت التغيرات الاقتصادية إلى بحث الأفراد عن بدائل استثمارية، من أبرزها التداول الإلكتروني.
  • سهولة الوصول للأسواق: منصات التداول الرقمية أتاحت للمستخدمين التداول من أي مكان، مع خيارات أوسع للأصول المالية.
  • التكنولوجيا تغيّر قواعد اللعبة: التداول بالخوارزميات والذكاء الاصطناعي يقلل الأخطاء ويُسرّع اتخاذ القرار.
  • البلوك تشين واللامركزية: منصات التداول اللامركزية توفر شفافية وتقلل التكاليف عبر إلغاء دور الوسطاء.
  • التداول عالي التردد: يُحدث تأثيراً في الأسواق من خلال تنفيذ صفقات بسرعة خاطفة لتحقيق أرباح من فروقات الأسعار الصغيرة.
  • تحسين تجربة المتداول: منصات مثل Funding Pips تركّز على بناء مجتمعات داعمة وتوفير تمويل للمتداولين.
  • نجاح المتداول يبدأ من الداخل: الصلابة الذهنية، الالتزام بالخطة، والتحكم بالعواطف من أساسيات التداول الناجح.
  • استراتيجية واضحة ضرورة: اختيار نوع التداول المناسب ودراسة السوق أدوات مهمة لتقليل المخاطر.
  • التعلم المستمر مطلوب: مواكبة التطورات في السوق والتكنولوجيا ضرورة لضمان الاستمرارية والنجاح.

شهد الاقتصاد العالمي تغيرات جذرية في السنوات الأخيرة، بسبب التوترات الجيوسياسية، واختناقات سلاسل التوريد، وصولاً إلى جائحة كوفيد-19، ما خلق بيئة من عدم اليقين والاضطراب، وأثّر سلباً في مدخرات الأفراد. من هنا، أصبح التداول مقصداً لمن يحاول تنويع سلته الاستثمارية، خاصة أن منصات التداول على الإنترنت جعلت الأسواق المالية أكثر سهولة، إذ أتاحت للمستثمرين الاختيار من فئات أصول متنوعة، وساعدتهم على تحديد استراتيجياتهم بما يتناسب مع أهدافهم المالية ومدى قدرتهم على تحمل المخاطر.

وقد مرَّ مجال التداول بعدة تحولات مدفوعة بتطور ديناميكيات السوق، والأتمتة، والتكنولوجيا الحديثة. وأسهمت الرؤية المختلفة لبعض منصات التداول في تعزيز ثقة المستخدمين بهذا المجال. على سبيل المثال، سعت منصة فاندنغ بيبس التي تأسست عام 2022، إلى إنشاء إرث مستدام لمستخدميها، وتوفير التداول للجميع، بالاعتماد على فريقها الذي يتكوّن بالكامل من خبراء ماليين، ما عزز الثقة بها. فعلى الرغم من حداثة عهدها، جذبت الشركة مليون مستخدم، وتجاوز عدد المتداولين النشطين 300 ألف متداول، وذلك وفقاً لما قاله المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة، خالد عايش في حواره مع هارفارد بزنس ريفيو العربية. وبالتالي، فإن هذا التغيير الجذري في مشهد التداول، وضع تعريفاً جديداً للقطاع، وإمكانية الانخراط فيه، وكيفية إدارة المخاطر في عالم متزايد الأتمتة واللامركزية.

تحولات تسهم في تطور منصات التداول

تحقق سوق منصات التداول الإلكترونية نمواً متسارعاً مع تزايد اعتماد الأفراد والمؤسسات على حلول الاستثمار الرقمية، وظهور منافسين جدد، مع الحفاظ على وتيرة الابتكار المتنامية. فقد أظهرت بعض التقارير أن حجم سوق منصات التداول على الإنترنت بلغ 10.8 مليارات دولار أميركي في عام 2024، ومن المتوقع أن يتجاوز 17 مليار دولار أميركي بحلول عام 2033. فما هي أهم التحولات التي تسهم في تطور هذه المنصات؟

التطورات التكنولوجية المستمرة

تُعزز التطورات التكنولوجية ديناميكية سوق التداول، إذ تتعدد الأنظمة التي يمكنها مساعدة المتداولين على اتخاذ القرارات الخاصة بالصفقات. على سبيل المثال، يعتمد نظام التداول بالخوارزميات على التكنولوجيا في اتخاذ قرارات فتح الصفقات وإغلاقها بسرعة، ويمتاز بقلة الأخطاء البشرية التي يمكن أن تحدث خلال عملية تنفيذ الصفقات، فضلاً عن انخفاض تكلفة المعاملات مقارنة بالطرق التقليدية.

بدورها، تُعد تقنية بلوك تشين عاملاً حاسماً في هذا المجال. إذ قدّمت العملات المشفرة والأصول الرقمية والعقود الذكية منصات تداول لا مركزية تتجاوز الوسطاء التقليديين. ومكّنت البورصات اللامركزية المتداولين من تنفيذ معاملات الند للند دون الاعتماد على البنوك أو الوسطاء، ما خفّض التكاليف وعزز الشفافية. وفي الوقت نفسه، استطاعت خوارزميات التداول المُدارة بالذكاء الاصطناعي معالجة كميات هائلة من البيانات في فترة قياسية لرصد تغيرات السوق بوضوح، والتنبؤ بتحركات الأصول، وأتمتة عملية اتخاذ القرارات، وبالتالي تقليل نسبة المخاطر.

وكان لظاهرة "التداول عالي التردد"، تأثير عميق على البنية الجزئية للأسواق المالية. وهي ظاهرة حديثة نسبياً إذ تستخدم خوارزميات مُعقدة لتنفيذ الصفقات في غضون أجزاء من الثانية، مستفيدة من تقلبات الأسعار الطفيفة، ما يحتاج إلى نقل البيانات بسرعة من خلال قدرة حاسوبية فائقة لتتفوق على المتداولين اليدويين والمؤسسات التقليدية. وبحسب دراسة بعنوان "التداول الخوارزمي عالي التردد: مراجعة منهجية للأدبيات" تُعتبر هذه الظاهرة مزوداً للسيولة وآلية للتحكم في التقلبات التي تشهدها السوق.

تحسين تجربة المستخدم

عانى المتداولون من بعض الثغرات في قطاع اعتمد على الأساليب التقليدية لفترة طويلة، مثل تنفيذ الأوامر يدوياً، والتحليلات البشرية، والهيمنة المؤسسية. فقد واجه المتداولون الأفراد صعوبة بسبب متطلبات رأس المال المرتفعة ومحدودية الوصول إلى بيانات السوق. كما كانت الأسواق المعتمدة على الأنظمة المركزية عرضة للتلاعب والقيود التنظيمية والمخاطر النظامية. ومع ظهور التطورات التكنولوجية، استطاع بعض المتداولين تجنب هذه الأمور، لكن هناك مَن عانى من سوء المعاملة، ما أدى إلى ظهور مجتمعات من المتداولين لتمويل احتياجاتهم.

وأصبحت هذه المجتمعات حلاً لمشاكلهم. على سبيل المثال، كانت الفكرة الأساسية من وراء تأسيس شركة فاندنغ بيبس هي إنشاء مجتمع للمتداولين، إذ قال عايش: "إن هذا المجتمع بدأ بتمويل المتداولين من خلال تنظيم مسابقات شهرية، وموّلتُ لهم حسابات تداول شخصية من حسابي الخاص ليعملوا بها. حقق هذا المجتمع نمواً ملحوظاً، ما دفع المتداولين إلى المطالبة بتأسيس الشركة. ومنذ اللحظة التي دخلنا فيها السوق، قدمت الشركة حلولاً تركز على تحسين تجربة المستخدم أو المتداول، وطريقة التعامل معه في القطاع، باعتباره ممثلاً للشركة، ما أسهم في ظهور تغيير جديد في هذا المجال وهو التداول لحساب الشركة". وتسمح حسابات التداول للشركات للكيانات التجارية المختلفة بحفظ أوراقها المالية وإدارتها إلكترونياً.

ماذا يحتاج المتداول لتحقيق النجاح؟

يحتاج المتداول إلى الاستفادة من منصات التداول المتقدمة والتعامل معها بحكمة بعيداً عن أي انفعالات تقوده إلى اتخاذ قرارات عاطفية. إذ يقع بعض المتداولين في فخ تجاهل خطة تداولهم، لذا فإن استخدام منصة التداول لتحليل أداء السوق يساعد على تجنب التحركات الاندفاعية القائمة على ديناميكيات السوق المتقلبة. فقد أكّد عايش أن الصلابة الذهنية هي عقلية المتداول الناجح.

وقال: "يجب أن يثق المتداول بنفسه وأن يؤمن بما يفعله ويلتزم به، مع الحفاظ على تركيزه في السعي لتحقيق أهدافه. قد لا ينجح في البداية، لكنه بالتأكيد سينجح في النهاية. هذه هي العقلية المثالية التي يحتاج إليها؛ فتحقيق الأشياء العظيمة يتطلب جرأة وحماساً". يحتاج التداول إلى الالتزام باستراتيجية واضحة سواء كان ذلك تداولاً يومياً، أو تداولاً متأرجحاً، أو استثماراً طويل الأجل، مع دراسة السوق واستغلال التكنولوجيا لتحليلها جيداً للحد من المخاطر وإدارتها بفعالية.

لقد أحدث التداول على الإنترنت ثورة في الأسواق المالية، بعدما أتاح الفرصة للمستثمرين من جميع المستويات لتحقيق النجاح بسهولة ومرونة، وازدادت كفاءته بفضل تطور التكنولوجيا. ومع ذلك، فإن النجاح في هذا المجال لا يعتمد فقط على الأدوات المتاحة، بل يتطلب وضع استراتيجية صلبة، وتعلماً مستمراً، وانضباطاً لمواكبة تطورات السوق وفهم ديناميكياتها. فالتداول ليس مجرد عملية شراء وبيع، بل هو فن إدارة المخاطر واستغلال الفرص بذكاء.

ومع استمرار هذا الزخم، فإن ضمان حصول المتداول على معاملة عادلة يُمكّنه من الاستثمار بنجاح، وفقاً لما قاله عايش، الذي يتطلع إلى تغطية الجوانب المختلفة والاحتياجات المتنوعة للمتداولين، ما يجعل تجربته مثالاً قوياً على ما يمكن أن تحققه الرؤية والمثابرة والفهم العميق للقطاع الذي تعمل فيه.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي