ملخص: بعد عام مليء بالاضطرابات الشديدة والحزن والقلق، أصبح من الضروري أن تأخذ وقت استراحة بعيداً عن عملك ومسؤولياتك. فالاستراحة وقضاء بعض الوقت في مكان بعيد تزيد قدرة الإنسان على التحمل، ما يزيد قدرته على التعامل مع العوائق التي لا يمكن تفاديها في العمل، وهي تمده أيضاً بالقدرة على رؤية حلول جديدة للمشكلات وتمنحه فرصة للسعي إلى تحقيق أهدافه في الحياة. لذلك فالاستفادة من الإجازة والتخطيط المدروس لها سيعظم فوائدها الكثيرة. أولاً، ضع جدولاً لقضاء إجازة لمدة أسبوع على الأقل قبل ثلاثة أشهر تقريباً. ثانياً، خطط للذهاب إلى مكان بعيد عن سكنك. ثالثاً، خطط لقضاء بضعة أيام مخصصة لصحتك النفسية بأخذ يوم إجازة تضمه إلى عطلة نهاية الأسبوع لتصبح عطلة مطوّلة أو أخذه في قلب الأسبوع. وأخيراً، هيئ عملاءك وزملاءك لغيابك مسبقاً.
في الولايات المتحدة وصل إجمالي عدد أيام الإجازات التي لم تستخدم قبل انتشار الجائحة إلى عدة ملايين، وأدت الجائحة بدورها إلى تفاقم هذه المشكلة وغيرها من المشكلات في كثير من نواحي الحياة الأخرى.
يتوق معظمنا إلى تغيير المشهد، وتبين الأبحاث أن الإجازة مهمة لعدة أسباب. فالاستراحة وقضاء بعض الوقت في مكان بعيد يزيدان قدرة الإنسان على التحمل فتزداد قدرته على التعامل مع العوائق التي لا يمكن تفاديها في العمل، وهي أيضاً تمده بالقدرة على رؤية حلول جديدة للمشكلات وتمنحه الفرصة للسعي إلى تحقيق أهداف أخرى في الحياة كقضاء وقت مع العائلة ورؤية أماكن جديدة من العالم.
كيف تحقق الاستفادة من الإجازة؟
ومع اقتراب الأمور من الاستقرار ضمن واقع جديد في كثير من أجزاء العالم، آن الأوان لتتذكر أنك بحاجة إلى أخذ أيام الإجازة المتاحة لك والقيام بما يضمن لك تحقيق أقصى فائدة ممكنة منها.
خطط مسبقاً إن أمكنك
تزيد الاضطرابات التي أثارتها الجائحة من صعوبة التخطيط لأي أمر مسبقاً، بل قد تجعله مستحيلاً، لكن إذا كانت ظروفك قد بدأت تتيح لك ذلك فاحرص على وضع خطة لإجازتك قبل 3 أشهر على الأقل. تبيّن الأبحاث حول نظرية المستوى التحليلي أنك تفكر في الأمور بتجرد أكثر عندما يكون موعدها بعيداً مقارنة بالأمور التي يكون موعدها قريباً. وهذا يعني أنه كلما اقترب موعد إجازتك التي تريد التخطيط لها أكثر تقلّ احتمالات أن تأخذها أساساً.
ولذلك فإن التفكير في الإجازة قبل 3 أشهر سيتيح لك التركيز على أمور عامة، مثل درجة استمتاعك بها. وعندما تقترب الرحلة ستنتقل إلى التفكير في الأمور اللوجستية، كالأشياء التي ستفوتها في العمل والمهام التي تحتاج إلى تفويضها (سنتحدث عن هذا الأمر أكثر لاحقاً).
خذ إجازة لمدة أسبوع على الأقل
من الضروري أخذ إجازة لمدة أسبوع على الأقل لأنك تحتاج عادة إلى يوم أو اثنين للتوقف تماماً عن التفكير في بريدك الإلكتروني ومشاريعك وزملائك وأمور العمل الأخرى. كما أنك عندما تبتعد لمدة أسبوع أو أكثر فستقضي عدة أيام وأنت تعلم أن اليوم التالي هو يوم عطلة أيضاً، وهذا يساعدك على الاسترخاء إذ تدرك أن نهاية العطلة لا تزال بعيدة.
اذهب إلى مكان ما، اذهب إلى أي مكان
إذا كان بإمكانك تحمل نفقات الذهاب في إجازتك إلى مكان بعيد عن مكان سكنك وعن أكبر قدر ممكن من مسؤولياتك الأخرى، فابذل جهدك لفعل ذلك. قد يعتمد كثير من الأشخاص عليك، لكن من الضروري أن تقضي بعض الوقت في مكان لا تحتاج فيه إلى اتخاذ كثير من القرارات، والخروج من المنزل يساعد في ذلك حتى وإن ذهبت إلى نزل قريب. على الرغم من أن الإجازات في مكان الإقامة غير مكلفة فهي تبقيك محاطاً بما يذكرك بمسؤوليات سنة العمل كلها. لأنك سترى في منزلك الحيز المخصص للعمل والزوايا التي تحتاج إلى تنظيف أو إصلاح. تؤثر البيئة المحيطة بك فيما تستعيده من ذاكرتك، لذلك تنطبق مقولة "بعيد عن العين بعيد عن الفكر" حرفياً. كما أن الابتعاد الجسدي سيعينك على التفكير في العمل والمسؤوليات الأخرى بتجرد وليس بدقة.
هيئ زملاءك وعملاءك مسبقاً
قد تكون لديك بعض المخاوف من أخذ إجازة لمدة أسبوع كامل (أو أسبوعين) بعيداً عن العمل، ربما لديك مشاريع جارية تتطلب الانتباه والمتابعة، أو قد يكون لديك عملاء أو زبائن يحتاجون إليك في كثير من الأمور، أو ربما كنت تشرف على موظفين آخرين يحتاجون إلى توجيه مستمر. بالإضافة إلى أنك إذا أخذت إجازتك في موسم يأخذ فيه كثير من الموظفين إجازاتهم فقد تواجه نقصاً في عدد الموظفين القادرين على تعويض غيابك.
كي تتمكن من تهدئة بعض هذا القلق الذي يسبق الإجازة، اعمل مع المشرفين أو القادة الآخرين في مؤسستك من أجل ضمان أن يتوفر عدد كاف من الموظفين الذين سيعوضون غيابك في مهام العمل الأساسية، وقد يتطلب هذا الأمر بعض المرونة فيما يتعلق بمواعيد رحلتك، وهذا سبب إضافي لتبدأ التخطيط في أبكر وقت ممكن.
استثمر الوقت قبل إجازتك في ضمان أن يكون الموظفون الآخرون قادرين على التعامل مع أي عمل من الأعمال التي تقع ضمن مسؤولياتك في حال اضطروا إلى ذلك في غيابك. وكما كتبتُ من قبل فإن موظفين كثر لا يجيدون تفويض المهام، لذا اعتبر أنك تعلّم زملاءك طرق التعامل مع بعض أوجه وظيفتك بدلاً من تفويض العمل إليهم. وكلما تقدمت في مسيرتك المهنية أكثر ازدادت ضرورة ممارسة دور في توجيه الآخرين، لذلك عليك أن تستثمر إجازتك القادمة على اعتبارها فرصة للقيام بعمل التعليم. وبهذه الطريقة عندما يحين موعد مغادرتك ستكون واثقاً من أن العمل سيسير بسلاسة في غيابك.
إذا كنت تتعامل في وظيفتك مع الزبائن مباشرة (أو مع العملاء الداخليين في مؤسستك) فاحرص على أن تعرّفهم على الشخص الذي سيقوم بعملك في غيابك، وبهذه الطريقة لن يواجه العميل ذو القيمة أيّ لبس عندما يحتاج إلى المساعدة. والأهم هو أن جميع هذه التحضيرات ستساعدك في الاسترخاء أكثر في إجازتك وتقليل كمية العمل الذي سيكون بانتظارك عند عودتك.
بالإضافة إلى أن ابتعادك سيعزز استقلالية الموظفين الذين تشرف عليهم، إذ إن المدير الذي يحمل مسؤوليات كثيرة يميل للإسراع في الإجابة عن أي سؤال يطرحه مرؤوسوه المباشرون، وقد يكتشف مرؤوسوك المباشرون في غيابك أنهم يجيدون حلّ المشكلات وأنهم كانوا يعتمدون على توجيهاتك لهم في مسائل يمكنهم التعامل معها بمفردهم.
ابتعد عن هاتفك
ضع خطة إجازتك على الورق لا على هاتفك كي تقلل تفاعلك مع التكنولوجيا قدر الإمكان في أثناء إجازتك، فهذا سيقلل شعورك بالرغبة الكبيرة في تفقد الرسائل الإلكترونية وقنوات منصة "سلاك" التي تخصّ العمل. وإذا كنت ستستعمل هاتفك فأطفئ إشعارات جميع التطبيقات التي تتعلق بالعمل قبل مغادرتك، أو احذف التطبيقات الخاصة بالعمل بأكملها من هاتفك كما يفعل البعض.
لا تنس أن تأخذ يوم عطلة تخصصه لنفسك
تشمل أيام الإجازات غير المستخدمة في فترة انتشار الجائحة يوم العطلة الشخصية الذي تأخذه بين الحين والآخر. فأخذ يوم استراحة في قلب الأسبوع أو عند عطلة نهاية الأسبوع لتصبح عطلة مطولة يساعدك في استعادة طاقتك أيضاً. وكما هو الحال بالنسبة لإجازاتك الأطول، خطط لهذه العطلة القصيرة مسبقاً إن أمكنك كي لا تستمر بتأجيلها.
في أيام الاستراحة هذه فكر في قضاء نصف اليوم في الاعتناء بنفسك والنصف الآخر في الاهتمام بمسؤولياتك الأخرى. يمكنك فعل أمر يخصك أنت فقط، كالذهاب إلى منتجع صحي أو التسوق أو الذهاب في رحلة طويلة على الدراجة الهوائية، كما يمكنك التنسيق مع شريك حياتك أو صديقك للقيام بنشاط ما معاً. يمكن أن يساعد يوم الاستراحة في تعزيز علاقاتك الشخصية وتصفية ذهنك.
اقض النصف الآخر من اليوم في إنجاز بعض الأعمال الشخصية المتراكمة، اعمل على تنظيف خزانة في المنزل أو الثلاجة مثلاً، أو رتب ملابس أولادك القديمة، أو أنجز بعض الأعمال في الحديقة أو أصلح الصنبور الذي يسرب الماء. فقسم كبير من التوتر ذي المستوى المنخفض في الحياة يسببه تراكم الأعمال المنزلية التي تذكرك طوال الوقت بمسؤولياتك وعدم قدرتك على إنجازها، والقيام ببعض هذه الأعمال يجعل حياتك اليومية في المنزل أفضل.
بعد عام مليء بالاضطرابات الشديدة والحزن والقلق، أصبح من الضروري أن تأخذ وقت استراحة بعيداً عن عملك ومسؤولياتك، وبعد أن تنجز الخطوة الأولى المتمثلة في اتخاذ القرار بأخذ إجازة، سيؤدي التخطيط لإجازتك على نحو مدروس إلى تعظيم فوائدها الكثيرة والاستفادة من الإجازة بشكل صحيح.