ملخص: قد يكون التسريح من العمل حدثاً مؤلماً، لكن يمكن بقليل من الاستعداد للتسريح التخفيف من حدَّة هذه الأزمة. ويحدّد المؤلف في هذه المقالة 4 طرق لبدء الاستعداد: 1. على غرار أهمية إجراء فحوصات دورية للحفاظ على صحتك، يجب عليك أيضاً تحديث سيرتك الذاتية وملفك الشخصي على لينكد إن بانتظام. ولا شك في أن الاهتمام بإجراء هذه التحديثات قبل الحاجة إليها يُعتبَر أفضل الممارسات الحصيفة التي يجب اتباعها في هذا السياق. 2. اكتب قائمة بأهم القيم التي تعتز بها. تمنحك هذه المعرفة الذاتية عدسة يمكنك من خلالها تقييم ملاءمة الشركة لقيمك ومبادئك. 3. نظِّم شؤونك المالية. لا يتطلب الاستعداد المالي بالضرورة ادخار مبالغ مالية كبيرة من كل راتب تتقاضاه، بل يكفي أن تبدأ بمبالغ صغيرة مع زيادة معدلات الادخار من حين لآخر. 4. اِفصل بين بياناتك الشخصية والعملية. وأبسط طريقة للفصل بين البيانات الشخصية والعملية ألا تخزِّن البيانات التي تمسُّ حياتك الشخصية إلا على الأجهزة الإلكترونية الشخصية التي تمتلكها فقط. وكلما كنت أكثر استعداداً، قلَّ تأثير التسريح على صحتك النفسية وأحوالك المالية، وسيغدو العثور على وظيفة جديدة أسهل وأيسر.
ضربت عمليات التسريح الجماعي للعاملين عشرات الشركات الأميركية عام 2022 دون ظهور أي مؤشرات تدل على تباطئها، على الرغم من قوة الاقتصاد وتواصل نمو الوظائف الجديدة. ووفقاً لموقع ليوفس (Layoffs.fyi) المختص بتعقب عمليات تسريح العاملين، فقد استغنت شركات التكنولوجيا عن أكثر من 187,000 موظف عام 2023 وحده، مقارنة باستغنائها عن 80,000 موظف في الفترة من مارس/آذار إلى ديسمبر/كانون الأول 2020 واستغنائها عن 15,000 موظف عام 2021. لا تقتصر الأزمة على قطاع التكنولوجيا وحده، فقد شهدت مجموعة واسعة من القطاعات والشركات الكبيرة تسريح العاملين بمعدلات مرتفعة، بما في ذلك شركات غاب (Gap) وديزني ولينكد إن وفيديكس وداو وثري إم (3M) وواي فير (Wayfair)، على سبيل المثال لا الحصر.
قد تظن أن وظيفتك بمنأى عن الخطر حالياً، ولكن مع فقدان عشرات الآلاف من العاملين وظائفهم في عشرات المؤسسات منذ بداية العام، يجدر بك طرح السؤالين التاليين: هل سيصيبني الدور؟ وإذا كان الأمر كذلك، فماذا أفعل للاستعداد لهذه الأزمة؟
قد تفترض أن الإجابة عن السؤال الأول تتوقف بمنتهى البساطة على تقديرات مسؤولي الشركة أو المؤسسة التي تعمل، وعلى الرغم من ذلك فهناك الكثير من الإجراءات التي يمكنك اتخاذها لتقوية دروع الحماية المهنية التي تتقي بها نوائب الدهر حتى لو لم تكن وظيفتك معرَّضة للوقوع تحت مقصلة التسريح من العمل. فقد رأيت بحكم خبرتي التي تمتد لأكثر من 12 عاماً في تدريب الموظفين الذين سُرحوا من العمل أن أنسب وقت للاستعداد هو ذلك الذي يسبق تلقي صدمة التسريح من العمل أو التخوف من تلقيها عندما تَدْلَهِم الخطوب. وإليك بعض النصائح لبدء الاستعداد:
احرص على تحديث سيرتك الذاتية
على غرار أهمية إجراء فحوصات دورية للحفاظ على صحتك، يجب عليك أيضاً تحديث سيرتك الذاتية وملفك الشخصي على لينكد إن بانتظام. ولا شك في أن الاهتمام بإجراء هذه التحديثات قبل الحاجة إليها يُعتبَر أفضل الممارسات الحصيفة التي يجب اتباعها في هذا السياق.
تعبّر الطريقة التي تقدّم بها نفسك عن القيمة التي يمكنك إضافتها إلى الشركة أو المؤسسة التي تعمل بها وتحدد كيفية استجابة مسؤوليها لك. ومع ذلك فقد وجد عملائي المدربون الذين تعرَّضوا للتسريح من العمل أن تحديث سيرهم الذاتية وملفاتهم الشخصية على منصة لينكد إن أحد أصعب الأنشطة وأكثرها مشقة؛ إذ لا بد من الحفاظ على السمعة المهنية. لقد تعرَّض هؤلاء الأفراد للدمار بسبب فقدانهم لوظائفهم وظلوا عالقين في حيرتهم يتساءلون عمّا إذا كان بإمكانهم تغيير النتيجة، وقلّما كانوا يتمتعون بالثقة الكافية في أنفسهم لسرد إنجازاتهم وتنظيمها بأسلوب متماسك. ومن هنا تأتي أهمية المواظبة على تحديث سيرتك الذاتية والمواد المرتبطة بسمعتك المهنية في وقت مبكر؛ لأنها تؤتي ثمارها في حال تسريحك من العمل.
قيّم سيرتك الذاتية وملفك الشخصي على لينكد إن للتأكد أنهما يعكسان المهارات الجديدة التي اكتسبتها والمشاريع التي اضطلعت بتنفيذها. وإذا لم تكن متأكداً من الإنجازات القابلة للقياس الكمي التي صنعت فرقاً كبيراً للشركة أو المؤسسة التي تعمل بها، فانظر مراجعات الأداء السابقة أو اطلب من زملائك أن يتذكروا المواقف التي تركتَ فيها بصمة لا تُنسى. وإليك بعض الأسئلة التي يمكنك طرحها على زملائك:
- لماذا ظل هذا الحدث عالقاً في أذهانهم؟
- ما الدور الذي أديته ولا يُنسى، ولماذا؟
- ما نقاط القوة التي لاحظوا أنك تستخدمها؟
يمكنك أيضاً أن تستبق الأحداث بصياغة خطاب تعريفي عام وتستخدمه بوصفه قالباً يسهل ملؤه، وإعداد مقدمة احترافية مدتها دقيقة واحدة لتكون جاهزة في حالة التسريح من العمل.
اكتب قائمة بأهم ما تقدّره
يجب أن يتضمن جزءٌ من إنشاء سمعتك التجارية الشخصية قسطاً من التأمل الذاتي، ولكن هذا لا يقتصر على إماطة اللثام عن القيمة المضافة التي يمكن أن تجلبها إلى الشركة أو المؤسسة التي تعمل بها والإعلان عنها فحسب، بل يجدر بك أيضاً أن تستبق الأحداث وتحدد أهم ما تبحث عنه في الجهة التي تريد العمل بها. لا تنتظر حتى تُسرَّح وتتقدم للوظائف لتطرح على نفسك أسئلة مثل: هل تحتاج إلى إدراج المرونة بحيث يتاح لك الوقت لتدريب فريق الكرة الذي يلعب به طفلك؟ هل تبحث عن شركة تنتهج ثقافة مؤسسية ترتكز على ترقية موظفيها للمناصب العليا؟ هل تقدِّر إيجاد المعنى في العمل الذي تؤديه؟
من الأهمية بمكان أن تفهم إذا ما كان بإمكان المؤسسة منحك الفرصة المناسبة للنمو وتتيح لك أسلوب الحياة الذي تنشده، ولن يكون بمقدورك تحديد ذلك بدقة ما لم تكتب أولاً قائمة بأهم القيم التي تعتز بها. تمنحك هذه المعرفة الذاتية عدسة يمكنك من خلالها تقييم ملاءمة الشركة لقيمك ومبادئك. فكّر من الآن فصاعداً في كيفية عجز الشركات أو المؤسسات التي تعمل بها حالياً أو كنتَ تعمل بها سابقاً عن مراعاة ما كنتَ تهتم به وما تبحث عنه، وحاول وضع تصوُّر للسيناريو المثالي.
عندما تفكر في الفوائد التي تريدها بشدة من الشركة أو المؤسسة التي تعمل بها، أعِد النظر في قيمك الأساسية واسأل نفسك الأسئلة الآتية:
- ما الذي يجعلني سعيداً ومتسقاً مع نفسي وقيمي؟
- ما الذي يرضيني حقاً؟
- ما الجانب الذي كرّست فيه الكثير من جهودي وحصلتُ في المقابل على القليل من العائدات؟
نظِّم شؤونك المالية
يقدم بعض المؤسسات تعويضات إنهاء الخدمة للموظفين المتأثرين بتقليص حجم الشركة، ولكن ليس جميعها.
إذا كانت لديك نقود في أحد حسابات التوفير المخصَّصة للطوارئ، فستكون أكثر استعداداً للتعامل مع الأزمة؛ لأن هذه النقود ستُضاف إلى أي مبالغ تتلقاها على سبيل تعويض إنهاء الخدمة وإعانات البطالة. وينصح خبراء الماليات بادخار أموال تكفي لسداد نفقات المعيشة مدةً تتراوح ما بين 3 و6 أشهر، ما يعني وجود ما يكفي من المال لتغطية نفقات المتطلبات الأساسية، مثل الإيجار والمواصلات والطعام والرعاية الصحية خلال هذه المدة.
لا يتطلب الاستعداد المالي بالضرورة ادخار مبالغ مالية كبيرة من كل راتب تتقاضاه، بل يكفي أن تبدأ بمبالغ صغيرة مع زيادة معدلات الادخار من حين لآخر. على سبيل المثال، يمكنك أن تبدأ بادخار 5% من راتبك، ثم زيادة هذه النسبة تدريجياً. وفيما يخص المدخرات المخصَّصة للطوارئ، احرص على استثمار هذه الأموال في حساب توفير ذي عائد مرتفع، يقدّم معدل فائدة أو عائدات بنسبة سنوية أعلى بكثير من حساب التوفير التقليدي ولكنه أقل تقلباً من الاستثمار في سوق الأسهم.
افصل بين بياناتك الشخصية والعملية
أجبرت جائحة كوفيد-19 الكثير من العاملين على المزج بين حياتيهم المهنية والشخصية، وذلك من خلال العمل على طاولات المطبخ أو غرف النوم واستخدام أجهزة العمل في المهام الشخصية. وعلى الرغم من أن استخدام أجهزة الكمبيوتر المكتبية في الأغراض الشخصية قد يوفّر لك بعض الراحة ويقلل التكاليف، فإنه يشكل مخاطر كبيرة على بياناتك الخاصة في حال تعرّضت للتسريح.
إذ تُلزِم شركات كثيرة موظفيها بإعادة كمبيوتر العمل في اليوم الذي يتلقون فيه إخطاراً بتسريحهم من العمل، ما يترك أمامك فسحة قليلة من الوقت لحذف بياناتك الشخصية. ضع نصب عينيك أيضاً أن أي شيء تفعله باستخدام أجهزة الشركة عُرضة للمراقبة ويسهل على مسؤولي الشركة أو المؤسسة التي تعمل بها الحصول عليه. فقد أثبتت دراسة أُجريت عام 2022 أن واحدة من كل 5 شركات تتعقّب أنشطة موظفيها العاملين عن بُعد عبر الإنترنت أو تخطط لفعل ذلك في المستقبل. وإذا كان الجهاز المُستخدَم في العمل يحتوي على بيانات شخصية، فاحرص على تنزيل نسخة منها وتخزينها في مكان آخر، مثل خدمة السحابة الإلكترونية الشخصية، كحساب دروب بوكس أو محرك أقراص يو إس بي. وأبسط طريقة للفصل بين البيانات الشخصية والعملية ألا تخزِّن البيانات التي تمسُّ حياتك الشخصية إلا على الأجهزة الإلكترونية الشخصية التي تمتلكها فقط. ويعد شراء كمبيوتر خاص أحد الحلول الممكنة، وهناك الكثير من الخيارات الجديدة التي تقل تكلفتها عن 300 دولار أو إصلاح الأنظمة المُستخدَمة وتحديثها.
قد يكون التسريح من العمل حدثاً مؤلماً، لكن يمكن بقليل من الاستعداد التخفيف من حدَّة هذه الأزمة. وكلما كنت أكثر استعداداً، قلَّ تأثير التسريح على صحتك النفسية وأحوالك المالية، وسيغدو العثور على وظيفة جديدة أسهل وأيسر.